أدب وفن

من خوابي “كارة و كوارة ” لكارولين زغرب طايع

سمية تكجي *

يقول غابرييل غارسيا ماركيز:” ان اكبر مصدر للإلهام هي الطفولة و الحنين …”هي الطفولة…مرحلة تبصم في شخصية الكاتب بأصابعها العشرة.

لوحة غلاف “كارة و كوارة ” بريشة الرسام هادي يزبك

هذا حال الروائية و الحكواتية كارولين زعرب طايع ابنة علما الشعب القرية الجنوبية التي كان لها حصة وازنة في قصص” كارة و كوارة ” …لا تنفك الطفلة المتربعة في روحها تدهشنا بمساحات ذاكرتها الطويلة الأجل …بل هي اكثر… هي ذاكرة متوثبة طازجة ، لا تذهب الى الماضي لان هذا الماضي حاضر و ممزوج بكل خلية من خلايا حبرها …!!

هي و حبرها صنوان

لا نقدر ان نتكلم عن اعمال كارولين الأدبية دون ان نغوص في شخصيتها فكارولين و حبرها صنوان …جميل هذا التناسل الروحي و هذا التماهي …هي نفسها بعفويتها التي لم يطلها مقص التكلف او البحث عن المفردة المزخرفة …تنسكب كارولين على الورق كما يتسكب الينبوع من جذور الأرض، هي إبنة اللغة المحكية التي تشبهها …تنبت من الأرض ..طبيعية ..عفوية ؛ تلغي الحواجز بينها و بين القارىء … عفوية و بساطة فصيحة تمنح حبرها الواقعية و الصدق.

الحكواتية و الروائية كارولين زغرب طايع خلال حفل التوقيع تلتحف العلم اللبناني

” كارة و كوارة ” الإسم طاعن في السن و صعب يأخذك بيدك لتهاجر عكسيا في الزمان و المكان على السواء ، اللوحة التي تزين الغلاف يحرسها الطيف الأزرق تنقذك و تدلك الى الجهة المقصودة هنا : التراث و الأصالة

فتعود المفردات التي اكل الدهر عليها و شرب … تعود يافعة تنفض عنها غبار السنين و تتجلى بحلة الحاضر …!!

هي قصص الحنين للزمن الجميل

بين القصة و المسرح

غالبية القصص في” كارة و كوارة ” لها قابلية واضحة لتتحول الى اعمال مسرحية
السيناريو
حركة الشخصيات
الأصوات
الديكور
الوصف و غيرها من المقومات …

لذلك نرى خيطا رفيعا يفصل بين القصة و العمل المسرحي في” كارة و كوارة”
هي قصص مناسبة لكي تُقرأ و تحكى و مناسبة ايضا لتكون عملا مسرحيا من دون تغييرات تذكر في النصوص…و الدليل انه تمسرحت مع ابطال بيت الرجاء الذين أجادوا نقلنا الى عوالم بعض القصص قبل ان نقرأها و كون القصص مليئة بالحوار و السيناريو بين الأبطال التي تسهل للقارىء و المشاهد ان يفهم مجريات القصة عبر متن هذا الحوار…

المفردات القديمة و احياء التراث

تجعلنا الكاتبة كارولين زغرب طايع نعود الى تجربة الرحابنة الذين استفادوا من التراث و اعادوا مقاربته في اعمالهم بحداثة دون المساس بالجوهر

و ذلك عبر المفردات الشعبية التراثية التي تحمل عبق التاريخ و قصص المجتمع
و تعكس التقاليد و العادات و خاصة في الأغاني التي كانت في النصوص لها دلالات كبيرة و خطوة موفقة في احياء التراث

*شاعرة و قاصة لبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى