أدب وفن

تشارلز بوكوفسكي و قصيدة ” عبقرية الحشد “

ترجمة / سمية تكجي


تشارلز بوكوفسكي …هو الخام ، الصلف ، لا يعترف بأنصاف الحلول ،صدقه ساحق ، الكاتب “القذر” يكشف بطريقة سافرة عن رؤيته السوداء للمجتمع و خيبته الواضحة من بلاده…
ألمانيُّ الولادة أمريكيُّ الجنسية ظل يكشف الكره لها حتى مماته في حي الميناء في لوس انجلوس الذي ارتبط بإسمه
هو المتشرد ، الذي لم يكمل دراسته الجامعية ،موظف بريد ، كاتب ، كتب كل شيء و لا شيء ، هو سيد الكلمات الموجزة ،المباشرة ، التي لا تنتظر في غرفة النوم
بل ما ان يلامس قلمه الورق ،تخرج كطلقات تصيب الهدف بدقة مذهلة .

كتب اليوميات، الشعر، القصة ،الرواية، المقالات، لم يكن اي نوع ادبي عصيا عليه ، لان المجتمع كان حاضنة خصبة لكل ما هو دميم و يحفز قلمه الصادق الصاعق . و قد التزم قضايا المهمشين باسلوب جدلي في المجتمع .
مدمن على الكحول، مبتذل ، مكتئب …في قصيدته “عبقرية الحشود” ، أظهر بشكل وقح خيبته من المجتمع ، و لا زالت عبارته الشهيرة تتردد : “قل لي بماذا تفاخر، و اخبرك بما ينقصك “. في هذه القصيدة يخيم مناخ عدم الثقة نحو الآخر ، و كما يشير الكاتب الى الكره الخام و غير العقلاني كالفن الأفضل الذي يستكشفه الإنسان في لا وعيه .

و هنا نستعرض قصيدة بوكوفسكي الشهيرة “عبقرية الحشد” التي اراد فيها كشف تحليل عميق لكل المجتمع الذي يحيط به ، مجتمع بأقنعة عديدة ، يسيطر عليه الطمع ، يحتقر بمجمله كل من يعتبرهم الخاسرين لانهم خرجوا عن الإطار المرسوم و لم يلتزموا بقوانين الجموع و القطيع ، و يحاول اقصاء كل من يجد فيهم الشجاعة على التغيير أو من يجرأ أن يرى العالم من مفهوم آخر …

” عبقرية الحشد “

هناك ما يكفي من خيانة ،كره ،عنف ، حماقة عند الكائن البشري العادي …يكفي لإمداد جيش او اي يوم ..
الذين يقتلون بمهارة هم اولئك الذين يدعون التبشير ضد القتل
الذين يكرهون بشدة اولئك الذين يبشرون بالحب
و الذين يقتلون في الحرب، هم الذين ببشرون بالسلام
يتكلمون مع الله ..هم بحاجة الى الله
يبشرون بالسلام …لا يملكون السلام
يبشرون بالحب ..لا يملكون الحب
حذار من المبشرين
من الذين يدعون انهم يعرفون كل شيء
من الذين يقرأون الكتب
من الذين يكرهون الفقر ..او يفاخرون به
حذار من اولئك اسياد الثناء السريع …يمدحون بسرعة
هم أنفسهم الذين يطلبون المديح بالمقابل
حذار من اولئك الذين يمارسون الرقابة ، هم يخافون من كل شيء لا يعرفونه..
حذار من اولئك الذين يبحثون عن الجموع
فهم لا يساوون شيئا وحدهم ..
حذار من الرجال العاديين
من النساء العاديات
حبهم عادي و يبحثون عن العادي
لكنهم عبقريون حين الكره …عبقريون كفاية كي يكرهوك لدرجة قتلك
و قتل اي احد آخر
هم يخافون الوحدة
و لا يفهمون الوحدة
هم يحاولون تدمير كل شيء يختلف عنهم …
لأنهم غير قادرين على خلق الفن …
و يعتبرون ان عجزهم على ان يكونوا فنانين هو تدمير للعالم …
لأنهم غير قادرين على الحب ، يعتبرون حبك غير مكتمل و يكرهونك
و كرههم يصبح مكتملا
مثل ماسة شديدة اللمعان
مثل موسى للحلاقة
مثل جبل
مثل نمر
مثل السم ..و هذا افضل فنهم …

المصدر / cultura inquieta

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى