حبر أبيض يحتفي بالكتاب و الشعر و الموسيقى

كتب الشاعر مردوك الشامي
حبر أبيض يحتفي بموزاييك للدراسات والنشر
إباء الخطيب وحسن الراعي ومحمد فرحات قدموا الكتاب والقصيدة المتوهجة
وصوفي زين وعلي عبدو دوزنا السماء وفرفور وسبيتي أشعلتا منصات الغضب
كلما ازدادت رقعة السواد، يتمدّد “حبر أبيض” واحة سطوع وشفافية، وكلما ضاقت مساحة الأمل، يحفر ملتقانا بإرادة أعضائه، ورؤيتهم الشاسعة بوابات ونوافذ تسمح للضوء بالمرور ، وتفتح للفراشات والقصائد والمشاريع الثقافية النبيلة أن تجتمع تحت خيمة الاخضرار.
لقاء في منتهى البياض ، جمع ملتقى حبر أبيض بموزاييك للدراسات والنشر، احتفاء بافتتاح موزاييك الناشطة عربيا في مجال النشر والكتاب ، بافتتاح فرع لها في لبنان رغم أنف الصعوبات والأوضاع السيئة التي يمر فيها لبنان والعالم عموما..
وبمجرد أن يكون الهدف رفع الكتاب راية توحيد وكشف في زمن الرايات الملونة والمباعة والمنكسرة، فهذا انتصار لكل القابضين على حبرهم في زمن التيه العظيم.
الرائعة حنان فرفور ابتدأت الحفل بكلمة البياض جاء فيها:
عنادا لأجل الحياة.
ورقصا لأجل الغابات المطيرة في خاطر الناي
ووقوفا بوجه الغربان التي لا تأكل إلا الشفاه المكتنزة بالشعر والتوت والياسمين الأبيض
ولكي:
تأوي إلينا يمامات الشمس وتبيض على شرفاتنا فراخُ أبولو رغم عن أنف الظلام والعهر والفساد والكراهية والحدود والأشواك والقهر والموت المفتعل..ولأننا بكل بساطة نرفض أن نموت بصمت..وأن نركع بصمت أن نشرب البحر بصمت.. ثم نغض بالسادة الأموات
نحن هنا رغم أنف الطرقات المقطوعة والبنزين والليرة و والكهرباء وكلاب الكراسي وعبدة المناصب وسارقي الأوطان
وآكلي أكباد البلابل وأعراف الديكة ..كي لا يجيء الصباحات
نحن هنا لأننا بحبر أبيض لا نؤمن إلا بأجنحة الكتاب مسربا ومسارا للخروج من مستنقعات الوحل والطين ولأننا مثل موزاييك تماما نحمل البلاد التي أنكرتنا في أجفاننا ونحبل باخضرارها قصيدة قصيدة..وقصة قصة..ونلدها حرة مستقلة مضيية حنونا تتسع لاختلافنا وجنوننا وموسيقانا وعربات أحلامنا الفضية..نلدها بين الشطر والشطر وبين مفتتح رواية ونوتة عود..
فالسلام على جراحنا التي ثقفها الملح صليبا ومعراجا للبياض والسلام على اليأس الجنين الذي سوف نجهضه خديجا مشوها ليكتمل فينا شباب الغد المأهول بالوعد والحلم النبيل..
فأهلا وسهلا بكم أصدقاء الحرف والحلم والطريق
لعل حبرنا الأبيض يوسع الجدار قليلا لموزاييك الحرف والجمال…
الراقية جدا صوفي زين ، على أوتار قانونها اختطت للقاء دروبا عرجت بنا للسماوات العالية، وشاركها بكل ابداع ورهافة على التشيلو الجميل علي عبدو.
ثم كانت الكلمة للشاعرة الكثيرة الاختلاف لوركا سبيتي ومنها:
في يدي يا رفاق اقلام كثيرة.. والآن اكتب بقلم الغضب!!
تقولون لما الغضب يا لوركا؟ اينقصنا؟
اقول:نعم نعم ينقصنا غضب كثير..وهل صرخنا حتى بح الحق..وهل صرخنا حتى تكسر الصمت..وهل صرخنا حتى اهتز عرش الطاغوت الأول…فليرسل ملائكته المفترضين لتعلو بنا الى حيث الوحل أخف واللعبة اقل قساوة…فليرسل شياطينه المفترضين لتوسوس في صدورنا لتحرضنا على اللهو وتلهو بنا..فليرسل رجال الحق ذوي الغيبات الكبرى..اليس هذا هو الوقت المناسب لتحكم السيوف…فليرسل انبياءا جددا بمعجزات بسيطة…كأن مثلا نرى حكامنا يتنزهون بين الناس ويسمعون من السنتهم ما يقال عنهم..كأن مثلا حين يسمعون ما يقال عنهم يخجلون ويتأثرون ويعترفون بما اقترفوا ويعتذرون ويتنحون…هذه معجزة تحتاج نبيا في بلادنا..
نحن ايتام يا الله..ماتت اوطاننا امام اعيننا فتشظينا من قسوة المشهد …كانت احلامنا صغيرة جدا وبسيطة جدا…وطن صغير بحجم بيت صغير ترسمه طفلة على ورقة بيضاء وتحرص على رسم شمس ضاحكة فوقه وغيمتين شفافتين وعصافير… سنقبله بلا سقف ولا سور ولا ضوء مدلى و بلا ابواب ولا جدران فليكن على شكل حضن او على شكل عناق ..فليكن ممرا تعبره اقواس قزح تصدح فيه الموسيقا وتنبعث منه رائحة الخطوات…ارض حرة وشعب حر وانهار خمر ولبن..
هل غضبنا…لا لم نغضب..ما زال صوتنا رقيقا ووشوشاتنا تخفت كلما دق باب الأمل..ما زلنا نتغنى بالجمال ونؤمن بالمعنى وبجدواه ونركض وراءه لنصطاده..ما زلنا نحفر ابار انفسنا بود وايمان..نغوص فيها كدرويش زهد بالدنيا فوجدها في دواخله.. نحن هدمنا المعتقدات وتجاوزنا التقاليد واوجدنا لنا عادات خفيفات.. حررنا الافكار المؤطرة والأحاسيس المعلبة والخيال المقدد واخذنا نعيد هدم ما بنوه فينا..لم نرمم ما بقي ظنا منا اننا سنبني قلاعا من مشاعر …اصرينا على حفظ أغاني الوطن والحب والحرية….غضبنا ..لا لم نغضب بل ما زلنا نكتب القصائد الحثيثة عن حديقة وحيدة تجاوزت الأربعين فباعت ورودها والكتب المنسية على مقاعدها وباعت مقاعدها وهاجرت الى بلاد الحدائق.
تركنا اوطاننا تطردنا بعد ان باعت منازلنا للغرباء.. تركناها لهم وعشنا معنا غرباء ركنا الى الخيال ..وضعنا فيه اثاثا وفتافيت خبز وماء …وخلينا الحبال على جنب …بجانبها كرسي سنحتاجه حين يأخذ الوطن شكل المشنقة!!
مدير مكتبة موزاييك في لبنان الأستاذ وائل عيسى أطل ممثلا موزاييك، معرفا بتجربتها وأهمية أن يكون الكتاب حاضرا رغم كل الصعوبات.
الأمسية احتفى حضورها المميز جدا بشعراء ثلاث :من لبنان محمد فرحات الذي قرأ جديده الجميل ووقع مجموعته الصادرة عن موزاييك ” قدم بين حافتين” ، وإباء الخطيب المشرقة دائما بالعطر والوداعة والبلاغة الفريدة قرأت ووقعت للحضور مجموعتها الصادرة أيضا عن موزاييك ” كما لم تحب أنثى” ، والشاعر الجميل العذب حسن الراعي قرأ الوجع والأعالي وقدم قصائد من صراخ وهمس ..
أمسية احتفالية ، جمعها الكتاب والمكتبة والحبر، ورفعها عاليا الشغف بالهتاف المدوي في أزمنة مختنقة بالصمت..
بعد انقضاء الوقت المخصص لها، قرأ العديد من الأصدقاء الحضور قصائدهم على منبر البياض: خليل عاصي، علي الدهيني ،كميل حمادة، نعمت أحمد،فاروق شويخ ، محمد الرفاعي، علي أبي رعد، مارون الماحولي، وسام كمال الدين، باسلة زعيتر، زنوبيا ضاهر وأسيل سقلاوي التي احتفل الحضور بيوم مولدها وتشاركوا معها الفرح والنشيد.