اقتصاد

محركات بحث ناشئة تتطلع إلى إنهاء هيمنة جوجل

تيم برادشو من لندن

تأمل مجموعة جديدة من شركات محركات البحث الناشئة التي تتموضع كمنافس محتمل لجوجل، أن يؤدي ضغط تنظيمي متزايد في نهاية الأمر إلى عكس هيمنة شركة البحث العملاقة، المستمرة لعقدين.
من بين أحدث المنافسين شركة نيفا Neeva التي أطلقها اثنان من المديرين التنفيذيين السابقين في جوجل، ويو دوت كوم You.com التي أسسها كبير العلماء السابق في سيل فورس دوت كوم، إضافة إلى موجيك Mojeek، وهي شركة ناشئة مقرها المملكة المتحدة لديها طموحات متزايدة لبناء فهرس خاص يحتوي على مليارات صفحات الإنترنت.
على الرغم من أن احتمالات نجاحها ضئيلة إلا أن كلا منها يرى فرصة لمنهج جديد مختلف عن قائمة جوجل المألوفة للروابط والنتائج التي تطورت تدريجيا في الأعوام الأخيرة. كما تأمل في أن تؤدي سلسلة من قضايا مكافحة الاحتكار الأمريكية الأخيرة ضد جوجل، على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي، إلى انفتاح مجال البحث.
قال ريتشارد سوتشر، الرئيس التنفيذي لموقع يو دوت كوم، الذي ترك فريق أبحاث الذكاء الاصطناعي في سيل فورس في تموز (يوليو): “إنه أمر مثير للدهشة من نواح كثيرة، نظرا لحجم البحث الصناعي، إلا أنه لم تتم إعادة التفكير فيه بشكل أساسي”.
احتفظت حصة جوجل في سوق البحث العالمي بأكثر من 90 في المائة لمعظم العقد الماضي. واليوم لا تزال قريبة من أعلى مستوياتها على الإطلاق بأكثر من 92 في المائة، وفقا لشركة ستيت كاونتر، التي تتعقب نشاط الإنترنت، تليها بينج Bing بنسبة 2.9 في المائة وياهو 1.5 في المائة.
المنافسون القدامى لشركة جوجل مثل شركة دوك دوك قو DuckDuckGo يحققون مكاسب بطيئة ولكن ثابتة. وفقا لستيت كاونتر، نمت حصة دوك دوك قو في السوق من 0.3 في المائة إلى 1.9 في المائة في أمريكا الشمالية في الأعوام الخمسة الماضية.
في كانون الأول (ديسمبر)، أضافت أبل شركة إكوسيا Ecosia التي تتخذ من برلين مقرا لها، وهي منظمة غير ربحية تستثمر معظم دخلها في زراعة الأشجار، كأحد خيارات البحث المضمنة المتاحة لمستخدمي متصفح سفاري الخاص بها – وهي أول إضافة جديدة إلى قائمة بدائل جوجل منذ أن ظهرت دوك دوك في 2014.
قال كريستيان كرول، الذي أسس شركة إكوسيا في 2009: “هذه ثمرة أعوام عديدة من العمل. لقد استغرقنا كثيرا من الوقت لتطوير نظام الجذر، والآن ينمو النبات”.
تظهر هذه العملية الشاقة الطريق الطويل الذي ينتظر يو دوت كوم ونييفا، على الرغم من مؤسسيهما البارزين.
يتم تمويل يو دوت كوم من قبل مارك بينيوف، مؤسس سيل فورس ومديرها التنفيذي، وجيم براير، صاحب رأس المال الاستثماري، وهو أحد أوائل داعمي فيسبوك. ويقدم المحرك نفسه على أنه “محرك بحث موثوق به يلخص لك الإنترنت”. يراهن سوتشر على إمكانية تطبيق التطورات في الذكاء الاصطناعي على البحث بطرق جديدة أكثر مما حاولت جوجل حتى الآن.
قال: “أريد أن أرى مزيدا من الثقة، والمزيد من الحقائق وإلى حد ما المزيد من اللطف على الإنترنت”. أضاف: “تمثل هذه القيم الثلاث حجر الأساس بالنسبة لنا لإنشاء محرك بحث جديد يكون أكثر خصوصية وموثوقية وملاءمة من بعض النواحي”.
لا يزال موقع يو دوت كوم قيد الاختبار الخاص في الوقت الحالي ولم يكشف سوتشر عن خططه لكسب المال، على الرغم من أنه لا يستبعد عرض الإعلانات.
منافستها الناشئة، نيفا، مبتعدة بصورة جذرية أكثر عن قواعد اللعب في جوجل. فهي تفرض رسوم اشتراك، وتعد بإعلانات أقل وخصوصية أكبر.
يرى بيل كوجران، وهو مسؤول تنفيذي سابق في شركة جوجل ومستثمر الآن في شركة نيفا، أن اعتماد صاحب عمله السابق على الإعلانات هو أكبر نقاط ضعفه. قال: “المشكلة الأكبر هي أنك بدأت في رؤية المزيد والمزيد من الإعلانات وأصبح من الصعب على المستخدم فهم ما هو إعلان وما هو غير ذلك”.
تجمع نيفا التي حصلت على تمويل بقيمة 37.5 مليون دولار، نتائج من رسائل البريد الإلكتروني للمستخدم والمعلومات الشخصية الأخرى عبر الإنترنت مع ما تأمل أن تكون نتائج الويب عالية الجودة في مجالات محددة، مثل البحث عن المنتج.
قال سريدهار راماسوامي، الرئيس السابق للإعلانات في جوجل وأحد مؤسسي شركة نيفا: “إننا نتصور محرك بحث بشكل مختلف تماما”.
ظهر المشروعان الجديدان هذا العام في وقت تواجه فيه جوجل وابلا من الشكاوى التنظيمية، بما في ذلك قضيتان حول مكافحة الاحتكار من جانب عدد من الولايات وقضية أخرى من جانب الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة، حول ما يزعم النقاد، مثل يلب Yelp، أنه سلوك احتكاري.
يأمل منافسوها المحتملون أن توفر القضايا فرصا جديدة، حتى وإن كان ذلك فقط عن طريق تشتيت انتباه جوجل في القضايا القانونية أو تقييد قدرتها على إطلاق منتجات جديدة.
قال سوتشر: “بالنسبة لنا، أعتقد أن مكافحة الاحتكار ستكون مفيدة. يعتمد الأمر على كيفية تنفيذه”. لكنه أضاف: “لا أعتقد أن مكافحة الاحتكار ستوجد مستخدمين وعملاء سعداء – في النهاية عليك أن توجد تجربة رائعة”.
حاول عديد من منافسي جوجل المحتملين، لكنهم فشلو في القيام بذلك على مدار الأعوام العشرة الماضية. جمعت شركة كويل التي أسسها مهندسان سابقان في جوجل، 33 مليون دولار وأنشأت فهرسا خاصا بها يضم أكثر من 120 مليار صفحة. لكنها أغلقت في 2010 عقب أكثر من عامين بقليل من التشغيل، بعد أن اشتكى المستخدمون من جودة النتائج.
قال كرول: “الآن بعد أن أصبحت جوجل تحت المراقبة من المنظمين، آمل أن تختفي الممارسات غير العادلة. هذا سيساعد المنافسة”. أضاف: “إذا كنت محرك بحث صغير من الصعب حقا الوصول إلى التكنولوجيا والحصول على الرؤية والوصول إلى تلك المواقع النادرة جدا في المتصفحات”.
الفوز بمواقع البحث الافتراضية عادة ما يأتي مقابل سعر، مثل المشاركة في عائدات الإعلان، على الرغم من رفض كرول التعليق على صفقته الجديدة مع شركة أبل التي أتت بعد عام من المناقشات.
يبدو أن أبل نفسها تبني البديل الخاص بها عن جوجل، ما يزيد من نشاط البحث على الويب والتعامل مع مزيد من الاستفسارات من شاشة آيفون الرئيسة من خلال أنظمة البحث الخاصة به.
معظم منافسي جوجل، بما في ذلك نيفا ودوك دوك قو وإكوسيا، يرخصون فهرس الويب الخاص بهم من بينج التابعة لمايكروسوفت. لكن موجيك تريد بناء مؤشرها الخاص لتصبح مستقلة حقا.
قال كولين هايهورست، الرئيس التنفيذي لموجيك: “نحن محرك البحث الحقيقي الوحيد الذي لا يتتبعك”.
مع تمويل يبلغ 2.3 مليون جنيه استرليني، معظمه من مستثمر واحد، قام فريق موجيك المكون من سبعة موظفين بجمع وفرز مؤشر من 3.6 مليار صفحة. وتأمل أن تصل إلى ستة مليارات بحلول نهاية 2021، على الرغم من أن هذا بعيد كل البعد عن مئات المليارات لدى جوجل.
أشار هايهورست إلى أن محركات البحث الأخرى التي زعمت أنها توفر قدرا أكبر من الخصوصية لا تزال ترسل بعض البيانات مرة أخرى إلى بينج. قال: “معظم محركات البحث ليست محركات في الحقيقة – إنها هياكل. يمكنك القول إنهم رهائن في حرب جوجل ومايكروسوفت”.
حتى الآن واجهت محاولات المنظمين لفتح سوق البحث صعوبات. قال مايكل أوستروفسكي، الأستاذ في جامعة ستانفورد، إن مزاد “شاشة الاختيار” لنظام أندرويد، الذي فرضته المفوضية الأوروبية في 2019 بعد تغريم جوجل خمسة مليارات دولار لفرض قيود غير قانونية على صانعي الهواتف الذكية ، لم يكن له تأثير كبير حتى الآن.
وجد بحث أجراه أخيرا حول العملية التي تديرها جوجل، التي تقدم لمستخدمي أندرويد الجدد خيارا من بدائل البحث، عيوبا في طريقة تصميم المزاد. خلص إلى أنها تميل إلى تفضيل الشركات الغامضة الأكثر عدوانية في تحقيق الدخل من مستخدميها، بدلا من أسماء مثل دوك دوك قو أو إكوسيا التي يتعرف عليها المستخدمون، وبالتالي من المرجح أن يختاروها بدلا من جوجل.
قال: “من الواضح أن المزاد بصيغته الحالية لا يحقق أهدافه. ما هو مهم ليس الكثير من التنظيم المحدد ولكن معرفة أن المنظمين موجودون هناك وهم منتبهون”.

*المصدر / الإقتصادية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى