لا تُوَدّعُوا مكارم الاخلاق بوداعكم للصيام

لا تُوَدّعُوا مكارم الاخلاق
بوداعكم للصيام
بقلم المحامي عمر زين*
يتميز الانسان في صيامه بالرحمة والغفران، وابتعاده عن النميمة والغيبة والبهتان، وعليه الثبات على ذلك طوال الشهور والايام، فيقف دائماً مع الحق ويسانده ولا يصمت عنه والاّ يكون جباناً، حيث ان الاحرار يتبَعون من معه الحق، والعبيد يتبَعون من معه القوة، ويقتضي ان يحمل المؤمن لواء المساءلة والمحاسبة فلا يجوز ان يخرج السارق ليتكلم عن الامانة، ويخرج الفاسد ويتكلم عن الاخلاق، وآكل الحرام يتكلم عن الحلال، وعلى كل منهم ان ينال عقابه رحمة بالأمة.
فليكن الاخلاص والصدق والبساطة والتواضع والكرم وغياب الغرور والقدرة على خدمة الناس الآخرين والتقيد بالدستور والقوانين والانظمة هو سلوكنا في تجسيد المواطنة التي تبني الدول وتحافظ على سيادتها وتعمل على نهوضها.
فبناء الاسرة على مكارم الاخلاق يمنع هدمها، والاهتمام بالتعليم والتربية يحافظ على حضارة الامة، وتقدير العلماء ورفع شأنهم يؤدي الى النهوض بالأمة، فعلينا دعم الام لتكن واعية، وعلينا ايضاً دعم المعلم المخلص ليربي الاجيال التي هي مستقبل الامة وتقدمها، وعلينا ايضاً وايضاً احترام من يحمل هذه المفاهيم ليربي النشئ على القيم.
وكل ما تقدم وفي حال توفره في المجتمع لا بد الا ان تصدر قوانين تؤكد على المساواة والعدالة بين الناس واستقلال القضاء ويؤمن حياة افضل لهم وفي المقدمة منها قوانين الشيخوخة ولتغطية كل المواطنين في كل ما يتعلق بالمرض والامومة وتعويض نهاية الخدمة، وبناء الاقتصاد القوي الذي يوفر فرص العمل للمواطنين فهو الاساس الى جانب فعل الخيرات ودفع الصدقات واطعام الفقراء حتى يختفي الفقر ويعيش هؤلاء حياة كريمة.
وعندها لا يمكن ان ينام السارق في بلادنا دون قلق، والمسؤول الفاشل دون أرق، حيث لا يمكنهم الافلات من العقاب.
من هنا علينا التكتل والتضامن لإزالة الطغمة الفاسدة من على منبر المسؤولية لإعادة بناء البلد بأشخاص لهم القلب والعقل والضمير، ونقول انه من علامات قبول الاعمال الصالحة كما قال العلماء هو “الثبات على فعلها والمداومة عليها”.
وصدق من قال:”البعض يخشى ابتلاع قطرة ماء فتفسد عليه صيامه، ولا يخشى من ابتلاع حقوق الناس فتفسد عليه آخرته”.
لقد اختفى الفقر والفقراء في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، حتى ان الاغنياء كانوا يخرجون بزكاة اموالهم فلا يجدون يد فقير تبسط الى هذا المال، وارسلت الكتب من امير المؤمنين، وتُقرأ في مساجد عواصم دولته. من كان عليه أمانة وعجز عن ادائها فلتؤدى عنه من بيت مال المسلمين (خزينة الدولة)، ومن اراد من الشباب ان يتزوج وعجز عن الصداق فصداقه من خزينة الدولة! وما من يوم وينادي المنادي من قبل عمر: اين الفقراء، اين اليتامى، اين الأرامل، اين المساكين، الى ان جاء يوم لم يأت احد لأخذ المال من المنادي…
في اي وقت يا ترى يمكن ان نصل الى هذا؟؟؟
*الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب
بيروت في 14/5/2021