أدب وفن

المشروع السياسي وضرورة أسناد الحكم للمثقف في رواية”المنفى الأخير”للروائي التونسي الأمين السعيدي

المشروع السياسي وضرورة أسناد الحكم للمثقف في رواية:المنفى الأخير،للروائي التونسي:الأمين السعيدي

بقلم الشاعر:علي مبزعية

غلاف رواية المنفى الأخير للروائي الأمين السعدي

المثقف هو المسؤول الاول عن تقدم الشعوب وتحضرها،فهو ضمير زمانه المعذب…تردي الأخلاق وانهيار الدول وانتشار الظلم واللامساواة…كل هذا نتيجة تقصير المثقف او عجزه أو عدم وعيه بدوره في المجتمع…
من العيب أن نتحدث عن مثقف خارج هذا الإطار؛ الاديب والفيلسوف والرسام والمسرحي والفنان…
كل هؤلاء دورهم التقدم بالمجتمع والخروج به من دائرة التوحش الى عالم الإنسانية…


يقول الروائي الأمين السعيدي:”يرسم الأديب باللغة وطنا جميلا،غير أن الحكومة أمية لاتقرأ…! “


وهذا وجه من وجه الغرابة في الحياة،فالمفكر المثقف لا يستطيع التواصل مع السلطة ولا هي تستطيع فهم مايريده لأن الحكم بيد فئة جاهلة،تنكر العلم والمعرفة واذا كان هذا النوع من الحكام نتيجة لجهل الشعوب وخضوعهم ورضاءهم وقبول ألذل…!
فأن العيب الكبير هو تقصير المثقف في تلك الاقطار من الكون…فالمثقف هو المسؤول عن وعي مجتمعه وهو المطالب بالحكم،اي إنتاج مشروع سياسي لخدمة الاوطان والمجتمعات وان لا يكون هذا المشروع مجرد تنظير،بل يجب ان يكون عملا اجرائيا.
انتقد الأمين السعيدي بشدة عشرية ما بعد الثورة، انتشار الفساد والمحسوبية والصراع العقيم من اجل الحكم…والتغييب الممنهج للمثقف عن المشهد السياسي…
رواية”المنفى الأخير”للروائي التونسي الأمين السعيدي هي رواية ذهنية،يدل نظام نصها على حكمة الكاتب وخصب خياله وعمق تحليله للظواهر الاجتماعية،كما تؤكد جدوى رؤيته السياسة وايمانه الكبير بفكرة الدولة الوطنية…
تبدأ احداث رواية”المنفى الأخير”مع الشخصية البطل “وردة”في المدينة التي تقرر الانتقال للصحراء للبحث عن “النور” ومحاولة اقناعه بضرورة خوض مغامرة التسرب الى المدينة لاصلاح المجتمع وتغير المناهج…
واقرار نظام حكم يحقق العدل والمساواة…تكون نواته العلم والثقافة والاخلاق…
يدخل النور الى المدينة بصحبة وردة وفي كل مكان يجد مجموعة من الناس تنتظره.تطرح عليه اسئلة في الدين والمعرفة والاخلاق والفكر والفلسفة والعدل والظلم وعلاقة الحاكم بالمحكوم… يغير النور مناهج المدينة،بعد ان اخرج منها الظلام وعلم اهلها الحكمة…
ثم يواصل مسيرته في جل بقاع الأرض من اجل الأصلاح والتغيير…
حتى يعم العدل وينتهي الظلم وبذلك تغلق جميع منافي الكون…
والمنفى هو الوطن الذي يغيب فيه العدل والمساواة
واحترام الانسان في جميع ابعاده…يقول الامين السعيدي في رواية المنفى الأخير:”الوطن الذي لا يحتضن ابناءه هو منفى”
مشروع الدولة الناجحة هو المشروع الذي ينتجه المثقف ويعمل به…لذلك مطالب المثقف بممارسة السياسة وتقديم مشروع اجرائي للحكم من اجل سعادة الانسان بتحقق العدل…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى