أدب وفن

الكاتب محمد حسين يقرأ في “رسائل نازفة”للقاصّة هند يوسف خضر

رسائلٌ نازفة
مجموعةٌ قصصية قصيرة صاغَت الكاتبةُ تجربتَها الخاصةَ من خلالها بلغةٍ سرديةٍ سلسةٍ عبّرَت عن ماهيةِ الجرحِ العميقِ الذي ضربَ روحَها ذاتَ مساءٍ ، هذا الجرحُ الذي يعاني منه الغالبيةُ العظمى من الناسِ نتيجةَ فشلِ تجاربهم العاطفية لأسبابٍ متعدّدة.
لقد استخدمَت الكاتبةُ اللغةَ المباشرةَ والرمزيّةَ في إيصالِ الفكرةِ فلجأتْ إلى الأسلوبِ المباشرِ للتعبيرِ عن صرخة الوجعِ في أكثرِ من نصٍّ كما في قصةِ( قمر تموز.. رباه ما أقسى ليلتي هذه! لماذا لا تشيرُ عقاربُ الساعةِ إلى الثانيةِ عشرةَ تماماً لنكونَ أنا وأنت؟) وتوارت خلفَ اللغةِ الرمزيّةِ عندما كانَت تستحضرُ ذكرياتٍ من تجربتِها الخاصةِ كما نلاحظُ في قصةِ(بوح الليل.. يا لها من لحظةٍ موجعةٍ يخيمُ فيها السكونُ على الشفاهِ فيمنعُها من البوحِ بما يكنُّه القلبُ من حبٍّ دفين وشوقٍ مجنونٍ يداعبُ الجفونَ );مجموعةٌ قصصيةٌ احتوت على أربعٍ وثلاثين قصةً. تتنوعُ القصصُ في أشكالِها لكنها تشتركُ في إبرازِ الهواجسِ الذاتيةِ للكاتبةِ التي طغَت على معظمِ القصصِ..
لقد ترواحَ السردُ عند الكاتبةِ بين ضميري المتكلمِ والغائبِ. لم تتمسكِ الكاتبةُ في عناصرِ القصة الكلاسيكية وحاولت الخروجِ عن السياقاتِ المعهودةِ للقصةِ. لقد كانَ همُّ الكاتبةِ منصباً على إيصال الفكرةِ التي كانت تغلي بداخلِها كالبركانِ لذلك جاء جزءاً من القصصِ كنصوصِ أدبية.
لقد أبدعَت الكاتبةُ في غالبية النصوصِ في وصفِ الحبٍّ كقيمةٍ إنسانيةٍ وطرحَت سؤالاً عن ماهية الحبٍّ المرغوبِ أو المتاحِ أو المتوفرِ في ظلٍّ الظروفِ الاجتماعيةِ المعقدةِ التّي يعاني منها المجتمعُ العربيُّ. لقد وضعتنا الكاتبةُ أمام نوعين من الحبِّ فإما أن يكونَ على طريقةِ الكبارِ الذي يحتوي على كثير من الألم والوجع والعذاب لأسباب مختلفة متعلقة بالظروف الاجتماعية. وإما أن يكونَ على طريقةِ الصغارٍ مفعم بالعفويةِ والصدق والتلقائية وكأنّ الكاتبةَ تضمرُ شعوراً تؤشرُ من خلاله عن الصعوباتٍ الجمةٍ التي يعاني منها الحبُّ على طريقةِ الكبارِ أو عدم نجاحِه في الوصولِ إلى نهاياته المرجوة..
ثمّةَ جرح إنساني مختبىء في ثنايا العنوان( رسائل نازفة) يجعلُ الكاتبةُ تعيشُ رحلةَ بحثٍ عن خبايا النفسِ البشريةِ على طريقتها لتمنحَها أبعاداً انسانية…
مجموعةٌ قصصيةٌ تسلطُ الضوءَ على أهمٍّ وجع إنساني يعاني منه كثيرٌ من الناسِ لكن أغلبَهم لا يستطيعون البوحَ بهذا الجرحِ، لكن الكاتبةُ حاولت أن تبوحَ به عبر لغة رشيقةٍ قريبةٍ للعقلٍ والقلبٍ بحيثُ تجعلُ القارئ يتنقلُ في حقولِ مجموعتِها كأنه أحدُ أبطالِ هذا الوجع…


محمد حسين كاتب وقاص فلسطيني … سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى