أدب وفن

“الطوفان”…قصيدة الشاعر عارف الساعدي/ العراق

الطوفان

الطـــــــــــــــــــــــــــــــــوفان

ناديتُه وخيوط الصوت ترتفعُ

هل في السفينة يامولاي متسعُ

ناديتُهم كلَّهم هل في سفينتكم؟

كأنَّهم سمعوا، صوتي وماسمعوا

ورحتُ أسألُه ياشيخ قسمة من

نجوتَ وحدك، والباقون قد وقعوا؟

وهل سترتاح؟ هل في العمر طعم ندى؟

وأنت وحدك والصحراء تجتمعُ

وكيف تبدأ هذا الكون ثانيةً

وقد تركتَ الفتى والموج يصطرعُ

أنا صغيرك، إقنعني وخذْ بيدي

أم أنت بالموت والطوفان مقتنعُ

الماء يأكل أحداقي وتبصرني

كيف استرحت وعيني ملؤها هلعُ

وهل ستذكر؟ قبل الموت كيف دنا

عيني تضيق، وعين الموت تتسعُ

وهل تنام؟ وفي عينيك نابتة

عيون طفلك والالعاب والمتعُ

أم سوف تنساه مزروعاً بخاصرة

الطوفان، يركله الطوفان والفزعُ

ياشيخ ذاكرتي الأولى ويا أبتي

ويآالذي ضاق بي تقواه والورعُ

أكتافك السمر ياما قد غفوتُ بها

وصدرك الفرح المنسيُّ والوجعُ

كل التفاصيل مرَّت في مخيلتي

البيتُ والأهلُ والأشجارُ تجتمعُ

صدى غراماتي الاولى وأسئلتي

والقبلةُ البكر والأسرار والخدعُ

مرَّت سريعاً عليَّ الناس والتصقوا

في دمعتي وعلانا الموج فانشلعوا

كل الحكايات يامولاي تبصرها

وتزدريها، لهذا حزننا جشعُ

أنت الذهبتَ بعيداً عن مواسمنا

لتصنعَ الكون لاخوفٌ ولاطمعُ

ماذا صنعت؟ وهذي الناس ثانيةً

من كل ليلٍ إلى سوءاتهم رجعوا

صاغواملامح موت لايليق بنا

وحزمةً من منافٍ فوقنا وضعوا

واورثوا كل شيب الارض في دمنا

متنا كثيرا وقلوا موتكم جرع

لاجل من انت يامولاي ترفضني

لاجلهم اكلوا الدنيا وماشبعوا

وهاهم زرعوا الانهار خيط دم

وكم حصدناه في صمت وكم زرعوا

ماذا صنعت اذن مولاي معذرة

كلي سؤال وشكي كله بقع

هل اقتنعت بهذا الكون ياابتي

ام نهر حزن لهذا الشيب يرتفع

ياكم بكيت عليك الان ياابتي

فقد غرقت كثيرا عندما طلعوا

اني لابصر في عينيك ياابتي

اشجار خوف بلا خوف ستقتلعُ

وقد رايتك ندمانا ومنكسرا

وفوق حزنك ينمو سكّرٌ ورعُ

نحتاجك الان للطوفان ثانيةً

فربما نصف طوفان وننتفعُ

فاصنع سفينتك الأخرى وخذ بيدي

فإنَّني الآن بالطوفان مقتنعُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى