لبنان الى اين سياسياً وإقتصادياً على مشارف العام ٢٠٣٢ !؟ (الجزء العاشر)
لبنان الى اين سياسياً وإقتصادياً على مشارف العام ٢٠٣٢ !؟
الجزء العاشر
الإعلامي محمد شرّي:
لا يمكن إيصال رئيس تحدِّ، اللبننة مستحيلة حالياً، البعض جعل العامل الخارجي اساسي في هذا الإستحقاق، وعلى اللبنانيين ان يتحاوروا ويتّفقوا فيما بينهم، إذ لا طائل من إنتظار الصافرة الخارجية؟!
حمود:
مع إقتراب دخولنا في العام الميلادي الجديد وفي ظل دخول البلاد في حالة سبات كامل وخطير على كل المستويات السياسية ودخول البلد في اجواء عطلة اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، وتوقّف كل المبادرات الحوارية المتوقّفة او المعدومة اصلاً بين الكتل النيابية الأساسية في لبنان بسبب عنادها وتعنّتها او تمسّكها بمطالبها الفئوية او الطائفية او الشخصية الضيقة التي لا تراعي اية مصلحة وطنية عليا، برز في الأسبوع الماضي الحراك اللافت الذي قام به رئيس “تكتّل لبنان القويّ” الوزير السابق النائب جبران باسيل تجاه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الوزير السابق وليد جنبلاط في مخاولة لتحريك عجلة الإتصالات الهادفة للخروج من المأزق الحالي. وقد سُرّب ايضاً ان باسيل إلتقى ايضاً الرئيس نجيب ميقاتي وان لقاءًا آخر ذو طابع “إجتماعي” قد جمعه مع الوزير السابق سليمان فرنجية على مائدة رجل الأعمال المعروف علاء الخواجة، دون البحث معه في ملف الإنتخابات الرئاسية. وقد صرّح باسيل انه سيكون له مبادرة رئاسية هامة في بداية العام القادم لم تعرف تفاصيلها وخطوطها العريضة بعد. والى ان تتّضح الأمور اكثر سياسياً خلال الأيام القادمة، فإن الأوضاع الإقتصادية والمعيشية لا تزال على حالها من المُراوحة والتعقيد وهي تبشّر بالمزيد من الإنهيار في قيمة الليرة اللبنانية في الأسابيع والأشهر القادمة بسبب غياب الخطط والعلاجات الجدّية والجذرية وغياب شبه كامل لدور السلطة التي صمّت آذانها عن صرخات وآهات المواطنين الرازحين تحت عبء ابشع واعمق ازمة إقتصادية عرفها لبنان في تاريخه الحديث.
في الجزء العاشر من هذا الملف، نستكمل ملف إستشراف آفاق العام القادم سياسياً وإقتصادياً ونقف اليوم عند قراءة الإعلامي الأستاذ محمد شري رئيس قسم العلاقات والبرامج السياسية في تلفزيون المنار، الذي واكب تقريباً نشاط الملتقى منذ تأسيسه وكان له مشاركات فعالة في الكثير من النشاطات والمؤتمرات والندوات التي نظمناها والتي تنوعّت مواضيعها بين سُبل وآليات مكافحة الفساد وتداعيات الإستمرار في السياسيات الإقتصادية الريعية الفاشلة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ العام ١٩٩٣ وذلك في مرحلة نشاطنا ما قبل حراك ١٧ تشرين اول ٢٠١٩، وعبر محاولاتنا في السعي لمدّ جسور التلاقي بين اللبنانيين ولتطمين شريحة وازنة وواسعة منهم ان الحراك ليس لإستهدافها ولإتهامهم بأنهم سبب الوصول الى الأزمات السياسية والإقتصادية والمالية والنقدية المدمرة التي يتخبّط فيها لبنان في السنوات الأخيرة، وذلك إبّان إنطلاق ذلك الحراك، إضافة على ذلك النشاطات التي قمنا بها للسعي للدفاع عن حقوق المودعين ولمنع تصفية قضيتهم والتفريط بتلك الحقوق في مرحلة الإنهيار الذي شهدها لبنان ما بعد إنطلاق الحراك.
شرّي
إفتتح الإعلامي الأستاذ محمد شرّي كلامه بتوجيه تحية لجميع الأصدقاء في ملتقى حوار وعطاء بلا حدود والى منسّقه الدكتور طلال حمود خصوصاً،
مُضيفاً انني احيّيه واحيي القيّمن على تسيير امور الملتقى على الإصرار
والعزيمة على التلاقي و الحوار بين كل الشرائح والأطياف المُمثّلة للمجتمع اللبناني، رغم التباينات العميقة بينهم والإختلاف الكبير في تقييمهم لأسباب الأزمة وكيفيات حلّها. واكدّ شري انني واكبت نشاط الملتقى منذ تأسيسه ووجدت ان لديكم إصرار على إستمرار الحوار واللقاء بين مختلف الآراء
والتيارات وذلك في اصعب الظروف التي مرّ فيها لبنان ويوم حاول الكُثر على الساحة اللبنانية إقامت المتاريس بين بعض المناطق وغيرها وسعى البعض لزرع بذور التطرّف والتشرذم او سعيهم لعزل او هذه الشريحة او تلك من الشرائح اللبنانية تحت حجج واهية. واكّد ان الأزمة السياسية والإقتصادية الحالية وخاصةً صعوبات الوصول الى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، اكدّت ضرورة واهمية استمرارية الحوار بين اللبنانيين، وان لا بديل عن الحوار للخروج من كل الازمات الحالية ومن هنا تأتي اهمية هذه المُبادرة التي يقوم بها الملتقى على المستوى الوطني.
اما بالنسبة للأسئلة التي تمّ طرحها حول الآفاق السياسية والإقتصادية للعام القادم فأكمل شرّي انه بالنسبة الى لبننة الاستحقاق الرئاسي، فللأسف تجتمع آراء اللبنانيين المُطّلعين والمحلّلين السياسيين ان اللبننة شيء شبه مُستحيل حالياً. كأن الإرادة الخارجية هي قدر المواطن اللبناني منذ قبل الإستقلال الى يومنا هذا، رغم تبدّل الظروف الإقليمية والمحلية وتبدّل التيارات والقوى السياسية والحزبية الموجودة اليوم على الساحة اللبنانية، رغم كل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية.
فقد بقي دور العامل الخارجي ثابتاً مع مرور الوقت، هذا يدلّ على مشكلة بنيوية في مجتمعنا. فذلك يستدعي ايضاً البحث عن اسباب وحيثيات هذه المشكلة. وللأسف فإن الاستحقاق الرئاسي الوحيد الذي يُقال عنه انه كان لبنانياً خالصاً هو عندما تمّ انتخاب الرئيس سليمان فرنجية بفارق صوت واحد يومها، الذي كان مُؤشّر انقسام حادّ وعامودي في المجتمع اللبناني. واثناء ذلك العهد انفجرت الحرب اللبنانية مما يُؤشّر الى عبرة كبيرة أيضاً في هذا الاطار.
اليوم عندما نرى السفير السعودي يشترط على رئيس الجمهورية اللبناني ان يأخذ ثقة المملكة, او عندما نرى موظف سابق في الخارجية الامريكية يأتي الى لبنان كمدير مركز أبحاث جديد ويسوّق لمركزه ويستدعي الى مركزه كم هائل من النواب السياديين (من ضمنهم مرشح رسمي الى رئاسة الجمهورية)، فهذا شكلياً يدلّ على الواقع المرير الذي نعيشه مع الأجنبي.
مضيفا” أنه عندما يُقال عن حزب الله هو في المحور الإيراني، فماذا يمكن لنا ان نقول عن الطرف الاخر وفي أي محور هو موجود حالياً؟ أليس هو في صميم المحور السعودي الأميركي؟
وأكمل شرّي البارحة شاهدنا نتانياهو يقوم بحوار مع قناة العربية السعودية فكيف يمكن لنا ان نصف من هم في ذلك المحور وما هي امتداداته البديهية؟!
وعندما نرى هذا الانقسام الحادّ و هذه الحملة التي تطال دائماً ايران، بسبب او دون سبب، وتربط كل هذا التداعي والتفكّك والإنهيار السياسي والإقتصادي في لبنان بإيران او بالمقاومة وحزب الله الذي يحمّلونه وزر كل شأن صغير وكبير في السياسة وفي الإقتصاد، مع جهوزية كاملة لحملات الاتهامات والتحريض ضده داخلياً وخارجياً بسبب او بدون سبب. فعلى ماذا يدلّ كل هذا؟ عن سيادة وطنية، عن وحدة وطنية ام رغبة بالتعايش السلمي والتفاهم؟ كيف ذلك؟ وكيف يجب لنا ان نتأمل لبننة الإستحقاق الرئاسي يهذا الشكل ومع هكذا تجنّ وتطاول على شريحة واسعة من اللبنانيين الذين قدّموا هذا الكمّ الهائل من التضحيات في سبيل تحرير مساحات واسعة من ارض الوطن من الإحتلال الصهيوني ومن الإرهاب الداعشي؟
أمام هذا الكم من التساؤلات فإنني أرى ان اللبنانيين هم الذين يستدعون الخارج للتدخل في شؤونهم وان هذه النزعة لديهم هي اقوى من رغبة الخارج بالتدخّل في الكثير من الأحيان. فعندما يستنكف الخارج عن التدخّل في الشأن اللبناني يصبح المسؤولون عندنا بلا حول ولا قوة وينتظرون الخارج ويستثمرون في هذا التدخل ويستجدونه. وأحياناً يشعرون بالإحباط بسبب عدم حصول ذلك التدخّل الخارجي لأنهم ادمنوا عليه.
إن أكثر اللبنانيين وللأسف شعروا في مرحلة من المراحل بالخيبة من الخارج بسبب عدم التدخّل بالقدر المرجو، خصوصاً من طرف الولايات المتحدة الامريكية في اكثر من مكان. وحتى ان البعض يتمنى لو ان العدو الإسرائيلي يُقدم على حسم الموقف حالياً ويُعيد او يُكرّر سيناريو إجتياح العام 1982 واجتياح بيروت وفرض رئيس سيادي في لبنان بقوّة الدبابة الإسرائيلية ! ذلك ان ذلك الإجتياح يومها لم يكن فقط خياراً إسرائيلياً بل كان ايضاً خياراً لبنانياً من اجل الوصول الى السلطة في لبنان وبناء مشروع مُسالم ومتصالح مع إسرائيل.
واضاف شرّي علينا ان نعترف بالكثير من الوقائع ان أردنا انشاء حوار موضوعي وواقعي وان نناقش في هذا الواقع اللبناني وفي هذا الإنقسام التاريخي الحادّ والمُزمن تجاه الخيارات الإستراتيجية وحول هوية التاريخ في لبنان.
فحتى الآن مثلاً هناك حزب تاريخي يرفض الإقرار بعروبة لبنان وان لبنان عربي.
هذا يتطلّب حوارا جدّياً وصريحاً بين اللبنانيين لأنه يوجد تناقض في كل شيء. فالتناقض بين اللبنانيين في ما بينهم يكاد يكون حول كل شيء من القضايا الإستراتيجية الكبرى، الى القضايا التفصيلية الصغيرة والكبيرة. فنحن غير مُتفقون مثلاً على حلول ازمة الكهرباء وعلى السدود المائية، او حول سُبل معالجة مشاكل المياه ومعالجة ازمة النفايات، ناهيك عن عدم الإتفاق على القرارات الإقتصادية العامة مثل “قانون الكابيتل كونترول” وكيفية حفظ ودائع الناس وخطة التعافي الإقتصادي وغيرها من الملفات.
كل هذا يعني ان هناك انقسام يكاد يقضي على كل شيء. وفي احدى المرّات اقترحت بأن يكون هناك ادلاء عن النقاط المتفق عليها كي نبني عليها علّ هناك نقاط بالرغم من الإنقسامات من المُمكن ان نبني عليها؛ الديمقراطية التوافقيه او الغير توافقية مثلاً.
في الاستحقاق الرئاسي، هناك استحالة الى وصول رئيس تحدِّ، وهذا واضح من خلال الجلسات نتيجة واقع مجلس النواب الحالي. وبالتالي لا بدّ من رئيس يضمن الثلثين وحضور ممثلين لبنانيين عن مجلس النواب وهذا يستدعي توافق وحوار.
اذا لماذا نضيع الوقت؟
الأشخاص الذين يرشحون رئيس تحدًِ او يقولون ديمقراطية من اجل الوصول الى رئيس تحد يعلمون استحالة هذا الامر. “يعني مشروع مين الفراغ” ؟
للأسف قسم من اللبنانيين يستثمر في الفوضى في القضاء ويستدعي المزيد من الانهيار. على امل ان هذا الانهيار يُشكّل عنصر ضغط على عنصر القوة الموجودة في لبنان الذي هو المقاومة، وبالتالي يستدعي تنازلات لأن الوضع لا يتحمّل والناس لا تتحمّل وتحميل هذا الفريق المسؤولية اثبت فشله.
3 سنوات من ضغط وحصار لم يوصل لنتيجة، والاستمرار فيه ليس الا استمرار لمعاناة اللبنانيين. وهذا مُستمرّ وليس هنالك مُؤشّرات انه تراجع.
هذا المحور الذي يعمل في هذا الاتجاه سواء الأمريكان او السعوديين الذين يعلنون عدم تدخلهم في الشؤون اللبنانية، يتدخّلون في أشياء لا يرضى بها اي انسان عاقل منطقي. على سبيل المثال عندما السعودية احتجزت رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بهذه الطريقة البوليسية. لقد مرّ هذا الحدث مرور الكرام بغضّ النظر عن المواقف من الرئيس الحريري والسعودية.
حتى الحلفاء غير مُتفقين. اذاً لا نفع من انتظار الوضع الإقليمي والدولي وحصول التسويات كما يقال وانتظار الربيع او الصيف. فالوضع الإقليمي والدولي غير مُرتبط بالقضية اللبنانية، والصراعات القائمة في الساحة الإقليمية الدولية تتجاوز الساحة اللبنانية. ولذلك فالمتأمل في حصول حلول اقليمية مع وجود الكيان الصهيوني على حدودنا وازدياد انزياحه نحو اليمين الأكثر تطرّفاً كما نرى, فهو واهم. وعلينا بالتفاهم والحوار.
وأعتقد ان لبنان يحتفظ بما تبقى منه بالرغم من الانهيار، بفضل المقاومة ومعادلة جيش- شعب – مقاومة سواء اعترف بها البعض او لم يعترف.
اما بالنسبة الى افاق السنة الجديدة، الاشهر الاولى من السنة في حال لم يجتمع اللبنانيين مع بعضهم البعض ويتحاوروا و يتفاهموا, اعتقد ان الامور قد تتّجه الى الوقت المفتوح شهر- شهرين وثلاثة ويمكن سنة او سنتين، ومن المُمكن ان تطول فترة الفراغ اكثر. اميركا في العام الجديد لديها انتخابات, حكومة نتانياهو قد تضطرّ الى التصعيد في الداخل الفلسطيني. الأمور قد تشير الى لا امكانية للتفاهم, الوضع الدولي لا يشير الى كيفية ان ترسي العلاقات الروسية الغربية الأمريكية او الصينية الغربية- وهناك إذاً تناقضات مفتوحة وصراعات من دون حلّ. لبنان مرّ بتجربة انتظار في سنوات واشهر طوال على اللبنانيين تسريع خطوات التفاهم في ما بينهم, والأمور تتجه نحو الأسوأ في الداخل اللبناني.
وبالنسبة لمستقبل الوضع الإقتصادي: فعلى المستوى الاقتصادي هل نحن نريد اقتصاد مُنتج؟ اقتصاد بالفعل يؤمّن حاجات البلد من دون الإعتماد الدائم على العنصر الخارجي وإمكانية إستثمار النفط والغاز بالفعل؟ الاتفاق على طريقة الإستثمار؟ هل نستطيع بناء اقتصاد منتج يعزز عناصر الانتاج الداخلية من زراعة وصناعة وتعليم واستشفاء وبالتالي استغلال هذه الثروة البشرية العلمية والتربوية والصحية المتوفرة، إضافة الى الاستفادة من الموارد الطبيعية والمرافئ وموقع المطار.
ان هناك عدة امكانات هائلة للإستثمار يمكن ان نعمل عليها لنصبح مقرّ للتصدير إضافة الى التعاون الاقليمي مع الدول المُحاذية.
هل يمكننا ان نتصور ان مرفأ بيروت يعمل دون العلاقات مع سوريا؟
واضاف شرَي: إن حلّ مشكلة اللاجئين السوريين دون التفاهم مع سوريا غير مُمكن، وإذا بقينا هكذا فإن إنتظام امورنا سيبقى مُعلّق على إرادة خارجية أمريكية تحديداً، لأن عودة العلاقات مع سوريا هي الشريان وصمام الامان للتعاون مع العالم الخارجي، وهل لدينا بديل عن سوريا؟!
من المُمكن ان نكون ايضاً مركز هائل نؤمن من خلاله مصالح ضخمة: بوابة تصدير النفط العربي الخليجي والعراقي عبر لبنان مثل ما كانت عليه الأمور في السابق. فكيف يمكن ان لنا ان نستمرّ بدون سوريا وإعادة احياء العلاقات الطبيعية معها؟ فنحن اكثر ناس لدينا مصلحة مع التوافق العربي وليس الإنقسام العربي. جميع الأمور مرتبطة وبحاجة لرؤية وترابط بالوطن ولشعور بالهوية والوطنية.
واستكمل شري كلامه مُستشهدا بما قاله سابقاً الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل: اللبناني ليست جنسية ليست هوية انما هي مهنة (اللبناني تاجر وسمسار الى الخارج).
نحن اللبنانيين نرضى ان نكون دولة مواطنين ليس جماعات. هل نرضى ان نكون دولة مواطنين دون الطوائف والديمقراطية للمواطن والمواطنون مُتساوون في الحقوق و الواجبات؟ هل نرضى؟ كل ذلك يحتاج الى حوار دون شروط، دون هواجس. وكل شخص لديه فكرة يطرحها في حوار هادئ مركزي دون استقواء. حوار لبناني -لبناني مفتوح وحرّ مبنى على أسس علمية وعلى معايير انسانية ومبادئ تُبنى عليها الدول الحرة.
والسيادة لها ثمن وليست استجداء من الخارج. ان تكون حرّاً بكل معنى الكلمة. نحن نمتلك الكثير من المقومات الإقتصادية ومن الثروات البشرية والجغرافية والطبيعية والإنسانية وهي قادرة على بناء دولة نموذجية وان نكون رسالة لكل البشرية وهي رسالة العدالة – الحرية-الاخلاق.
وانهى شرّي حديثه بالقول، وكي لا يفوتني الحديث عن التفاهم بين حزب الله و التيار الوطني الحرّ، فالتفاهم كان إيجابياً ونموذجاً جديداً في كيفية ادارة الحوارات، وفصل بين الاطراف اللبنانية المُختلفة حتى لو كانت مُتناقضة في طروحاتها السياسية او خلفياتها. ما كان عليه الحال بين حزب الله والتيار الوطني الحر قبل ال 2006؟! لقد كانا في محلّين مُختلفين مُتعارضين ووصلا الى تفاهم صمد واستمرّ. وهو لم يكن تبادل مصالح على تقاسم السلطة او على مشاريع – أي صفقات التي تحصل بين الأطراف اللبنانية او التحالفات الظرفية التي تسقط عند اختلال المصالح المُباشرة بالسلطة كما حصل لإنفاق التيار مع القوات اللبنانية
فسرعان ما انهار هذا الأخير عند انتهاء الصفقة. هذا الحوار يجب ان يكون مبنياً على مبادئ اولية لرؤيتنا للدولة.
والتباينات لا يمكن ان تلغي القواسم المشتركة. يجب ان نبحث عن القواسم المُشتركة اذا كان هناك مشكلة ما. وبالتالي ان هذا يعني ان تبنى عليه أشياء أخرى. وهذا الاتفاق صامد ومُستمرّ بغضّ النظر عن تداعيات ما حصل مُؤخراً حول جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. وهو مُستمرّ بغض النظر عن المستقبل، وسنتحاور الى ان ينقطع النفس ولا بديل عن الحوار مهما كانت الخلافات حول بعض المعطيات التي قد نختلف حول تفسيرها، فلا بديل عن الحوار.
واما رؤيتنا للمستقبل فإنها رؤية للعيش المُشترك بغضّ النظر عن التباين والإختلاف. ويجب تحويلها الى ثروة تُغني لبنان وعدم تحويلها الى نقمة على مرّ الزمان. هذه الازمة التي نعيشها اليوم ليست ازمة ظرف، وليست مسؤولية طرف مُحدّد، هي ازمة بنية عاني منها لبنان في الماضي وهي مُستمرّة. لذا يجب ان نلجأ للحوار، وان ندرس الأمور كما هي، ونكون شفافين وصادقين مع بعضنا البعض ونحاول ان نعزل الخارج عن واقعنا اللبناني, كي نرى عناصر القوة لأن هذا العالم لا يحترم الا الأقوياء. فيجب علينا ان نؤمّن عناصر قوتنا في كل المجالات السياسية، العسكرية، الأمنية، الاقتصادية، الاجتماعية، الهوياتية والأخلاقية, لأن جميعها عناصر مُترابطة ومُتكاملة ونحن نمتلكها.
ملاحظة: كل الشكر للصديق حسن رمال وللإعلامية سمر حيدر وللسيدة اميرة سكر على مساعدتهم الكبيرة في صياغة هذا النص وتدقيقه وفي إنجاح هذه المبادرة القيّمة.
د طلال حمود-ملتقى حوار وعطاء بلا حدود-جمعية ودائعنا حقّنا