ديوان “كرسيّ على الزبد” للشاعر محمد علي شمس الدين “ما سرّ هذا الحزن السعيد”؟
ديوان “كرسيّ على الزبد” للشاعر محمد علي شمس الدين “ما سرّ هذا الحزن السعيد”؟
الشاعرة ميشلين مبارك
عندما تفتح كتابه لتقرأ، تدخل إلى عالم آخر إلى حياة ترقص على الورق، إلى لحن يعزف فيحرك الجماد. تتظلل بقوس قزح يلّون سواد الحبر، يرافقك انسياب خرير الكلمات مع هديل الأحرف في ديوان “كرسيّ على الزبد”.
طبعا إنه الديوان الجديد لأحد أعمدة الشعر اللبناني الاديب والشاعر محمد علي شمس الدين.
لوهلة، تظن أنّ هذا الديوان سيشبه سابقاته وهنا ماشاالله تطول اللائحة. إلاّ أن أمواج القصائد فيه متزاوجة مع غلافه الازرق، تأخذك من مدّ إلى جزر على رمل أبيض في ليلة صيف، فتشعر بأنك تغرق والغرق جميل: ففي قصيدة مريض البحيرة يقول:
“كلّما حطّ فوق البحيرة وجه القمر
أحسُّ بروحي، وقد مسّها الحبُّ
تمضي،
كأنّ المطر
يفاجئها في الهزيع الاخير من الصيف
أحلم بأن البحيرة قد أيقظتني
ومدّت إليّ بأسلاكها
وأنّي على درجات الحجر
نزلتُ الى القاع
كي نلتقي”.
وفي مكان آخر، تتلمس جمالية الوجع في قصيدة “يا بحر أَقبلْ فقد شَغَر البّر” يصرخ:
“… ولعلي غريق الجزيرة
أمشي على خشبٍ مائلٍ
وتدفعني للغروب
الشمال
فالرحيلُ غدا موشكا
وما تركته الحروب على جسدي
من رسومِ الضحايا
وما غاص في قدمي من شظايا البلاد البعيدة”.
تسأل نفسك وأنتَ تقرأ “ما سرّ هذا التناقض الجميل؟” ما سرّ هذا الحزن السعيد، هذا البكاء من دون دموع، في كل قسم من الكتاب بدءاً من الاقسام الثلاث من أغاني الكورس، فتسع قصائد الى حافظ، وصولاً إلى مقاطع إلى الجميل، برأيي الشخصي في جميع قصائد الديوان، يأتيك الجواب في صدى المنشدين على جبل الشيخ وفي الشمع الذي مات من كثرة الضحك أو في أغنية لأيلول “وأن الخريف الجميل الطويل العليل، دائم لا يزول”.
أستاذي الشاعر، مباركٌ ديوانك “كرسيّ على الزبد”، في كل مرة أقرأك أكتشف بأنك بحرٌ نغرف منه ولا نشبع.
المصدر جريدة اللواء ١٤/٣/٢٠١٩