مقالات واقوال مترجمة

“مئة عام من العزلة ” بين إرادة ماركيز و أحلام الورثة ….!!!

“مئة عام من العزلة ” بين إرادة ماركيز و أحلام الورثة ….!!!

اعلان شركة نتفليكس التي تبث الافلام عبر الإنترنت عزمها على تحويل رواية مئة عام من العزلة الى حلقات تلفزيونية ، و من المعروف أن هذه الرائعة الأدبية هي للكاتب الكولومبي العظيم غابرييل غارسيا ماركيز الحاصل على نوبل للآداب و التي تمت ترجمتها إلى ٤٦ لغة عالمية .
لا بد من الذكر أن هذا الإعلان اثار عصفا و استحضر آراء متنوعة بين رجال الفكر و الأدب تراوحت بين الرائع و المروع .
في مقابلة حصرية لمجلة تيامبو el tiempo مع ابن ماركيز رودريغو غارسيا بارتشا الذي شرح تطور هذا الاتفاق لتحويل القصة التي تعتبر مع قصة دون كيشوت لرسرفانتس القصتان العالميتان الأكثر جودة أدبية و شهرة في اللغة الإسبانية.

-عند سؤال رودريغو غارسيا بارتشا عن نسبة المغامرة الذي يمثلها تحويل هذه القصة إلى حلقات تلفزيونية أجاب: “نعم هو كذلك ، هو نقطة نقاش و خلاف منذ ٥٠ سنة ،لكنني اعتقد انه الوقت المناسب لهذا التحويل لانه سيسمح للقصة ،للكاتب،لكولومبيا، و كل ناس ماكوندو أن يصلوا إلى عدد أكبر من الجمهور.
-وعند سؤاله لماذا لم تتم الاستجابة سابقا عند عدة محاولات للسينما والتلفزيون بتحويل القصة ،أجاب: نعم كانت هناك محاولات و لكنها لم تصل إلى تحقيق المنشود لأن غابو(ماركيز )كان دائما يرفض بشكل مطلق أن تتحول القصة إلى فيلم أو إثنين…
-عند سؤاله عن الشروط و اللغةالمعتمدة أجاب: ان اللغة الإسبانية هي شرط ،وهذا ما دفع غابو إلى عدم بيع القصة لهوليوود، وكذلك الشرط الآخر أن يتم تصوير قسم من العمل في كولومبيا. وهذان الشرطان هما رغبة العائلة .
-ما هي العوامل الأخرى التي ساهمت في إعطاء ال”نعم ” لحلقات تلفزيونية ؟ أجاب رودريغو، أن الحلقات عادة تلبي ذائقة الجمهور الناضج و الراقي ، لا نجد ذلك بشكل كاف في السينما، الإستديوهات في أمريكا يراهنون أكثر على الأبطال الخارقين و افلام الإثارة و والأكشن، و لكن مع وجود شركات جديدة و مع جودة الحلقات تعودت الناس أن تشاهد نتاجات عالية الجودة ،و هذا كله يؤخذ على محمل الجد .
-عند سؤاله عن نفتليكس الشركة المخولة بتحويل القصة، أجاب:” كل ما ذكرته سابقا و بالإضافة إلى أن نفتليكس راكمت نجاحا و خاضت في غمار الحلقات المحلية بلغات محلية ، ونجاحاتها اوسع من السوق الإسباني ،كل هذه الظروف استحضرت أن تبدا العائلة بالتفكير انه الوقت المناسب للقيام بهذه الخطوة .
-وعندما سئل هل هو أكثر انحيازا الى إرادة العائلة أو
إلى الجانب الفني ، كونه المنتج، و كون القصة تشكل تحديا كبيرا في حال تحويلها إلى حلقات.أجاب: ” انا احب ان يكون الحلقات روحها الخاصة و هي من تتكلم عن نفسها، و أن تعكس روح و مزايا الكاتب ،لا أحب أن تكون نقطة تركيز الصحافة على أن ابن ماركيز حول قصة ابيه إلى حلقات، هذا لا يهمني ،انا امتلك عملي الخاص و اهتماماتي الخاصة .
-اما عن كلام رودريغو وتسليمه بان الحلقات تمتلك خاصية متفردة وروح خاصة بها، فأجاب :” هي الطريقة الوحيدة لفعل ذلك، الأعمال الكبرى تمتلك كثيرا من روح الكاتب ،و لكن الأعمال التي تم تحويلها إلى السينما أو التلفزيون و نجحت كثيرا هي تلك التي وضع فيها السينمائيون جرعات منهم أيضا، لأنه غالبا عندما يتم تناول التحويلات و الاقتباسات بكثير من الخوف و الاحترام ،لا تأتي النتائج جيدة .
أحببت في نهاية هذه المقالة ان استعرض بعض آراء الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز حول هذا الموضوع بالذات ليتسنى القارىء إجراء بعض المقارنة بين ارادته و بين أحلام ورثته.
خلال مقابلة له في نيويورك تايمز عام ١٩٨٨ قال ماركيز : الرسائل الأحب إلى قلبي هي تلك التي تأتي من أناس يسألوني من أين التقطت هذا الموضوع؟ أو هذا المشهد؟ او هذه الشخصية؟ يسألون لأنهم يحسون ان ذلك يخصهم أو يخص أشخاص يعرفونهم، يقولون هذا انا، هذا عمي ،هذا اخي أو جدي عندما يتطابق ذلك حد الدهشة …و يقولون هذا حصل في قريتي فكيف وصل ذلك إلى اسماعك، كل الناس يكتبون و خاصة بعد قصة ” مئة عام من العزلة” ،لأنهم يشعرون أن ذلك جزء من حياتهم ،لذلك رفضت ات يتحول ذلك إلى فيلم سينمائي، لأن ذلك كله سيضيع، بالتصوير تنهدم العلاقة الحميمة بين الشخصية و القارىء ، فصورة الممثل تصبح صورة الشخصية في الرواية فلن يعود يشبه عم أو أخ أو بنت او جد أحد من القراء.
و في مقابلة أخرى على التلفزيون الإنكليزي قال ماركيز، انا في عصر السينما و قد كتبت هذه القصة ضد السينما . لا أريد أن تخدش العلاقة الحميمة بين القارىء و الشخصيات في الرواية، في السينما ستأخذ الشخصيات وجه روبيرت ردفورد..صوفيا لورين ،ليس ممكنا لردفورت أن يشبه جدي ،لذلك انا اترك شخصياتي للقراء ،الأدب هو الأدب و السينما هي السينما ،كتبي قصص و ستبقى كذلك، اطلبوا مني أن أكتب قصصا للتلفزيون و السينما، وسأفعل ذلك بطريقة مستقلة، القصة تترك للقارىء هامشا للخيال و الخلق يعبئه بنفسه، هذا لا تسمح به الصورة ، الصورة تفرض نفسها و تجعلنا نتفرس في وجه الممثل لتعرف كيف هو تماما.
هذا غيض من فيض ما قاله ماركيز …وماذا بعد تحويل قصته إلى حلقات؟ هل سيرقد غابرييل غارسيا ماركيز بسلام ؟

ترجمة واختيار
سمية تكجي
المصدر : el tiempo

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى