الكتب المفضّلة لدى آينشتاين و التي شكلت فكره و موقفه من الحياة .

ترجمة و اختيار /سمية تكجي

المصدر / PIJAMASURF

الكتب تمتلك قدرة التحول إلى رفاق حقيقيين مدى الحياة في المعنى العميق للكلمة ، الكتب بإمكانها أن ترافقنا في المراحل الاصعب من حياتنا ، يمكنها تعليمنا ،أو على الأقل وضعنا على طريق الأسئلة الحاسمة . يحصل احيانا أن يترك كتاب قبسا في اعماقنا قد يغفو فينا ثم يستيقظ على وقع احداث وجودية و يزهر في دواخلنا. الكتب مصدر للفرح، للمواساة، و في بعض الأحيان قد تكون ملاذا رائعا .

ليس من قبيل الصدفة أن بعض الشخصيات من مختلف ساحات الفكر و الإبداع قد وجدوا في الكتب دعما مهما لأفكارهم و حتى انهم وجدوا فيها مصدرا للإلهام لتحديد موقفهم من الحياة ، و رؤاهم للعالم و كما قال كارل ساغان ذات مرة ؛ الكتب هي القناة المباشرة التي في متناول اليد و يمكننا عبرها التحدث مع الأدمغة اللامعة .
نستعرض الآن لائحة من الكتب المفضلة للعالم العبقري آينشتاين و من خلالها نتعرف على غيض من فيض قلق و عواطف هذا العظيم الذي ساهم في نهضة العلم.

الكتب المفضلة لديه كانت متنوعة : فلسفية، علمية، و أدبية مما يجعلنا على تماس مع مدى اتساع اهتمامات و آفاق هذا العالم الكبير .

سبينوزا.

باروتش سبينوزا الفيلسوف الذي أكثر ما اشتهر فيه تطوير نظرية رؤيوية ليست مالوفة كثيرا ،هدفها شرح و فهم و تحليل أسئلة الإنسانية، و بشكل خاص الصراع النموذجي في الطبيعة الإنسانية و هو بين اللاعقلاني(الرغبة، الإنفعالات، العواطف ) و بين الجزء العقلاني بحسب شرحه لنظريته.

بالنسبة إلى آينشتاين فإن سبينوزا ساعده بشكل خاص لإيضاح تموضعه من الله و الألوهية، لأن سبينوزا قدم مفهوما متقدما و سابقا عصره عن هذا المفهوم ، لم يقدم سبينوزا مفهوم الألوهية كما لو انه كيان يتحكم في مصير العالم و الإنسانية ، بل كما لو انه حضور لا حدود له يتجلى من خلال ترتيب وانسجام الظواهر التي تشكل الواقع .
آينشتاين بعد دراسته لإسبينوزا خلص إلى الآتي : انا أؤمن بإله سبينوزا الذي يتجلى أو يظهر نفسه في التناغم بين قوانين الكون و ليس في إله ينشغل فقط بمصير العالم و عقاب الإنسانية .

أرنست ماخ

لن يسقط من لائحة الكتب المفضلة لدى آينشتاين الكتب العلمية مطلقا ، و قد نال كتاب الفيزيائي أرنست ماخ التشيكي . الذي دخل التاريخ بفضل أبحاثه عن السرعة و غيرها من الأمور.
من الأمور الذي بحثها أيضا الفيزيائي التشيكي ماخ هي علم النفس الإنساني و الفلسفة و هذا شيء لم يكن مألوفا في عصره و حتى انه كان غير مقبول و يثير القلق أن يتم شرح هذه الأمور بشكل علمي .

في كتابه ” تحليل الإحساس ” ماخ يطالب بنظرية “التجريبية ” و هي نظرية أنشأها أفيناريوس و استكملها ماخ و هي تعتبر أن القانون الأساسي لكل معرفة هو اقتصاد الفكر . و كذلك كما الفيلسوف دافيد هيوم . و هي الطلب بالفصل بين الميتافيزيقي و الحقيقي – الواقعي عن الإدراك الإنساني

في رسالة من آينشتاين إلى موتريس شليك(فيزيائي و فيلسوف و أحد المؤسسين لندوة فيينا ) عبر فيها العالم بكلمات مختارة بعناية عن هيوم و ماخ :
أنت أيضا رأيت بشكل صحيح أن تيار التفكير ( الإيجابية) كان ذو تأثير كبير على جهودي بشكل خاص ماخ و بشكل أكثر هيوم فقد درست أطروحته حول الإدراك ، بحماسة و اعجاب كبيرين قبل بقليل من إنجاز نظرية النسبية ، من الجائز جدا انه لولا دراستي الفلسفية لتلك الأطروحات ،لما كنت توصلت إلى ما وصلت إليه .

غوتيه

في عالم الناطقين بالإسبانية، غوته لك يحظ بكثير من الإهتمام و الشهرة لأنهم لم يقرأوه كي يتعرفوا إلى قيمته الأدبية ، و لكن الناطقون بالألمانية يعتبرونه منارة أدبية بامتياز. حتى انه من المفيد الذكر أن فرويد نفسه قد قدّر بشكل كبير الأعمال الأدبية لغوته لدرجة انه كثير من العبارات الغوتية من أعماله الأدبية مسرح، شعر، روايات، تسللت إلى كتابات فرويد .

تيودور دوستويوفسكي

اعمال دوستويوفسكي المعلم الروسي الكبير أيضا انضمت إلى لائحة الكتب المفضلة لدى آينشتاين , دوستويوفسكي حالة خاصة للقراء وجدوا في أعماله الدهشة و الإستيعاب و الملاذ.
و خاصة الأخوة كارامازوف و هي تعتبر قمة في الأعمال الأدبية ليس فقط في أعمال دوستويوفسكي بل في الأدب العالمي بشكل عام . فإن مستوى التحليل للروح الإنسانية التي نجح الكاتب فيها في رواياته كان رائعا جدا .

تم الاحتفاء بالأخوة كارامازوف كعمل على جانب كبير من الذكاء و العبقرية تجعل منها بابا لأسئلة كبيرة حول الإيمان بالله، الحرية ، الطريقة الفاضلة لعيش الحياة و و الأحكام الأخلاقية , و كل ذلك عبر حبكة تبقي على القارىء في حالة ترقب .

العبقري آينشتاين كان يقول تعلمت من تيودور دوستويوفسكي أكثر من أي باحث علمي و حتى أكثر من Gauss-غوس ،لكن المثير للفضول أن آينشتاين لم يقل و لم يفصح عما تعلمه من دوستويوفسكي و هذا ما أثار موجات من الفضول على مر السنوات بين الباحثين و الدارسين في أعمال دوستويوفسكي.