همسة

تراث الفرح…/ أدب / د. عماد يونس فغالي

د. عماد يونس فغالي / رئيس منتدى لقاء

تراث الفرح

شخصيّةٌ تعود في الزمن إلى بدايات العمق الإنسانيّ المسيحيّ، حيث زرعُ الفرح عقيدةُ العيد…
لأجل الإنسان، وحبًّا بضعفه، أرسل الله ابنَه الوحيد، نورًا، يتلمّسُ كلّ بعيدٍ، طريقه إلى الحبّ، إلى ملء قامة يسوع، الطفل الذي نقل السماءَ إلى أيقونة مغارةٍ تهتف: تعالَ، تعالَ يا بنيّ، ارتحْ في حبّي، ارتقِ إليّ… كنْ أنا…
شخصيّةٌ طرحتْ دومًا إشكاليّةً في صلْب تكوّنها على الممارسة الإيمانيّة: بابا نويل. إلى أيّ مدىً هي مسيحيّة؟ وأين تجد جذورَها في النصوص والطقوس؟ وقد يكون في تطوّر تواجد بابا نويل عبر مفاصل عيد الميلاد، انحرافٌ عن المسار الإيمانيّ، ما دفع المتمسّكين بالتقوى الإيمانيّة إلى شجب التعلّق بهذه الشخصيّة على حساب الممارسة الطقسيّة و”الشخصيّات الميلاديّة” الكتابيّة والكنسيّة.
قد يكون هؤلاء على حقّ. وقد يعطي بعضُ المؤمنين أولويّة لبابا نويل وأسطورة هداياه على صاحب العيد الحقيقيّ، يسوع. ولكن…
إذا نظرنا في تاريخ الاحتفال بعيد الميلاد في التقليد الشعبيّ المسيحيّ، كم نجد ممارساتٍ اجتماعيّة، يتبادلها الناس، بل كرّسوها تقاليد إنسانيّة في علاقاتهم العائليّة والتواصليّة، ليس أقلّها العشاء الذي يجمع أفراد العائلة مهما تفرّقوا خلال السنة. وليس فيها طابع لاهوتيّ أو جذور كتابيّة مثلاً… وأيضًا في تبادل الزيارات خصوصًا للمحزونين وما شابه.
كلّ هذا، إذا أضفنا إليه شخصيّة بابا نويل، التي نشأنا عليها في تقليد الميلاد الشعبيّ، وما زرعت فينا على مدى العقود، من فرحٍ، ما زال الكبار يذكرونه بحنينٍ كبير، مع الزينة الميلاديّة التي يدخل فيها زخرف بابا نويل رئيسيًّا، والأغاني الخاصّة بالمناسبة… كم نحبّها وتعيدنا إلى زمانٍ ولّى من حياتنا…
بالله عليكم. عوا أنّ تقليدًا متجذّرًا بهذا العمق، لا تستطيع قناعاتٌ تقويّة غيرُ ثابتة، أن تنزعه من نفوسٍ نشأتْ عليه، وفعل فيها فعلَ الفرح والحنين…
ثقوا أنّ يسوع جاء “بفرحٍ عظيم”. جاء يكرّس الفرح في تقاليدنا الحلوة التي تثبّت بدورها، جمالَ العيد، وتزيّنه بألوان الخصال الإنسانيّة التي تجمع على الإلفة والبساطة، بعيدًا عن كلّ اجتهاداتٍ وترّهات زائلة….
تعالوا جميعًا نُبقي على تراث الفرح، ونتنعّم!!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى