أدب وفن

“أمسية قرب البئر ” ديوان جديد للشاعر المغربي ابراهيم الكراوي

يمثل ”أمسية قرب بئر” الصادر عن مؤسسة بيت الشعر بالمغرب، تجربة شعرية جاءت تتويجا لمسار شعري ينتمي إلى الشعرية المغربية الجديدة التي أينعت في التسعينيات من القرن الماضي و دشنها الشاعر بديوان صدر عن وزارة الثقافة المغربية ”أضغاث أحلام”
يحاول الشاعر من خلال هذه التجربة الحفر في هواجس الذات و علاقتها بالعالم .ومن ثم ينكشف الشعر بوصفه اكتشافا و تمثلا للوجود وحفرا في راهنته كما يظهر من خلال سياق وتمثلات البئر في الموروث الثقافي و الذاكرة الدينية . فقد أضحى البئر رمزا لكل هذه المعاناة التي تعيشها الذات الإنسانية اليوم فتجد نفسها أمام الحروب دون أن تفهم سر كل هذا الوجود :
سادرا
يصيخ السمع لأنين أقفال الفجر أبواب الفجر
يتردد صداها
في عمق البئر …
أضحت الأرض أمامه
بلا ملامح، بلا وصف، تتألم
الطفل رأى في منامه أحد عشر كوكبا
والشمس تتدحرج من قمة الجبل
يعيد الشاعر صياغة الهوية الثقافية انطلاقا من رؤيته للراهن و الواقع الجديد و ما يحفل به من قضايا تهم الوجود الإنساني و الظلم الذي يحيا في ظله وهو بريء من لعنة الحرب وغيرها…
كنا ننتظر أحيانا
العائدين من بحار الظلمات
بلا أمل، بلا يأس
فالرحب تشتعل كبركان
وبذلك يحاول الشاعر فتح أفق للنص الشعري وخرق حدوده من خلال الانخراط في هاجس الحداثة و التحديث. فتراه يستثمر المكون السردي و القصصي في تقاطعاته مع الوظيفة الشعرية المهيمنة. غير واقع العالم الجديد لا يخفي تأثر الشاعر بجماليات الوجود و التمثل الثقافي كما نجد حين يستحضر ذاكرة الشعر ممثلة في السياب و سركون بولص و يهرب إلى الليل بوصفه فضاء لنسج التخييل و الـتأمل في الموجودات و اكتشاف العالم .
تستمد هذه التجربة مقوماتها الجمالية من الانفتاح على التراث العربي، و من الانفتاح على تطورات القصيدة الشعرية، من حيث البحث عن هوية وأسلوب شعري يؤسس تجربة الشاعر فضلا عن استناد القصيدة على جماليات الانزياح وبناء الصورة الشعرية المسكونة بروح الشاعر و هواجسه الداخلية.

الشاعر ابراهبم الكراوي-المغرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى