اجنحة المخيم “مجموعة قصصية
للقاص الفلسطيني محمد حسين
قصة الإطار- نصوص لازالت تشغل الذاكرة اليقظة.
الكاتب والناقد عقل هاشم… العراق
“اجنحة المخيم “مجموعة قصصية
للقاص الفلسطيني محمد حسين
قصة الإطار- نصوص لازالت تشغل الذاكرة اليقظة.
المجموعة القصصية الأولى للكاتب الفلسطيني محمد حسين . تحت عنوان: (أجنحة المخيم) من القطع المتوسط احتوت على أربعين قصة قدم للمجموعة الأستاذ الشاعر والناقد حسين على الهنداوي.
يثير التجريب في الكتابة ، وفي البناء الشكلي للقصة القصيرة خاصة، مسألة أساسية هي ضرورة أن يرتبط المسعى التجريبي بمواقف اجتماعية أو بهموم فكرية وفلسفية تسهم في ربط هذا المسعى بعصره من جهة وتسوغ للكاتب محاولاته التجريبية من جهة أخرى. وأن الأشكال الفنية كانت دائماً نتاج تفاعل بين الذات المبدعة وعصرها.
المجموعة القصصية “اجنحة المخيم” للقاص محمد حسين ,تنتمي إلى قصة الإطار والتي تقود القارئ من القصة الأولى إلى قصة أخرى أو أكثر داخلها. يمكن أيضًا استخدام قصة الإطار لإعلام القارئ بجوانب السرد الثانوية التي قد يصعب فهمها ,
واستخدام قصة الإطار يتم فيها وضع سرد واحد في سياق سرد القصة. غالبًا ما يتم تنظيم قصص الإطار كتجمع للناس في مكان واحد لتبادل القصص. كل شخصية تروي حكايتها ، وتتقدم حكاية الإطار بهذه الطريقة تتخذ قص التأطير أيضًا شكل عنصر الحدث- الشخصيات متكررة يظهر في البداية والنهاية السرد. في ظل مجموعة واحدة من الظروف “المخيم” ، ثم تعود في النهاية إلى نفس المكان ,
يعد العنوان أحد المفاتيح التأويلية كما يقول إمبرتو أيكو، والبدء بتحليله واستجلاء دلالاته سينير الطريق أمامنا لاستكناه أسرار هذا القص، العنوان “أجنحة المخيم ” نجده قائم كناية ” حلم الطيران” بعيدا عن الخيمة والمخيمات , حيث تصير القضية بأكملها سلسلة متواصلة من الاغترابات الجديدة ولاعودة ،.
الاحداث مبنية على متابعة التوتر الجمالي القائم في القصص، والتعدد الناتج عن قراءة كل قصّة، وهي مكتفية بنفسها، لكنّ قراءة المجموعة كلّها تتكامل بوصفها كيانا واحدا ناتجا عن الترابط الدلالي للقصص، أن بناء التماسك النصيّ للقصص يكون بفعل الانتماء إلى المكان،
نخلص الى أنّ القص الاطاري ميدان رحب للإبداع، وابتكار الأساليب بفعل خيال القاص، وهذا ما يحسب له تميّزا- أمام سرد قصص تنتمي إلى المكان ذاته. “المخيم” مكان كان ولمّا يزل يشغل الذاكرة اليقظة، بطلها الإنسان، والطبيعة القاسية، مكانٌ ضاجٌّ بالحكي المستمر،
لقد سعى القاص، في سياق سرد قصصه هذه، إلى الكشف عن صيرورة الشخصيات وتنوع استجاباتهم إزاء مؤثرات ألابعاد النفسية والاجتماعية “المخيم” وقد ركَّز الكاتب على تجسيد استجابات الشخصيات المختلفة من خلال الإغراق في التفاصيل ليصل في النهاية إلى تشكيل مشهد شامل بانورامي لصيرورة الذات الإنسانية المستلبة .
شخصياته بدون بطل ملحمي بالمعنى التقليدي. فقد كانت المصائر الشخصية تتداخل، وتتقاطع، وتصطرع لترسم صيرورة زمن عصيب ، شعب دفع ضريبة تشرد عن الوطن , وحضور المخيم البلد الجديد والصغير بدل الوطن الاجداد. هذا الانتقال القسري البديل ما يسمى مخيم اللجوء الفلسطيني في درعا, زمن ما بعد النكبه على مدار أكثر ثلاثين عاماً . فذكر الكاتب شخصياته بأسمائها الصريحة وبعينها , ايضا ذكر الشهيد والعمليات البطولية ,وآلام الفراق ولهيب الشوق والهجر، وجعل هناك عنوانات لكل قصة وكل مفصل هو موضوع من مواضيع تلك اليوميات ، وهذه إحالة تاريخية على طريقة التوثيق للزمن ، ابتداء من زمن الراحل الزعيم جمال عبد الناصر. وبهذا الكشف ، جاء الخطاب السياسي المتردد ليضع المتلقي في اللحظة الزمنية والمكان المناسبين لصورة بؤس هذا الشعب والقبول بالمخيمات لاحقا بديلا للوطن الام, وكأن أوطان المسلمين ضاقت عليهم ، لا ديار لهم على الارض، فأصبحوا لا ينعمون بهذا الدفء ..
وهنا تعمد الكاتب إلى كشف في أعماق تلك الحيوات وانسنة الاشياء ، من الفقر والترحال والظلم على خلفية الغوص في العلاقات الاجتماعية الخفيّة داخل المخيم ، ليوجّه إليها ضوءا ساطعا، يتحوّل في النهاية إلى تشرد وتشظي اخر وهكذا،
ان سرد الكاتب بهذا الكشف المعلن من المضمر إلى المصرّح به، من الخفي إلى المتجلي، إمعاناً في الواقعية ونقداً للواقع .وسيكون القارئ برفقة الكاتب في نبْش الخفيِّ، لظاهرة المخيمات..
ولعله ايضا قد رسم لنا صورة للمظاهر الخارجية للشخصية وحركاتها والفضاء المحيط بها وأحاسيسها الداخلية وانفعالاتها، ساعدت على أبرز المشاهد الصورية التي يترسخ بوساطتها السرد التفاعلي “السمع/ البصر . من تخادم مابين تلازم سرد الحكي -الفصحى والمحكي جملة واحدة , من أجل هيمنة العرض المشهدي على النص مباشرة ، حتى أن السرد ليوحي إلى القارئ أنه أمام سارد عليم بكل شيء، ينظر لما يحيط به بعيني الشخصية، ثم سرعان ما ينتقل إلى شخصية أخرى فيتماهى بها..