ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يستطلع واقع امراض القلب والشرايين في لبنان في العام ٢٠٢٣
ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يستطلع واقع امراض القلب والشرايين في لبنان في العام ٢٠٢٣ بعد مرور ٤ سنوات على بداية الأزمة السياسية-الإقتصادية*:
حمود:
في مبادرة مشابهة لما قمنا به في ملتقى حوار وعطاء بلا حدود، وكما عوّدناكم دائماً بالإهتمام قدر الإمكان بكافة الازمات السياسية، الإقتصادية، المالية، النقدية، المعيشية، الإجتماعية، الثقافية، التربوية، البيئية والصحية والإنسانية التي آلينا على انفسنا مقاربتها للسعي لمحاولة السعي للإضاءة على كافة جوانب تلك الأزمات التي تعصف بالمجتمع اللبناني منذ اكثر من ثلاثة سنوات وللسعي لوضع الرأي العام والمهتمين في جو الحقائق الدقيقة حول واقع تلك الملفات والسعي لطرح الحلول الناجعة لها اذا امكن. وكما حصل منذ سنة تحديداً، قمنا منذ فترة قصيرة بالإضاءة على واقع تشخيص وعلاج امراض القلب والشرايين في لبنان، وذلك بعد مرور ٤ سنوات على بداية حصول الازمة السياسية- الإقتصادية-المالية-النقدية-الإجتماعية-المعيشية التي تركت آثار مدمرة وخطيرة جداً على كل المستويات وخاصة على واقع القطاع الطبي والإستشفائي في لبنان وتسبّبت في هجرة الآلاف من الطاقات والمهارات الطبية المُميزة، وتراجع وتدّني مُخيف في مستوى التقديمات الصحية في كل المناطق اللبنانية.
ولمتابعة دقيقة لهذا الواقع، نضع بين ايدكم اليوم الإجابات التي حصلنا عليها بعد التواصل مع عدد من الأطباء المرموقين والمعروفين جداً بمهاراتهم و/او بمواقعهم الأكاديمية المُميزة والذين طرحنا عليهم الأسئلة التالية:
١-ما هو الواقع الحالي لتشخيص وعلاج امراض القلب والشرايين في بيروت وفي “مستشفى اوتيل ديو” تحديداً؟
٢-هل انتهت مفاعيل الازمة الإقتصادية والمعيشية وكيف؟!
٣-هل تعتقد ان كل المرضى قادرين على تلقّي كل انواع العلاجات ام ان الوصول الى الطبابة اصبح حكراً على الأغنياء والميسورين فقط؟ وكيف تمّ حلّ المشكلة؟!
٤-كيف تتعاملون مع مرضى الضمان الإجتماعي ووزارة الصحة وتعاونية موظفي الدولة والمؤسسات العسكرية وهل يدفعون فروقات كبيرة من اجل الطبابة؟!
٥-هل انتهى دور لبنان ك “مستشفى الشرق الاوسط” وهل حصل تراجع كبير في مستوى التقديمات والمهارات الطبية في لبنان ام ان الأمور عادت الى التوازن وبعض التميًز الذي كنا نعهده قبل الازمة؟!
٦-ما هي اهم المشاكل التي تعانون منها حالياً وهل هناك نقص في بعض الادوية او المستلزمات الطبية؟ وهل ارتفعت كلفة الطبابة بشكل عام (وكبير) مقارنة بأرتفاع اسعار كل السلع الأخرى بسبب الأزمة الإقتصادية والمالية؟!
وبعد جهد كبير توفقنا في الحصول على مداخلات قيمة من كل من البروفسور “ربيع عازار” – رئيس قسم القلب في مستشفى اوتيل ديو في بيروت، والدكتورة كلود سمعان رئيسة جمعية اطباء القلب في لبنان وطبيبة ذات تجربة علمية وعملية واسعة وتعمل في مستشفيات جبل لبنان والشمال وخاصة في مدينة جبيل، واخيراً من نقيب الأطباء السابق البروفسور شرف أبو شرف الذي يعتبر من اهم اختصاصيي طب القلب عند الأطفال والذي عاد لمزاولة عمله كطبيب في مستشفيات بيروت ( الروم الجامعي ورزق الجامعي).
ومن خلال استعراضهم للواقع الصحي، أجمع الكل على تخطي الظروف الأصعب فيما يتعلق بشح الأدوية والمسلتزمات الطبية، والهدف الأساسي الآن هو تكثيف الجهود لتحقيق الأمن الصحي بحيث يصبح التشخيص والعلاج متاحين لكل مواطن من خلال توفير التغطية الصحية اللازمة.
عازار
اذ اعتبر الدكتور ربيع عازار رئيس قسم القلب في مستشفى أوتيل ديو أن الواقع التشخيصي والعلاجي في لبنان عموما وفي اوتيل ديو خصوصا متوفر واستطعنا تأمين كل الادوات والمواد اللازمة للعلاجات القلبية ولم نتأخر يوما رغم مرور بعض الفترات التي عانينا فيها من الشح في الأدوية والمستلزمات الطبية، أما حاليا، فالوضع أفضل وكل شيء متوفر ومفاعيل الازمة انتهت ولكن سياسة الدعم من قبل المركزي أدخلتنا في بعض المشاكل ورغم اهمية الدعم الا انه يجب ان يكون حقيقيا، وبعض الشركات تراجعت في تامين بعض الادوية المدعومة نتيجة تقاعس المصرف المركزي بتحويل الاعتمادات اللازمة لذلك، بخلاف الأدوية التي جرى رفع الدعم عنها،
المحصّلة أنّ كل دواء مدعوم مفقود، والمرفوع عنه الدعم متوفر، والمشكلة الجوهرية تتمثل بانعدام قدرة مرضى أو تعثّرهم في تأمين نفقات العلاج،
وعليه فإن توفر المواد والمستلزمات الطبية هو جزء من الحل يبقى إيجاد الحلول لعدم قدرة بعض المرضى تأمين كلفة العلاج والاستشفاء،
وأشار عازار الى ازدياد الإقبال على التأمينات الصحية لتأمين التغطية العلاجية والاستشفائية وبخاصة عند الطبقة الميسورة، مؤكدا أن الشركات خفّضت من أسعار بوالص التأمين وإن أصبحت تتقاضاها بالفريش دولار، ولكن هذا حل لجزء من المشكلة فهناك قسم كبير من المواطنين اللبنانيين الذين يستفيدون من الجهات الضامنة من موظفي قطاع خاص وادارات رسمية (ضمان وجيش وتعاونية) لم يتمكن من تأمين تغطية شاملة ولا يرى عازار أن هذه الجهات الضامنة ستتمكن من التغطية الصحية الشاملة نتيجة ضعف تمويلها من الاشتراكات بالعملة الوطنية، فالمواطن اليوم يدفع فروقات كبيرة، وتسعون بالمئة من الكلفة الصحية هي للمستشفى وليس للطبيب.
وفي معرض الاجابة عن مستقبل لبنان أبدى عازار تفاؤله لان قسما كبيرا من الاطباء بقي والذين هاجروا بدأوا بالعودة، والكفاءات الطبية لا زالت موجودة، رغم بعض النقص في اطباء قلب الاطفال ودور لبنان صحيا لم ينته أبدا، ولازالت الثقة بلبنان موجودة، والوضع الصحي ما زال مقبولا مع الإشارة إلى انه من عام ٢٠١٩ وحتى ٢٠٢٣ أصبح هناك نقص في عدد الاطباء الجدد، فالذين درسوا في الخارج وتخرّجوا بقوا هناك ولم يعودوا كما كان يحصل في الماضي، فالطبيب اللبناني، كان بعد تخرجه يعود إلى لبنان لممارسة مهنة الطب، أما في السنوات الماضية أغلب المتخرجين يقوا في الخارج، والاشهر المقبلة مهمة لتحديد مصير الطب في لبنان. وأنهى عازار كلامه بالإشارة إلى أن كلفة الطبابة لم ترتفع بل على العكس انخفضت نسبيا بالدولار الفعلي، والواقع أن كل شيء خاضع للتضخم في كل دول العالم من غذاء ومحروقات غيره، مما يضغط على المواطن اكثر فأكثر من جميع النواحي.
سمعان:
اعتبرت الدكتورة كلود سمعان رئيسة جمعية أطباء القلب في لبنان ان التشخيص والعلاج لأمراض القلب في منطقة الشمال وجبيل متوفران، حالهما حال اي بلد متقدم اقتصاديا، وهذا الواقع لم يتغير خلال الازمة السابقة وجرى توفير المعدات والمواد الطبية اللازمة كافة، ومفاعيل الازمة الصحية خف ثقلها سيما بعد تسعير شركات التامين بالدولار، اما الفئة التي تتبع انظمة القطاع العام الاستشفائية فهي تتردد كثيرا قبل طلب اي استشارة، وهناك أسر لم تتمكن من الحصول على خدمات صحية بسبب احتجاز اموالها في المصارف من قبل الدولة، وما خفف من وطأة الأزمة الصحية أن هناك جهات محلية وأخرى خارجية تقدم مساعدات للمرضى،
وبالعودة قليلا الى الوراء، لا شك أننا واجهنا شحا في الادوية نتيجة تقصير المركزي بالدعم وكانت تداعياته سلبية جدا على الواقع الصحي ولكن تجاوزناه حاليا نتيجة رفع الدعم عن بعض الأدوية والمستلزمات
وأبدت سمعان تفاؤلها بمستقبل الصحة في لبنان رغم وجود بعض الثغرات الا أن اساسيات العلاج متوفرة ومستوى طب امراض القلب ممتاز، ولا أزمة الا على مستوى بعض مختصي امراض القلب( الذين هم من الخريجين الجدد) والذين هاجروا نتيجة الازمة، مما حملنا المزيد من الضغوط وخصوصا على الاطباء الاكبر سنا، وختمت بالقول إن لبنان سيبقى رغم كل الظروف والازمات العابرة، مستشفى الشرق.
شرف ابو شرف:
اعتبر النقيب السابق لأطباء لبنان الدكتور شرف ابو شرف أنه على مستوى التشخيص الوضع جيد؛ انما المشكلة هي في صعوبة تأمين كلفة علاج مرضى قلب الاطفال، والخطورة الاكبر اذا ما استمرت الازمة من دون حلول مما يصعّب الامر، ولكن برغم الهجرة والاغتراب إلا اننا شعب قوي ولا يلزمنا الا الحلول السياسية لايجاد مخارج للمشاكل التي نعاني منها وخصوصا فيما يتعلق بتأمين كلفة العلاجات للمرضى والتي اصبحت حكرا على الميسورين وخصوصا اطفال مرضى القلب، ولبنان كان وسيبقى مستشفى الشرق بفضل الكفاءات التي بقيت وهم حوالي ١١ الف طبيب رغم معاناتهم، الا ان اصرارهم سيضمن تخطينا للمرحلة الصعبة التي نمر بها ولا شيء يدوم، ودولرة التكاليف خففت من ازمة الهجرة، وأمل ابو شرف بعودة كل القطاع الطبي المهاجر وخصوصا من يهاجرون للغرب، لأن عودتهم أضحت صعبة، وبرغم ذلك يمكننا بمن بقي من كفاءات، أن نحافظ على المستوى الاستشفائي برغم معاناة اغلب المستشفيات، أما بالنسبة للمواطنين فالمشكلة الأكبر هي في كلفة الادوية الغالية الثمن والخاصة بالأمراض المستعصية والسرطانية، وتطرق أبو شرف في سياق حديثه إلى أن منظمة الصحة العالمية تقوم بدور ملحوظ ولكن جزئي، وختم شاكرا القطاع الطبي المكافح على مجهوده ومساعداته الطبية والانسانية.