همسة

خلف خوابي الكلام …بقلم الشاعر ابراهيم عز الدين

….. خَلْفَ خَوَابي الكَلامِ …..

وَأَنَا أَقْرَأُ تَمْتَمات صَباحِيَ الهائِمَ، وَهُوَ يُراقِصُ تَرانِيمَ طَيْرٍ قَدِ اسْتَفاق على هَدْأَةِ نَسْمَةِ الصُّبحِ الرخيم، فَلَمْلَمْتُ بَعْضَ حُرُوفِيَ المُنْهَكَةِ مِنْ أضْغاثِ حُلْمٍ قَدْ عَكَّرَ صَفْوَةَ الغَسَقِ، بَيْنَما هِيَ تَقْرَعُُ أََجْراسَ حُبِّها لِلحَياةِ، وَرُغْمَ تَرَاتيلِها لِلنَّوى، إِذْ تَسْرُدُ لِيَ الحَياةُ وَهْيَ مُفْعَمَةٌ بالحُبِّ وَالوِدادِ، فَرَأَيْتُ التٌجَدُّدَ وَالقُوَّةَ بِقَدَرِ النِّسْيانِ …

إِنَّ ذاكِرةَ الوُصولِ لِلمُبْتغى يَبتعِدُ بقَدَر مَسافَة القُرْب، وَحَنينُ الإنتِظارِ في سَنيّ الأَمَل واسْتِثْناء المُسْتحيل، حُروفٌ مُبَتَّلةٌ بالأَنين، تَحمِل أَسْمى التَّوْق وَأَرَقُّ الحَنين، وَحِينَ تَتَبرّجُ الحُروفُ بحِبْرِ الأَصيل وَتَتَّكِأُ على وِسادَةِ خِدْرها، تَرى وَمْضة الحَرْف وَضَمَّة الفَرَحِ تَتَغازلان بتَقَلُّبهِما وَتَقْبيلهما، فَنَتعالى على الكُلوم وَنُبَلسِمَ الجِراحَ لِيَلتَئِمَ رُوَيدًا.. رُوَيدا بمَمٰلَكَة حَوَّاء.

كُلّما تَنصّلتْ أوْراقُ الخَريفِ مِنْ جُلِّ مَهامِها، فَتَشْهقَ أنْفاسُها لِتُسَلّم أَجْنِحتَها المُنْكَسِرَتين للنّسائِم، فَتُراقِصُها يُمْنةً وَشمالاً.
ما عادَ لِلخَريفِ بَهْجَةً سِوى زُوبَعاتٍ مِنَ الآلامِ وَبَعض التَّنهّداتِ والأَنِين.

وَكُلَّمَا شَهقَتْ أَنفَاسُنَا عَبيرَ الكَلِمَاتِ، يَتَلقَّاهَا زَفيرُ الحُبّ، فَتَرسُم على خَدِّ القَوَافي أَجْملَ العِبَاراتِ وَأَنقَى الحُروفِ، وَتنسُمُ عَبْرَ وَتينِ القلبِ صِدْقَ محَبَّة وَوِدادٍ ..

وَحينَ يَنْزُفُ يَراعُكَ بالمِدادِ وَتَغْمُسُ الحُروفَ بالقَاني، ويَهْمِسُ المُوْتُ في أُذُنَيّ رَبيعِ طِفْلٍ، فَيْغفُو على زَبَدِ الرَّدَى، وَيَرْتَقي الحَنينُ بِصَمْت ٍ ليُفارِقَ رَفِيقَهُ، وفي نهايةِ تَمْتَمات ٍ من سَجَى أَحْرُفي، وَبَعْدَ تَيْهٍ وَنَأْي وَمَضَاتٍ بَعْثَرَهَا أنينُ قَلْب ٍ شَغَفَهُ جُلَّ التَّفَاني والْلِقاءِ شَوْقًا.

كَما أَنَّ ثَمَرةَ اليَراعِ تُعانِقُ مِعَصمَها، وَمِنْ زَهْرة شَبابها تَشْهقُ أَنفاسَها لِبَوحٍ يَسْتريحُ مَعْ كُلِّ عِشقٍ تَدلَّى في وَجْدها، فَتَرومُ بانْسِيابها على مُدَرَّجاتِ البَوْح، وَمَعَ حِكايةِ ثوْرةِ العِشْقِ يَتَرَقْرق دَمْعُ المآقِي على حُروفِ التَّجلِّي بمَمْلكةِ حَوَّاء، وَخَلْفَ خَوَابي الكَلامِ أَراني بَيْن يَقْظةٍ وَحلم غافِي فَلا يَضِيعُ حُلُم أَوْ يُنْسى وَأَنْتَ بمملكة الرُّوح .

الشاعر ابراهيم عز الدين
       

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى