أدب وفن

مسرحية (أبو حجر) /تأليف-د.عبد الرحمن التميمي/عن قصة قصيرة بنفس العنوان للروائية حنان رحيمي

مسرحية (أبو حـجـر)

تأليف ـ د. عبدالرحمن التميمي             

 (عن قصة قصيرة بنفس العنوان للروائية اللبنانية حنان رحيمي)

( الحجر الاول ـ لحظة هبوط الطائرة )

 (صوت طائرة وهي تهبط في احدى مطارات بيروت وصوت مذيعة الصالة وهي تعلن عن وصول احدى الطائرات على ارض المطار ) .

صوت المذيعة / الرحلة 2020 تصل الى ارض مطار بيروت الدولي … حمدا لله على سلامة الوصول .. نتمنى لكم رحلة موفقة ..

( امرأة ستينية وهي تحمل حقيبة سفر تدخل الى خشبة المسرح وهي تتفحص المكان وصوت المذيعة الداخلية لازال يأتي من بعيد ، تقترب من عين ماء يتوسط المسرح تقف عنده ، تضع الحقيبة على الارض وتجلس عليها ، تخرج حقيبتها الشخصية لتسحب علبة سجائر وتشعل واحدة منها لتنفث الدخان بشكل كثيف نحو الاعلى … فجأة صوت صخب وهرج ومرج… يدخل رجل مهلهل الثياب .. كث اللحية وهو يسارع الخطى للهروب من شيء ما.. يقف في اقصى اسفل يمين المسرح … يجلس ليخرج من داخل ثيابه كيسا ويبدأ البحث عن ما بداخله يخرج رغيف خبز يابس ويبدأ بالتهامه .. المرأة تثيرها تلك الشخصية وتحاول ان تقترب منه ولكن بشكل حذر ) .

المرأة / من انت ؟

الرجل / (متوجسا) انا … انا … لا ادري.

المرأة / الا تعرف من انت ؟

الرجل / (مترددا) اتعرفين من انت ؟

المرأة / (تبتسم) ، نعم اعرف من انا لي اسم واهل وضيعة وبلاد وذكريات وووووو …

الرجل / (مقاطعا) ، انا ايضا لي اسم واهل وضيعة وبلاد وذكريات ولكن لا اعرف من انا .

المرأة / يبدو انك رجل غامض.

الرجل / بل انسان فاقد للصلاحية .

المرأة / هل اعرفك ؟

الرجل / الكل يعرفني.. والكل كلما اشتد بهم الحزن يتذكرونني .. وكل من اضاع حبيب او ام او اب او وطن يتذكرني .

المرأة / اي حزن يعتريك وانت تشبه الالهة الاغريقية حين يلفها القلق والخوف ، هل انت متزوج ؟

الرجل / اطلقوا علي صفة المجنون فمن يمنح سريرا لمجنون ليلتهم الدفئ والوسادة .

المرأة / هل انت جائع ؟

الرجل / جوع قديم لا يشبعه احد ولا حتى موائد الامراء .

المرأة / اليس لك بيت ؟

الرجل / بيتي في كل مكان ، فالطرقات اسرتي والسماوات التحف بها عسى ان تقيني شر البلايا والرزايا .

المرأة / انا مثلك افزعتني الغربة فعدت كي اطمان على طفولتي .

الرجل / (يضحك) الطفولة بيت الداء ومنزل المتهالكين ومستودع الحزن الخفي ، فمن اين انت ؟

المرأة / انا من قرية تقع على سفح جبل اضاءه الرب فارتفع عن سطح البحر طقسها بارد في الشتاء وحار في الصيف واحيانا تتقلب ما بين الصفر وتحته .

الرجل / اذا انت من قرية اشتعلت فيها الغربة وانتعش بها الرحيل على اصوات القنابل ورصاص الموت .

المرأة / انا من قرية كانت تنثر السلام بمحبة على سفوح العشق والشعر انا من جارة الوادي التي احتضنت آلهات الحب والعفة والجمال ..

 ( صوت السيدة فيروز ـ يا جارة الوادي )

الرجل / لا زالوا يعدون خلفي وانا احمل حجرا بيدي وباليد الاخرى احمل خوفا ازليا يمتد لقرون .

المرأة / قرون كانت تنبت في راس الوحش وهو يهرول خلفي خشية ان يصطاد قميصي الابيض .

( صوت البرق والرعد يلف المكان ويضئ العتمة وصوت المطر يشبه صوت الرصاص )

( انتقالة )

( الحجر الثاني ـ في الطريق الى عين الورد )

المكان: غابة وشجرة جرداء وعين ماء

( الرجل وهو يركض مهرولا وبيده حجر يدخل المسرح ، ثم يخرج من الجانب الثاني من المسرح ، تخرج من خلف الشجرة الجرداء امرأة وقد تدلت ضفائرها كطفلة في العاشرة من العمر وقد تملكها الخوف والرعب ، صوت الرجل من خارج المسرح ) .

صوت الرجل / اين انت ايها الجنية الصغيرة ؟

المرأة / (وقد تملكها الخوف) يا الهي لم يعدو هذا الرجل خلفي، لقد القين صديقاتي على هذا الرجل بحجر ثم هربن، ولكني لم اضربه، كيف سأتخلص من هذا الرجل ؟

صوت الرجل / سأجعلك تندمين على تلك الفعلة ؟

المرأة / رباه نجيني من هذا الرجل لأنني لم اؤذه ابدا .

( يدخل الرجل وهو شبه مجنون يبحث عن المرأة خلف الاشجار )

الرجل / لماذ قذفتني بالحجر ؟

المرأة / صدقني لم افعل.

الرجل / بل كنت مع صديقاتك الاخريات تسخرن مني وترمينني بحجر وهذا ما كان يحدث كل يوم .

المرأة / بل كنت احاول منعهن ولكنهن لم يسمعن صوتي وكن اسرع مني بالهروب وقد المتني حين رميتني بحجر وهذا اثر الدم على قدمي .

الرجل / هل اصابتك حجارتي ؟

المرأة / نعم وهذا اثر الدم.

الرجل / اقتربي عسى ان اداوي خطاي فأوقف هذا النزيف .

المرأة / اخشى منك .

الرجل / انا لم اؤذي احدا في حياتي بل قضيتها متأذيا من الجميع صغارا وكبارا .

المرأة / لماذا انت هكذا وماذا كنت من قبل ؟

الرجل / كنت صبيا احمل احلامي اتكأ عليها … أتوضأ بألعابي احنو عليها … حتى سمعت صوت سرف الدبابات ومجنزرات الموت … خفت ارتعبت فركضت بلا توقف الى اللامكان الى اللاعودة ولا زلت اركض حتى اليوم .

المرأة / الم تتعب من الهرولة الى اللاجدوى ؟ .

الرجل / ماذا افعل.. حين يضيق بك المكان تحملين حجرا لتقذفي به الفراغ لتفتحي فراغا اخر تلوذين به بعيدا عن الناس  .

المرأة /  قل لي الم نلتقي من قبل ؟ .

الرجل / ألم ؟ نعم ألم .. ألم كبير كان يحملني على الركض خلف الوهم  ؟

المرأة /  اتعرف عين الورد. ؟

الرجل /  (يضحك) عين الورد مقامي ومنتهى احلامي ومستودع ذكرياتي  .

المرأة /  كنت صغيرة وكنت اتي الى هنا الى هذه الجنة كل يوم العب والهو ثم اذهب الى البيت الا تتذكرني  .

الرجل /   لا.. لكني احببتك ولا ادري لماذا ؟

المرأة / وانا ايضا احببت فيك ذكرياتي واحلام طفولتي التي صادرها الغرباء .

الرجل /  كنت انوء بحمل اثقل ظهري حتى احدودب وحملت سنين القهر اركض خلف سراب  .

المرأة /  حنيني لمرتع طفولتي اقلق ذاكرتي ، لم يهدأ يوما ، ولم ينم قط ، يأخذني كل يوم الى “عين الورد” تلك العين الصافية التي تفيض عذوبة وجمال ، حيث كانت مزهوة بنفسها وكأنها اّلهة في وسط غابة من شجر الصفصاف والحور والبيلسان  .

الرجل /  اختنقت الارض ولم تتنفس بعد رحيلك ، فتساقط الورق الاصفر في ايلول حين مسها دمعك النازف  ؟

المرأة /  في هذا الفردوس قضيت طفولتي قبل ان يسرق جحيم البلاد البعيدة زهرة العمر .

(يتحرك الرجل صوب عين الوردة يدخل في العين يجلس في وسط مياهها الباردة)

الرجل /  غسليني بالبرد عسى ان ينطفا العمر فأحيا بين يديك  .

(تقترب المرأة من الرجل وتدخل معه في المياه الباردة)

المرأة /  طفولتي رهن جسدك الذابل في ماء النهر وذاك العشق الغائب منذ سنين يدفعني كي امسح وجه الحزن لأشعل الفرح في خديك الذابلتين  .

الرجل /  جوع قديم الى الدفيء كان يحرق كل المسافات ليرسم بدخانه المتصاعد في راسي صورة امرأة بضفيرتين ذهبيتين وشفتين ورديتين كأنها كرز العشق الابدي حين يذوب وينساب على صدري الملتهب  ؟

المرأة / هل بدأت تتحسس يداي وهي تمسح على دمامل الزمن الموبوء بالضغينة والقتل ؟ .

الرجل / لا ضغينة بعد اليوم دعينا نعود لأيامنا الحبلى بالبراءة والحب.

المرأة /  يداي  .

الرجل /   قلبي.

المرأة / يداي  .

الرجل / صدري.

المرأة / يداي   .

الرجل /  اااااااه من كلي … بدء العمر ينساب كما الجول في ارض جرداء (يصرخ) اين انت ايها العمر  ؟

( صوت صبايا يصرخن (ابو حجر… ابو حجر .. طل علينا فانتحر ) يتكرر الصوت ويرتفع شيئا فشيئا حتى تتغير الاجواء والامكنة ) .

( انتقالة )

( الحجر الثالث ـ تخاريف الغربة )

المكان: بقعتين يمين ويسار المسرح يقبع الرجل بداخل واحدة منها والمرأة ببقعة اخرى

الرجل / (وهو يصرخ) .. لقد عادو من جديد  .

 المرأة / (وهي تغني)… على عين الورد غزلان وردونبأساور طيب حول زنود وردونوخبايـــاهم متــى ما بــان وردنتفجّر عيـن من قلـــــب العتــــاب.

الرجل / لا انهن لسن بغزلان انهن وحوش .

المرأة /  لا داعي للخوف … انتهى زمن الخوف.

الرجل /   بل بدء الان … فهن يرتدين اساور من نار  .

المرأة / بل اساور الحب تشكلت بالعهد لما تبقى من العمر  .

الرجل / خباياهن عواصف تقتلع قلبي من صدري.

المرأة / بل تفجر عين الورد لتساقط الثلوج على سفوح جسدك العاري الا من الحب   .

الرجل /  اي حب هذا الذي يتشكل بالقهر والرقابة والخوف من كل شيء  ؟

المرأة / الا زلت تخاف الاصوات ؟

الرجل / الاصوات دليل الاحياء والصراخ دليل الاموات ؟

المرأة / الا زلت تبحث عن الموت ؟

الرجل / انا لا ابحث عن الموت انا ابحث عن معجزة تعيدني الى الحياة .

المرأة / تعال لنعيد ترتيب الاوراق مرة اخرى .

الرجل / لم يبق من الورق الاصفر سوى رائحة الكلمات الممزوجة بالدم ؟

المرأة / نتراكض في الاحراش لكن لا ادري من كان يركض خلف من ؟

الرجل / كنت اركض اركض اركض.. ولا اعرف متى الوصول .

المرأة / الى اين كنت تريد الوصول ؟

الرجل / ربما اليك ربما الي ربما اليها .

المرأة / من هي ؟

الرجل / امي … (يبكي وهو يستمع الى امه وهي تناغيه بأغنية دلللول يالولد يبني دلللول ) .. امي كيف السبيل اليك تحت الثرى … امن خنجر كان في خاصرة الزمان … ام من خنجر زرعه الاخرون في خاصرتي ؟

المرأة / الا زلت تذكرها ؟

الرجل / بغيابها اصبحت الذاكرة بلا هوية … اصبحت الذاكرة بلا معنى .. اصبحت بلا معنى وهوية ؟

المرأة / لقد عدت انا وكان عليك ان تعود كما عدت ؟

الرجل / عدت وياليتك لم تعودي ؟

المرأة / اتطلب مني الرحيل وانا التي تصورت انك بانتظاري .

الرجل / سنوات وانا انتظرك على عتبة عين الورد … يوميا ارش الطرقات بماء الورد وانثر احزاني فوق هضبات المرح علي اخفف من وطأة الحب الذي بداخلي .

المرأة / اتحبني ؟ .

الرجل / احبك ؟ ( يضحك ) … كنت أتوضأ واتعمد يوميا كي استحضر صورتك في مخيلتي .

المرأة / كيف كنت تراني ؟

الرجل / كنت اراك كما كنت عند النبع الاول ، كنسق سماوي يتناغم مع موسيقى الرب في عنان السماء.

المرأة / كل هذا الحب ولا ادري ؟

الرجل / انا ايضا لماكن ادري الا بعد ان غيبتك الغربة وذوبتك في امكنة وازمنة باردة غير انك لا زلت عالقة في الذاكرة .

المرأة / الا زال الحجر بيديك .

الرجل / لم يتبق لي سواه. ولكنه لم يعد مجديا في هذا الزمن.

المرأة / بل كان سلاحا فتاكا.

الرجل / في حينه … الان حينما ارميهم بحجر يسخرون مني ويتضاحكون علي .

المرأة / جربه من اجلي فهو يعيدني لذكريات اتوسل بها كي تعود .

الرجل / ( يمسك بحجر يرميه في الهواء… صوت ضحكات رجال ونساء واطفال تملا عنان السماء … تتلبد الغيوم وتتغير الاجواء ويتحول صوت الحجر الى صوت الرصاص )

(انتقالة)

( الحجر الرابع ـ حجر ورصاص )

المكان: (اشبه بساحة معركة تتحول فيها الستائر الى رايات والحقائب الى سواتر رملية) .

الرجل /   اين ذهبت ايتها البيضاء كالثلج ؟

المرأة /   انا هنا خلف الساتر ؟

الرجل /   تعالي هنا بقربي.

المرأة /   كيف لي ان اتي وسط هذا السيل من الرصاص ؟

الرجل /  اذا سآتي انا لأني اخشى عليك من الموت .

المرأة /  بل انا التي اخشى عليك من الموت كيف تأتي . احذر فهناك قناص يترصدنا كي ينال منا .

الرجل / لطالما كان الرصاص يقض مضجعي .

المرأة / هربت من الرصاص وتركت خلفي كل شيء.

الرجل / لا مهرب من الرصاص كانه اصبح جزء من حياتنا حتى تحولت اجسادنا الى حاويات تنتظر من يطلقها لعنان السماء .

المرأة / متى ينتهي هذا الرصاص.

الرجل / ينتهي عندما ننتهي.

المرأة / لا يمكن ابدا ان ننتهي .

الرجل / اذا فهم لن ينتهوا .

المرأة / ما الحل اذا ؟

الرجل / سنون طوال وانا ابحث عن حل . حتى اوشكت على ان افقد عقلي ، واصبح الجميع يناديني بالمجنون . هل انا المجنون ؟

المرأة / بل المجانين من لا يجدون سوى الرصاص حلا لمشاكلهم.

( يزحف الرجل وسط ازيز الرصاص باتجاه المرأة التي تصرخ به ان لا يأتي ليصاب برصاصة من القناص وبالتالي يصل اليها مضرجا بالدماء ) .

المرأة / لماذا فعلت ذلك ؟

الرجل / لأجلك مستعد للموت ؟

المرأة / اتحبني لهذه الدرجة ؟

الرجل / درجات الحب اسمى من درجات الموت .

المرأة / لم اكن اعلم ان في داخلك كل هذه المشاعر .

الرجل / بي شوق اليك بحجم الكون غير ان الزمن غير الزمن والمكان يعج بالرصاص فمن اين لمشاعري ان تتسلق جدران جسدك الذي يشبه المرايا .

المرأة / دمك حار جدا .

الرجل / انها دموع جسدي الذي يبكي على ما مضى فهل ما سياتي سيكون اجمل .

المرأة / خوفي مما سياتي سبب غربتي .

الرجل / علينا ان نتفاءل مهما كان حجم الحزن .  

المرأة / اخاف من الغربة ومن الوحدة ومن الوحشة غير اني بدأت احس بالأمان وانت بجانبي .

الرجل / اتحبينني ؟

المرأة / لم اكن افهمك حين كنت صغيرة .

الرجل / اتحبينني ؟

المرأة / الان كبرت وكبر الهم معي وكبر الحنين اليك فهل من مهرب ؟

الرجل / اتحبينني ؟

المرأة / احبك لأنك الملاذ الامن .. احبك لأنك القلب الطاهر.. احبك لأنك شلال النقاء ومستودع طفولتي .

( تقترب المرأة في محاولة لاحتضان الرجل حتى تتفاجأ بصوت سيارة اسعاف وصوت رصاص يأتي من بعيد … تتغير اجواء المكان لتعود الى الحجر الاول )

(انتقالة)

( الحجر الخامس ـ بين الرحيل والبقاء )

المكان: ( يشبه مدرج المطار … اضاءات خلفية لمصابيح رصت على طول الطريق واضواء تشتعل وتنطفئ على مدار المشهد … تقف المرأة حاملة الحقيبة ويقف الرجل حاملا لحجر بإحدى يديه وباليد اخرى وردة بيضاء )

الرجل / ( وهو يتألم من اثر الرصاصة التي اصابته ) ، هل هو الرحيل اذا ؟

المرأة / لا ادري.

الرجل /  اذا فانت باقية .

المرأة / لا اعرف.

الرجل / اذا فانت لا تحبيننيـــــــ …

المرأة / (تقاطعه)، لا تقل هذا.. فانت كل ما تبقى لي في هذا الحلم .

الرجل / حلم وحجر ورجل ذو لحية كثة بيضاء وبعض بقايا من طفولة قديمة، فهل ترضين بي ؟

المرأة / الغربة وحشة .. لا جذر في الغربة سوى التأمل على نهر العمر وهو يجري دونما انقطاع حتى يصل الى مفترق الطرق اما ان تبقى واما ان تزول .

الرجل / النهر يجري لمستقر.. ليلقي بأجنحته وسط البحر عله يجد ضالته في القاع.

المرأة / لقد تعبت من البقاء في القاع اريد التنفس فوق سطح الحياة .

الرجل / اذا فابقي معي ولنكمل المشوار فالهروب نحو تحوم الامكنة التي لا تمثلنا انتحار وموت محقق .

المرأة / وكيف لي ان اتخلص من خوفي ؟

الرجل / اخلعي عنك كل ملابس الحزن، واغتسلي بماء الورد.. ثم انفضي عنك تراب الغربة.. وتعالي كي نشتعل سوية قرب عين الورد ونوقد الشموع فوق الجبل المقدس عل الاله يبعثنا من جديد .

المرأة / ضوئي يهدهدني ويسحبني لقاع اليم.. يروي قصتي للسائحين على سواحل قريتي التي لا زال مكتئبا صغارها والشيوخ.

الرجل / سنزيل اثار الجليد ونمسح الوجه الملطخ بالتراب .. حينها ستكون بدلتك الارز وطوق راسك من ذهب .

المرأة / الا زلت تتذكرني عروسا ؟

الرجل / لطالما كنت عروسا على مدى الدهر وليس هناك اجمل منك في كل بقاع الارض .

المرأة / دعني فانا لا زال الخوف يعشش في داخلي.

الرجل / تخلصي من كل ادران الماضي وانظري الى الامام بأمل .

المرأة / الامل كلقمة توقفت في الحلقوم واصبح التنفس صعبا .

الرجل / الفضيها الى الخارج وتنفسي الصعداء فانت في حضرة عين الورد .

المرأة / احبك غير اني اخاف .

الرجل / الحب لا يعرف الخوف .

المرأة / بل الخوف يقتل كل حب .

الرجل / بل الحب يقتل الخوف .

( صوت الاذاعة الداخلية من ارض المطار وهي تستدعي الركاب لصعود الطائرة )

صوت المذيعة / الرحلة 2018 تغادر ارض مطار بيروت الدولي… على جميع الركاب التوجه الى البوابة رقم (13) .. نتمنى لكم رحلة موفقة ..

المرأة / ( تحمل الحقيبة وتهم بالرحيل ) ..

الرجل / هل ازف وقت الرحيل ؟

المرأة / ( صامته ) .

الرجل /  الان ؟

المرأة / الان الان وليس غدا .

الرجل / ابق من اجلي ومن اجل عين الورد.

المرأة / لا زالت الحرب قائمة وصوت الرصاص يمزق الاحلام .

الرجل / سيختفي يوما ما ليرتفع صوت المطر ليطهر ما علق بنا من سخامات الحروب .. ابقي من اجلك ومن اجلي .

صوت المذيعة / الرحلة 2018 تغادر ارض مطار بيروت الدولي… على جميع الركاب التوجه الى البوابة رقم (13) .. نتمنى لكم رحلة موفقة ..

( الصمت يغلف المكان ويجعل الرجل والمرأة في سكون ما بين البقاء او الرحيل على صوت مذيعة الرحلة الذي يتكرر حتى الاظلام التام )

(وتبقى الرحلة مستمرة)

بغداد / على شواطئ دجلة الخالد / 2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى