الفكر العربي ومرض الخطابة والمقدس / بقلم الدكتور محمد مسلم جمعة

الفكر العربي ومرض الخطابة والمقدس
من المعوقات المعرفية التي تقف في وجه الخطاب العربي مرض الخطابة المتمثل بسحر الكلمة وقدسيتها ,وهذا الأمر ينسحب على الفكر العربي ,فيحل اللفظ مكان التفكير الذي يتحول الى طقس من الترداد الصوفي للعبارات ,وهذا ما أسهم في بناء عقل ركيزته الوصف والمدح والهجاء بقدرات كبيرة لاحدود لها ,لكنه عاجز عن التفكير الهادىء والتحليل والتأمل . من مظاهر ذلك : الجملة الثورية العملاقة في الفكر السياسي العربي في الستينات والسبعينات ,يضاف لها حذلقة لغوية متمثلة في هذا الزمن بميثيولوجيا لفظية تطغى على فكرنا .
الحل بنقد الفكر المشبع بالألفاظ ,وإزاحة السلطة المقدسة للملفوظ ,وهذا يتطلب إعادة تحليل وتفكيك شحناته الدلالية الأيديولوجية الخفية ,وصولا إلى كشف المستور بين اللفظة ودلالتها ,بين المبنى والمعنى ,بين الفكر وموضوعه .
وهذا الأمر يقودنا الى فهم موضوعي للتاريخ وذلك من خلال معرفة بعده التاريخي ,و معرفة الشروط المحيطة بالموضوع ,لندع جانبا سياسة التأويل ,الذي يجرد الموضوع من لاتاريخيته ( الصراع بين المصادر – أوروبي – اسلامي وأثر ذلك على تصدع وتفسيخ بناء الوعي التاريخي .
إن الإنتصار للمرجع الإسلامي ضد الأوروبي ,واعتباره المنظومة الشرعية للتفكير في الحاضر هو تجريد للمرجع من تاريخيته الخاصة ,أي ممارسة قراءة فكرية له تعزله عن ظروف وجوده .
كما أن الإنتصار للمرجع الفكري الأوروبي على المرجع الإسلامي والتمسك بشرعيته كمنظومة ,إنها ممارسة تجريد صريح لتاريخية ذلك الفكر وعزل له عن ظروفه ,وبهذا يقع الفكر السياسي العربي في اشكالية التوجه المصدري نحو الماضي أو المستقبل وكلاهما تاريخ ,وبذلك يهمل الحاضر وبهذا يفكر خارج تاريخه الفعلي