كلمة الشاعر نصر الظاهر في حفل توقيع كتابه ” جمرها لاينام” في مدينة صور


يقول الأديب الكبير جبران خليل جبران:
” إنّ مَن يكتبُ بالحبر ليس كمن يكتب بدم القلب”
فعن أيِّ كتابةٍ يتكلمُ جبران؟
وأيُّ ولَهٍ هذا الذي ينزفُه القلمُ مِن نجيعِ القلبِ إنْ لم يكنْ
تلك الكلمات الأجنة…
تلك الكلمات التي نودعُها سِرَّ نجوانا ونرفعُها لنرصِّعَ بها سماواتِ مشوارِ العمرِ عناوينَ وراياتٍ وقطاراتِ سفر…
تلك هي الكلماتُ التي تُسرِجُ في الليلِ قناديلَ خضراءَ بلونِ الرجاءْ…
وتعلِّقُ في أقبيةِ الروحِ عناقيدَ الدهشةِ موائدَ فرحٍ ومواويلَ أمانْ…
وتفتحُ في الجدرانِ الموصدةِ نوافذَ جديدةً للرؤيا مستشرفةً آفاقَ الآتْ… وسابرةً لججَ المجهولِ وصولًا لمحاراتٍ تخبئُ اللؤلؤَ والمرجانْ.
هي تلك التي تستجلبُ الغمامَ الماطرَ حتى مِن أقاصي الوجع… معيدةً استنباتَ النرجسِ والبيلسانِ والجلنار… ملغيةً اليباسَ والتصحرَ وكلَّ ما يُثقِلُ وجهَ الأرض…
هي التي تنسجُ مِن همْسِ الحبيبةِ خيامًا دافئةً يلوذُ اليها العشاقُ والحالمون كما يستظلُّ بفيئِها المتعبون والتائهون والمتألمون من جورِ الحياة
والتي من شواطئِ عينيها تمدُّ الأشرعةُ أعناقَها إلى موانئَ للأملِ حاملةً خبزَ الحُبِّ والحريةِ والسلام…
هي الكلماتُ التي وبقدْرِ ما تختزنُ في حناياها الدفءَ والحنانَ والدِّعَةَ والأمانْ، فإنها تختزنُ الغضبَ والثورةَ والحزنَ المبدعَ شراراتٍ وبروقًا واعدةً للتغييرِ والتجديد
هي الكلماتُ التي نحتاجُها اليومَ كما في كلِّ آنْ،وردةً كانت أم سيفا
وهي الوحيدةُ التي تُبقي كاتبَها متألقًا في عينِ الشمس… مؤبَّدًا في ظهيرةِ النهار… حيًّا في وجدانِ الزمنِ القادم..
ففي دمِها نسْغُ ما يعتصرُه القلبُ والروحُ والوجدانُ مِن زلالِ الصدقِ ورقيقِ المشاعر قصيدةً مكتوبةً كانت أم لوحةً مرسومةً أم منحوتةً على حجر
هذه الكلماتُ الحارسةُ في أعماقِنا نبْضَ الأملِ وصيرورةَ الرحلةِ
في البدءِ كانت وفي نهايةِ المطافِ ستكون
وهي
وحدَها التي جمرُها لا ينام
نصر الظاهر
11/3/2023