“صدِّق. لا تصدّق”
“قصّة شعريّة”
لصّ الغابة فأرًا صار
طاردته العيون
حاصرته الأقفاص
غادره الأنجاس
طائعًا نحو المصيدة وحيدًا سار
الطريدةُ في القفص.
- من قال؟
- الإعلام كاشف الاسرار
- الإعلام. أفٍّ من الإعلام!
- الخبرُ صحيح ألا تصدّق؟
- سلامًا على “توما”. بلى سمعت فصدّقت. لكن!
- ماذا؟ شاعَ الخبرُ وانتشر
- الدخان انقشع. ما وقعه؟
زغرداتٌ مخنوقةٌ تخترقُ جدران الصمت.
أحلام خضراء تشتعل.
جيوب المفلسين عاقر. تحلم بالحمل بعد يأس
- لا تقنطوا من رحمة الله (قال)
- أنعم وأكرم وعلى الباغي تدور الدوائر
- أكمل أكمل
- أعناق الفتيان تعتصر الفرح، تتّلع
الشوق أحلامًا كبيرةً يلتمع
حدقات المقهورين تحتضن الضوء دهشة تتسع. - لا أصدِّق. لا أصدِّق.
- أنظر. أقرأِ المشهد الآخر.
- ما به تفضّل؟
- ربطات العنق حبال المشنقة.
تجرض الريق
خلاصًا تبتغي، تبتدع. - أعلى وميض البرق؟
- بل على حذر
من مصير منتظر. - ما حال المودعين قل؟
- آذان ترجِّع الأنين، وأصوات المنهوبين.
تلفظ ما فيها من يأس وهزيمه.
تعدّ للثأر أعراسًا
تسمع. ترى. لا تصدِّق. - نصّدق، لا نصدِّق
- ما وراءك يا عمّ؟
لم لا تصدّق؟ - عمرًا مديدًا في البلاد البعيدة قضيت
شقيت تعبت
جعت عطشت، لغير الله ما ركعت
جنى العمر حملت
في مصارف وطني أودعت - وبعد؟
- ألا تعرف تفاصيل الحكاية أنت؟
- بلى. ولكن؛ بم تحلم تتمنّى؟
- أصفادًا وسلاسل
وسياطًا
تلسع أرواح اللصوص، تكوي الجباه. الجنوب، والأيدي وتكبّل. - وأنت ماذا ترى؟
- نقطة ضوء في نفق
- أيّ ضوء في وطن العتمة هذا؟
اتقِ الله وحدّق
حدِّق جيّدًا.
أعدِ النظر - نرجوها بقعة زيت على صفحة الماء تكبر. تتّسع.
- الزيت سريعًا يشتعل
- ماذا تقصد؟
- إنّ اللبيب…
- فهمت سيضرمون النار فيها
فتختفي آثارها - من ذا الذي يجرؤ؟
- العصابه
- العصابه العصابه. ما أقذر العصابه. سرّاقة نهَّابه.
كتبت الجرائد - لم أقرأ بعد هات
- أللصوص أسنانهم تصطكّ.
جلودهم ترتجف. جبناء هم. - أمن السهام والقوس؟
- بل من السجن والعاصفة.
- أيّ عاصفه؟ فالعواصف عديده. العواصف شديده.
- لا تصدّقِ. مهزلة.
مسحت زرقاء عينيها وقالت:
- وأنا. لا أصدّق. سأقول ما بفكري يجول:
لسبب ما جذع قصير أنفه. - أحسني الظنّ يا امرأة
- قصّر أحلامك يا فتى
- لا تبوحي بالسرّ يا زرقاء. فعيناك والسرّ سواء بسواء.
- لم يعد في العمر سعه. لا تصدِّق. لا تصدِّق، وبعد، خذ منّي وصية:
لا تعلِّق الآمال على شجر الأماني،
فالشجر مشهور
بسوس العبث منخور، والأحلام سراب.
الأفواه صحارٍ قاحله
رملها ينسج للعطش ألف صوره.
وجهها المشقّق يرجّع صوت الوجع مرّات كثيره.
لا تصدِّق، ولو رأيته مستقيما - إلامَ ترمين؟ لا أفهم!
- القوس.. “هل يستقيم الظلّ والعود أعوج”؟
- المظلومون صاحوا. بالحلم باحوا:
استقام استقام - امدد بصرك ترَ:
- العود صغيرًا يستقيم
- أحسني الظنَّ يا امرأة، فليس الكلّ سواء
- ليس الحدث بجديد، والصبح ليس ببعيد
انتظر تر
انتظر ترَ - سلام
- على المنتقمين سلام
د. علي حجازي
بيروت في 5/9/2024
