أدب وفن

بين زياد الرحباني و ميشال حايك /بقلم الأديب شربل داغر

بين زياد الرحباني وميشال حايك

لم يكن بالغريب أن يجتمع عدد كبير من اللبنانيين حول شاشاتهم الصغيرة، ليلة رأس السنة، لمتابعة “توقعات” ميشال حايك، ثم في اليوم التالي لمتابعة فيلم وثائقي عن زياد الرحباني.
ما يجمع بينهما هو رؤية الغيب في قادم الأيام. هذا ما أنكرَه الرحباني في أكثر من محاورة ضمتْه مع غيره في لقاءات عمومية، ونقلَها الفيلم. هذا ما يطلبُه الحايك صراحة، ويعلنه سنويا بهدوء المتأمل في غامض المصير الوطني.
لكن ما ينكره زياد، ويشدد عليه ميشال، يلتقي مع ذلك في كونهما: يشدد الأول على “الجماعات” المتباينة، والثاني على “اللبنانات” الكثيرة. هكذا يجتمعان في رؤية الشقاق اللبناني، ما يَظهر في المواقف والقيم والسلوكيات وغيرها.
هذا ينتح، عند الأول أو الثاني، عن متابعة ومعاينة لما يجري، بما فيه الأخبار المتوالية، ما يعكس نوعا من الاستثمار والتأمل في مآل الايام اللبنانية.
لكن ما يعنيني من هذا الاجتماع، ومن معانيه، يتعدى الاثنين المعنيين، ليشمل اللبنانيين أنفسهم.
فمثل هذه المشاهد “الرؤيوية” لا علم لي بمتابعتها القوية في غير بلد مما أعرف. هذه خصيصة لبنانية، وتشير إلى منسوب الاعتقاد “العجائبي” الذي يجتمع فيه أيضا مقادير من الاستثمار التجاري في حمولات الأيام القادمة.
هكذا يلتقي الدولار بالايمان، والوهم بالمبادرة، ومفاتحة الأيام برنين الأمنيات…
يُنكر الرحباني قدراته في “التنبؤ”، بعد أن نُسبت إليه أفعال خارقة، مثل اغتيال الفلسطيني عياش، بعد أن “تلفنَ”، وفق أغنيته المعروفة…
أما ميشال حايك فيمضي من دون تلكؤ في استنطاق الغيب، وفق مراحل، قريبة ومتوسطة وبعيدة، ما يجعل اللبنانيين مبهورين سنة تلو سنة.
هذه القدرة على “التصديق” ألا تكون هي التي جعلت قسما كبيرا من اللبنانيين “يُصدقون” أفعال السحرة من حكامهم وزعمائهم، فيما لا يزال البعض منهم (على الرغم من انفجار الأزمة المتمادي) ناظرا إلى سحنة زعيمه مثل “نبي” أخّاذ؟!

كل سنة، وانتم بخير.
*نقلا عن صحيفة نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى