القضاء والمحاماةجناحي العدالة

_______________
بقلم المحامي عمر زين*
نرى انه لا بد وإن زالت الغمامة في العلاقة بين المحاماة والقضاء ان نتطرق ايجاباً وذلك في العودة دائماً الى ما كرسته النصوص والاعراف والتقاليد لمهنة المحاماة والسلطة القضائية والتي تتلخص في مبدأين اثنين: الاحترام والود المتبادل بين جناحي العدالة.
وهذا ما اكدته قوانين تنظيم مهنة المحاماة ايضاً في الدول العربية بإعتبار ان المحامي هو جزء من اسرة القضاء، ولنقيب المحامين دور رئيسي بارز في اي شكاوى ادارية او قضائية ضد قاضٍ، ففي المغرب على المحامي استشارة النقيب، وفي الاردن عليه اخذ إذن خطي من النقيب، وفي مصر على المحامي الذي يرى ان الهيئة التي تنظر في احد القضايا التي هو وكيل فيها قد مست كرامته او كرامة المحاماة، ان يبادر قبل الالتجاء الى اي سلطة اخرى برفع الامر الى النقيب او رئيس النقابة الفرعية التي يعمل في دائرتها او من يقوم مقامها.
اما لجهة اللوائح والمذكرات والمرافعات التي يقوم بها المحامي امام القضاء والمرتكزة على الاستعانة بالنصوص القانونية والاجتهادات القضائية والفقه والاشارة الى تطبيقها او عدم تطبيقها في قضية ما فإنها ولا شك تبين ثقافة قانونية متبادلة بين القاضي والمحامي تساعد وتؤثر تأثيراً مباشراً ايجابياً في دقة الاحكام والقرارات وحسن سير العدالة.
ومن هنا يأتي توفير المراجع القانونية وقواعد المعلوماتية القانونية للمحامي وللقاضي بأسهل السبل واوفرها حيث اصبح امراً ضرورياً وملحاً خاصة للقضاة مما يقتضي معه توفر المكتبات القانونية في كل الاقضية والمحافظات، حيث من شأن ذلك ان يساعد على وجود القضاة معظم ايام الاسبوع حيث ينحصر الان في حضور جلسات المحاكمة التي في اغلب الاحيان لا يتجاوز يوماً واحداً والتي يقتضي ان لا تقتصر على ذلك بل ان تحقيق العدالة يفترض الانجاز السريع في البت بالقضايا دون التسرع، ويفترض الدقة في انعقادها والالتزام في وضع جدول الدعاوى والتقيد بأصول المحاكمات المدنية والجزائية، وكل ذلك يساعد في اقامة علاقة طيبة لجناحي العدالة وتطوير القوانين على ضوء التعامل اليومي بينهما (نقابة المحامين ومجلس القضاء الاعلى) والذي يقتضي منهما رصد التطبيق لتحديد الثغرات لسدها، والمعوقات لإزالتها، والنواقص لاستكمالها.
وان السلطة القضائية اصبحت اليوم بحاجة ملحة لزيادة عديد قضاتها لاسباب عديدة اهمها الزيادة السكانية، وعدد اللاجئين الذي تعدى المليون، كما هي بحاجة للتخصصات بعد ان دخل العالم المجال الالكتروني.
وكل ذلك يتطلب ايضاً ان تكون قصور العدل جميعها عبارة عن اماكن كاملة التجهيز صالحة لممارسة العمل وليست بأماكن غير لائقة لا يمكن معها الممارسة الصحيحة والفاعلة والمنتجة خاصة للجهة الانشائية، والتجهيزات المتعلقة في الكهرباء والمياه والمصاعد والمستلزمات المكتبية وسوى ذلك.
أليس معيباً ان نرى هرة وأفعى وسوى ذلك في قاعات المحاكمات، ونرى الملفات المنجزة مكدسة في مستودعات بدون تنظيم وبشكل فوضوي حيث لا يمكن الوصول الى اي ملف، والتي يقتضي حفظ الملفات الكترونياً وبأعلى درجات التقنية، وبذلك نوفر مساحات كبيرة معطلة يمكن استعمالها في امور عديدة، هذا وان الملفات في السجلات التجارية التي يجب دائماً الرجوع اليها غير محفوظة بشكل حضاري بل انها في الممرات عشوائياً معرضة دائماً للفقدان بحيث تضيع معها حقوق الناس.
علماً ان الاحصائيات تؤكد من ان ما ينتج من الرسوم القضائية والغرامات وسواها يفيض عما هو متوجب دفعه من اجور ومصاريف للعمل القضائي، فلا يجوز ان تكون موازنة وزارة العدل أقل من (1٪) من الموازنة العامة، ويعتبر هذا عرقلة فاضحة لحسن سير العدالة.
سنتابع في هذا المجال شؤون وشجون العمل القضائي بشكل دائم لتصحيح المسيرة توفيراً للعدالة.
ونقول هنا ان القضاة والمحامين يؤلفون عائلة واحدة وهذا أمر صحيح، ولكن اذا كان احد الجناحين مهيضاً كيف يتهيأ للطائر ان يطير؟؟ واذا نشأ سؤ التفاهم في العائلة الواحدة كيف يستقيم العيش العائلي الهانيء، فإلى تنسيق كامل في كل ما يتعلق بسير العدالة بين القضاة والمحامين.
*الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب