العلاقة اللصيقة لإميلي ديكنسون مع الطبيعة
ترجمة و اختيار سمية تكجي المصدر/ 20 minutes.es
الطبيعة فن الله و ما اسعد الإنسان اذا أجاد الإستماع إليها و هي تتكلم…
و إميلي ديكنسون كانت لصيقة حتى الإنصهار فيها …لا بد انها فهمت أن الفن و الطبيعة و الشعر يكفيها كي تحيا….
أعمالها الأدبية و حياة اميلي ديكنسون لم تزل إلى الآن لغزا مستمرا يطرح الأسئلة عند الأجيال الجديدة و قد نقلت قصة حياتها إلى السينما و الآن إلى افلام الخيال التلفزيوني(أنطولوجيا عن الطبيعة و فرز لأنواع دقيقة من الأعشاب ) ) هذا العمل الفني الأدبي يقربنا إلى ديكنسون و مازال يوقظ جاذبية خاصة الى ادبها و علاقتها اللصيقة و الحميمة مع الطبيعة .الأزهار، العصافير، الغابة ، الأوراق، التي تحيط ببيتها، التي عاشت فيه منطوية على نفسها بإرادتها منذ عمر الشباب ….
العزلة بقيت دون أسباب واضحة تبررها، ربما التعليم الحديدي و المتشدد الذي حصلت عليه ، و المناخ المتزمت لمساتشوستس مسقط رأسها ، هي التي طبعت نصوصها و جعلتها متناقضة مع قصيدتها التي كانت ضرورية لها ، جاءت محجوزة و حصرية للرجال . و التي كانت تدور حول انفعالاتها العميقة و افكارها الحميمة، و هي أشياء كانت شبه ممنوعة و غريبة في تلك الحقبة …و كانت النتيجة أن ديكنسون المربكة و المتضايقة من العالم الخارجي ، أهدت نفسها لعزلة مطلقة و كرست حياتها للكتابة و دراسة الكواكب و الطبيعة ، هذا كان اسلوبها الحازم الذي طبع وجودها في هذا العالم .
إلى جانب الشعر ،ديكنسون كرست وقتها لدراسة الأعشاب و قد قامت بتسمية و فرز ما يقارب ٤٠٠ نوع من الأزهار و الأوراق، الطبيعة بالنسبة لديكنسون كانت توفر لها سكتين ،الأولى: تسمح لها بالدخول إلى أعماق افكارها، و الثانية : أن تكون على اتصال استثنائي مع العالم الخارجي…خلال هذا العالم كانت تبحث عن الحقيقة و تطرح الأسئلة عن الكون ، و تحاول فهم دور الكائن البشري فيه .
حالة تأمل تأثير الوقت على الحياة المعاشة جعلها ترى الغير مرئي للآخرين و تقارب الموت و الحياة من زوايا مختلفة و بتجليات أفضل مما تفعل الكائنات من خلال العقائد و بيوت العبادة و جعلها تلتقي بكل وضوح مع الإرادة الإلهية ، من خلال قراءة قصائد ديكنسون يمكنك أن تكتشف، بالرغم من الوحدة ، هذا الحوار الحميم مع النفس و مع الطبيعة .
في كل شطر من قصائدها، يمكنك رؤية خيط نور ممتد ، بالرغم من وصف بعض النقاد لها بأن كتاباتها مظلمة، و قد نعزو هذا الوصف ، لأن الموت موجود بشدة في تلك القصائد التي تبلغ ١٨٠٠ قصيدة محفوظة . نفهم ذلك من مرحلة متأصلة فيها قاربت من خلالها دورة الحياة، و هناك أيضا شيء آخر يستحق التوقف عنده وهو التناقض بين عمق الفكرة و بساطة اللغة التي كانت تستخدمها ديكنسون و تتلاعب فيها بالكلمات…حتى انها كانت تغير عن عمد معنى تلك الكلمات و قلما استخدمت الترقيم و علامات التحريك ، فكانت بذلك تبتعد عن المألوف و التقليدي في نصوصها الأدبية
المؤكد أن النقاد قد غلفوا صورة ديكنسون بهالة من الألغاز و الحكم المسبق … لكن ذلك يكاد يختفي بنسبة كبيرة عند قراءة نصوصها الموجزة و لغتها المحكية التي كانت تتعمد استخدامها ، كل كلمة كانت تخفي لغزا و كل مجاز استخدمته لالتقاط غير المرئي . كان ذلك موجودا في نصوصها و لكن بنسبة قليلة لا تمنعك من أن تتعرف عليها من خلال نصوصها …