لبنان الى اين سياسياً واقتصادياً على مشارف ال ٢٠٢٣ !؟
لبنان الى اين سياسياً واقتصادياً على مشارف ال ٢٠٢٣ !؟
الجزء الثامن: مدير مركز الدراسات العربية والأمريكية في واشنطن، الدكتور منذر سليمان:
التوافق بين فرنجية وباسيل مفصلي للوصول الى حلّ، ولا يجوز تكريس مُعادلة إنتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية بشكلٍ دائم، ويجب طمأنة المودعين، عودة العلاقات الطبيعية مع سوريا ودرس إمكانيات التوجّه شرقاً !؟
حمود:
لا يمكن فصل ما يجري في لبنان عن ما يجري في المنطقة والإقليم والعالم، وقد أثبتت التجارب بحسب كل المحلّلين والعارفين بخبايا الأمور أن إنتخابات رئيس الجمهورية في لبنان ومنذ العهود الأولى للإستقلال لم تكن ابداً يوماً ما “صناعة لبنانية خالصة”، سوى في بعض الحالات النادرة والإستثنائية. فقد تعوّد اللبنانييون على إستلام كلمة السرّ الآتية تارةً عبر البحار، وتارة عبر المبعوثين والسفراء والوسطاء الذين كان لهم دائما اليد الطولى في تحديد هوية الرئيس القادم على حصان التدخّل الخارجي. وما يحصل حالياً في لبنان فيما يخصّ ملفّ إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، عبر ما نسمعه مُؤخراً بشكل مُتكرّر عن مفاوضات فرنسية- أميركية – سعودية – قطرية، أو عن إنتظار الجميع لتوافق سعودي – ايراني مُنتظر على كل ملفات الإقليم ومن ضمنها حرب اليمن والملفّين السوري واللبناني بكل تأكيد وقد يكون نتيجة تقارب سعودي – سوري مُمكن في الأسابيع او الأشهر القادمة ولن يشذّ عن تلك القاعدة التي جعلت من هذا الإستحقاق على الدوام إستحقاقاً بشقّين، الأول داخلي قليل التأثير نسبياً، والآخر خارجي لا يخفى على احد اهمّيته وتأثيره، بحيث ان الجميع في لبنان ينتظر صفرة الحكم الأجنبي الذي يرتدي القبّعة الأميركية او الفرنسية، والذي يتشاور ويتعاون في مهمته مع مُفوّضين ساميين تابعين لدول اقليمية لكي يصطفّ نواب الأمة كما يفعل طلاب الصفوف الإبتدائية في المدرسة ويأتون افواجاً افواجاً وكتلاً كتلا لإنزال اسم الرئيس العتيد الذي اتفقت عليه القوى الخارجية في صندوق الإقتراع في المجلس النيابي المُسمّى باللبناني زوراً وكذباً على هذا الشعب العنيد.
وإستكمالاً لما كنا قد حاولنا من خلاله إستشراف آفاق المرحلة القادمة في لبنان على المستوى السياسي والإقليمي، وبعد أن سمعنا وقرأنا مداخلات العديد من السياسيين والحقوقيين والإعلاميين والمفكرين اللبنانيين المخضرمين، والذين أجمع أغلبيتهم على أهمية الدور الخارجي في الإستحقاقات القادمة، كان لا بدّ لنا ان نتعرّف على الأجواء السائدة في واشنطن عبر الإستماع الى مطالعة مدير مركز الدراسات العربية والأمريكية بواشنطن، الدكتور منذر سليمان، الذي كان لنا فرصة سماع مداخلاته القيّمة في العديد من المواضيع الداخلية اللبنانية والإقليمية والدولية.
وإليكم بضعة أسطر عن السيرة الذاتية
منذر سليمان :
فيما يخص الإستحقاق الرئاسي، فإن المدخل الطبيعي الوحيد هو أن يكون هناك توافقا بين الوزيرين السابقين جبران باسيل وسليمان فرنجية على التناوب في موضوع دعم الترشيح، وهذا من الممكن ان يتحقق بأن يكون هناك فترة منقطعة بين عهد الرئيس ميشال عون وعهد آخر قادم لجبران باسيل في المستقبل، هي مرحلة او عهد الوزير السابق سليمان فرنجية. وهذا هو الحلّ المنطقي والمُمكن (من وجهة نظره)، إذا تمكّن الجميع من اقناع الوزير باسيل بأنه لا يزال “فتيّ” وبوسعه إنتظار ٦ سنوات.
واضاف سليمان أن هذا هو ما يراه حلًّا واقعياً، له أو لغيره. أما إدخال قائد الجيش العماد جوزيف عون في الملفّ الرئاسي فهو خطأ كبير، ولا يجب ابداً إدخال الجيش في السياسة بصورة دائمة. وهذا يتطلّب تعديل دستوري. وفي حال التمسّك بالمؤسسة العسكرية كونها خياراً وطنياً فاقترح ترشيح شخصية عسكرية مُتقاعدة، حتى نبعد قيادة الجيش عن السياسة، وينصرف العماد جوزيف عون للأمور الأمنية والعسكرية، وهذا هو موقفه المبدئي ولا يخصّ أحدا بعينه.
وأكمل سليمان بأن برنامج الرئيس يجب ان يكون في حساباته علاقات طبيعية وودّية مع سوريا ليحصل التعافي في مجالات مختلفة، سواء في حلّ ملف النزوح السوري الى لبنان، وعودة النازحين الى سوريا في اقرب وقت، او في ملف ترسيم الحدود البحرية معها، او فيما يتعلّق بإمدادات الطاقة والغاز عبر سوريا. ولن يتعافى لبنان الا بإيجاد حلول لهذه المشاكل. ولا بد ايضاً من إيجاد صيغة للتفاهم للنهضة بالإقتصاد الوطني في شتّى المجالات.
وأضاف أنه من الضروري تكوين صندوق خاص للتعويض على المودعين الذين سُرقت اموالهم بحيث يكون تمويله عبر عائدات النفط والغاز وعبر محاسبة المُسبّبين بذلك وكل المتورّطين في هذه الجريمة التي لم يشهد تاريخ البشرية شبيهاً لها. ويجب ان تتحمّل الدولة ايضاً مسؤوليتها في التعويض للمودعين عبر صندوق سيادي يُخصّص لذلك، وهذا ما سيُرسل إشارة ايجابية كبيرة للإستقرار في لبنان عبر عودة الثقة بالدولة والقطاع المصرفي تدريجياً لأن هذا الموضوع اساسي وجوهري في عملية إعادة الإستنهاض.
واعتبر سليمان ان علاقة المُواطن بالدولة يجب أن تتغيّر، ويجب ان يُوضع دليل خاص للمواطن، وتطبيق الحكومة الإلكترونية على مستوى المعاملات بشكلٍ واضح، شفّاف، مدروس ومُختصر، لدرء الفساد والرشوة وتمهيدا لطريق للامركزية الإدارية والحوكمة الرشيدة.
وختم سليمان بالقول أن التوجّه الإقتصادي شرقاً يجب يكون ايضاً من ضمن الأولويات في المستقبل القريب، لا سيما على ضوء ما حصل مُؤخراً في قمم الرياض الثلاثة التي عُقدت مع الرئيس الصيني. وقد أظهر ذلك ان هناك إمكانية للتوجّه شرقاً وللإستثمار في البنى التحتية وغيرها من المجالات. فلماذا يحرم لبنان من هكذا فرصة؟! لأنه وبحسب رأيه أن الإستثمارات ستوحّد الوطن، وتُبعد كل افكار التقسيم، وتقضي على النعرات الطائفية، وتُحقّق الإندماج السكاني والإزدهار الإقتصادي الكبير.
وانهى سليمان مُداخلته مُشدّداً مرة اخرى على القول ان أي تعافي يتمّ عبر تقديم أي رئيس أو اي حكومة قادمين أولوية التعافي عبر عودة العلاقات الطبيعية مع سوريا فهي حاضنة لبنان الطبيعية التي يجب أن يعود الدفئ إلى العلاقات معها في أسرع وقت.
د طلال حمود- مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ورئيس جمعية ودائعنا حقّنا.