أدب وفن

سرڤيس/ بقلم الكاتبة أمل أبو سعد- سورية

سرڤيس

هل كان ينقص الأرض هذا الوباء ليعترف أهلها بضعفهم أمام الخطر المتربص..؟؟
كورونا.. غلاء ..فقر ..يأس ..
شباب محبط درجات حرارة مرتفعه..عطش ..عطش شديد ..كمامات ملونة ..تَدافُعٌ على المواصلات العامة. وابواق سيارات وصخب وازدحامٌ حذرٌ مترقب..
كل منا ينظر إلى الٱخر على أنه موبوء قد يتسبب له بالعدوى ..أحدهم يعطس والٱخر يناوله منديلا وٱخرون يجمعون أجرة الباص من الركاب ..مئة مئتين ..فراطة اريد فراطة .يصرخ السائق الذي يتصبب عرقا بينما يدير الراديو على أغنية تمزق الاحشاء من لحنها المتقافز
.ثمة شاب يريد الصعود لكن سائق السرڤيس برفض ان يفتح له الباب لانه من جامعي القمامة ..الكل ينظر بارتياح لهذا الأمر خوفا من العدوى.
وتمضي الحافلة ..الناس يتدحرجون في الشوارع تلفحهم الاشعة المُسلطَّة عليهم من السماء ..
يارب السماء ..اما زال في هذا الكون بعضٌ من رحمة؟؟
النهر على ضفة الطريق اليسرى يجري نحو الغوطة غير عابئ بما يحمله من أوساخ المدينة.
والمدينة واقفة على قدم وساق ..فغدا يوم الانتخابات.
صور المرشحين تطل شامته بربطات العنق الملونة غير المتناسبة مع نظرات العيون الموحية بالهرولة والحماقة على طرقات عاجزة عن ان تكون طرقات ..
ثمة رائحة تلاقيك عند احد المنعطفات ، حاويات القمامة التي تقوم السيارات بإفراغها..
سيارة البطيخ يعلو صياح صاحبها ..وعيون اطفال عاجزة عن التخيل تلاحقها أتغدو البطيخة حلما ..وكل الزوايا ملاى بأكوام منها؟؟!! والسيارات تنادي ” بلاش يابطيخ “..الأطفال لايهرولون خلفها ..قلوبهم الصغيرة تعودت على العجز المتكرر ..واللاجدوى من اي جري او سؤال..
سيارة الإسعاف تطلق زعيقها تتجاوز السرفيس بامتار وانت تتخيل حالة اختناق ..ٱخذ نفسا عميقا ..مازال في إمكاننا ان نتنفس ..ثمة اخبار يتناقلها تلامذة يجلسون امامنا ..”أحد المعاهد الكبرى في دمشق فيه إصابات ..”
استحضر صور طالبي الصغير وهو يحاول حل مسالة الفيزياء ويمتنع عن القيام باي نشاط في صيفه الممل لأنه يريد ان يجمع قدرا اكبر من الدرجات ليتجاوز كل إحباطات هذا الواقع المرير ..هل يعقل ان تكون الكورونا حقيقة منتصرة ؟تقود كل الصراعات ثم تنهيها؟ متجاوزة كل هذه المحاولات نحو حياة انتصرت على سنوات القذائف والحرب المؤلمة وتناست ندوبها العميقة لتصبح الحياة كمامةً…وهواءً ناضباً وانقطاع نفس وازرقاقاً في الشفتين …؟
“نحن أقوى” قال التلميذ الٱخر اجابه زميله ..هذه ليست مزحة لا تعلم من اين تأتيك العدوى .يرد عليه ..لا لا اريد ان أموت لضيق في التنفس هناك انواع كثيرة من الموت اكثر تميزا وملاءمة لنا ..
ثمة مطب لاينتبه له السائق الذي فر من امام شرطي المرور الذي اراد إيقافه لان نمرة سيارته شبه ممحيه ..الحافلة تكاد تسقط في الحفرة التي قامت بحفرها شركة الصرف ..كل شيء في هذه المدينة يتخبط بفوضى عارمة ..الا الكورونا منتظمة السير تنتقي أهدافها وتخضع لعملية حسابية دقيقة فالموت صار علاقة رياضية محتومة في هذه المدينة الحمقاء…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى