مقابلات

الشاعرة منى مشّون لمنبرنا : هدفي تغيير واقع المرأة في مجتمعنا …

الشاعرة منى مشّون لمنبرنا :
هدفي تغيير واقع المرأة في مجتمعنا …

حاورها الإعلامي محمد عمرو

الشاعرة منى مشون ،هي ليست بشاعرة تدعي البلاغة الشعرية ولا هي بناسكة زاهدة أو غارفة في ملذات الحياة ، وهي ليست بعاشقة حالمة ولا بمهجورة منبوذة ، وهي أيضا ليست شبقية الرغبة ولا صوفية العفة، فهي ببساطة ابنة الحياة إنسانة لها حلمها ورؤيتها الخاصة وتعتمد على رأيها الحر والثقة بالنفس ..هي شخصية تتصف بالوعي والذكاء الكبيرين، وسعة الاطلاع، والجد والاجتهاد، والمثابرة، ووعيها الإجتماعي الواسع والعميق، وأفكارها القيمة والنيرة، والموضوعية، وثقافتها الواسعة والمتزنة، وأجوبتها الموضوعية والدقيقة .هدفها تغير وتحسين واقع المرأة في مجتمعنا .
تقول : مع التطورِ التكنولوجي لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أصبح للصوت والصورة تأثيرهما على المتلقي ، وفي شيوع القصيدة وشهرة الشاعر ، وتزداد أهمية الإلقاء بالنسبة للشعر العامي والزجل والنبطي ، إذ لا يمكن أن تبرز جمالية هذه الأنواع من الشعر إلّا من خلال شاعر مقتدر يتقِن فن الإلقاء .

منبرنا التقى الشاعرة منى مشون وكان لنا معها هذا الحوار :
س: بداية كيف لنا أن نتعرف على الشّاعرة منى مشّون في سطور ؟
ج : شاعرة لبنانية من بيروت ، حائزة إجازة في العلوم السّياسيّة والإداريّة إضافة إلى سنتين في الدّراسات الإسلاميّة واللّغة العربيّة ، أُمارس مهنة التّعليم منذ العام 1998 لمواد اللّغة العربية والتاريخ والتّربية الوطنيّة ، لي ديوان بعنوان ” الثّورة الأُنثى ” صادر عن مؤسّسة الرّحاب الحديثة للتّوزيع والنّشر عام 2015 .

س: حدّثينا عن بدايتكِ مع الشّعر ، مَنْ شجّعكِ وبمَن تأثّرتِ مِنَ الشّعراء الّذينَ تركوا بصماتِهم في ذاكرتِك ؟
ج : البداية كانت مُنذُ ستّ سنواتٍ تقريباً عندما وَجدْتُ في الورقة والقلم مُتنفّساً في التّعبير عمّا يختلِجُ في داخلي من نقمةٍ على الظّلم الّذي تُعانيه المرأة في مجتمعنا ، فما لم أستطِعْ أن أقوله في الواقع استطعتُ البوحَ به في الشّعر .
قرأْتُ لكثيرٍ منَ الشّعراء إبتداءً من أُمرؤ القيس وعمر بن أبي ربيعة مروراً بأبي النواس والمتنبّي وأحمد شوقي حتّى نزار قبّاني ومحمود درويش ، إلّا أنّني لم أتأثّر بايّ منهم ، ولم ألقَ تشجيعاً من أحدٍ ، كُنْتُ جد مُتكتّمة حول كتاباتي إلى أن كانت المُفاجاة لأهلي واصدقائي ومعارفي بصدور ديواني ” الثّورة الأُنثى ” .

س: إلى أيّ مدرسةٍ شعريّة تنتمين ، ولِمَن تكتُبين ، وهل تشعُرينَ أنّ كِتابةَ الشّعر تُحقّقُ تَطلُّعاتِك ؟
ج : أنتمي إلى مدرسة الشّعر الحديث الّذي لا يلتزم بقواعدِ الشّعر التّقليديّة من أوزان وبحور وقوافي ، إلّا أنّ قصائدي لاتخلو مِنَ الإيقاع والتقفية الدّاخليّة ، فكانت معظم كتاباتي أقرب إلى النّثر والخاطرة منها إلى الشّعر .
أكتُبُ عنّي ، عن المرأة ، عن الرّجل ، عن الإنسان ، وإن كانَ في كتاباتي نوعاً من العنصريّة تُجاهَ الرّجل بأُسلوبٍ استفزازيّ ، إلّا أنّها تهدفُ إلى إلى غايةٍ سامية وهي تغيير وتحسين واقع المرأة في مجتمعنا وهذا جُل ما أطمحُ إليه .

س: مَن الّذي يكونُ ضيفاً على الآخر ، القصيدة أم الشّاعر ؟
ج : ألقصيدة هي وليدةُ اللّحظة أو الحدث أو الحالة الّتي يكونُ فيها الشّاعر ، فتطرُقُ بابَ مُخيّلته وتددخُل دونَ استِئْذانٍ أو موعدٍ سابق ، وهذا ما يُعطي القصيدة مِصداقيّتها عند الجمهور فيتفاعلون معها ، وإلّا فهيَ مُجرّد تقطيع وأوزان على رأي أمير الشّعراء .

س: هل القصيدة نافذة الشّاعر يُطِلُّ مِنها على أشيائِهِ السّرّيّةِ الحميمة ؟
ج : القصيدة هي صورة فوتوغرافية لِما في داخل الشّاعر ، نرى من خلالها شخصيّتَهُ وبيئتَهُ الاجتماعيّة وطريقة عيشه والفترة الزّمنيّة الٌتي يُعاصرُها ، فبقدرِ ما يكونُ الشّاعر مُتحرّراً من القيودِ الاجتماعيّة والعادات والتّقاليد بقدرِ ما تكونُ قصيدتهُ أيضاً مُتحرّرة مِنَ الضوابط والقيود. وبهذا الموضوع عندي مَأْخَذٌ على بعضِ الشُّعراءِ الّذينَ يُبالِغونَ قي الكشفِ عن أشيائهم السّرّيّةِ والحميمةِ بشكلٍ مُفرطٍ ومُباشر بِحُجّةِ التّحرّر ومُواكبة الحداثة في الشّعر ، إلّا أنّ ذلكَ يُفقِدّ القصيدة قيمتها الجماليّة الأدبيّة ، فتُصبِحُ أقرَب إلى الإبتزال منها إلى الإباحيّة .

س: ألشّعر هو الفرصة الوحيدة للكائنِ المُبدعِ لِيُنصِتَ لِعُزلَتِهِ وطُفولتهِ ومَكائدهِ وانتصاراتهِ وخساراتِهِ وأحلامهِ وآلآمهِ ، هل أعطَتكِ القصيدةُ فعلاً هذهِ الفُرصةَ الحقيقيّةَ للتّأمُّل ؟
ج : في ظِلّ ضُغوطاتِ الحياةِ المُعاصِرة وطُغيانِ المادّة على الرّوحِ وانعكاسِ ذلكَ على نفسيّةِ الإنسانِ وتعرُّضهِ لحالاتِ الإكتِئابِ والفشلِ والإحباط ، كانَ الشّعرُ هو خشبةَ الخلاصِ للكثيرِينَ للهُروبِ او الخروج من هذا الواقع ، فكما أثبتتِ الدّراساتُ النّفسيّة أنّ المُوسيقى تُشكّلُ جُزءًا من علاج بعض أمراض العصر النّفسيّة ، كذلك الشعر هو حالة تأمّل وصفاء وتعبير راقٍ عمّا بداخل الإنسان ، وعندما اتحدّثُ عن الإنسان بشكلٍ عام فأنا جُزءٌ من هذا العام .

س: عمليّة اختيار عناوين الدّواوين والقصائد صعبة ، وأحياناً كثيرة تُؤرقُ الشّاعر ، كيفَ تختارينَ عناوينَ قصائدك ؟
ج : بالنّسبةِ لي لم أجدْ صُعوبةً في اختيار عناوين لقصائدي ، لِأنَّ كُلّ قصيدة تحملُ عنوانها بداخلها من خلال الفكرة الرّئيسة الّتي تتمحور حولها القصيدة وما تبقّى يكونُ تفصيلًا .
أمّا اختيار عُنوان الدّيوان ، فيجب أن يتضمّنَ رسالةً مُعيّنةً يُريدُ الشّاعرُ إيصالها للقُرّاء ، وهو ما أردْتُهُ عندما اخترْتُ لديواني عنوان ” الثّورة الأُنثى ” أي تحريض المرأة على الثّورة والعصيان والتّمرّد على الظُّلم والإجحاف الّذي تتعرّض لهُ في المجتمع .

س: داخِلَ كُلّ شاعرٍ طفلٌ ما ، يُنصت لسكناته وحركاته ، هل طفلكِ السّاكن في أعماقكِ مُشاغب أم مُدلّل ؟
ج : في داخلي طفلة ٌ عاشتْ سنوات الحرب الأهليّةِ بينَ الرُّكامِ والمَلاجِئ وأصواتِ الرّصاصِ والقذائف . كَبُرْتُ أنا ، أمّا هيَ فلا تزالُ طِفلةً ترغبُ أنْ تُشاغِبَ يومًا بِفرحٍ وتَحلُمُ بالرّكضِ والمُغامرة ، والتّعثُّرِ والتّبعثُرِ والقهقهة .

س: من خلالِ مُتابعتكِ لِمُعظمِ النّشاطاتِ الثّقافيّة وتحديداً للأُمسياتِ الشّعريّة ، برأيكِ هل هذهِ الأُمسيات تُبشّرُ بولادةِ شُعراء جُدُد ؟
ج : الأُمسياتُ الشّعريّةِ لا تخلُقُ شاعراً إنّما هي المِنبر الّذي بمقدور الشّاعر أن يُطِلَّ منه على الجُمهور فَيُعرَف ، فإذا كانَ جيّداً يستطيع أن يُتابعَ مسيرتَهُ الشعريّة ويُطوّرها .

س: بعضُ الشُّعراءِ يكتبون قصيدةً جيّدة ، ولكن عِندَ إلقاء قصيدتهم تموت ، ماذا تقولينَ في هذا الصّدد ؟
ج : ألقصيدة الجيّدة لا تموت ، تبقى حيّة على مرّ العُصور ، فكُلّ الشّعر الجاهلي والأموي والعبّاسي وغيره هذا الإرث الأدبي العربيّ القيّم وصلَنا من خلالِ المَخطوطاتِ والكُتُب .
ولكن مع التّطوّرِ التّكنولوجي لوسائل الإعلام والتّواصُل الاجتماعيّ أصبحَ للصّوتِ والصّورة تأثيرهما على المُتلقّي ، وفي شيوع القصيدة وشُهرة الشّاعر ، وتزدادُ أهمّيّةِ الإلقاء بالنّسبةِ للشّعر العامّيّ والزّجل والنّبطيّ ، إذ لا يُمكن أن تبرُزَ جماليّة هذه الأنواع من الشّعر إلّا من خلال شاعرٍ مُقتدرٍ يُتقِنُ فنّ الإلقاء .

س: هل أنتِ راضية على الواقع الثّقافيّ في لُبنان ؟
ج : لا يزالُ لُبنان مُلتقى الحضارات والتّنوّع الثّقافيّ ، والحركة الثّقافيّة فيه ناشطةٌ جدّاً بين الجمعيّات والمؤسّسات والمّنتديات الأدبيّة الّتي فاق عددُها المئات ولا تزال في ازدياد ، ما خلقَ جوّاً من المثنافسةش الايجابيّة فيما بينها لتقديم الأفضل ، كُلُّ ذلكَ بمُبادراتٍ فرديّةٍ وإمكانيّاتٍ محدودةٍ ، في ظلّ غيابٍ تامّ لوزارة الثّقافة .

س: ما هيَ مشاريعكِ المُستقبليّة ، بعدَ ديوانكِ الأوّل ” الثّورةُ الأُنثى ” ؟
ج : حاليّاً أكتفي بِمُتابعةِ الحركة الثّقافيّة عن كَثب ، والمُشاركة في بعض النّشاطات ولي بعضُ الكتابات الّتي لم ترقَ بعد إلى درجة إصدار ديوان ثانٍ ، بسبب ضُغوطات العمل وكثرة الإلتزامات العائليّة والإجتماعية ّ .

س: ماذا يعني لكِ الرّجُل ، الحُبّ ، الزّواج والأُسرة ؟
ج :ألحُبُّ بالنّسبةِ لي هو الإيمان ، فأن تُحِبَّ إنساناً مَعناهُ أن تُؤمنَ بهِ وبكلّ ما عندهُ من قُدُراتِ وصِفاتٍ وأفكار ، تمامًا كالإيمان باللّه ( مع فارق المُشبّه والمُشبّه به ) . وكما أنّ الإيمان لا يتحقّقُ إلاّ بالجانبين الفكري والعاطفي ، كذلكَ الحُبّ النّاجح يجبُ أن يرتكزَ على العقلِ والقلبِ معاً .
ألرّجل نصف إنسان لا تكتملُ إنسانيّتهُ إلّا برابطِ الحبّ المُكتمل بالزّواج مع نصفه الآخر المرأة ، عندها يُحقّقانِ أجملَ وأرقى أنواع الإستقرار وهو الأسرة .

س: ما هيَ كلمتكِ الاخيرة لِمنبرنا؟
ج : حواس مِنبرٌ راقٍ يُطِلُّ من خلاله الكثيرُ من المُثقّفين من شُعراء وأُدباء وكُتّاب وإعلاميّين ، ويثبِتُ يوماً بعدَ يومٍ أهمّيّتهُ وفاعليّتهُ في النّشاط الّثّقافي في لبنان سواء في العالم الإفتراضي أو في الواقع . تمنّياتي لكم بدوام الاستمرارية والنّجاح ، وشكرًامن القلب أستاذ محمد علي رضا عمرو على هذا الحوار المُمتع والجميل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى