حقيقةُ مالِ الدَّولةِ وجوهرُ المَسؤولِيَّةِ الحُكومِيَّةِ تجاهَهُ
حقيقةُ مالِ الدَّولةِ وجوهرُ المَسؤولِيَّةِ الحُكومِيَّةِ تجاهَهُ
الدكتور وجيه فانوس
(رئيس ندوة العمل الوطني)
سَبَقَ أَنْ تَوَجَّهتُ بِكِتابٍ مَفتُوحٍ، إلى الرَّئيسِ نجيب ميقاتي، غَداةَ تَوَلِّيهِ مَهام الحكومةِ اللُّبنانيَّةِ الرَّاهنةِ، تفضَّلَتْ بِنَشْرِهِ ، ورقيًّا، جَريدةُ “اللِّواء” الغرّاء، في 12 أَيْلول (سبتمبر) 2021، وتابَعَها فيهِ، في حينِهِ، عديدٌ مِن المَواقِعِ الإلكترونيَّةِ، على رأسها “الحوار أونلاين” و”حصاد الحبر” و”ألف لام”؛ وموضوعُ هذا الكتاب، ما أشارَ إِليهِ الرَّئيسُ ميقاتي، وَقْتَذاكَ، مِن رِحابِ القَصرِ الجُمهوريِّ في بْعَبْدا، إلى ضرورةِ أنْ يَتَّبعَ اللُّبنانيُّون سياسةَ ما أسماهُ “شدَّ الحِزامِ”، في مَعايِشِهِم. ولقد ذَكَرتُ، في كِتابي هذا، “إنَّ أيَّ شدٍّ مُقبلٍ للحزام، لن يكون شَدَّاً على وسطِ الجِسمِ، للتَّقليلِ مِن المصروفِ، بلْ سيكونُ شَدًّا لِهذا الحِزامِ على أعناقِ النَّاسِ؛ وهذا لَنْ يَعني إلَّا المَوْتَ الزُّؤام لِهذا الشَّعب”. ورَغمَ مرورِ خمسةِ أشْهُرٍ على ما سبق قَوْلُه، فإنَّ ثمَّةَ مُتابَعَةً لِهذا النَّسَقِ تَظْهَرُ في التَّصريحِ الأخيرِ لرئيسِ الوزراءِ، السَّيِّد نجيب ميقاتي، الذي أَطلَقَهُ مِن القَصْرِ الجُمهوريِّ في بعبدا، يوم الخميس المنصرم، في ١٠ شباط ٢٠٢٢؛ مُبْلِغًا فيهِ المواطنينَ، وبالحَرفِ الواحِد، أنّه “لَمْ يَعُد بإمكانِنا أنْ نُقَدِّمَ كَهرَباء مِن دونِ مُقابِلٍ وَمِياهَ مِنْ دُونِ مُقابِلٍ واتِّصالاتٍ مِن دُونِ مُقابِلٍ، لأنَّه لا تُوجَد أَموالٌ في الدَّولةِ”؛ وهذا ما يشيرُ إلى أنَّ الرَّئيس ميقاتي لم يكتفِ، هذه المرَّة بمَبدَئِيَّةِ شدِّ الحِزام، يطالب بِها اللُّبنانيين، بل إنَّهُ صارَ إلى حالِ تأكيدِ زيادةِ الأعباءِ المالِيَّةِ عليْهِم برفعِ الرُّسومِ والضَّرائبِ، إن لم يكن باستِحداثِ مزيدٍ مِنها.
يؤكِّدُ المنطقُ الذي يستندُ إليهِ الرَّئيس ميقاتي، في تَصرِيحَيْهِ هَذَيْنِ، مفهوم “المُواطِنِ العِبْءِ” على مالِ الدَّولةِ في لبنانَ، أكثرَ بِكَثيرٍ مِن تَثْبِيتِهِ مَفهومَ “المُواطِنِ صاحِبِ الحقِّ” في المالِ العامِّ. ومِن المُسَلَّمِ بهِ، ووفاقًا للنِّظامِ العامِّ في لُبنان، أنَّ الدَّولةَ اللُّبنانيَّة، لا تَمْلِكُ المالَ العامَّ ولا الثَّروةَ الوَطَنِيَّةَ للبلدِ؛ بِقَدرِ ما أَنَّها مُؤْتَمَنَةٌ، عَبْرَ تَنْظِيماتِها ومُؤسَّساتِها ومسؤُولِيَّةِ العامِلينَ فيها، على حُسْنِ إِدارَةِ هذا المالِ العامّ وتلك الثَّروةِ الوطنيَّةِ. وبناءً على هذا المنطقِ، فلطالما اعتُبِرَ “هدرُ المالِ العامِّ”، في الأنظمة الحكوميَّةِ قاطبةً، أحدَ أخطرَ أنواعِ الفسادِ انتشاراُ؛ الأمرُ الذي جعلَ دولَ العالمِ أجمعَ تُضاعِفُ مِن جُهودِها لِحمَايَتِهِ، وتُوَسِّع من آفاقِ رؤاها لِتَثميرِهِ وتنميتهِ وتعزيزِ طاقاتِهِ؛ بإعتبار أنَّ تأمينَ تلك الحمايةَ وما يتبعها مِن تَثْمِيرٍ وتَنْمِيَةٍ وتَعزِيزٍ، إنَّما يَنْهَضُ واجبًا وطنيًّا بامتيازٍ، ومَظْهَرًا صحِّيًّا مِن مَظاهرِ الانتماءِ العَمَلِيِّ إلى مجالاتِ خِدمَةِ الوَطَنِ. وممَّا لا جدالَ فيهِ أنَّ آثارَ أيِّ تّعّدٍّ على المالِ العامِّ، لا تقتصرُ، تالِيًا، على خَسارةِ الدَّولةِ لِجُزْءٍ ممَّا هِيَ مُؤتَمَنَةٌ عليهِ مِن مسؤوليَّةٍ وطنِيَّةٍ كبرى؛ بَلْ إنَّهُ تَعَدٍّ فاجرٍ، يَطالُ المُجتمعَ الوَطَنِيِّ بِكُلِيَّتِهِ. واقعُ الأمرِ، إنَّ المُجتمَعَ الوَطَنِيَّ، لأيِّ بَلَدٍ دِيمُقراطِيٍّ، يَفقدُ، بِهَذِهِ الخَسارَةِ لِمالِهِ العام، القُدرَةَ على الحُكْمِ واتِّخاذِ القَراراتِ؛ وفي هذا، بِرُمَّتِهِ، ما يُسَلّطُ الضَّوءَ على ضَرورةِ عَدَمِ المُهادَنَةِ أوالتَّهاونِ في أَقلِّ مُخالَفَةٍ ذاتُ طابَعٍ ماليٍّ، أو سُلوكٍ يَتَضَمَّنُ هَدرًا لِثَرْوَةٍ وَطَنِيَّةٍ أَو اعتداءٍ عليها؛ أيًّا كانَ الفاعِلُ وأيًّا كانَ مَوْقِعُهُ الرَّسميُّ او الخاص.
كَشَفَت فُصولٌ عَديدةٌ مِن ممارساتٍ مختلفةٍ، وفي دُوَلٍ متعدِّدَةٍ، تحمُلُ في طيَّاتها هدرًا للمالِ العام، عَبْرَ أساليبَ متنوِّعة، ما جعلَ حِمايةَ هذا المالِ لا تَقتَصِرُ على مُجرَّدِ وَضْعِ الضَّوابِطِ لِمَنْعِ اختلاسِ الكُتلةِ النَّقديَّةِ، التي يتصرّفُ بِها السِّياسيُّونَ أو الإداريّونَ، ولا بمواجهةِ استِغلالِ سُلْطَةِ المَنْصِبِ لِلحُصولِ على مَكاسِبَ مِن المُواطنين؛ بَلْ إنَّ هذهِ الحمايةَ تَمْتَدُّ إلى الأملاكِ العامَّةِ، سواءً كانت هواءً أو ماءً، أو أرضًا أو بحرًا؛ فما هذهِ جمِيعُها إلاَّ مِن مُكَوِّنات الثَّروةِ الوَطَنِيَّةِ التي لا تكونُ، بحُكْمِ النِّظامِ العامِّ ومفاهِيمِهِ وقوانينِهِ إلاَّ مِلْكًا خالِصًا للشَّعبِ وحدِهِ، وحقًّا ثابِتًا وأَساسًا مِن الحُقوقِ الوَطَنِيَّةِ المُشْتَرَكَةِ بَيْنَ جَميعِ أَبناءِ هذا الشَّعبِ.
يُشيرُ واقعُ الحالِ القانونّيِّ، في نِظام الدَّولةِ في لبنان، إلى أنَّ حِمايَةَ المالِ العامِّ لا تَكْتَمِلُ إلّا إذا رافَقَتها إجراءاتٌ تَمْنَعُ هَدرَ الأَموالِ النّقديّةِ، التي تَتَحَصّلُ مِن الأَملاكِ العامَّةِ ومَرَافِقِها؛ إذْ الفسادُ لا يأخذُ، في هذا المجالِ، مجرَّدَ صورةَ اختلاسٍ ما لِلمالِ العامِّ، بَلْ قد يَتَمثَّلُ بِالهَدرِ الفاضِحِ لَهُ. وإنَّ في مفاهيمِ الوعيِ الدِّمقراطيِّ، المبنيُّ على نُصوصِ الدُّستور اللُّبنانيِّ، التي تؤكِّدُ، وبِالحَرفِ الواحِدِ، أنَّ “لُبنانَ جمهوريَّةٌ ديمقراطيَّةٌ بَرلمانيَّةُ”، (مُقدِّمة الدُّستور، فقرة ج)، “الشَّعبُ فيها هوَ مَصدَرُ السُّلُطاتِ وصاحبُ السِّيادةِ يُمارِسُها عَبْرَ المُؤسَّساتِ الدُّستورِيَّةِ” (مُقَدِّمةُ الدُّستور، فقرة د)، ما يَستدعي أَخذَ تدابيرَ تُوقِفُ هَذا الهّدر؛ وهي تدابيرٌ، في جَوْهَرِها، فاعِلِيَّةَ تكاملٍ بَيْنَ السُّلطتينِ التَّشريعيَّةِ والإجرائيَّةِ، مِن دُونِ ما تَفَرُّدٍ لأيٍّ مِنهما. وَثَمَّةَ ما يُوضِحُ هذا الأمرَ في منطقوقِ القرارِ رقم 2\2002، الصَّادرِ عن “المجلِس الدُّستوريِّ” في لبنان، بتاريخ 3/7/2002؛ وقد وَرَدَ فيه، “إنَّ تحديدَ المَبادِئِ والقواعدِ الأساسيَّةِ لِمَنْحِ امتيازٍ أو التِزامٍ لِاستِغلالِ مِرفَقٍ عامٍّ مُعيَّنٍ، يَتَعَلَّقُ بِمَوْرِدٍ مِن مَواردِ ثَروةِ البِلادِ الطَّبيعيَّةِ ومَصلَحَةٍ ذاتِ مَنفعَةٍ عامَّةٍ، هُوَ مِن اختِصاصِ السُّلطَةِ المُشْتَرِعَةِ؛ وإنَّ تَحديدَ الاجراءاتِ اللَّازِمَةِ لِتَطبِيقِ هَذِهِ المبادئِ والقَواعِدِ، انْفاذًا لِلْمَنْحِ (Mise en oeuvre) هِيَ مِن اختِصاصِ السُّلطَةِ الاجرائِيَّةِ”.
”المالُ العامُّ”، إذن، جرءٌ لا يتجزَّأ من “الثَّروة الوطنيَّة”؛ ويخضعُ لقوانين وأنظمةٍ تتشاركُ في إقرارها، كما في تنفيذها، السُّلطتان التَّشريعيَّةِ والتَّنفيذيَّة، ضمن تناغم دستوريٍّ واضحٍ بينهما، وبِتَحَمُّلٍ جليٍّ لمسؤوليَّةِ كلِّ واحدةٍ من هاتينِ السُّلطَتينِ في هذا المجالِ؛ فـ”المالُ العامُّ”، ضمن هذا السِّياقِ، مسؤوليَّة وطنِيَّةٌ كبرى، بجميعِ أبعادِها السِّياسيِيَّة والإدارِيَّة؛ وهوَ مسؤولِيَّةٌ لا يُمْكِنُ إلاَّ أنْ تكونَ خاضعةً لِرقابَةٍ هيئات مختّصَّة ضمن بنية الدَّولة، ليس أقّلّها “ديوان المُحاسبةِ”؛ الذي ينهضُ بصفةِ محكمةٍ إدارِيَّةٍ تَتَولَّى القضاءَ الماليَّ، مهمَّتها السَّهر على الأموالِ العُمومِيَّةِ والأموالِ المُودَعَةِ في الخَزينَةِ، وذلكَ بمراقَبَةِ استخدامِ هذهِ الأموال ومَدى انطِباقِهِ على القَوانينِ والأنظِمَةِ المَرعِيَّةِ الاجراءِ؛ وكذلك، بِمُحاكَمَةِ المَسؤولِينَ عَن مُخالَفَةِ القَوانِينِ والأنظِمَةِ المُتَعَلِّقَةِ بِها.
انْطِلاقًا مِن هذين الوَعيَّين الدُّستوريِّ والقانونيِّ، نَظَرِيًّا وتَطبِيقيًّا، لمفهومِ “المالِ العامِ”، ولِكَيْفِيَّاتِ التَّعاملِ مَعَهُ، لا يُمْكِنُ القَبُولُ ضمنَ أيِّ مَنطِقٍ سِياسِيٍّ أو إدارِيٍّ، كانا، يَنْعِيانِ نَفاذَ “المالِ العامِّ” مِن خزينةِ الدَّولةِ؛ ومطالبَةِ المواطنينَ، على هذا الأساسِ، تَحَمُّلَ كِلفَةَ سَدادِ مُتَوجِّباتِ هذا النَّفاذِ، مِن دونِ أيِّ تَحديدٍ لِمَسؤُوليَّةِ حُصولِ هذا النَّفاذ. إنَّ من أولويَّاتِ واجباتِ الحكومةِ، أن تضعَ أَمرَ هذا النَّفاذ للمالِ العامِّ، تحت مِجهَرِ الهَيئاتِ الرَّقابيَّةِ المُختَصَّةِ في الدَّولةِ؛ سعيًا إلى كشفٍ موضوعيٍّ لحقيقة الواقعِ، وتأمينًا لِتَحديدِ المسؤوليَّات الإدارِيَّةِ والسِّياسيَّةِ وطبعًا الوطنِيَّة في هذا المجالِ؛ ومن ثمَّ السَّعيَ، ضمن رؤيةٍ سياسيَّةٍ وطنِيَّةٍ واضحةٍ، إلى سدِّ ثغراتِ ما يجري التَّأكُّد من نَقصِهِ أو نَفاذِهِ مِنْ “المالِ العام”.
سبق أنْ أَوضَحَ الرَّئيسُ ميقاتي، عِندَ تَكلِيفِهِ تَشْكيلَ حُكومَتِهِ الرَّاهِنَةِ في 26 تَمُّوز (يوليو) 2021، أنَّهُ “يُريد ثِقَةَ الشَّعبَ، ثِقَةَ كلَّ رجلٍ وسيِّدةٍ، كلَّ شابٍّ وشابَّةٍ”؛ كما قال، كذلك، “لَيْسَ لَدَيَّ عصًا سحريَّةً، ولا أستَطِيعُ فِعلَ العَجائِبِ”؛ وفي هذا التَّوضيحِ، يُطلِقُهُ رئيس الوزراء المُكَلَّفِ، ما يُبَيِّنُ بجلاءٍ كُلِيٍّ أنّهُ سيعتمدُ في حكومتِهِ سياسةً بعيدةً عن “السِّحرِ” وشَعوَذاتِ تَعابِيرِهِ والملامِح الانفعالِيَّةِ والتَّوهيميَّةِ لِمَنْطِقِهِ؛ كما أنَّهُ سيعمد إلى المنطِقِ العقلِيِّ، وليس العجائِبِيِّ، في تحليلِ الأوضاعِ وتصريفِ أمورِها.
ولعلّ الشّأنَ الأساسَ يكمُنُ، ههُنا، في الالتفات الجِدِيِّ والمسؤولِ لِتساؤلِ المواطنينَ، وخاصَّةً ناسُ الفئتين المتوسِّطة والفقيرةِ، على حدِّ سواء، إنْ كانتِ الحكومّةُ الرَّاهنةُ قد تحسَّسَت، بصورةٍ عملِيَّةٍ فاعِلَةٍ، الواقِعَ المعيشيَّ للمُواطِنِ، مع ما يَلُمُّ بهذا الواقِعِ مِن تآكلٍ في المداخيلِ وارتفاعٍ غيرِ مسبوقٍ في قيمةِ أكلافِ المعيشةِ؟ وهل يعلمُ، ناسُ هذهِ الحكومةِ، حقًّا، أنّ ٧٨٪ مِن الأطفالِ في لبنان، باتوا مهدَّدين بصحَّتِهِم الجَسَدِيَّةِ ومِن دُونِ فُرَصِ تَعليمٍ واقِعِيَّةٍ، كما أنَّ الأُمِّيَّةَ بدأتْ تَطرُقُ الأَبوابَ، وأنَّ ٨٥-٨٧ ٪ من الشَّعبِ صاروا تحتَ مُستَوى خطِّ الفَقْرِ، بصورةٍ عامَّةٍ؟ وهل تمكَّن ناسُ هذه الحكومةِ من الاستيعاب الوطنيِّ لواقِعِ ما يعيشُهُ البلدُ جرَّاء السِّياسة الاستنسابِيَّةِ لِلمَصارِفِ، التي تقبضُ جُورًا على مدَّخرات النَّاس؟ ومن هنا، فإنَّ أيَّ زِيادةٍ تُتَّخّذُ في مجالاتِ الرُّسومِ والضَّرائِبِ، مِن دونِ دراساتٍ علمِيَّةٍ إحصائيَّةٍ ومِن غير رُؤىً إصلاحيَّةٍ فِعْلِيَّةٍ، في ظلِّ ما يشهدُهُ الواقِعُ مِنْ مساعٍ لا تَكِلُّ لِتَغييبِ فاعِلِيَّةِ القَضاءِ، وحَجْبِ المُحاسَبَةِ الفِعلِيَّةِ عن كثيرٍ من المسؤولين؛ لَن يُجدي نَفْعًا، بِما لا يَلحَظُ رُؤىً فِعلِيَّةً لِدَيْمُومَةِ عملِ مُؤسَّساتِ الدَّولةِ، ولا يَبْني وَطَنًا فِعْلِيًّا لِلانْسانِ.
ويبقى السُّؤالُ مُعَلَّقًا، بل صارِخًا ضاجًّا وفاجِرًا، وَسطَ هذهِ المُعطياتِ جَمِيعُها، “على أيِّ أساسٍ كانَ بناءُ القَوْلِ أنّهُ “لَمْ يَعُد بإمكانِنا أنْ نُقَدِّمَ كَهرَباء مِن دونِ مُقابِلٍ وَمِياهَ مِنْ دُونِ مُقابِلٍ واتِّصالاتٍ مِن دُونِ مُقابِلٍ، لأنَّه لا تُوجَد أَموالٌ في الدَّولةِ”؛ وما هي التَّحقيقات التي أُجريتْ بهذا الصَّدَدِ، وما هي المَسؤولِيَّاتُ التي جَرى تَحدِيدُها في هذا الشَّأنِ ومَن هُم المَسؤولونَ عمَّا وَصَلَ إِليهِ الحالُ الرَّاهنُ مِن نَفاذٍ للمالِ العامِّ؛ وما هي الآليَّةُ الدُّستُورِيَّةُ والقانُونِيَّةُ، التي جَرى اعتمادُها للوصولِ إلى قرارٍ وَطَنِيٍّ شاملٍ يَقضي بِأنْ لن يُكْتَفَ، هذهِ المرَّة بمَبدَئِيَّةِ “شدِّ الحِزام”، يُطالَبُ بِها اللُّبنانيونَ؛ بل ثمَّةَ تأكيدٌ على زِيادةِ الأَعباءِ المَالِيَّةِ عليْهِم، بِرَفعِ الرُّسومِ والضَّرائبِ، إنْ لَم يَكُن باستِحداثِ مَزيدٍ مِنها؟!!