الكرامة قنديل لبنان بقلم د. عبدالكريم بعلبكي
الكرامة قنديل لبنان
بقلم د. عبدالكريم بعلبكي
هل أخطأ حيرامُ صورَ
فشقني
هل علم نبوخذُ نصَّرَ أني هنا
الليلُ مُصطَفِقٌ يا صورُ
ووجهكِ ينشرُ قلعَهُ بين مرافئِ القهرِ
قربانًا لعشتروتَ
من سيقتلُ الثعبانَ
من سيخرجني من جنائنِ عينيكِ
ذوبيني يا صورُ ،،
اشربيني
فالكأسُ ملأى من خمورِ الفاجعة
والشاطئُ يلتحفُ قَرطاجَ وجهِكِ
يرتشفُ رحيقَ الأبجديةِ
عصروه فوق شفتي
من تجاعيدِ فينيقيا
نثروا تعويذةَ الرحيلِ
على نهدِ الذاكرةِ
فمضغَ الموتُ نِسيانَ السِّندبادِ
يا الأُمُّ الرؤومُ
المهدُ واللحدُ
العباءةُ والكفنُ
إنه الوجعُ المعبأُ في كَياني
أعيشُ زمَانَكِ
رحلَ زماني
رحلَ الأهلُ
اشتعلَ النزيفُ
الأهلُ نصلٌ قابعٌ في الكرامةِ
صُورُ يا كلَّ عذاباتي
دربٌ للصبيةِ
والبحرُ قارِبٌ خلف الدارِ
المدينةُ تنادمُ الجثَثَ
كوّمَ الليلُ جراحَه
فنامَ العتمُ في الحكايا
سطرٌ توارى
وسطرٌ تراءى
الصبّارُ زُنّارُ التوابيتِ
والبعضُ في زِحامِ الزئبقِ المبهرجِ
أين قُدموسُكِ صورٌ يمتدُّ بروقًا في الشروقِ
يحمل جراحَكِ حشرجاتِ دماءِ الطقوسِ
أرجوانيةِ الصواعقِ
تبًا لمقدونيِّ العصرِ
الضاحيةُ يا سوسنةَ المدنِ
تلوِّحُ كفّ الوداعِ
اشتعل المكانُ
تشابهتِ البحارُ
وكان يا مكان
لبس الوطنُ حُلَّةَ سوادِهِ
قليلاً من الحياةِ
تصبحُ الكرامة قنديلاً
سلاماتٌ أيها الصمتُ
سلاماتٌ أيها البقاعُ من آخرِ أطرافِ الألمِ
إلام يظل الفرح بعيدًا عن القلب
ماتت الدهشةُ إزاءَ الجرائمِ وعلى مناضدِ القمارِ
ماتت عصافيرُ الوطنِ
استيقظت الغِربانُ،
والوحوشُ افترست أحلامَنا قبل ولادتها
أصبح الحبُّ طفلًا نازحًا على موائدِ التجارِ
الغيومُ الرماديةُ آتيةٌ
فهل يكون لِحافُهُم إلا عباءةَ أحزانٍ باليةٍ
وهل يكون رغيفُهم إلا قِرصًا من علقمٍ
آه يا بَعلَبَكُّ
كم نحتاجُ إلى أوقاتٍ
لنعرفَ أن الوطنَ يلبَسُ حُلَّةَ زفافِهِ
وهذه الأشجارُ
لمن ترفعُ هذا الحبَّ
لملمي يا بيروتُ شظايا الروحِ
فالدماءُ على شفيفِ الرَّملِ
تُنبِتُ أبطالًا
فيموتُ أصغرُنا كبيرًا
وتغضُّ الطرفَ يا وطني عن يدٍ بُتِرت
وما زلتَ تسيرُ وحدكَ
تقرأُ التضحياتِ
تنشرُ قلاعَكَ بين الجبالِ
والمرافئِ
والكأسُ ملأى
من خمورِ العِزِّ كلَّ صباحٍ