قصائد للشاعر الإسباني آنخل جيندا
** ترجمة أحمد يماني
قصائد للشاعر الإسباني آنخل جيندا
** ترجمة أحمد يماني
8- العتمة
هل تقودني العتمة؟
هكذا بدأتُ التنبؤات.
بضجر المثابرة.
بآذان ما لا يسبر غوره.
بلغز التطير.
بضوء الحوامل.
لا يفقد البرق عطره لأنه لا يرى!
ليس لكون الخفي أصمَّ فهو لا يتكلم!
9- منفى
تركت كل شيء هناك!
لقد ألقيت بنفسي داخل نفسي!
10- الموت
الموت هو ألا تعود موجودا
في الساعة نفسها،
في الأماكن نفسها،
مع البشر نفسها.
ألا تظهر كل صباح
مثل ذلك الضوء الجديد العظيم
الذي يحل بين الأشياء؛
ترك العمل يتعطل،
السفر في طريق مسدود
بعيدا عن البحار والنجوم.
الموت أن تكون ساكنا، أصم
كفيفا، أبكم، في عداد المفقودين،
مقطوعا عن الجميع وعن كل شيء،
عنا أيضا؛
عدم العودة إلى البيت نهائيا.
ألا ترسل إشارات وألا تستقبلها كذلك.
الموت هو ألا تعود.
11- الساعاتي
يوما ما طرح القط أرضا ساعتي وهو يلعب
كفت آلاتها الدقيقة عن الحركة.
الساعاتي، متذمرا ومتأففا، بينما يفحص عقاربها،
غمغم، بتهكم:
«الأفضل أن نشغل الزمن
بدل أن نفرغه»
تلك الكلمات، منذ ذلك الحين،
لم تدعني في سلام.
12- كاتدرائية الليل
ألا نحدد موضعي؟ نُسمى أنا!
مأخوذ بالقباب الزجاجية
حيث فم الامتثال أعمى،
الورع يتلوى
على البخار التمثيلي للأيقونوغرافيا
كاتدرائية الليل مشيدة في الغياب.
ها هي رأسي قاعة لأصوات مختلفة
في لغات عدة.
هل ثمة أجراس تقرع أم سوائل مزخرفة؟
أحيانا تُستقبل هالة المهندس المعماري،
ورئيس العمال والبنائين.
على وجه مكشوف
يحط الرسل بلا مسدس رشاش.
تكسر أوركسترا الظلام:
أراغن مشتعلة من المحيط،
تينورات من البركان، أصوات جهيرة من الرعد.
جلد أم ورنيش؟ المُرَجّح في الغيبوبة.
أنفاس تطعن الأعمدة.
قرع الطبول المتوهج لأشجار الكرز.
جنون التمثيل هذا حجاب يشتعل محنطا!
أحيانا يُسمع عرَق الحجّارين.
لماذا الآن رؤية تكهنات ملتهبة تبهرني
من جراء زجاج معشق ممحو
ونافذة وردية مغناطيسية تحترق؟
هذا الليل برواق في الأعالي
هو شجرة من الماء:
الدهشة تنفض ساعديها الزجاجيين.
سلطة ضعيفة! جحيم حيواني
بغضب في أفواه الأظافر!
أفاعي نارية من البلاهة
(بابوات، ملوك، مشاهير، حكام، أمراء)
كواجهات من الغبار ستسقط.
حصن بطولي للضعفاء!
القصيدة تنير الأجفان السماوية.
أحيانا يحيطني تضوع زيوت،
أسمال شحاذين، رعب مَسُوطين
أو أكفان قبور.
أسوف يمكنني اللحاق بك هنا، شجرة آسل بعيدة وقوطية،
بيضاء كالموت؟
الحب ميؤوس منه.
منطادا كانت كلمات كتاب حياتنا التي شيدتنا.
أهتز مهوما من رائحة البخور والشمع
دون أن يسمعني شيء ودون أن يكلمني أحد.
لماذا لا تدق الأراغن في الحال؟
أحيانا تنفتح قروح لشهداء اختُرقوا بالسهام.
الجسد محرقة تتقطع أوصاله.
العزلة لا يخصها الصراخ!
لكن يبقى السؤال، وهج في عرض البحر.
أجنحة الرغبة الأسيرة من الرخام،
أزاميل تتكسر
على التول الشفاف لتنفس متقطع.
بناء للانفصال:
الزمن لا عودة له،
الوداع ليس له من قبر.
مسمار من الضوء مغروز في الخشب!
الليل والنهار هما أيضا مهاجران.
فظاظة فوق الأهوال وكدمات من جراء السقوط.
تنبجس المعاناة.
حيث الصمت يخفي عينيه منعا للصراخ.
مرور السنين لا يعالج كل شيء.
أحيانا يقال إن روحا تعبر في الألم.
العظام حبوب والقلب من نبيذ،
مرهم استحالة القربان إلى جسد المسيح ودمه.
أنا لا أتحدث لغة أخرى إلا لغة الصمت.
بحبر من النار أكتب في الرطوبة،
بطباشير من البلغم أصحح في الإشراق.
موت في الجليد، في الهواء، في الغبار.
الحمل يحميني بثغائه من الصوف.
أنت جنازتي، يا أرملة مخفية من النهار،
انتفاضة النشوة في كل محرقة
حيث عسل الخوخ أزرق.
في الشفافية العميقة الداخلية ها أنا آراني،
خلاص بين وزرات، أفاريز، أقواس، أضرحة جماعية.
ليس ثمة ما يكفي من عواصف الظلام
حتى نغلف الشمس!