منتديات

أزمة انقطاع أدوية القلب والشّرايين في لبنان : بين المخاطر على حياة المريض، والمسؤولية عن الأمن العلاجيّ للّبنانيين! (الجزء الثّالث)

أزمة انقطاع أدوية القلب والشّرايين في لبنان : بين المخاطر على حياة المريض، والمسؤولية عن الأمن العلاجيّ للّبنانيين!
(الجزء الثّالث)

كنّا قد تحدّثنا في الجزأين الأوّل والثاني من هذه المقالات المُخصّصة للكلام عن انقطاع بعض أدوية القلب المُزمنة في الأسواق اللّبنانية، ومخاطر إيقافها المفاجئ من قِبل بعض المرضى، وقد تكلّمنا عن أهمّ أنواع أمراض القلب والشّرايين، لكي يسهل على المريض فهم المخاطر الّتي قد تنتج عن إيقاف الأدوية في بعض الحالات، وعن المخاطر المُترتّبة عن إيقاف بعض أنواع هذه الأدوية بشكلٍ عام.

في هذا الجزء سنستكمل تفصيليّاً الحديث عن هذه الأمراض والمخاطر النّاتجة عن توقّف تناول الأدوية الخاصّة بعلاج هذا المرض، لتبيان هذه المخاطر بشكلٍ واضح مع إعطاء بعض الأمثلة، وذلك طلبًا للمزيد من الفائدة المرجوّة من توعية المواطنين حول هذه الحالات. وسوف ننهي هذه المقالة ببعض النّصائح والتّوصيات لمنع حصول هكذا أزمات تُهدّد الأمن الصّحّيّ والدّوائي للشّعب اللّبناني وتُعرّض حياة الآلاف منهم للخطر بسبب المشاكل النّاتجة عن ذلك.

١- متابعة الشّرح التّفصيلي حول بعض أنواع الأمراض والأدوية:

أ- مرض ارتفاع الضّغط الشّرياني: من المعروف أن ارتفاع الضّغط الشّرياني يُصيب كما ذكرنا سابقًا حوالي ثلث الشّعب اللّبناني .هناك عدّة أنواع من الأدوية التي تُستعمل لعلاج هذا المرض الخطير جدًّا في حال كان هناك ارتفاع مُفاجئ في الضّغط الشّرياني. ولذلك فإنّ إيقاف أيّ نوع من أنواع الأدوية التي تُعالج هذا المرض سيؤدّي إلى مخاطر كبيرة، قد تكون بشكل جلطات دماغيّة أو حالات نزيف دماغيّ حادّ لا يمكن أبدًا مراقبتها. وقد تكون بشكل ذبحات قلبيّة أو حالات تفسّخ او انسلاخ في الشّريان الأبهر، وهو أهم شريان يخرج من القلب ويُعطي تفرّعات تُغذّي جميع أعضاء الجسم، لذلك فإن انقطاع وتوقيف بعض أدوية الضّغط الشّرياني له مساوئ ومخاطر كثيرة .
لكنّ الأطباء لديهم ترسانة كبيرة من هذه الأدوية، ويمكنهم بسهولة استبدال بعض الأدوية بغيرها من الأصناف المتوفّرة في السّوق اللّبنانيّة. ولذلك على المرضى الّذين يجدون أنفسهم أمام حالة انقطاع لدواء مزمن يتناولونه، أن يستشيروا أطبّاءهم لأنّه من المُمكن أن يستبدلوا عندهم الصّنف غير المتوفّر، بأدوية مرادفة لها الفعالية ذاتها، ولا يجب أبدًا ترك هؤلاء المرضى دون أدوية مُرادفة أو بديلة للأسباب الّتي شرحناها.

ب- المرضى الّذين يعانون من مرض السُّكّريّ وارتفاع الدّهنيات، ولكلّ الأسباب الّتي شرحناها آنفًا، لا يجوز أبدًا وتحت أيّ طائل كان، إيقاف أيّ صنف من الأدوية الّتي تُعالج أمراض ارتفاع الدّهنيّات أو مرض السّكّريّ عند أيّ مريض، لأنّ ارتفاع الكوليسترول وغيره من الدّهنيات في الدّم أو اختلال عملية استقلاب السّكّر في الدّم و ارتفاع مستويات السّكّر بشكلٍ كبير في الدّم، كلها عوامل خطورة تزيد من مخاطر الإصابة بالذّبحات القلبيّة والجلطات الدّماغية وتصلّب شرايين الرّقبة الّتي تُغذّي الدّماغ، وشرايين الأطراف وكلّ شرايين الجسم. وهنا أيضًا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ أدوية مرض الدّهنيات والسّكّريّ تطوّرت بشكل كبير في السّنوات الأخيرة، وهناك أدوية للسّكّريّ مُرتفعة الكِلفة، وهي بمعظمها مُستوردة من الخارج، إذ لا يوجد لها بدائل أو أدوية جُنيسية أو جنريّة في لبنان وباقي دول العالم، وذلك لأنّها ظهرت في السّنوات العشر الأخيرة. وكان من المُتوقّع أن تنقطع هذه الأصناف في السّوق اللّبنانيّة لأنّ معظمها الأدوية مُستوردة من الدّول المتطوّرة كدول أوروبا و أميركا واليابان.
وهنا أيضًا لا بدّ من الإشارة إلى أنّه كان يجب وضع خطّة مُحكمة من قبل السّلطات الصّحّيّة والماليّة والاقتصادية في لبنان لمنع الوقوع في كارثة انقطاع هكذا نوع من الأدوية في أي ظرف كان، وتحت أيّ ضغوط كانت، لأنّ إيقاف هذه الأدوية يُعرّض هؤلاء المرضى إلى مضاعفات خطيرة جدًّا ذكرناها سابقًا.

وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض هذه الأدوية الجديدة والباهظة الثّمن أظهرت فوائد كبيرة في تخفيف نسبة الوفيّات ونسبة الدّخول إلى المستشفيات، بسبب قصور عضلة القلب، كما إنّ لها مستقبلًا كبيرًا في تخفيف أعراض ووفيّات قصور عضلة القلب عند المرضى المُصابين بالسّكّري أو غير المُصابين به. فكيف لأيّ مسؤول ذي ضمير حيٍّ أن يسمح بتوقّف استيراد مذل هذه الأدوية الأساسيّة أو برفع الدّعم عنها، بحجّة عدم توفّر الدّولار الّذي نعرف جميعًا أين هُدر وسُرق وتمّ تبذيره، من قِبل حفنة حاكمة فاسدة ومنافقة تعاونت على سرقة خيرات ومقدّرات هذا الوطن، وودائع مواطنيه المُغتربين والمنتشرين في كلّ بلاد الاغتراب؟

ج- الأدوية المضادّة للتخثّر والتّجلّط: هذه الأدوية مثل الأسبيرين والكلوبيدوغرل والتيكاغليور وغيره من الأدوية الّتي تمنع تخثّر الدّم، هي أهمّ فصيلة من الأدوية لمنع اختلاطات مرض تصلّب الشّرايين كالذّبحة القلبيّة، أو حصول انسداد مُفاجئ في الرّوسورات الّتي تُزرع في داخل الشّرايين التّاجيّة للقلب، وهي أساس علاج معظم أمراض القلب ولا يجوز إيقافها في أيّ ظرف من الظّروف، خاصّة عند من وُضع عنده روسورات في داخل الشّرايين أو عند المرضى الّذين يعانون من حالة متطوّرة من مرض تصلّب الشّرايين.
كذلك الأمر بالنّسبة للأدوية الّتي تمنع التّجلّط والّتي تُؤخذ عن طريق الفم، ومنها عدّة أنواع ( قديم سعره زهيد، وجديد سعره مُكلف جدًّا) أو بشكل أبر أو حُقن تُعطى تحت الجلد، وهي أيضًا أدوية مُهمّة جدًّا لعلاج مُعظم مرضى القلب والشّرايين، ومُعظم هذه الأدوية مهمّ جدًّا كما نعلم لمنع حدوث الذّبحات القلبيّة أو الجلطات الدّماغيّة وغيرها من الجلطات في الشّرايين الأخرى، أو لمنع حصول الجلطات في الأوردة وبالتّالي لمنع الجلطات الرّئوية أو لعلاج المرضى الّذين خضعوا لعمليّات زراعة صمّام تاجيّ أو أبهريّ ميكانيكيّ أو معدنيّ “اصطناعيّ”.
لذلك فإنّ انقطاع مثل هذه الأدوية قد يُعرّض هؤلاء المرضى لمخاطر كثيرة، منها حدوث انسداد مفاجئ في أحد الشّرايين التاجيّة أو تخثّر مُفاجئ في الأماكن الّتي زُرعت فيها روسورات في السّابق، ويعرّضهم بالتّالي لإمكانيّة حدوث ذبحات قلبية مُميتة أو لحصول تجلّط وانسداد كامل في الصّمّامات الاصطناعيّة المعدنيّة المزروعة عندهم. هنا أيضًا لا بدّ من التّمييز كما ذكرنا سابقًا بين نوعين من الأدوية: الأدوية القديمة والمُستعملة منذ أكثر من أربعين سنة مثل الأسبرين والوارفارين والكومادين. وهي أدوية زهيدة الثّمن و مرّ على تسويقها عشرات السّنوات وتصنيعها سهل جدًّا ولا يحتاج لخبرات وتقنيّات مُتطوّرة. ولذلك كان على السّلطات الصّحّيّة والاقتصادية والصّناعية في لبنان أن تضع خُططًا محكمة لتصنيع هذه الأصناف من الأدوية وعدم اللّجوء إلى استيرادها في كلّ الظّروف. إلّا أنّنا نعود إلى الإشكالية ذاتها، وهي أنّ حكوماتنا ووزارات الصّناعة والصّحّة والاقتصاد كانت دائماً تتعامل وفق سياسات لا تضع أبدًا في الحسبان الأمن الصّحّيّ والدّوائيّ للّبنانيّين. واتّضح ذلك جليًّا من خلال الأزمة الأخيرة الّتي عرّضت وتُعرّض حياة آلاف اللّبنانيين للخطر، بسبب انقطاع مثل هذه الأدوية زهيدة الثّمن وسهلة التّصنيع في لبنان.
وهنا يتساءل أيّ مواطن عاديّ، كما يحقّ لكلّ الخبراء في هذا المجال أن يتساءلوا أيضًا: لماذا لم تلجأ السّلطات اللّبنانية المعنيّة إلى وضع خطط تُجبر المصانع الّتي تُصنّع الأدوية في لبنان على تصنيع مثل هذه الأدوية الأساسيّة لعلاج بعض أمراض القلب؟
في المقابل فإنّ هناك أدوية مُضادّة للتجلّط ظهرت في السنوات العشر الأخيرة، وهي مُرتفعة الثّمن بشكلٍ كبير في الأيام العاديّة، وقد ارتفع ثمنها كثيرًا مع ارتفاع سعر الدّولار على اللّيرة اللّبنانية، ولذلك فإنّ معظم المرضى اشتكوا بأنّها انقطعت من الأسواق في الأيّام الأخيرة. وهذه الأدوية هي أساسية لمنع حدوث جلطات دماغيّة أو جلطات رئويّة عند بعض المرضى الّذين يعانون من جلطات في أوردة السّاقين أو البطن، أو يعانون من اضطرابات في كهرباء القلب مثل مرض الرّجفان الأُذينيّ المعروف والرّائج جدًّا، قد تُعرّضهم لحدوث جلطات دماغيّة أو رئوية أو في مختلف أعضاء الجسم، وبالتّالي فإنّ انقطاع هكذا أنواع من الأدوية يعرّض هؤلاء المرضى لمخاطر كثيرة منها إمكانيّة حصول جلطات رئويّة خطيرة ومُميتة أو حصول جلطات دماغيّة تؤدّي إلى شلل متنوّع الأهمّيّة والخطورة بحسب أهمّيّة الجلطة، وهذا مُؤسف جدًّا أيضًا. وهنا لا بدّ من تكرار المُلاحظة ذاتها، أي إنّه كان يجب على السّلطات الصّحّيّة اللّبنانية أخذ كلّ الاحتياطات لمنع الوصول إلى هذا السّيناريو وانقطاع هذه الأنواع من الأدوية المهمّة والخطيرة.

٢- التّوصيات والمقترحات لمنع تكرار هذه الأزمات:
كما فهمنا من المعطيات المُفصّلة أعلاه فإنّ الأزمة الحاصلة نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصاديّة- الماليّة – النّقديّة والاجتماعيّة في لبنان، والأزمات الّتي نتجت عنها، ومن أهمّ تجلّيّاتها أزمة عدم توفّر كمّيّات كافية من الدّولار الأميركي والصّعوبات الخطيرة الّتي تعرّضت لها إمكانية استيراد المُستلزمات الطبّيّة والأدوية الأساسيّة لعمل المستشفيات والأطبّاء في مختلف القطاعات، والّتي عمد مصرف لبنان إلى تنظيم استيرادها ودعمها بالسّماح بدفع ٨٥ ٪؜ من قيمتها بالدّولار الأميركي على أساس أنّ الدّولار يُساوي ١٥١٥ ليرة لبنانيّة، والباقي أي ١٥٪؜ على أساس الدّولار في السّوق السّوداء، وكلّ ما نتج عن ذلك من عمليّات تأخير واستنسابية وغيرها من صعوبات، أدّى إلى حصول أزمة خطيرة في استيراد هذه الحاجيّات الضّروريّة للقطاع الصّحّيّ. وقد أدّى ذلك إلى عدم القدرة على استيراد كمّيّات كبيرة أو أصناف كثيرة من الأدوية غير المُصنّعة في لبنان، وهي الكمّيّة الأكثر مبيعًا في أسواق لبنان ( تُمثّل فاتورة الأدوية المُستوردة حوالي ١.٤ مليار دولار أميركي) وبحيث تشكّل حصّة الأدوية المُصنّعة في لبنان فقط حوالي ٢٠٠ مليون دولار أميركي فقط من فاتورة الأدوية المُستهلكة فيه. ولذلك يجب هنا السعي فقط لدعم بعض الأصناف الأساسية التي لا يمكن تصنيعها في لبنان لأنها جديدة وعدم دعم كل اصناف الأدوية خاصة التي يوجد منها “ادوية جُنيسيّة” او “جنريك”. ولأن هذا الدعم ساهم ايضاً بطريقة مُباشرة في تسهيل عمليات تهريب بعض الادوية المُرتفعة الثمن في لبنان الى دول مجاورة مثل العراق وسوريا والأردن ومصر وليبيا وغيرها لأن اسعار هذه الأدوية المدعومة اصبحت ارخص بكثير من اسعارها في معظم دول العالم بسبب فرق سعر الدولار ولذلك نشطت مافيات تهريب الأدوية في الأيام والأسابيع الأخيرة. ولذلك فإنّ على السّلطات الصّحّيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة والصّناعية في لبنان أخذ العبرة ممّا حصل، والانتقال فورًا لوضع خُطط تحفظ “الأمن الدّوائيّ والصّحّيّ للمواطنين”، عبر تطوير ودعم عمليّة تصنيع الأدوية الوطنيّة، وخاصّة الأدوية المُرادفة او الجُنيسية أو الجنريك منها. بحيث إنّه من المعيب والمهين لهذا الشّعب أن يستيقظ يومًا ما وفي أصعب الظّروف الصّحّيّة والمعيشيّة والاقتصاديّة الّتي فاقمتها جدًّا أزمة جائحة كورونا، ولا يجد في الصّيدليّات أهمّ “الأدوية الضّروريّة والأساسيّة” لعلاج أمراض القلب والشّرايين وغيرها من الأمراض، وخاصّة تلك الّتي يوجد عدّة “أدوية جُنيسية أو رديفة” لها في معظم دول العالم، وخاصة المُتقدّمة منها. فلماذا لم تُصنع في الماضي، ولم يتمّ حتى اليوم وضع الخطط لتصنيع “لائحة كاملة” من هذه الأدوية الأساسيّة لعلاج كلّ أو معظم الأمراض الأكثر رواجاً في لبنان، ومنها أمراض القلب والشّرايين، لتأمين حاجات اللّبنانيين في كل الظّروف والأزمات، ولمنع تهديد “أمنهم الدّوائي والصّحّيّ”؟
كذلك فإنّه يجب على السّلطات منع عمليات احتكار استيراد بعض الأدوية الأساسيّة غير المُصنّعة في لبنان، من قِبل بعض الشّركات التي تقاسمت حتّى اليوم هذا السّوق، ومنذ عشرات السّنوات وجنت من جرّاء ذلك أرباح هائلة. وهي تعمّدت في الكثير من الأحيان بسبب احتكارها ووكالتها الحصريّة الّتي حصلت عليها من الشّركات الأجنبيّة من استيراد بعض الأدوية الزّهيدة الثّمن، لأنّ ذلك لا يسمح لها بجني أرباح هائلة بسبب الهامش الضّئيل للرّبح، من جرّاء استيراد هكذا أدوية، واكتفت في غالب الأحيان باستيراد الأدوية الباهظة الثّمن لجني أعلى نسب الأرباح.
لذلك يجب وضع أنظمة وقوانين جديدة، تمنع الاحتكار وتسمح بتعدّد المستوردين خاصّة للأدوية الجُنيسية أو الرّديفة من كلّ الأصناف.
وأخيرًا يجب في أسرع وقت ممكن، وضع خطّة مُتكاملة لتشجيع الصّناعات الدّوائيّة الوطنيّة لتخفيف فاتورة الدّواء في لبنان، والعمل على أن تراعي هذه الصّناعات كلّ المقاييس العلميّة العالميّة لناحية الجودة والرّقابة، حتّى لو كان ذلك بالتّعاون مع الشّركات العالميّة لتكون كلّ تلك العمليّات تحت إشرافها، وبالتّنسيق الكامل معها. وهذا من شأنه أن يخلق فرص عامل للعديد من الشّباب اللّبناني الّذي لا تنقصه الخبرات والكفاءات في هذا المجال أيضًا.
وهنا يجب الإشارة إلى دور “المختبر المركزي للدّواء” في مُراقبة كلّ تلك العمليّات، والتّدقيق في فعاليّتها وجودتها.
أخيرًا يجب العمل على أن يكون الدّواء المُصنّع في لبنان أرخص بنسبة مقبولة من الدّواء الأجنبيّ المُستورد، وكذلك يجب تشجيع المواطن والطّبيب اللّبنانيّ على تكوين ثقة كاملة بهذه الأدوية الوطنية.

د طلال حمود- طبيب قلب وشرايين – منسّق ملتقى خوار وعطاء بلا حدود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى