تحليق الكاتب حسّان علي في فضاء ” أجنحة المخيم ” مجموعةالكاتب محمد حسين


..
أجنحة المخيم..
حين كتبت مجموعتي القصصية عندما يبتسم المخيم..توجست ،أخذت الأفكار والأسئلة تخامرني وبدت ملامح الرهبة والقلق تتقاذفني ولم أدر أهو الخوف أم التردد ؟ أم الاثنين معاً ؟
كتبت حروفي الأولى خلسة أن يلمحها أحد ويسخر منها ومنا، كتبت تلك القصص البدائية التي ترسم حياتنا ولم أكن أفكر بنشرها،خوفاً،قصص مغمسة حروفها بالخوف والهلع واضطراب نبض عروقنا،بقينا عمراً ننتظر ؟ وأمّا ما أن لاحت الفرصة حتى شهقنا شهقة واحدة لنسترد بها بارقة الأمل رغم ما كان يساورنا من موت يتربص بنا، هكذا كانت حياتنا نشيج نايات ونحيب أمهات وحسرات وحنيناً ،أقول أنها انتصرت قصصنا بنبلها وصدقها وعفويتها وقربها منا ..
أردت أن أبدأ بهذه الكلمات المقتبسة مما جاء على غلاف مجموعتي القصصية..ولأن (أجنحة المخيم) للقاص محمد حسين حملت مضامين وأفكار تحدث فيها القاص عن المخيم بوصفه هو العنوان و المكان المؤقت للحظات الفاصلة والحاسمة بين أن نكون أو نكون جاءت الأمنيات كبيرة،هي لحظات وأن طال بها أمد الانتظار تبقى محطة للعودة بعد سفر الاغتراب والضياع، الحديث عن المخيم له دلالات وشواهد ومعاني تحكيها قصص من عاش وتجرّع مرارات الخيبة والانكسار ولعلّ ” أجنحة المخيم” رغم الوهن والعجز الذي أصابنا الاّ انها استطاعت أن تجول بنا عبر الأزقة الضيقة وتحط بنا على الجدران المتهالكة التي أضحت مرتسمات طافحة بالرؤى والتشوفات القادمة تخلّد تضحيات من ضحى وقاوم وأبقتنا في فضاءات مفتوحة الأمداء ومشرعة بكل الاتجاهات ، مكبلين، عاجزين عن الإتيان بحلول قادرة على تخليصنا مما نحن فيه من تبعية للآخر على حساب ما تربينا عليه من قيم ومبادئ سامية وأشياء أخرى ؟!
في المخيم تتوالد الحكايات وتتلون صورها،هي أشبه بتلفاز عجيب ينقل سيّر وبطولات لشخصيات من ورق لا تصلح للمقاربات،فالألم والمعاناة وحياة القهر والبؤس والفقر ما هي الاّ تجسيد لواقع الأمر والحال الذي عاش على وقع سطوته وجبروته أبناء المخيم،وعبثاً نمضي في أحلامنا المتعبة ما لم تكن صرختنا مسموعة كصوت الرصاص ، والاّ فمن لايسمع أزيز الرصاص هو انسان ميت، نتحدث عن آمالنا وأحلامنا وثمة قصور مشيدة على مرأى من عيوننا تمارس على هواها طقوس نضالها ،أما آن لنا أن ننتهي من سرد وتوصيف صور معاناتنا وقهرنا ولنبدأ في تشييد جسور ثابتة للعودة المشتهاة لحياة يرنو بها الفلسطيني للتخلص من سطوة القيود بكل ما أتيحت له السبل بكثير من الصبر والمكابدة والصمود؟!
في المخيم لاوقت للوقت فكل يمضي إلى مصيره وكم كتبنا على عجالة تضاريس تلك الوجوه بقلق الانتظار والحنين،كتبنا مصائرهم حرفاً اثر حرف خشية ألاّ نعود نلمح وجوههم إذا ما كان المساء .
هي ذي حيوات الفلسطيني إذا ما أرادها،انبعاث من جمر المعاناة ،وانعتاق نحو فجر الحرية والتحرير والعودة .