تعرّفوا على العلامات المُبكرة للإصابة بأمراض القلب والشرايين، معلومات مُهمّة جداً قد تُنقذ حياة من تُحبّون؟!

تعرّفوا على العلامات المُبكرة للإصابة بأمراض القلب والشرايين، معلومات مُهمّة جداً قد تُنقذ حياة من تُحبّون؟!
من واجبي كطبيب ناشط في ميدان العمل الصحي والإنساني ونشر التوعية والتثقيف الطبي المُستمّر وتخفيفاً عن وزر امراض القلب والشرايين ومُساهمةً منّي في زرع بذور ألوقاية منها، ومن واجب جميع الاحبة والاصدقاء من المواطنين اللبنانيين المُقيمين والمُغتربين، ان نتعرّف جميعاً الى اهمّ الأعراض التي تُشير إلى إمكانية وجود امراض في القلب والشرايين. ذلك لأن ّهذه الامراض لا تزال تحتل مركز الصدارة في اسباب الوفيات في لبنان ومعظم الدول المُتقدمة وفي معظم بلادنا العربية. اولاً نتيجة عجزنا عن مُكافحة آفة التدخين بكل اشكاله وإستمرار تمدّد وتوّسُع هذه الآفة القاتلة وفشلنا في تطبيق ايٍ من القوانين التي كان هدفها الحد من إنتشاره بل وعلى العكس تشهد مُجتمعاتنا ظاهرةً اخرى اخطر بكثير من تدخين السيجارة، وهي تتمثل إنتشار النرجيلة- موضة العصر وجليسة الشباب- على انواعها خاصة عند الشباب والمراهقين وهذا ما قد يهدد وسوف يهدد بالتأكيد مستقبل ابناء وشباب هذا الوطن الذي يكفيه ما يُعاني منه من ازمات مُتعدّدة . ثانياً بسبب إستمرار تمدّد ظاهرة او آفة البدانة ومعها وبشكلٍ متوازٍ مرض السكّري الذي تشير الإحصاءات انه سيصيب حوالي ٦٨٠ مليون نسمة في مختلف انحاء العالم . واذا ما عرفنا مدى خطورتهما على القلب والشرايين سنعرف بسرعة اننا في صدد خوض معركة ضروس مع عدوٍ لدودٍ خطير( السكري خاصة ) يتهدد قلوبنا وشراييننا ومن هنا الخطر الكبير الثاني. اما العامل الثالث الذي يُهدّد صحة قلوبنا في لبنان وفي مختلف الدول العربية فهو القلق والتوتر الدائمين والإكتئاب وما يرافق كل هذه الأعراض
والأمراض النفسية من تغيّيرات بيولوجية خطيرة جداً على قلوبنا وشرايينا. خاصة اذا ما راقبنا بسرعة الأوضاع الأمنية والسياسية والإقتصادية والمعيشية التي تجتاح بلادنا العربية من المحيط الى الخليج وعرفنا اننا شعوب مأزومة لا مُستقبل قريب واعد لها وتتخبّط بكل انواع المشاكل، وان مواطنينا سوف يبقون – كما تعودوا ولماذا التغيير؟! -في حالة قلق دائم طويلة الأمد وعُرضة دائمة لمخاطر امراض القلب لأن هذا النمط المعيشي البائس يزيد بشكلٍ كبيرٍ وخطيرٍ كل انواع الأمراض القلبية كما شرحنا في مقالات سابقة. لكل ما تقدّم نرى أن معرفة هذه العلامات المُبكرة للإصابة بأمراض القلب والشرايين قد تُساعد على فهمٍ اوسع لعلامات هذه الأمراض وفي إنقاذ حياة أناس أعزّاء عن طريق نشر الثقافة والمعرفة وقد تُساهم كما قلنا في الوقاية من هذه الأمراض والحدّ من فتكها في مجتمعاتنا وشبابنا .
وعندما نشير الى ذلك لا بد من التذكير ان امراض القلب تنقسم الى عدة اصناف وانواع: امراض شرايين القلب وما يعرف بتصلّب او انسداد شرايين القلب وهي تُمثّل حوالي ٧٠ بالمئة من امراض القلب، امراض عضلة وصمامات القلب وقصور القلب وهي تمثّل حوالي ٢٠ بالمئة من امراض القلب، إضطرابات وامراض شبكة كهرباء القلب وامراض غشاء القلب والضغط الشرياني وهي تمثل باقي الامراض.
اما الاعراض المهمة التي نتكلم عنها فهي:
١- الألم الصدري او الخنّاق الصدري المُستقر والذي يُصيب المريض عند القيام بجهدٍ مُعيّن مثل المشي او الركض او صعود المصعد، او عند حمل اي وزن معين، او حتى اثناء العلاقة الزوجية او غيرها من انواع الجهد . هذا الألم يكون في اعلى القفص الصدري وقد يمتدّ احياناً الى العنق والبلعوم والكتف الأيسر والذراع الايسر . وقد يكون بين الكتفين او في الظهر او في اعلى البطن اي في منطقة “فم المعدة”. ويستمرّ هذا الألم لمدة دقيقة او اثنتين او لخمسة دقائق على ابعد حدّ في بعض الأحيان. وعندما يطول لمدة ٢٠ دقيقة او اكثر نتكلّم عن ذبحة قلبية او إحتشاء عضلة القلب. وقد اشرت سابقاً الى اعراضها بشكلٍ تفصيلي. وهي على انواع بحسب درجة إنسداد الشريان ونوع التغيّيرات الموجودة على تخطيط القلب.
٢- صعوبات في التنفّس والتعب والشعور بالإرهاق الدائم وبعدم القدرة على القيام بالجهد. وهذا ما قد يكون مؤشراً اكبر على وجود مشكلة في عضلة القلب ووجود قصور في عضلة القلب. وهو مؤشر خطورة اكبر لأن علاجات قصور عضلة القلب اصعب بكثير من علاجات مشاكل الشرايين التاجية للقلب. وفي هذا السياق يأتي ايضاً تورّم الساقين وتورّم وإنتفاخ اوردة الرقبة وتورّم الكبد وإنتفاخ البطن نتيجة تجمّع السوائل في البطن والساقين.
هنا لا بد من الإشارة كما ذكرنا سابقاً ان هدفنا الأساسي من اي علاج جراحي او تدخلّي لتوسيع شرايين القلب بالبالون والروسور هو تحسين تروية عضلة القلب وبالتالي تحسين وظيفتها. ولذلك يجب الإسراع في نقل المريض الى اقرب مستشفى مُمكن من اجل تلقّي العلاجات المُناسبة في حال تعرُّض المريض لذبحة قلبية حادّة لأن كل دقيقة تأخير للوصول الى المستشفى لها ثمنها عبر موت عدد اكبر من خلايا عضلة القلب، لأن اي تأخير في فتح الشريان المتضيّيق او المسدود كلياً يؤدي الى إمكانية حصول ضرر كبير في وظيفة عضلة القلب والى تحويل حياة المريض الى مأساة حقيقية، لأن خسارة وظيفة عضلة القلب لها آثار جانبية كبيرة على حياة المريض بسبب إمكانية تسبّبها بالأعراض الخطيرة التي ذكرناها سابقاً ايضاً في مقالات تمّ تخصيصها لذلك، وهذا ما قد يُعيق حياة آمنة وسليمة للمريض الذي قد يصبح غير قادر على القيام بأي جهد ويعيش معظم وقته في المستشفيات من جرّاء تكرار حالات الإحتقان الرئوي الحادّ ومشاكل واضطرابات في كهرباء القلب، مما قد يُؤدي ايضاً الى الوفاة القلبية المفاجئة بسرعة كبيرة في حال كانت إصابة عضلة القلب مُتقدّمة جداً.
٣- إضطربات ضربات القلب او عدم إنتظام هذه الضربات في حالة الراحة او عند الإجهاد. وهي قد تكون بسيطة في معظم الأحيان او خطيرة في بعض الأحيان الأخرى خاصةً عندما تطال إنقباضات او عدم إنتظام ضربات البطين الأيسر او الأيمن ( هنا قد تكون هذه الإضطرابات مميتة للأسف الشديد). وهي قد تؤدي احياناً للغياب عن الوعي او الى حصول هبوط شديد في الضغط الشرياني ومعه مجموعة من الأعراض المُصاحبة. ونُشير هنا الى اننا شهدنا ولحسن حظ المرضى تطوّرات هائلة في مجال تشخيص وعلاج كل هذه الامراض التي اصبح لها إختصاص بحدّ ذاته ( إختصاص كهرباء القلب). وقد تقدّمت علاجات الأمراض التي تتسبّب بهذه الإضطرابات بشكلً كبير بفضل تطوير البطاريات القلبية وتقنيات الصادم الكهربائي الداخلي، والذين إستفادا بشكلٍ هائل من تقدّم علم البرمجة والكمبيوتر وإمكانيات تصغير هذه الأجهزة بشكلٍ كبير نتيجة الثورة الصناعية الكبيرة التي طالت كل التقنيات الطبية. كذلك تمّ في مجال إخر في العشرين او الثلاثين سنة التي مرّت تطوير تقنيات الكيّ او الإجتثاث الحراري بواسطة إرسال موجات راديو ترفع الحرارة بشكلٍ كبير في المنطقة التي نريد كيّها لمنع توليدها لمشاكل في كهرباء القلب. مكذلك تمّ في هذا السياق ايضاً تطوير تقنيات الإجتثاث بواسطة البرد( الصقيع) اي عبر توجيه وتطبيق مِسبر او جهاز حرارته منخفضة جداً بحدود السبعين درجة تحت الصفر في المنطقة المطلوب كيّها والتي تتسبّب في الإضطرابات الكهربائية الخطيرة التي تؤدي الى الاعراض التي ذكرناها.
٤- حالات التعب اوالدوخة او الشعور بعدم التوازن عند المشي او الإجهاد والتي قد تتطوّر احياناً الى حالات غياب عن الوعي نتيجة الهبوط المفاجئ للضغط الشرياني عند القيام بجهد مُعيّن. وهذا مُؤشّر على وجود إصابات مُتقدمة في صمامات القلب وخاصة إنسداد الصمام الأبهر للقلب. او مؤشر لوجود مشكلة في كهرباء القلب قد تكون عبارة عن تباطئ خطير او توقّف في كهرباء القلب. وهنا يكون العلاج بواسطة زرع بطارية داخلية للقلب. او قد يكون ذلك ناتج عن توتر او تسرّع خطير في ضربات القلب مما يؤدي بالتالي لهبوط الضغط الشرياني والغياب عن الوعي بشكل مُفاجئ وسريع. وهنا يكون العلاج بواسطة ترسانة كبيرة من الأدوية متوفرة حالياً لدى الأطباء منذ سنوات، او بواسطة الكيّ الحراري او بواسطة البرد كما اوردنا سابقاً.
٥-العلامات السريرية المبكرة التي قد تكون سابقة للإصابة بأمراض القلب والشرايين:
وهي علامات حدّدها البروفسور “آدم تايلور”، كبير المحاضرين في جامعة لانكستر، ب6 علامات غير عادية قد تكشِف الإصابة بأمراض القلب، قبل الوصول إلى مرحلة النوبة القلبية وبدء المعاناة التي قد تؤدي في النهاية إلى الموت:
أ-شحمة الأذن المُجعّدة:
من بين العلامات الخارجية المرئية التي قد تدلّ بشكل مبكر على الإصابة بأمراض القلب، هي التجاعيد الظاهرة على شحمة الأذن والتي تسمى “علامة فرانك”، والتي وصفها لأول مرة الطبيب الأمريكي “ساندرز فرانك”.
وقد أظهرت الدراسات أن هناك ارتباطاً بنسبة 40% بين هذه الميزة في الأذن وزيادة خطر الإصابة بتصلب الشرايين، وهو مرض تتراكم فيه اللويحات الدهنية والكلس وبعض انواع الخلايا داخل الشرايين، إلا أنه من غير الواضح سبب هذا الارتباط حتى الآن.
ب-نتوءات دهنية متنوعة:
قد تكون النتوءات الصفراء الدهنية المعروفة باسم “زانثوماس” والتي تظهر على المرفقين والركبتين والأرداف والجفون، إحدى المؤشرات الخارجية المُرتبطة بالإصابة بأمراض القلب، وتُشاهد عادةً الأورام الزانثومية عند الأشخاص المُصابين بمرض وراثي في إستقلاب الكولسترول في الكبد يسمّى “مرض إرتفاع الكولسترول الوراثي” “familial hypercholesterolemia”.
ولدى الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة مستويات عالية بشكل استثنائي من الكوليسترول الدهني منخفض الكثافة، ما يسمى بـ”الكولسترول السيئ او الضارّ”، ومستوياته مُرتفعة لدرجة تجعل هذه المادّة تترسّب في الجلد، كما أن هذه الرواسب الدهنية يمكن أن تترسّب في كل الشرايين الموجودة في الجسم وخاصةً تلك التي تُغذّي القلب او الدماغ او الكلى، وكذلك في شرايين الأطراف.
وهذ النتوءات الجلدية الدهنية نراها كثيراً عند الاطفال والشباب المُصابين بهذا المرض الوراثي الخطير والذين يتعرّضون للوفاة المبكرة نتيجة مستويات خطيرة جداً بالكولسترول الضارّ. وللأسف الشديد فقد تبدأ الأعراض عندهم مُباشرةً بعد الولادة أو في عمر السنة او السنتين.لكن لحسن حظ هؤلاء المرضى ظهرت في الاسواق منذ حوالي ثلاث او اربعة سنوات تقريباً أدوية فعّالة جداً لعلاجهم (ادوية يتم تناولها بواسطة الحقن عبر الأوردة، اي في المصل). وقد اثبتت فعاليّتها بشكلٍ رائع ومُؤكد في هذه الحالات وفي غيرها من الحالات التي يكون فيها مستوى الكولسترول مُرتفع بشكل خطير رغم إستعمال وإستنفاذ كل الوسائل العلاجية والأدوية الفعّالة الأخرى . لكنّ هذه الأدوية الجديدة لا تزال باهظة الثمن بسبب كلفة صناعتها التي لا تزال عالية جداً. وقد وصلت هذه الأدوية الى لبنان منذ بداية تسويقها في الدول المتقدّمة، وهي مُتوفرة حالياً في الاسواق بكلفة شهرية تتراوح بين ٨٠٠ الى ١٢٠٠ دولار اميركي .
ج- تضخّم أظافر اليدين:
تشهد أظافر اليدين في بعض الامراض القلبية تغيّراً كبيراً حيث تصبح أكثر كثافة وأكثر اتساعاً، وذلك بسبب إنتاج المزيد من الأنسجة، وعادة ما يكون التغيير غير مؤلم ويحدث في كلتا اليدين، وهذا التغيير يُشير إلى مشاكل في القلب لأن الدم المؤكسج لا يصل إلى الأصابع بشكلٍ صحيح، وبالتالي تنتج الخلايا “عاملا” او مواداً تُعزّز او تزيد النمو في الأظافر في محاولة لتصحيح المشكلة.
د- وجود هالة حول القزحية:
يمكن أيضاً رؤية رواسب الدهون في العين، في شكل هالة رمادية حول الجزء الخارجية من القزحية، الجزء الملون من العين. وتسمى هذه الهالة “arcus senilis”، وهي تُصيب حوالي 45% من الذين تجاوزوا سن الأربعين، وترتفع النسبة إلى حوالي 70% لدى الذين تفوق أعمارهم سن الستين سنة.
وقد تبيّن أن وجود هذه الحلقة الدهنية يرتبط ببعض عوامل الخطر لمرض القلب التاجي اي مرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب.
ه- ظاهرة اللثة المُلتهبة وفقدان الأسنان:
من المُمكن أن تكون حالة صحة فمك أيضاً مُؤشراً جيداً لحالة صحة القلب والأوعية الدموية. وقد أظهرت الدراسات أن فقدان الأسنان واللثة المُلتهبة هي علامات لأمراض القلب في بعض الحالات.
و- الشفاه الزرقاء:
عادة ما تكون الشفاه حمراء، ولكن يمكن أن تأخذ لوناً يميل إلى الأزرق عند الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب، وذلك بسبب فشل نظام القلب والأوعية الدموية لتوصيل الدم المُكسج إلى الأنسجة الموجودة في كل اعضاء الجسم. والجدير بالذكر أنه يمكن أن تصبح الشفاه زرقاء بسبب البرد الشديد، أو بسببنقص مؤقت في الأكسجين، وهي مشاكل يمكن حلّها بسرعة، لكن الشفاه والأذنين الزرقاء عند مريض القلب هي علامات خطيرة لنقص تروية الأعضاء الناتج عن فشل او ضعف عضلة القلب.
نذكر هنا انه يمكن للأعراض الخمسة التي ذكرناها أعلاه، أن يكون لها سبب حميد أيضاً في بعض الحالات. ولكن إذا كنت قلقاً بشأن هذه العلامات، فيجب عليك الإتصال بالطبيب العام أو غيره من أخصائيي الرعاية الصحية للحصول على رأي خبير. ولذلك يجب على كل شخص عنده واحدة او اكثر من تلك العلامات التي ذكرناها ان يستشير طبيبه وان يُبادر الى إجراء الفحوصات القلبية المُناسبة: من فحص سريري وتخطيط قلب عادي او مع إجهاد وصورة صوتية للقلب. وقد تصل الامور الى الحاجة الى إجراء “القسطرة القلبية” او “تمييل شرايين القلب” من اجل وضع العلاجات المُناسبة لكل حالة بحالتها.