مقالات واقوال مترجمة

الشاعرة روبي كور ** ترجمة وتقديم : ريم غنايم


  • شاعرة كنديّة من أصل هندي، من مواليد عام 1994. في سن 21 كتبت وأدّت ورسمت باكورة أعمالها الشعرية «حليب وعسل»، المجموعة التي بيع منها أكثر من 3 ملايين نسخة، تلتها «الشّمس وأزهارها»، وهما مجموعتان تُرجمتا إلى ما يزيد عن 24 لغة.
    من يتأمّل قصائدها، يُدركُ أن كور مفتونة، على المستوى الشّعريّ، بمفهوم الصدمة، والغواية والجسد، والجانب الأسريّ المشطور بين أمٍ وأبٍ، بين عاطفةٍ وفتور عاطفة، بين خطأٍ وخطأٍ أكبر. تحاول روبي، عبر رسم الكلمات، رسمَ الأفكار التي يقفُ المجازُ حائراً حيالها، وتعيشُ خطابًا صداميًا مع جسدها تارةً ،وخطاباً ذا نزعة ذاتيّة معنّفة للذات ومعنّفة للآخر، متصالحة غير متصالحة. ذات تشطحُ مع جسدٍ يتكوّر ويدور وينشطر وينبعثُ في ضجيج المفردات، في صمتِ هذا الجسد وانغلاقه أحياناً ثمّ انفتاحه فجأة دون مقدّمات. تبدو كور تجربة شعريّة برزخيّة- بينيّةً، تعلو أحيانًا في مجازات وأفكار تشطحُ بالواقع، واقع الجسد، لتصل به إلى شفق الخطأ، خطأ تناثره في الاتجاهات، ثمّ تسقطُ معه مرّة أخرى باتجاه الأرض في حركة سقوط يتحقق فيها الذهول والارتقاء والانكشاف على جماله وجرأته، حركة وقوعٍ على الأرض وحركة وقوع في عشق الجسد.
    تساؤلات كثيرة تطرحها الشاعرة، على صغر سنّها، حول الهجرة والذات، حول الجسدٍ الذي هو أجساد صغيرة مركّبة بحنكة وبراعة القاصّة. ملكةُ شعراء الإنستغرام، كما يُطلَق عليها. وهذا يضعنا أمام سؤال جوهريّ إشكاليّ هامّ حول علاقة البصريّ بالكلمات اليوم، وحول تبسيط الشّعر وانجرار المتابعين خلفَه، وحول جوهر الشّعر وعلاقته بالشّاعر في عصر التنوّع الرقميّ والمهرجان الأدائيّ، واتّساع الفضاء الإلكتروني وحالاته لخَلق الشّعر.
    هنا، مجموعة من قصائدها من مجموعتها الشعريّة «حليب وعسل».
    إنّه دمُك في أورِدَتي
    يخبرني كيفَ
    يُفتَرَضُ بي أن أنسى

الفِكرةُ هي أن نكونَ
في غاية القُدرة على الحبّ
مع ذلكَ نختارُ السّمَ


الاغتصاب سوف
يمزّقكِ إلى نصفين
لكنّه لن يقتلكِ


تقولُ لي اهدئي لأنّ أفكاري تجعلني أقلّ جمالاً
لكنني لم أخلَق ونارٌ في جوفي فأنطفئ
لم أخلَق ونورٌ على لساني فيَسهل ابتلاعي
خُلِقتُ نصفَ نصلٍ ونصفَ حريرٍ
عسيرة على النسيان
ليسَ يسيراً على العقل تعقّبي.


أمّكِ تُمارسُ عادةَ عرضِ المزيد من الحبّ الذي لا طاقةَ لكِ على حَمله
أبوكِ في الغياب
أنتِ حربٌ
الحدّ الفاصلُ بين بلَدَين
الضّرر الملازِم
التضادّ الذي يرافق الاثنين
لكنّه أيضاً
يشطرهما.


عندما تفتحُ أمّي فمَها للحديث على العشاء
يدفع أبي بكلمة صهٍ بين شفتيها ويخبرها ألا تحكي أبداً
وفمها ممتلىءٌ
هكذا
تعلمت النساء في عائلتي الحياةَ بأفواه مقفلة.


آثرُ فيك رائحتكَ
لكَ رائحةُ كعشبِ الأرض
الجنائن
أكثر بشريّةً منا
بقليلٍ.


أكذبُ لو قلتُ إنّك تُخرسني
الحقيقةُ أنّك توهنُ لساني
إلى حدّ ينسى بأيّ لغةٍ
ينطق


كأنّ لكَ رائحة
عسلٍ وألم
دَعني أذق من طعم هذا.


إنّه صوتُكَ
يعرّيني


أرغبُ في البقاء
متأصّلةً في الأرض
هذه الدموع
هاتان اليدان
هاتان القدمان
تغورُ
موصولةً بالأرض


المرأة التي ستأتي بعدي ستكون نسخةً غير شرعية منّي. ستحاولُ كتابةَ قصائد من أجلكَ كي تمحو القصائد التي تركتُها محفوظةً على شفتيك ولكنّ سطورها لن تلكمك في بطنك كما فعلَت سطوري. ثمّ، ستحاول ممارسة الحبّ مع جسدك. لكنها أبداً لن تلعق، تداعبَ أو تمصّ كما فعلتُ أنا. ستكون بديلاً كئيباً للمرأة التي ضيّعتَها. لا شيء ستفعله سيثيركَ وهذا سيحطّمها. عندما ينهكها الانهيارُ من أجلِ رجلٍ لا يردّ ما يأخذ، ستدركني في جفنيكَ أحدق فيها بشفقةٍ ، وهذا سيصدمها. كيف يمكنها أن تحبّ رجلا منهمكاً في حبّ أخرى يداه لن تدركاها ثانيةً.

من مجلة Tatoopaper

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى