أدب وفنمقالات واقوال مترجمة

نظرية الألوان عبر نيوتن، غوته، و لودويغ ويتهنشتاين…!!!

ترجمة : سمية تكجي

المصدر : cultura inquieta

منذ نبصر النور نتعايش مع الألوان ، في كل يوم من أيامنا، في الأشخاص، الأبنية، ماركات الألبسة، الطبيعة، و حتى ثمة من يؤكد اننا نراها في مشاعر الموسيقى، و لكن السؤال الأهم هو ماذا نعرف عنها و عن مصدرها؟

نحن في حياتنا العادية نعتبر الألوان صفة طبيعية تلازم الأشياء، و طبيعي جدا أن نحكم عليها وأن نراها واقعية لكن امام عبارات و تصريحات لأسمائها الصعبة، نتساءل أحيانا ما معنى هذا الاسم و ما هو مصدره.
في حياتنا العادية قلَّما نسأل ما معنى أن يكون هذا الشيء أخضرَ أو أن يكون من لون آخر و لا حتى نتكبد عناء السؤال ، ما أصل هذا المصطلح. بل نتقبلها كما هي دون الكثير من التأمل.

لا شك أن مادة البحث في الألوان هي مهمة جدا عند التامل في الواقع
شخصيات عظيمة عبر التاريخ تناولت هذه المسألة على سبيل المثال لا حصر : نيوتن، لودويغ ويتهنشتاين ، غوته.

نيوتن


نيوتن تناول المسألة من ناحية الرؤيا العلمية الفيزيائية في سنة 1672 في ورقته حول البصريات . كان الأول الذي اكتشف ات الضوء الذي أطلق عليه مصطلح (espectro – سلم الألوان )و الذي يراه الواحد منا بالعين المجردة ، مؤلف من 7 الوان أساسية .
هذا الاكتشاف حصل بعد عدة تجارب اجراها العالم على قطع زجاج على شكل مثلثات زجاجية صغيرة .

من الجدير الذكر أن هذا الرقم أي ٧ كان بفعل تأثير المعتقدات التي كانت سائدة في تلك الحقبة من الزمن ، و نيوتن الضالع في الكيمياء و التخصصات الباطنية التي لها علاقة بالتنبؤ بالمستقبل ، ربما أحب أن يرسي علاقة بين تلك الألوان السبعة و النوتات الموسيقية السبعة ، و الكواكب السبعة للمنظومة الشمسية التي كانت معروفة في ذاك الزمن ….!!!
و من أجل متابعة تاملاته ، رسم نيوتن بخط يده مخططا دائريا، عرض فيه مجموعة ما تكلم عنه، كانت في المخطط الألوان بالأسماء اللاتينية

و هي باللاتينية على هذا الشكل : rubeus.aureus.flavus.virdis.cœruleus.indicus.violaceus. التي تعود إلى الأحمر.البرتقالي.الأصفر.الأخضر.الأزرق.البنفسجي.
و كذلك يجب التذكير أن روجيه بايكون، كان قد استنتج أن ألوان قوس قزح تتشكل عند مرور شعاع الضوء عبر كأس من الماء ، لكن نيوتن كان له الفضل في إيجاد التفسير العلمي لذلك ، و نظرية نيوتن هي الأكثر ثورية و قد ظلت محل نقاش حتى القرن التاسع عشر .

غوتيه


أما الخطوة التالية في نظرية الألوان كانت بفضل غوتيه و هو المشهور بأنه الكاتب و الشاعر و صاحب الأعمال الأدبية العظيمة ( فاوست ) و (أحزان الفتى فرتر ) .

غوته المتحمسً الكبير لجميع أشكال المعرفة ، ولكن بشكل خاص لمعرفة الطبيعة. بروح امتزجت فيها بتناغم أسمى تطلعات التنوير وشغف الرومانسية ، أجرى غوته بحثًا عن الطبيعة مدفوعًا بفضوله الشخصي .

حول الألوان غوتيه توصل إلى صياغة نظرية متكاملة . بيانها المميز هو الفهم للضوء كاستمرار حيث لا يوجد فصل بين هامش و هامش للون. هذا الإكتشاف يؤكد فكرة نيوتن و تعززها.
نظرية غوته لاقت تأثيرا ملحوظا في العلوم و في الفلسفة و بشكل خاص في مقاربات لودويغ ويتهانشتاين(الذي ادعى إعطاء تحول جذري للنظرية)

لودويغ ويتهنشتاين

.

تقريبا في ثلاث محاور من بحثه المعنون( تأملات حول الألوان ، بحوث فلسفية) تناول ويتهنشتاين تباعا بضعة أسئلة يمكننا وضعها في خانة الأسئلة المذهلة و كما اقترب من اشكالية اللون مأخوذا بالدهشة ، و يبدو أنه الشكل الأفضل لفلسفة الأمور.
ويتهنشتاين اتخذ من السؤال: ماذا يعني معرفة الضوء، كنقطة انطلاق ، و حيث يتضمن هذا السؤال أسئلة إضافية حول المعرفة و اشكالية المنطق و علاقته مع اللغة .
الجملة التالية في كتاب لودويغ يظهر الإهتمام بهذا التحديث و هذه المقاربة :

3-ليتشنبرغ قال : القليل من الناس قد رأى ذات مرة الأبيض النقي . السؤال الذي يطرح نفسه : هل استعمل غالبية الناس الكلمة بطريقة خاطئة؟ و كيف تعلموا الاستعمال الصائب ؟ هو بنى الاستعمال المثالي عن طريق الأستعمال العادي . و هذا لا يعني أنه الاستعمال الأفضل ،بل هو استعمال تم تحديثه بحسب إرشادات جديدة ، و خلال العملية شيء ما تم أخده إلى الحد الأقصى .

و لاحقا و حول نيته من هذه التأملات قال لودويغ ويتهانشتاين: نحن لا نريد إرساء نظرية للألوان، و لا فيزيولوجيا و لا سيكولوجيا ، بل فقط هو منطق مفهوم اللون. و هذا غالبا هو ما يتوقعه الناس من اي نظرية .

يمكن أخذ هذا المقتطف كمثال على مثل هذا النهج: 68/ عند السؤال:ماذا تعني الكلمات احمر ، أزرق، اسود، ابيض، ؟؟؟؟يمكننا طبعا تصور الأشياء التي فيها هذه الألوان، – لكن قدرتنا على تفسير هذه الكلمات لا تذهب الى أبعد من ذلك !!!بالنسبة للآخرين ليس لديهم فكرة على الإطلاق بمعناها ,أو أي فكرة فجة ،أو خاطئة إلى حد ما .

تأملات ويتهنشتاين يمكن فهمها نوعا ما على الجهة المقابلة للنظريات العلمية حول اللون، و تقود إلى أسئلة تتجاوز نهجها، و تذهب بنا إلى مساءلة منطق اللغة التي نستخدمها يوميا، الشكل الذي نسمي به الأشياء و السبب الذي يؤسس لهذه الأسماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى