أدب وفن

فَرْقٌ كَبِيرٌ بَيْنَ رَجُلِ الدَّوْلَةِ وَدَوْلَةِ الرَّجُلِ

فَرْقٌ كَبِيرٌ بَيْنَ رَجُلِ الدَّوْلَةِ وَدَوْلَةِ الرَّجُلِ.
كَانُوا يُطْلِقُونَ عَلَى رَئِيسِ مَجْلِسِ النُّوَابِ لَقَبَ (عُطُوفَة)، وَلَمَّا عَلِمَ الرَّئِيسُ أَحْمَدُ الْأَسْعَدُ أَنَّ هَذّا اللَّقَبَ يُطْلَقُ عَلَى الشَّاوِيشِ فِي تُرْكِيَّةَ، أَلْغَى هَذَا اللَّقَبَ، وَصَارَ يُنَادَى بِ (دَوْلَةِ الرَّئِيسِ)، تَشَبُّهًا بِدَوْلَةِ رَئِيسِ مَجْلِسِ الْوُزَرَاءِ.
فَمُصْطَلَحُ رَجُلِ الدَّوْلَةِ أو( Stateman) لَهُ شِقٌّ نَظَرِيٌّ وَآخَرُ تّطْبِيقِيٌّ وَتَحْدِيدُهُ وَفْقَ التَّجَارُبِ النِّيَابِيَّةِ وَالْوِزَارِيَّةِ أَصْبَحَ مُهِمًّا لِئَلَّا يَخْلُطَ بَعْضُ السِّيَاسِيّينَ بَيْنَ التَّعَارِيفِ وَالْمَفَاهِيمِ، وَلِئَلَّا يُظُنَّ أنَّ الْعَمَلَ السِّيَاسِيَّ لَا يَتَطَلَّبُ سِوَى مَكْتَبٍ إِعْلَامِيٍّ يَصُوغُ تَصْرِيحَاتٍ رَنَّانَةً لَا يَكَادُ يَفْقَهُ مَنْ أَمَرَ بِكِتَابَتِهَا، أَوْ مَنْ صَاغَهَا شَيْئًا سِوَى مَهَارَاتِ الْقّصَّ وَاللّصْق مِنَ الْمَعْلُومَاتِ الْمُتَوَافِرَةِ بِكَثْرَةٍ فِي شَبَكَةِ الإِنْتَرْنِتْ، وَالَّتِي دَرَأَتْ سَوْءَةَ كَثِيرٍ مِنْ أَشْبَاهِ السِّيَاسِيِّينَ.
فَرَجُلُ دَوْلَة تَعْنِي قَائِدًا سِيَاسِيًّا يُرَى أَنَّهُ يَعْمَلُ لِلصَّالِحِ الْعَامِّ بِلَا أَهْدَافٍ شَخْصِيَّةٍ.
نَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى رِجَالِ دَوْلَةٍ تَسْتَشِيرُ، وَتَطْلُبُ الْعَوْنَ مِنَ الْمُجْتَمَعِ لِيَكُونَ شَرِيكًا مَعَهَا فِي التَّفْكِيرِ، وَفِي إِبْدَاءِ الرَّأْيِ، وَفِي الْإِعَانَةِ بِوَضْعِ تَصَوُّرٍ وَاقِعِيِّ، فَتَوْسِيعُ نِطَاقِ الرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ ذَكَاءٌ وَجُرْأَةٌ وَثِقَةٌ بِالنَّفْسِ.
نَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى رِجَالِ دَوْلَةٍ لَدَيْهِمُ الْقُدْرَةُ عَلَى إِدْرَاكِ أَهَمِّيَّةِ النَّظْرَةِ الشُّمُولِيَّةِ لِأَيِّ فِكْرَةٍ يُرَادُ تَحْوِيلَهَا إِلَى بَرْنَامَجِ عَمَلٍ، إِدْرَاكٍ يَعِي أَهَمِّيَّةَ تَوْسِيعِ دَائِرَةِ الْمُشَارَكَةِ؛ وَذَلِكَ بِتَوْسِيعِ دَائِرَةِ الْمَسْؤُولِيَّةِ، فَيَضَعُ الْكُرَةَ أَمَامَ شُرَكَائِهِ مَعَهُ، كَيْ يَتَحَمَّلُوا مَعَهُ الْفَشَلَ مَثْلَمَا يَتَحَمَّلُونَ مَعَهُ النَّجَاحَ.
كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى رِجَالِ دَوْلَةٍ تَأْخُذُ الْتِزَامَهَا دَيْنًا فِي رَقْبَتِهَا فَتُوفِيهِ حَقَّهُ بِلَا تَأْجِيلٍ أَوْ تَسْوِيفٍ.
فكم من دولةٍ للجورِ ولّت*ودالتْ دولةُ المُتنطّعينا


الشاعر حسن عليّ شرارة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى