منتديات

لقاء حواري شامل بعنوان ” الإخاء الديني- حماية التنوع الديني في المشرق “في مركز لقاء في الربوة

الشرق نموذج  للتنوع الديني – الأديان السماوية تحمي هذا التنوع وتدعو إليه.

انتشار التطرف والعنف يأتي من خارج سياق التجربة الدينية الإسلامية والمسيحية.

المطلوب مواجهة كافة أشكال التطرف والعنف و القيام بمبادرات عملية لحماية التنوع الديني.

في أجواء الأعياد الميلادية المجيدة وبدعوة من المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت ومركز لقاء في الربوة – انطلياس وملتقى الاديان والثقافات للتنمية والحوار ومنتدى تحولات انعقد لقاء حواري شامل بعنوان  الإخاء الديني- حماية التنوع الديني في المشرق ,في مركز لقاء في الربوة بمشاركة حشد كبير من الشخصيات الدبلوماسية والثقافية والدينية والفكرية والإعلامية والتربوية سواء من خلال الحضور المباشر أو عبر المشاركة الالكترونية من خلال تطبيق زوم والقيت العديد من الكلمات التي أكدت على أهمية التنوع الديني في الشرق وكيفية حمايته وتعزيز ثقافة التنوع الديني واقيم أيضا معرض لمشاهد حول التنوع الديني تضمن صورا لكنائس في ايران والعالم الاسلامي ولبنان  , فضلا عن عرض لايقونات و افلام وثائقية عن التنوع الديني في غرب آسيا.

وقد بدأ اللقاء الحواري بكلمة ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار ,القاها امينه العام العلامة الشيخ حسين شحادة والذي نقل تحيات رئيس الملتقى العلامة السيد علي فضل الله وأكد على أهمية هذا اللقاء الحواري وكيفية تعزيز التنوع الديني.

الشيخ شحادة قال : لا يمكن حماية حرية التنوع الديني  في الشرق دون الاعتراف بحرية المعتقد  واحترام الحق في الاختلاف والسعي لبناء الدولة المدنية العادلة دولة المواطنة الكاملة .

اضاف شحادة فاجعة الواقع المرير تتلخص في انهدام بنيان الأمة في أمنها الديني وأمنها الاجتماعي وأمنها السياسي لتتكشف أمام أعيننا الحقيقة الموجعة أن مشكلة الأمن الديني في شرقنا العزيز ليست في اختلاف الأديان بل في سياسات أنظمة الفساد والاستبداد التي تلعب بأحزان الشرق ومصيره، كما تلعب بأديان السماء فذهبت بعيداً بأبشع ما شهده العالم من مخططات سرطنة الدين ليصبح أداة من أدوات القتل والتقسيم والإرهاب.

ثم تحدث المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار والذي عرض لتجربة التنوع الديني في إيران ودور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حماية التنوع الديني في الشرق.

فأكد  على أن التنوع الديني هو معلمٌ تاريخيٌّ جماليٌّ تميز به المشرق بشكلٍ خاص وجذب إليه الغرب تارةً بالأخذ منه ومن غناه الحضاري وتارةً بمحاربته ومحاولة تقويض قوته واتحاده.

         أضاف الدكتور عباس خامه يار ان  التعايش بين المسلمين والمسيحيين في إيران يعود إلى أكثر من 400 عام، وقد جاءت الثورة الإسلامية لتكرّس هذا التعايش وتنظم فيه التعاون والحقوق والمواطنة.  

 وكانت الكلمة بعد ذلك لمدير مركز لقاء كمال بكاسيني الذي رحب بالمشاركين داعيا لتعزيز المبادرات العملية لحماية التنوع.

اضاف بكاسيني علينا أن نعيد إحياء التعايش المشترك، قال بكاسيني الوحدة الوطنية، الصلح والسلام. نحن أمةٌ بمستقبلٍ مشترك علينا أن نعيشَ إلى جانب بعضنا البعض بالتوكل على الله، التواصل المشترك، من أجل الوصول إلى العيش المشترك. علينا أن نحافظ على التنوع الديني، وأن نضع مفاهيمنا المشتركة مع بعضها البعض ونتوحد لأن منطقتنا تعيش اليوم ظروفاً صعبة. مستقبلنا واحد، لذا علينا أن ندافع عن تنوعنا، حريتنا ووجودنا إلى جانب بعضنا البعض.

والقيت بعد ذلك العديد من المداخلات التي أكدت على التنوع الديني وكيفية حمايته وتعزيز ودور الأديان في حماية التنوع .

وقد أصدر  المشاركون في ختام اللقاء بيانا أكدوا فيه على أن الشرق كان نموذجا للتنوع الديني وان الأديان السماوية تحمي هذا التنوع وتدعو إليه، حيث إن كل التجارب العربية والإسلامية كانت نموذجا مهما لحماية التنوع وإن انتشار التطرف والعنف يأتي من خارج سياق التجربة الدينية الإسلامية والمسيحية، لذا فالمطلوب اليوم العمل على مواجهة كافة أشكال التطرف والعنف والقيام بمبادرات عملية لحماية التنوع الديني وإشراك الشباب والطلاب في كافة الأنشطة الحوارية وتعزيز ثقافة التنوع وقبول الآخر ومواجهة كل من يعمل على الترويج للعنف أو الإساءة للاخر ونشر ثقافة الكراهية.

المتحدثون تكلموا  مباشرة وحضوريا  او عبر منصات  زوم الالكترونيه , فكانت كلمة

المستشار الثقافي المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار الذي تكلم عن  مسألة التنوّع الديني في المشرق تحديداً،  واعتبر أنّ الإسلام جاء متمّمًا ومكمّلًا للمسيحية وليس على تعارضٍ معها.

اضاف خامه يار  وقد قالها الإمام الخميني صراحةً لطلابه في نوفللو شاتو حين سألوه ماذا سيكون مصير المسيحيين في إيران ما بعد الثورة؟ قال: سيكونون أحراراً مثل باقي الإيرانيين وسيعامَلون بالعدالة الكاملة. ليسوا فقط أحراراً بل واجب الدولة أن تدافع عن حقوقهم, ولا فرق بين المسلم والمسيحي واليهودي أو أي مذهبٍ آخر. إنه حقٌّ منحهم إياه الله.

        يوم عاد الإمام الخميني إلى إيران، استقبله بين الوفود وفدٌ يمثل المسيحيين في البلاد. وبعد الثورة زار المطران أرداك مانوكيان الإمام مع أعضاء مجلس الأرمن. وعندما توفي المطران مانوكيان دفن في كنيسة القديس سركيس في طهران.

        الجدير ذكره ان الامام  الخميني بعد انتصار الثورة كان يلتقي بالمطارنة في العديد من المناسبات  و من كل الطوائف المسيحية والاقليات الدينية.

        توجد اليوم أكثر من 50 كنيسة في طهران وحدها، و300 كنيسة في كل إيران أي كنيسة لكل 500 شخص تقريباً

        اضاف الدكتور عباس خامه يار افتتحت مدارس المسيحية التي كان قد أغلقها الشاه وتم تطوير تعليم اللغة للأرمن وإنشاء المدارس والجمعيات لهم.

        يساهم المسيحيون اليوم في المجلس النيابي وفي قطاع الفن والمسرح والسينما وكافة المجالات في البلاد. لا تخلو ساحةٌ من الوجود المسيحي وحتى اليهودي.

        اللافت هذا التنوع الديني والتعايش الجميل بينهم. فنرى المسيحيين يحيون ذكرى عاشوراء والأعياد الإسلامية وترى المسلمين يهنئون المسيحيين في أعياد رأس السنة الميلادية وفي ميلاد السيد المسيح (ع), حيث تعجّ الشوارع بأشجار الميلاد والزينة وثياب سانتا كلوز وغيرها.

        بلغ عدد الشهداء المسيحيين في الدفاع المقدس 118 و 180 من الأديان الأخرى.

        لقد كرست الثورة روح التنوع الديني والحوار المفتوح خلافاً لسلوك الدول الغربية في تعاملها مع الأقليات الدينية وترويجهم للإسلاموفوبيا والعنصرية العرقية

        المادة 13 من الدستور الإيراني تنص على أن الإيرانيين الزرادشت واليهود والمسيحيين يتمتعون بحرية أداء مراسمهم الدينية. وتنص المادة 14 على أن الحكومة الإسلامية يجب أن تعامل غير المسلمين بالتسامح والأخلاق الحسنة والقسط والعدل وأن تراعى حقوقهم الإنسانية.

         وقال الدكتور عباس خامه يار لقد  أعلن رئيس اتحاد الآشوريين في طهران “البرت كوجويي” بأن الآشوريين لا يشعرون بالانتماء لأي دولةٍ أخرى مثل انتمائهم إلى إيران، ويعتبرونها وطنهم الحقيقي. ومقر الاتحاد العالمي للآشوريين يقع في طهران. كما أن لهم ممثلاً في مجلس الشورى الإسلامي.

        هذا إلى جانب حقوق اليهود والزرادشتيين التي لا تقلّ عن حقوق المسيحيين وما يتمتعون به من حريات.

        اكد الدكتور خامه يار ربما قدّمتُ لكم نبذةً موجزة عن واقع التعايش الديني في إيران التي هي جزءٌ أساسيٌّ من هذا المشرق الذي يواجه كافة التحديات لتقويض وحدته وصورة التنوع والتعايش السلمي الجميل فيه.

        ما أريد قوله  قال الدكتور عباس خامه يار

هو أن التنوع أساس القوة. وأنّ هذا التعايش هو ظاهرةٌ نفتخرُ بها ونتمسكُ بها ونعتبرها معلماً حضارياً تاريخياً لا غنى عنه في مسيرة التقدم والتطور المعرفي والثقافي

        هذا التنوع والتعايش دافعنا عنه على مدى عقود، لكي يظلّ صورةً أصيلةً عن هويتنا. وقد قلتُ الكثير خلال الأيام السابقة في لقاءاتي مع أصحاب السيادة والمطارنة ممن التقيتُهم مؤخراً إننا دفعنا ثمناً باهظاً في سبيل بقاء هذه الجمالية المشرقية وهذه الفسيفساء الإسلامية- المسيحية. والشهيد قاسم سليماني الذي نعيشُ اليوم الذكرى الأولى لشهادته هو خير دليل وهو صاحب الدور الكبير في إحلال الأمن في المناطق بغض النظر عن انتماءاتها وهويتها الدينية.

        دافع الشهيد سليماني عن الإنسان بدون استثناء حتى في المدن العراقية والسورية المسيحية وكان يتواجد حيثما حلّ الإرهاب ليدمر حياة الناس وينتهك حرماتهم.

        : وختم الدكتور عباس خامه يار كلمته بالقول

 هذا التعايش ليس مراعاةً ولا مجاملةً بل هو ضرورةٌ اجتماعية حضارية تمسكنا بها وسنتمسك بها دائماً وجاهزون لدفع باهظ الثمن دفاعاً عنها. الدماء التي بذلها الشهداء من المسلمين والمسيحيين في الدفاع المقدس خلال الحرب المفروضة كانت خير شاهدٍ على هذا الإصرار على الوحدة والتنوع والتعايش السلمي الجميل

مار ثيوفيلوس جورج صليبا – مطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس ،أعتبر ان المطلوب خطوات عملية لتعزيز الاخاء الديني. وان اللقاء والحوار وقبول الاخر مبادئ سامية يتميز  بها الانسان وحده في خلائق الله المنظورة  وغير المنظورة فالحوار اذا التقى متحاوران على طاولة واحدة فخمسون بالمئة من الموضوع يكون قد تحقق للوصول الى التفاهم.

المطران صليبا  راى ان اللقاء هو ايجابي غالبا ,أما قبول الاخر فهذه فضيلة والتزام وتكريم عندما يعتبر المحاور انه مستحق ان يُتناقش معه في الموضوع المطروح يسهل المهمة  على احسن مايرام لان قبول الاخر فضيلة من السماء انا اقبلك كما انت وانت تقبلني كما انا لاسيما في المواقف العامة والشؤون الانسانية والاخلاقية والدينية.

فكل انسان له مبادئه وافكاره واهدافه وهي متبادلة بين الناس بل هي مدعاة للتفاوض واحترام الاخر ايضاً

خلال زيارتي إلى إيران، هذا البلد المسلم والشيعي، عليّ أن أقول إن الكثير من المسيحيين بعد انتصار الثورة الإسلامية للإمام الخميني، شعروا بالقلق على مصيرهم، والكثيرون هاجروا إلى الخارج لكن بعد عدة سنوات، تغيرت نظرة المسيحيين إلى سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولاحظوا الفرق الشاسع بين سياساتها ما بين زمن الشاه وما بعد الثورة حيث تحسنت أحوالهم كثيراً بعد الثورة. بعد لقائي بالإمام الخميني ومن بعده الإمام الخامنئي، رأيت تعاملهما الإنساني والمحترم، وأرجو أن تقتدي الدول العربية بهذا السلوك الإنساني للجمهورية الإسلامية الإيرانية مع المسيحيين والأقليات.

 وختم المطران صليبا   ان المجتمات تبنى على اساس هذا اللقاء وذاك الحوار بل قبول مبادئ الاخرين وان كانت الاطراف غير متفقة كلياً وكما نقول في العامية  لكلٍ دينه وللانسان الالتزام بما حصل وعند الاختلاف تسهل الامور بالخبرة والتجربة وتوسط اصحاب الخير.

وانا اميل الى التزام الحوار لانه بالنتيجة يؤدي الى نتائج ايجابية.

اما الشيخ زياد الصاحب عضو المجلس الشرعي الاسلامي ورئيس جمعية الفتوة الاسلامية فأشار الى ضرور تضافر الجهود من اجل مجتمع يحترم الاخاء الديني ، فكل الرسالات السماوية هدفها سعادة الإنسان بغض النظر عن الطوائف والتوجهات، فالإسلام والمسيحية يؤمنون بالله الواحد، القيامة والعمل الصالح للوصول إلى الجنة. والإسلام يعتبر الرسائل السماوية مكملةً لبعضها البعض. لذا فإذا كنت تؤمن بالمسيح وتحب الإسلام فهذا لا يعني بأنك لم تعد تؤمن بالمسيح وإنما الأديان تكمل بعضها البعض.

  من جهته  الوزير  والنائب السابق الدكتور عصام نعمان تحدث عن العناصر الضرورية لقيام الاخاء الديني ومن ضمنها وحدة المجتمعات الوطنية كأساس حاضن للإخاء الديني.

الدكتور  عصام نعمان  قال:

 ان ثمة واقعة في فهمنا في مجتمعاتنا ي

غفلها كثيرون من الباحثين والعاملين في الشأن العام هي التعددية العميقة، الراسخة واحيانا المرهقة التي تميّز مجتمعاتنا في مشرق العرب بل في منطقة غرب اسيا الممتدة من شواطئ بحر قزوين شرقا.

قد يجهل البعض انه في عهد الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز » كان عدد المسيحيين في بلاد الشام اكثر من المسلمين . حتى عندما كان نابليون بونابرت يقرع اسوار عكا قبل سنوات قليلة من انبلاج القرن التاسع عشر عام 1800 » كان عدد المسيحيين في بلاد الشام متساويا مع عدد المسلمين » مع تعايش كامل بين الجماعتين . واذا اعترض البعض مشيرا الى فتنة 1860 الطائفية في جبل لبنان ، اقول ان الدافع الرئيسي الى تلك الفتنة لم يكن دينيا او فئويا بقدر ماكان طبقيا. ذلك ان القناصل الاجانب الذين كانت السلطنة العثمانية قد سمحت لدول اوروبا بأن تزرعهم في بيروت ودمشق وحلب وغيرها من مدن بلاد الشام ، تعاونوا في محيطهم مع جماعات التجّار والوسطاء ورجال الاعمال والذين اصبحوا اكثر ثراء ونفوذا ، الامر الذي اثار غيرة جيرانهم وتسّبب لاحقا في نزاعات وصراعات احسنت القوى الاجنبية في استغلالها لتعميق الخلافات في سياق محاولاتها الدؤوبة لتفكيك كيان السلطنة العثمانية.

اضاف  د. عصام نعمان  ثم ان سلطات الانتداب الفرنسي تبّنت في الواقع التوزيع الطوائفي للمناصب الذي كان معمولا في مجمل ادارة متصرفية جبل لبنان وفرضته في النظام الجديد لدولة لبنان الكبير، ولاسيما في تركيبة مجلس النواب.

والمؤسف ان الحكومة التي اعقبت استقلال لبنان سنة 1943 لم تقم بادخال اية تعديلات جوهرية على دستور لبنان والممارسة السياسية في البلاد ، فكان ان تعّمقت الطائفية السياسية سيّما وان اطراف المنظومة الحاكمة اعتمدوا بل استسهلوا استخدام الدين والطائفية  وسيلة لدعم سلطتهم وصون نفوذهم , الامر الذي ادّى  اندلاع ازمات سياسية واجتماعية خانقة على النحو الذي نجد فيه حال لبنان الان.

د. عصام نعمان رأى ان  السبيل الوحيد لاخراج لبنان من ازمته المزمنة هو اعتماد وبناء نظام دولة المواطنة الديمقراطية التي تقوم على اسس الحريّة وحكم القانون والعدالة والتنمية والابداع الحضاري

 وختم د. عصام نعمان كلمته قائلا:

  باعتماد دولة المواطنة نخرج من تقليد وبالتالي نتخطّى شعار فصل ” الدين عن الدولة” الى مطلب ومسار فصل الدولة عن الدين . ذلك ان المسؤولين السياسيين بمختلف انتماءاتهم ، هم الذين يستخدمون الدين والطائفية لدعم سلطتهم وحماية مصالحهم ، ويتعاونون في هذا كله مع امراء الطوائف غير المتدينين والساعين بلا كلل الى ترسيخ نفوذهم وحماية مصالحهم.

من جهته امين عام مؤسسة  العرفان التوحيدية الدكتور الشيخ سامي ابي المنى تحدث عن الإخاء الديني- حماية التنوُّع الديني في الشرق فقال :   

على تنوُّع انتماءاتكم المذهبية والروحية، وأنتم تتشاركون في حواركم وتؤكِّدون معاً باهتمامكم على أهميّة حماية التنوُّع الديني في الشرق، كأنَّنا وإيَّاكم جميعاٌ رَكْبٌ جمعتنا مسيرةٌ توحيديةٌ مشرقية، ورُكَّابٌ في سفينة الإنسانية العابرة للحدود، ننجو بنجاتها ونهلَكُ بهلاكِها، ونحن المُستخلَفون على هذه الأرض، وفي كلا الحالَين، نتحمَّل المسؤوليةَ ثواباً أو عقاباً، ومن هنا أهميةُ الحوار والبحث والتلاقي على قواسمَ مشترَكة ومساحاتٍ جامعةٍ آمنة بحثاً عن الخلاص وعن معنى الحياة.

من البديهيّ القول بالأخوّة الدينية بأنها أهمُّ من أية أخوَّة أخرى، دموية أو عرقية أو إنسانية، لما للرابط الروحي من أهميةٍ وتأثير بالغَين، وقد استندنا في حواراتنا إلى قول الإمام علي (ع): “الناس صنفان، إمَّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخَلق”، فالأخوّة واقعٌ لا يمكن تجاهلُ أهميتِه، وهو على درجاتٍ متفاوتة، فالأخ يمكن أن يكونَ من والدَين أو من والدٍ واحد، او أخَ الرضاعة والطفولة، كما أنّ الأخوّة الدينية لا يمكن أن تكون على مستوىً واحدٍ من الرفعة والقُربى، فهي ربما تكون ضاربةً في صميم الروح والوجدان، كما يمكن أن تكون تعصُّباً أو تطرُّفاً، سطحيةً أو هامشية.

الدكتور الشيخ سامي ابي المنى  قال :

“لا يعني ذلك أن النظارة في الخَلق أقلُّ شأناً من الأخوَّة الدينية، أو أنها تدعو إلى الفُرقة والعداوة والكراهية، فهي واقعٌ أيضاً لا يمكن تجاهلُه، كالأُخوَّةِ تماماً، فأنا نظيرٌ لك في الخَلق؛ في الحاجة كما في الحالة، نظيرٌ لك في العمل، في السكن، في الاهتمام الوطني والإنساني، وفي التصدّي للقضايا المشتركة، والتعاون والعمل معاً لمواجهة التحديات والأزمات، وكلُّ تلك الحالات على جانبٍ كبيرٍ من الأهميّة والمكانة”.

“إنَّ التنوُّع الذي نعيشه في وطننا وفي بلادنا وشرقنا يوجب علينا التعامل معه بإيجابية، تفهُّماً وإدارةً وعيشاً واحداً واستفادةً من غناه وميزاتِه، كيف لا؟ ونحن نلتقي من وجهات ثلاث على حدِّ قول المفكر اللبناني كمال جنبلاط: “من وجهة المعتقد” إذا ما تعَّدينا الحرفَ والشكلَ والمظهر إلى حقيقة الإيمان والعرفان، ومن “وجهة الاجتماع البشري” كوننا نعيش في مجتمعٍ واحدٍ نتقاسم فيه الخبزَ والملح ومقوِّمات الحياة وهمومَها، ومن “وجهة الحضارة” كوننا ورَثةَ حضارةٍ مشرقية واحدة تشاركْنا معاً في بنائها على مرِّ التاريخ؛ مسلمين ومسيحيين، وكنَّا، وما زلنا، ودائعَ لدى بعضنا بعضاً، نحمل أمانة الحفاظ واحدُنا على الآخر، وهذا هو جوهر المواطَنة الحقَّة التي تحتضن كلَّ هذا التنوُّع”.

أمَّا كيف نحافظ على الأُخوَّة وكيف نحمي التنوُّع؟ فممّا لا شك فيه أنّ الحفاظ على الأُخوَّة الدينية يكون بتجريدها من التعصُّب والتطرُّف والانغلاق، والسير بها إلى رحاب الأخوَّة الإنسانية، وقد نجح قداسة البابا وسماحة شيخ الأزهر عندما وقَّعا في أبو ظبي على وثيقة “الأُخوَّة الإنسانيّة”، وكأنَّ في ذلك تجاوزاً للأخوّة الدينية إلى ما هو أوسع وأشمل، بما لا يعني التنكُّرَ لها، بل التأكيد عليها والاستناد إلى ركائزِها وروحيَّتِها وأبعادِها.

وشدد الدكتور الشيخ سامي ابي المنى على انه  كما أنّ حماية التنوُّع لا بدَّ أن تنطلق من التأكيد على مفهوم الأخوَّة، بتأكيد الهوية الروحية الذاتية، لا التخلُّصَ منها، والانفتاح على الآخرين في المجتمع والوطن والمحيط القريب والبعيد، بالمشاركة والتكامل في تكوين الهوية الوطنية الجامعة والهوية الإنسانيّة الأوسع. ولكن من أجل حماية هذا التنوُّع الموجود والقائم واقعاً، والذي لا يجوز إغفالُه والاعتداء عليه، فمن الضروري احترامُ المُكوِّن الشريك مهما كان حجمُه العددي، وفهمُه وتفهُّم هواجسِه، والتعاطي الإيجابي معه، وعدمُ الاعتداء على تراثه وقِيَمِه ومقدَّساته التي لا تتعارض مع التراث الوطني والقِيَم الوطنية والنظام العام؛ وهذا الاحترام لا يكون شكليَّاً أو مُجامَلةً، بل يكون بالتزام شروط المواطَنة الجامعة، القائمة على العدل والمساواة، وعلى احترام القواعد والقوانين، وعلى تقدير الكفاءات والعمل البنَّاء.

ربَّما يكون في كلامنا شيءٌ من التنظير المُفعَمِ بأمانة التعبير، ولكنَّ ذلك لا يَنفي وجودَ تحديات واقعية تهدِّد التنوُّعَ في وطننا وبلادنا المشرقية، ونحن نعلم جميعُنا أنَّ احتلالَ الدولِ واغتصابَ الأرض وتسلُّطَ الأنظمة وغيابَ الديمقراطية ومصادرةَ الحريات والاعتداء على الأقليات وتأجيجَ مشاعر التعصُّب الديني والابتعادَ عن جوهر الدين وروحيَّتِه؛ كلُّ ذلك أدَّى إلى المسِّ بواقع التنوُّع وجمالِه وغناه، فأصبح فريسةً للإرهاب والعنف والتطهير المذهبي والطائفي في أكثرَ من بلدٍ عربيٍّ، وغدا كمُّ الأفواهِ عادةً والإكراهُ والتكفير مساراً، وصارت التقيَّةُ موئلاً والاستتارُ سبيلاً والنزوح وسيلةً للخلاص، فكم من جماعةٍ ظُلمت؟ وكم من أُناسٍ اضطُهِدوا وعائلاتٍ هُجِّرَتْ؟ والمؤسفُ والمُخيف أنَّ حقَّ القوَّةِ تفوَّق على قوَّة الحقّ، وأنَّ الساحة المشرقية تحوَّلت إلى ساحات صراعٍ وتقاتلٍ وإجرامٍ وقتلٍ ودمار، حتى اضطُرَّ بعضُهم للتحجُّج بذلك والعمل على ما يُشبه تحالفَ الأقليات في مواجهة تسلُّط الأنظمة والأكثريات وموجات التطرُف والإرهاب، وهو نوعٌ من الانتحار الجماعي الذي لا يجوزُ القَبولُ به.

واشار الدكتور الشيخ سامي ابي المنى الى انه  عند هذا الحدِّ من السقطات المتراكمة في دولنا والتدخلات الدولية المهينة لشرقنا، لم يبقَ لنا إلى العودة إلى ذواتنا وحقيقة أديانِنا وقيمنا العربية وتراثِنا الإسلاميِّ والمسيحيِّ وإلى منظق الدولة الديمقراطية الوطنية الجامعة لنواجهَ الواقعَ معاً، فنُغلِّبَ المصلحةَ العامّة على المصالح الفئوية والطائفية، والقضيةَ الوطنية على القضايا المعقَّدة المستورَدة من الخارج، ونبني أوطانَنا على قيم المواطَنة الحاضنة للتنوُّع، بصدقٍ وجديَّةٍ وتكافلٍ وكفاءة، علَّنا ننتقل بذلك من ساحة الألم إلى واحة الأمل بدءاً بتغيير ما في النفوس وصولاً إلى تغيير الواقع والنصوص، لقوله تعالى: “إنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]، صدق الله العظيم.

وختم  الدكتور الشيخ سامي ابي المنى كلمته قائلا  بالرغم من كَثرة الأفكار حولَه ووَفرة النقاط التي يتوجَّبُ البحثُ فيها، وإنِّي على يقينٍ بأن المداخلات والنقاشات في هذه الندوة ستُغني الموضوع وتُثريه أكثرَ ممَّا حاولتُ، ولكنَّني قخورٌ بأنني قَدِمتُ من الجبل ومن مجتمع الموحدين الدروز فقدَّمتُ ما ألهمني الله به من قَولٍ على أمل الإفادة والاستفادة.

اما الاستاذ حسن قبلان عضو المكتب السياسي لحركة امل فشدد على ان اكد قبلان ان تيار وحدة وحدة اللبنانيين اقوى من دعوات التقسيم والانعزال ولصون العيش المشترك ببعده الرسالي دعا المؤسسات الدينيه الى دعم صمود وبقاء الشباب راسمال مجتمعاتنا عبر تمويل مشاريع السكن وايجاد فرص عمل والحث على الزواج والانجاب لمواجهة نزيف الهجرة.

علينا أن نحافظ على هذا التعايش المشترك،  اضاف قبلان كل الأيديولوجيات إلى انتهاء ما عدا أيديولوجيا العيش المشترك التي علينا أن نلتفت إليها جيداً. نحن مسؤولون عن تعايش الإسلام والمسيحيين وعلينا أن ندافع عن مسيحيي فلسطين الذين يتعرضون للاحتلال والاغتصاب. إن واجبنا احترام العقائد والتنوع الديني وفي هذا المضمار لا ننسى الدور البارز الذي لعبه الإمام موسى الصدر.

وقال قبلان:

‏مكتبة لبنانية شيّدها أعلام في الحوار واللقاء الديني والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، خطًّ فيها كبار من وطني أروع المقولات وقدّموا أجلى وأوضح الضّرورات لصيانة وحفظ هذه التجربة، فكانت أسفار الإمام المغيّب القائد السيد موسى الصدر فتحًا في علم الكلام السّياسي الإسلامي في هذا المجال بقوله( إنّ التعايش الإسلامي المسيحي ثروة يجب التمسك بها)، ومن ذات المعين نصوص أئمّة الفكر، مطارنة وآباء جورج خضر ويوكيم مبارك وميشال حايك وكمال يوسف الحاج وغيرهم الكثير.

إنّ هذه المكتبة اليوم معرّضة للاهتزاز، ويعتريها وهنٌ عدم الموثوقية من الأتباع ومن أبناء الجيل الحالي، الجيل الذي يتغذّى من ذاكرة الحرب اللعينة وبوسطة عين الرّمانة، ودعوات الشّموليات والشّعبويات الضّاربة في كل رياح الكون، وكأن لغة اللقاء والتّواصل قد انقطعت لتحل محلها لغة الإقصاء والنّبذ والإلغاء.

وأعتقد جازمًا بأن لبنان المختبر والمثال الحي على أصالة العيش المشترك والأنموذج الرّسالة كما أشار قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، تعرض وعن عمد على يد من هم في الداخل والخارج إلى هجمة استهدفت هذا الأنموذج من أجل خدمة المشروع العنصري القومي الديني الصهيوني، والذي أسقط من يد قادته، يوم طرح نموذج لبنان الحضاري لحل القضية الفلسطينية، بإقامة دولة ديمقراطية يتعايش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود.

ولا أخفي اعتقادي تابع قبلان  أن أصغر من تنكّبوا المسؤوليات الجسام واحتلّوا المواقع الخطرة والمهمة في هذا الوطن كانوا أصغر وأدنى من أن يعرفوا كنه وجوهر هذه اللبنانية الفريدة، في هذا العالم العربي فعملوا مع أعداء الخارج على ضرب هذا الأنموذج.

وعليه نحن اليوم أشدّ إيمانًا بضرورة البقاء وصيانة هذه التجربة الفريدة، وتطوير صيغة هذا التعايش وانبثاق نظام سياسي يعبّرعن روحية ورساليّة هذا اللقاء.

وكان قد ثبت بالملموس سقوط كل التّجارب والأفكار والدّعوات التي استهدفت لبنان الكيان، فكل الأيديولوجيات تهاوت وبقيت أيديولوجية لقائنا وعيشنا الواحد على الرغم من كل التحديات والمصاعب بل والحروب التي تعرضت لها

فتيار وحدة ولقاء اللبنانيين كان دومًا أكبر من دعوات الانفصال والتّقسيم والفدرالية والإدارة المحليّة والأمن الشعبي

نحن نحمل كما قال الإمام الصدر أمانة اللقاء التي أمّن الله لبنانيين عليها، نحن نشكل

على أكتافنا وعلى بنات عقولنا مسؤولية حمل مشعل الحوار الإسلامي المسيحي وحفظ التّنوع الحضاري، الذي يميز ويغني هذه المنطقة من أنطاكيا إلى مصر وفي القلب منها فلسطين التي يتعرض الوجود المسيحي فيها إلى أخطر التّحديات الوجودية

‏نحن منتدبون  اضاف قبلان كي نكون على مثال تلامذة المسيح (ع) وصحابة محمد (ص) وأئمة أهل البيت (ع)، نحمل مشعل الأخاء والإيمان في وسط عالم مضطرب، تسوده نزاعات العنف الديني والتكفيري وعدم رؤية الآخر إلا في القبر.

إن الإقرار بالفروقات العقلية والفكرية واحترام الإختلافات واحترام التنوع وقبول الآخر كما هو، هو خطوة في الاتجاه الصحيح والموصل إلى النّتيجة التي يبتغيها السائرون في خط الرسالات، وعليه إن المشتركات كبيرة والبناء عليها ضروري والانطلاق من توصيات المجمع الفاتيكاني الثاني المنعقد بين عامي 1962 و 1965 وتحديدًا في الفقرة المتعلقة بموقف الكنيسة من الإسلام، وهو ما خطه بيراعه المونسنيور يواكيم مبارك مع مدوّنة الإمام السيد موسى الصدر، مع وثيقة قداسة البابا فرنسيس وسماحة شيخ الأزهر، ولقائه المزمع مع سماحة المرجع السيد علي السيستاني، هي المتّكأ النظري لهذا العيش وضرورات حفظ التنوع الديني في بلادنا.

وكي أقف في موقع الانسجام مع قناعاتي وما أدعو إليه، إن التنظير للعيش المشترك الديني وفقه الاختلاف أو اللقاء وغيره، يدبجه أئمه الكلمة والفكر من مسلمين ومسيحيين على أهميته، إلا أن ما يفوقه أهمية هو ما صاغه اللبنانيون وأهل هذه المنطقة في سوريا والعراق والأردن ومصر عبر مئات السنين، من ملحمة عيش واحد لم يخربها إلّا دخول الأجانب جيوشًا أعداء وقناصل أصدقاء.

‏فعلينا اليوم تطوير منظومات فقه ولاهوت الحياة وإبعاد العامة من الناس عن فتائل وصواعق التفجير في حقل المختلف عليه دينيًّا ومذهبيًّا لينكبّ المسؤولون عن تخريب سيرة عيشنا الواحدة إلى إعادة أواصر لحمة هذا العيش، ببناء مؤسساته وبناه التحتية في الإختلاط وعودة المهجّرين في الداخل والمهاجرين إلى الخارج والجامعة والمؤسسات والإدارات وأبعد الله بؤس ممارساتهم عن جيشنا

وختم كلمته قبلان بالقول نعم للتخفيف عن الناس من اعباء التاريخ، أنزلوا عنهم ثقل المكتبة الماضوية وأضيئوا لهم مشاعل مستقبلهم في كل الدوائر الإسلامية الإسلامية والمسيحية المسيحية وفي الدائرة المسيحية الإسلامية

‏ولتقدم المؤسّسات الدّينية على تحمّل مسؤولية المساعدة، في بقاء الشباب ذخيرة مجتمعاتنا وثروتها ورأس مالها، وذلك عبر المساهمة المادية والإنفاق مما تكتنزه من أموال في إطلاق مشاريع البناء والعمل وتشجيع الزواج و الإنجاب، عوض الندب اليوم أمام واقع الهجرة المرير.

العلامة الشيخ محمد حسين الحاج رئيس المجمع الجعفري الثقافي، تناول مسألة التنوع الديني من باب الحوارات البناءة التي تؤسس لعبور آمن  الى  معرفة الآخر المختلف معي دينيا وعقائديا.

وقال الشيخ الحاج من أهم المشاكل التي تعيق الأخوة الدينية سيطرة السياسيين على مؤسسات الحوار بين الأديان وما دامت هذه المؤسسات تحت سلطتهم فلن نستطيع أن نصل إلى النتيجة المرغوبة. أقترح أن تجمع المستشارية الثقافية كافة الشخصيات الدينية المتعارضة سياسياً، لكي نثبت بأن لا مشكلة سياسية لدينا في هذه المسألة.

الدكتورة  علا صقر الباحثة في علم الاجتماع والناشطة في الحوار الاسلامي المسيحي، شددت على اهمية  حضور المفكرين والاكاديميين في  المجال الحواري لإرساء افضل العلاقات بين الطوائف في المشرق .

الناس إخوةٌ لبعضهم البعض قالت صقر  وهذه الأخوة هي السبب في إيجاد العيش المشترك. هذا الإخاء هو الذي يقف في وجه التمييز العنصري، الجهالة، وعوامل التفرقة والتقسيم. وجود المسيحية والإسلام ضرورةٌ وعليهما أن يعيشا إلى جانب بعضهما البعض دائماً

أضافت الدكتورة  علا صقر وكان العمل توقيع البابا فرنسيس والدكتور الشيخ أحمد الطيب الإمام الأكبر للأزهر الشريف، وثيقة ” الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك”،التي أتت لصالح كلّ البشر وللمسلمين في المقام الأول لأنهم أصبحوا متهمين قبل إدانتهم.

أما عن تجربتي مع أبطال فيلم “لأنه إنسان” الذين تحدّوا المجموعة التي ينتمون إليها وأنقذوا حياة من يختلف عنهم في الدين، لأنهم رفضوا أن ينسوا ” عيشهم المشترك ” و ” الخبز والملح ” بينهم.

وأستذكر هنا ما قاله الأب يواكيم مبارك في العام ١٩٦٥

إن بقاء بلدنا على وئام بين سكانه جميع”، هو برهان ناصع على إرادة المسيحيين والمسلمين فيه على التعايش والتعاون معّا.

من هنا ضرورة التربية والتنشئة على القيم ومنها الاحترام وقبول الاختلاف والحوار.  فتعلم العيش المشترك والقبول بالتنوع والتعايش بسلام ضمانة علاقة إيجابية مع الآخر واستثمار إيجابي للغنى في تنوع الأديان والطوائف.

البطريرك غريوريوس  لحام بطريرك الروم الكاثوليك سابقا     

صاحب الغبطة استعرض مسيرة الاخاء الديني التني وصلت منها وثيقة …. الفاتيكان الثاني ، بعنوان علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية ، ثانيا : وثيقة الاخوّة والانسانية بين البابا فرنسيس والشيخ الازهر ، ثالثا: رسائل بطاركة الشرق الكاثوليك ، رابعا: وثائق اسلامية عربية، خامسا: رسالتي انا الى المسلمين حول كنيسة العرب وكنيسة الاسلام.

 وممّا جاء في كلمته :

اولا : اعتبر ان وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني هي مقدمة الرعية الاخوّة الانسانية.

لتكن هذه الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالاديان كلّها ، بل بين المؤمنين وغيرالمؤمنين ايضا، وكل الاشخاص ذوي الارادة الصالحة , وكذلك رسالة البطاركة الكاثوليك.  

ان المسيحيين في الشرق جزء لاينفصل عن الهوية الحضارية للمسلمين ، كما أن المسلمين في الشرق هم جزء لاينفصل عن الهوية الحضارية للمسيحيين، من هذا المنطلق نحن مسؤولون بعضنا عن بعض امام الله وامام التاريخ.

واذكر بكل اختصار وثائق عربية اسلامية ، وثيقة عمان ، وثيقة الازهر، وثيقة وزارة الاوقاف السورية، وثيقة مراكش ، مؤسسة الديانة في لبنان، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الديانات والثقافقات ، الذي تم تاسيسه عام 2004 هناك بعض مقاطع برسالتي الى اخوتي المسلمين في كل العالم اقول فيها: علينا مسيحيين ومسلمين ان نكون خلّاقين في لقاءنا، وروّاد ومخترعين كي نبني معا مجتمعا عربيا يشعر كلّ منّا انه بيته الكبير.

اضاف  البطريرك اللحام “ثم اقول مقولتي: يجب ان نبقى معا ، نريد ان نبقى ونستطيع ان نبقى معا ، واحب ان اشير الى اهمية لقاء الآخاء الديني من جهة ، واهمية التنوع الديني ولاسيما في الشرق والعالم العربي ، المكان المميّز للآخاء الدينني وللتنوع الديني ، وللحوار بين الديانات التوحيدية ، اليهودية والمسيحية والاسلام، لابل ان الحوار الديني في العالم العربي هو ميزان حرارة الحوار العالمي ، لابل هو ضمانة الحوار واللقاء في العالم ، لاسيما بين المسيحية والاسلام”.

وختم البطريرك اللحام كلامه باقتراحين:

اقتراح اول: ان تكون هناك رابطة من كل هذه المراكز التي ذكرتها وسواها، وان تكون مع بعضها البعض لكي تبرز نموذجا للعيش المشترك والآخاء ، كما انه هناك ايضا حركات حوارية بين الاديان الاخرى غير اليهودية والاسلام والمسيحية

ان تكون هناك عمل لنتلاقى معها، لنجعل من بلادنا ملتقى وجسرا للقاء الديانات.

على اعتبار ان حوارنا هو ضمانة للعالم ، وهو هديتنا للعالم اجمع

هذه رسالتنا، هذا دورنا ، هذا مستقبلنا ومستقبل المنطقة ، ومستقبلا العالم.

الكلمة التالية كانت لمطران عصام درويش مطران زحلة والفرزل للروم الكاثوليك حيث قال:الاخوّة والانسانية كانت وستبقى حاجة ضرورية للانسان ، نحن نعتقد ان من يرتكب خطيئة يحتاج الى اكثر من اعتذار ، والغفران يتطلب توبة وتجددا وعودة الى الله ، والكنيسة كما الجامع موجودان لنتصالح مع الله ومع بعضنا البعض

يصحّ هذا المبدأ ان يكون قاعدة ثابتة لقيام اخوّة دينية متينة بين المسيحيين والمسلمين ، بين الانسان واخيه الانسان ، وذلك للمحافظة على التنوع  الديني في شرقنا العزيز

 اضاف المطران درويش “نحن الذين نعترف بالايمان بالله الواحد علينا واجب مقدّس لانماء هذا الاخاء فيما بيننا ، ولدعم القيم الاخلاقية الاساسية التي تعمل على رقي الانسان ونكون شهودا على الصالحات، الاخاء يعني ان تكون محبتي فوق الكراهية ، وان اقرّ بتقصيري تجاه الانسان الاخر ، وان اسعى باستمرار الى تجديد علاقاتي معه، انا على قناعة بانه بإمكاننا ان نغيّر مجتمعنا ونحسّنه . كلّلنا ابناء الله مسيحيين ومسلمين ننتمي الى عائلة تؤمن باحادية الله، لماذا علينا أن ننميب فينا هذا الاخاء؟  لان مصيرنا مشترك ونحن نسعى الى الحرية والامان والرّخاء ، كما اننا نسعى لكي نكون مع الله الى الابد، وهذا لم يحصل إلّا اذا انمينا الثقة والثقافة والتفاهم بيننا، ونعمل سوية على ان نقوّي التناغم الاجتماعي وعلى عمل البرّ والاحسان”.

هذه هي الحقيقة التي علينا ان نقدّمها لمجتمعنا ، من اجل ذلك كله علينا ان نسمح بوجود اخوة بين الانسان واخيه الانسان الاخر.

وختم درويش كلمته “ادعو الجميع الى الاحترام المتبادل والتعاطف والتسامح ، هذه الفروقات لن نسمح باستخدامها كأسباب لنصبح اعداء ، ولن تكون عائقا عن رؤية بعضنا البعض كأخوة، بل ستسمح لنا ان نرّكز على ماهو مشترك بيننا وان نستخدم كلّ الطرق لنعمّق عاطفة الاخوّة ، ونقبل بعضنا كاصدقاء ونعمل سوية لبناء مجتمع يسوده السلام.

الدكتور محمد السماك امين عام اللجنة الوطنية للحوار الاسلامي المسيحي كانت له كلمة فأشار الى  دراسة للامم المتحدة تقول: أن عدد المؤمنين بالاديان في العالم ارتفع الى 84%  من مجموع شعوب العالم البالغ عددهم ثمانية مليارات نسمة ، 84%  منهم يؤمنون باديان متعددة، الان ومع اتساع رقعة الايمان بالدين هناك تداخل اكثر بين المؤمنين شعوبا واقواما متعددة، ثلث المسيحيون الان في القارة الافريقية وحدها، والثلث الثاني في امريكا الجنوبية وآسيا ، حيث البوذية والاسلام والهندوسية وغيرها من الاديان ، وايضا اكثر من ثلث المسلمين يعيشون في دول ومجتمعات غير اسلامية مع الارثودكسية في روسيا ، مع البوذية في الصين، مع الهندوسية في الهند ، مع الكاثولوكية في اوروبا ومع الانجيلية في امريكا ….. الخ التضخم الكبير في عدد المؤمنون بالاديان والتداخل العميق بين المؤمنين في كافة مناطق العالم وقاراته، قال السماك يؤسسان لحالة جديدة تتطلّب مواجهة واقع يتألف من امرين او وجهين : اما ان يكون وجها صداميا مبنيّا على احتكار الايمان بالله ورفض الاخر وادانته لاختلافه ، او على العكس من ذلك هو  الايمان بأن الاديان متعددة ولكنّها في جوهرها واحد.

هنا ايضا قضية ربما تكون جديدة في الطرح ، القران الكريم يقول : أنّ هناك انبياء ورسل لم يُذكَروا في القرآن الكريم ، من هم هؤلاء الرسل الذين لم يُذكروا في القرآنة الكريم ؟ نحن لانعرف ولانحدّد، لكن القرآن الكريم يقول: إنهم أُرسلوا للناس ، لان من حكمة الله وعدالته ان الله لا يحاسب اي انسان او اي شعب او اي قوم من دون ان يرسل لهم من يعلّمهم طريق الايمان بالله ، فهناك رسل وهناك رسالات غير الاسلام والمسيحية واليهودية، لانستطيع نحن ان نصدر توصيفا عن هذه الحركات الايمانية ، ولكن القرآن الكريم يفتح لنا آفاقا على الاقل لاحترام ايمان الآخر المختلف ، هذا الامر ربما يكون جديرا لبحث اعمق ولمناسبة اخرى للتحدّث عنه.

الامر الثاني الذي اودّ ان اشير اليه قال السماك  : هو أن الاحترام الديني للانسان كإنسان ، الانسان مُكرّم لذاته الانسانية، وليس لايمانه بهذا الدين او الآخر ، هو مُكرّم لانه انسان في الدرجة الاولى ، ثم ان الناس جميعا خلقهم الله سبحانه وتعالى في ثقافتنا الاسلامية من نفس واحدة ، يعني ان الناس جميعا يشكّلون اسرة واحدة ، بين  الانسان المُكرّم بذاته الانسانية وبين لكم دينكم ولي ديني وبين الايمان برسالات الله ورسله جميعا ، هناك جوامع مشتركة لاقامة جسور متشاتبكة من العلاقات بين اهل الاديان المختلفة والمتعددة ، ونأمل ان تكون الثقافة الدينية ثقافة منفتحة على الاخر المختلف ، لان الله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين وارادنا ان نكون مختلفين ، وسنبقى مختلفين الى يوم الدين.

ولذلك احترم الاختلاف ، هو الوسيلة للعيش مع الاخر ، ختم السماك كلمته ” واستطيع ان اقول من تجربتي الشخصية ، انه كلما تعرّفت على الاخر أحببته أكثر ، وتعرّفت على نفسي أكثر ، وهذه العلاقة الانسانية هي التي تؤسس لعلاقات انسانية سليمة”.

الدكتور حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية كانت له مداخلة فرأى انه اذا لم نؤمن كلنا بشكل عميق ، شفّاف وحقيقي بأننا متساوون ، احرار ، فكلّ كلام هو هباء ، انا الانسان المشرقي متساوٍ في الكرامة الوطنية ، في الحقوق، في الشراكة، في صناعة القرار الوطني دون تميّز ، مهما كان دجيني او مذهبي او قومين\تي او عرقي او لوني او جنسي او لغتي او رأيي او اصلي ، لا اساوم على هذا الحق ، وهو حق انساني بامتياز ، وانا، انا اقرّر من أنا، هويتي لايفرضها عليّ احد تحت اي حكم او نظام او زعيم او عقيدة او حزب، واؤمن ان التمرّد على اي استبداد او ظلم او قهر او احتلال هو حق مقدّس.

 ختم مداخلته الاستاذ فرام انها قضية تستحق نضالا ، حرية التفكير والضمير والوجدان والدين ، ان الكرامة الوطنية متأصلّة ، ارفض ان يُلغيني احدٌ ، او ان يُسّميني اقلّيات وهو اكثريات، او ان أُصنف درجة أخيرة في المواطنية.

الاستاذ عمر زين الامين العام السابق لاتحاد المحامين العرب والمنسق العام لشبكة الامان للسلم الأهلي،”تحدث عن معنى الإخاء الديني – حماية التنوع الديني في المشرق”.

فقال :عنوان اللقاء إنساني بإمتياز، نشكر أصحاب الدعوة إليه ونشكرهم على جهودهم لتنمية الإخاء والحرص على التنوع الديني، ونعلن هنا ايماننا بأن يكون الإخاء والحماية في الشرق والغرب وليس في الشرق لوحده، حيث ان حصره في الشرق فقط يعني بأن الشرق مذنباً بعدم الإخاء وعدم الحماية الدينية، وكأن الغرب بريء من ذلك

وللبحث في عنوان اللقاء لا بد ان نعود الى دور المبشر الاميركي البروتستانتي “هوبكنز” الذي حاول في الخمسينات من القرن الماضي ان يؤلف فريقاً من المفكرين الاسلاميين وآخراً من المسيحيين في اطار “الصداقة الاسلامية المسيحية” ووجه الدعوة الى الفريقين لأول مؤتمر اسلامي مسيحي بلبنان وكان هذا بتوجيه من المخابرات المركزية الاميركية كما جاء في الكتب والمعلومات والتقارير والدراسات فتم عقد المؤتمر ببلدة “بحمدون” بحينه

وقد اطلق هذا الشعار في سبيل المحافظة على المصالح الاميركية في الحرب الباردة بين اميركا والسوفيات آنذاك اكثر منه طريقاً عقائدياً لإستنكار الالحاد والدعوة لإشاعة القيم الانسانية العليا

اضاف زين ويمكن القول ان تحويل الامم في المشرق من تعزيز الدولة الوطنية والقومية الى إقامة دويلات على التنوع الديني غايته الوصول الى ما ترمي اليه الصهيونية العالمية لبناء دولة يهودية صافية على ارض فلسطين المحتلة، فتغتصب القدس لتجعلها عاصمة موحدة خاصة لليهود دون غيرهم، اي بإختصار تشجيع قيام دويلات عرقية ودينية وسوى ذلك في المشرق بحيث تكون للدولة اليهودية التفوق العسكري والاقتصادي والعلمي والمالي على هذه الدويلات، وكل ذلك بفعل من الصهيونية ومن حلفائها

وهنا يطرح سؤال كبير لماذا لا يكون لهذا المشرق دوله الوطنية والقومية كباقي دول اوروبا وغيرها؟؟

فهل هذا الامر ممنوع عليه ويقتضي ان يوجه الوجهة الأخرى اي الى الدويلات!!!

 واشار زين الى ان تلك الدول موجود فيها اقليات دينية متنوعة ومنصهرة وذائبة في كيانات تلك الدول، ونحن في هذا المشرق نستطيع ان نكون مثلها بل وأحسن، فأتركونا لبناء دولنا وليس لبناء دويلات على اساس عرقي وديني ومذهبي

من اجل ذلك فإن الإخاء الديني والتنوع المنصهر بالدولة الوطنية والقومية يستدعي منا جميعاً ان نبني وننمي أدب المفاوضة وأدب الخصومة بكل خلاف او نزاع، ويستدعي منا ايضاً ان نمتلك ثقافة مقاومة الجهل والغضب، لأنهما يؤججان الخصومة حيث بهما يكبر التعصب، وعلينا ان نتعلم ثقافة الاعتذار مترافقة مع ثقافة السلام لنمنع ألغام الفتن والتقاتل

 واكد زين انه بالاضافة الى ذلك فإن في بسط الإخاء الانساني المؤسس على المساواة في المواطنة والكرامة والحقوق والواجبات والتمسك بمكارم الاخلاق، نستطيع ان نبني الهوية الجامعة والحاضنة غير المتناقضة مع الهويات الدينية المتواجدة في المجتمعات المشرقية.

“من هنا تتجلى اهمية التربية على المواطنة في كونها ترسخ الهوية الحضارية بمختلف روافدها في وجدان المواطن، كما ترسخ حب المواطن والتمسك بمقدساته، وتعزيز الرغبة في خدمته وفي تقوية قيم التسامح والتطوع والتعاون والتكافل الاجتماعي التي تشكل الدعامة الاساسية للنهوض بالمشروع التنموي للمجتمع المحلي اولاً ومحيطه العالمي ثانياً

ما تقدم جزم  المحامي زين  يتطلب منا تعليم وتربية اولادنا والجيل الصاعد على هذه المفاهيم لتترسخ في عقولهم وحركتهم اليومية وينقلونها الى ابنائهم والاجيال القادمة، ففي زرع المواطنة نبني الوطن على المشاركة السياسية والمساواة والعدالة بين المواطنين، وتعزيز الولاء والانتماء، وتوزيع المسؤوليات في مناخ من الحرية، كما والقيام بالواجبات ايضاً كدفع الضرائب والالتزام بالقوانين مضموناً وتنفيذاً والدفاع عن الدولة.

ففي الالتزام بذلك نعزز السلم الاهلي ونحافظ على حقوق الاقلية والاكثرية، ونجهض الصيغات الدينية والمذهبية والقبلية والعرقية والجنسية…. حيث بدون ذلك تسود اجواء التخوين والتكفير والقمع والتسلط وينتج عنها التناحر والتقاتل والاعمال غير الانسانية، وهكذا نخدم بصورة مباشرة دول الاستبداد بكل اشكالها الطامعة بثرواتنا وارضنا عن وعي وسبق تصور وتصميم.

 وختم المحامي زين بالقول علينا التوجه لرجال الدين في دولنا لحمل هذه المعاني والمفاهيم التي هي من منابع الرسالات السماوية عند توجيههم للرعية.

وعلينا ايضاً التوجه الى مسؤولي دول المشرق للعمل على تعزيز المواطنة لدى مواطنيها في كل مناحي الحياة.

وعلينا ايضاً وايضاً التوجه الى الغرب وكل ما هو غير مشرقي وندعوهم لتنمية الإخاء الديني وحماية التنوع الديني في بلادهم لان ما نراه ونسمعه مغاير حيث العنصرية والفاشية وقمع الحريات وتفشي الجريمة بأنواعها هي بإزدياد مضطرد في كل دوله بدون استثناء، وكذلك في تعامل الغرب مع دول المشرق وشعوبه، مما يحتم علينا واجب العمل من خلال الدراسات واللقاءات والمؤتمرات للوصول الى معرفة وضع الإخاء الديني ومدى الحرص والحماية للتنوع الديني لدى الغرب لنعمل على تقويمه اذا كان الإخاء الديني مفقوداً والحماية والصيانة للتنوع الديني ضعيفاً، فهذا حق للبشرية لا بد ان نناضل لأجله.

على المفكرين والمثقفين والكتاب في المشرق وضع استراتيجية المواطنة وآلية تنفيذها من خلال الدولة وليس الدويلات وبذلك نحقق الإخاء ونحمي التنوع.

الدكتور محمد امين فرشوخ رئيس كلية الدراسات الاسلامية في جامعة المقاصد

 تحدث عن اهمية التواصل الإنساني المباشر، مع وجود جائحة كورونا، ولكننا سنتجاوز ذلك مع اللقاح القادم ان شاء الله قريبا

اما الأخوة، فكلي رجاء ان لا نفتقدها، بل ان نسعى لإغنائها، فبدونها تتقطع العلاقات وتتكسر الأفئدة، وأضيف، اذا انتفت الأخوة لا سمح الله، وهن المجتمع وتسللت اليه الأمراض وهذا لا لقاح له عندئذ

الدكتور محمد امين فرشوخ اتذكر هنا ما قاله البابا يوحنا بولس الثاني، للقيادات الدينية الإسلامية في ٤ شباط ١٩٨٤، قال : كلنا مسيحيون ومسلمون نعيش تحت شمس الله الواحد الرؤوف، وكل انا نؤمن بأنه خالق واحد للإنسان، نطلب رحمته تعالى، وندافع عن كرامك الشخص البشري مثل أي خادم لله، نعبد الله ونجاهد بخضوعنا الكامل له، لذا فإن بوسعنا أن نسمي أنفسنا بالمعنى الحقيقي للكلمة، أخوة وأخوات بالإيمان بالله الواحد.

إذن، اذا كنا في ظل الأخوة، سنتجنب الحروب، نتجنب التعصب والعصبية والعنف، نتجنب التعصيب في كل اوجهه، تلك القاسية والمدمرة، فلا يسلم وطن ولا تسلم أمة.

نعم الإيمان هو المطلوب اولا وبصدق، الإيمان بأن لكل امرىء اخ، اخوة وأخوات، في الدين وفي الانسانية، وهاهي وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الشيخ الدكتور الطيب، تضيء لنا طريقا لنقوي هذه الرابطة، ونغني هذا المفهوم عمليا

وختم فرشوخ كلمته  بنقطتين، الأولى لنسعى إلى التعارف، فالتعارف ضد التجاهل، والتجاهل يفضي إلى الإنغلاق، لا إلى التقارب، وبالتالي لا إلى الأخوة.

ولنسعى إلى اكتشاف الفرح، بل إلى إظهار الفرح في نفوسنا لنعيشه مع أنفسنا ومع الآخرين، فيقودنا إلى السلام مع أنفسنا وبالتالي مع كل آخر، لا بل مع كل أخ لم تلده أمك.

العميد  الدكتور فضل ضاهر ، مفوض الرصد والدراسات والتربية والتطوير في

                           الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب

 كانت له مداخلة خصصها للحديث عن التنوع الديني , وواهميته بالنسبة لمجتمعات الشرق الاوسط, ومسؤولية مؤسسات الفكر والاكاديميا لبلورة موقف موحد من مسالة التنوع زمن التطرف والعنف .

 ومما جاء في كلمته :

ها نحن نلتقي لنطلق صرخة لا كغيرها مكتومة في قعر وادٍ  اوصلتنا الى ما لا يحسد عليه انسان من فرقة وتشرذم وعدم استقرار، صرخة نريدها مدوية وباعلى الصوت من على ربوة الرجاء بالالتقاء، والامل بالإخاء، حماية لغنى التنوع الديني في مشرق تعددت فيه الطوائف وتباعدت مسارب الايمان ونوازع الانتماء.

 صرخة واعية طامحة الى كسر  حواجز الصمت بوجه دعاة التفرقة والانقسام ايا تكن احجامهم ، لا من موقع الكره واثارة الغرائز والاحقاد، بل من موقع الهداية بتسليط الضوء على ما يحاك حول الانسان من تجارب لتحويله  الى مسخٍ مستنسخٍ .

وإخاؤنا المأمول ، انكباب محموم للبحث عن حقيقة الانسان، وانشغال في استعادة وتنقية انماط تفاعل ايجابي موسوم بروحانية وصفاء علاقة الانسان بربه، ايا يكن  دينه.

اما الكاتب والصحافي الاستاذ نصري الصايغ ، فتحدث عن ثلاث قضايا صعبة نسبيا

اولا، السؤال حول حماية التنوع الديني، ممن؟

ثم ماذا عن حماية المواطن في غير المسائل الدينية الايمانية؟

منطقتنا تتعرض لصنوف كثيرة من النبذ الديني، وايضا من فداحة الظلم السياسي، ومن وأد دائم للحريات السياسية والثقافية والاجتماعية إضافة إلى الحريات الدينية، في أكثر من منطقة

نظرة سريعة على واقعنا تفضحنا وتعرينا، لا مساواة البتة بين اكثرية دينية في منطقة واقلية دينية أخرى في نفس المنطقة او الدولة

هناك تعال من جهة ورضوخ وتواضع من جهة أخرى، يداويان بالتكاذب، هذا اذا أخذنا المسألة في أحوال مسالمة، اي أمنياً، أما في مناطق العنف والابادة وهي كثيرة في منطقتنا، فليس علينا الا ان نترحم على التنوع الديني، السفاحون الجدد تفرقوا على سلالات السفاحين القدامى، تاريخنا يفضحنا، واقعنا يعرينا. هذا أولا

السؤال الثاني المطروح هو على مستوى الثقافة السياسية في العالم الثالث، كيف نعيش معاً؟

العالم كل العالم عجز عن الإجابة، الديانات، كل الديانات عجزت عن الإجابة، العالم متنوع دينياً  ثقافيا وإثنياً و قوميا ولغويا،  وعرقيا ولونا ، إضافة إلى الطبقة، والعنف السائد عالمياً على مرأى منا جميعا يشير إلى أن العقل حتى الآن لم يجد الحل لمعضلة تعايش المختلفين، الدين مطلوب منه هنا أن يبحث عن جواب، ولكن عبر منهج غير المنهج السياسي، لأنه مسؤول عن مستوى القضايا الايمانية، والقيمية في المجتمعات الإنسانية كافة.

ثالثا والسؤال المحرج هو التالي: إلى أي درجة حوار الاديان يتصف بالصراحة والصدق.

الشيخ مصطفى ملص عضو مجلس امناء تجمع العلماء المسلمين, تناول موضوع

تأصيل الشعور بالانتماء الإنساني لأبناء هذا الشرق.

 وقال: كنت أود أن احضر شخصيا لكن منعني مانع لا قدرة لي على تحديه

نحن في هذا الشرق جزء من العالم الإنساني، هذا العالم الذي استطاع ان يسبغ على كافة عقائده واديانه سابغ الحب لبنى البشر، فلا اعتقد بوجود دعوة دينية الا على اساس المحبة.

نحن في الشرق لدينا الاديان التوحيدية التي تقول بإله واحد خالق للكون، والذي لا يصح التوجيه بالعبودية لسواه، وبالتالي، لا يصح التعاطي مع خلقه إلا باعتباره محل تكريمه ومحط إفضاله.

 اضاف ملص لقاء الأديان يساوي لقاء الإنسان، اللقاء الإنساني مقدم على لقاء الأديان، نحن لدينا مشكلة في فهم الدين عندما يزعم اتباع اي دين احتكار الخلاص، فليس هناك دين يحتكر الخلاص، وإنما يوجه إلى سبله، وللأسف، رجال الدين يصرون على أن لا خلاص إلا باتباع منهج معين.

من الأسباب التي تؤثر سلبا على مفهوم لقاء الأديان، أو لقاء الإنسان، كثير من عبارات الاستعلاء التي يرددها اتباع الأديان، والتي تفيد بوجود مراتب انسانية مختلفة بسبب اختلاف الدين، مثل مصطلحات أهل الذمة والتسامح، واتحدث هنا عن المصطلحات الموجودة في الفقه الإسلامي، وهي مصطلحات عفا عليها الزمن واصبحت في واقع الحال خارج الخدمة، بسبب انقضاء الظروف التي نشأت فيها

إن البعد اوعدم استخدام هذه المصطلحات يهيء الجو من اجل الوصول إلى حالات اللقاء المنشود.

مما يسيء ايضا إلى اللقاء الإنساني في مجتمعاتنا ، اعتماد اتباع كل دين أو مذهب، إلى فهم افكار ومعتقدات الآخر، بناء ععلى شرح خصومه.

علينا أن نفهم الآخر من لسانه وليس من ألسنة خصومه، وهو ما حصل فيما يسمى كتب الملل والنحل عبر التاريخ، حيث جرى تشويه متعمد لكل مخالف.

وختم ملص كلامه  أؤكد على أن القرآن الكريم قد وسّع دائرة الإسلام، لتشمل كل من يعتقد بوحدانية الخالق عز وجل، ولم يحصر الإسلام بجماعة المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم.

الاستاذ سركيس ابو زيد رئيس منتدى تحولات قال :

كنت اتمني اليوم إن  اكون معكم شخصيًا؛ لكن الظروف الصحية منعتني من إن  اشارك معكم بهذه الوقفة؛ بالشهادة؛ بالمناسبة التي  هي نوع من الشهادة ضد الكراهية؛ ضد البغض؛ ضد إلغاء الآخر. هي دعوة إلى المحبة؛ إلى الأخوة بين البشر وبين الأديان ؛ بين الحضارات. خاصةً بهذا الزمن إلذي يشهد على المستوى العالمي وخاصةً في لبنان والمشرق محاولة لتأجيج صراع الأديان؛ صراع للفتن؛ للخلافات؛ للعنصرية؛ للبغض. لهذا السبب يجب ان  يكون هناك وقفة وتشارك بهذه المبادرة حتى يكون في شراكة أوسع ضد حروب الأديان التي يحاول البعض ان  يستغلها من اجل  فرض سيطرته وهيمنته. لهذا السبب لازم يكون في مواقف ومبادرات وشبكة أوسع من مختلف الجمعيات والمؤسسات والقوى الحية؛ للتأكيد على إن  المشرق هو نموذج للحياة الوحدة المشتركة؛ لوقف كل أشكال العنصرية والكراهية والبغض.

لذلك مطلوب منا جميعًا  اضاف ابو زيد أن نشهد أمام كل ذلك إنوا الأخوة هي يلي بتجمعنا وإنوا ردًا على كل هذه المحاولات؛ القيم والمُثُل العلية المشتركة يلي بتعبر عنها الأديان والحضارات والقيم الإنسانية هي يلي بتجمعنا؛ ونحن شهود على تطبيقها وتجسيدها بسلوكنا ومواقفنا

 وختم ابو زيد اتمنى ان تكون هذه  المبادرة إنطلاقة لعمل أوسع؛ لحملة واسعة؛ لشبكة من كل هذه القوى حتى نكون شهود ضد الكراهية.

وشُكرًا على المشاركة؛ واتمنى ان  يكون هناك  لقاءات وأعمال تجسد هذه المواقف؛ ونمارس فيها نوع من الوعي المشترك حتى نكون شهود ضد العنصرية وضد الكراهية.

اما أمام مسجد الأوزاعي الشيخ هشام خليفة فشدد على  ان الإسلام ينطلق  في نظرته الأولى والتي يحدد من خلالها اصل التعامل بين الناس، والتي هي الركيزة الأولى للتلاقي الانساني،وتؤصل المفهوم الحقيقي لأصل الجنس البشري الواحد، والذي لا تمايز بينه، ولا تمييز فيه بين البشر جميعا

يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارف ا إن أكرمكم عند الله اتقاكم

ويقول رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم:

أيها الناس أن ربكم واحد، وإن اباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمكم عند   الله اتقاكم، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لاعجمي على عربي ولا لاحمر على اسود، ولا لأسود على أحمر الا بالتقوى.

وعلى هذا الأساس الإيمان والعقد اضاف الشيخ خليفة ، يفترض بالسلم ان يضع نصب عينيه هذه الآية القرآنية الكريمة، والحديث النبوي الشريف، وهو يمد يده لملاقاة اليد الأخرى، والحكومة فطرة بالاختلاف والتنوع، ولكن لا تكتمل هذه الصورة من وجهة نظر الإسلام الا بمراعاة شرط اساسي عليه مدار ومناط الأفضلية بين بنى البشر، ولا تكتمل الا بهذا الشرط وهو التقوى، والتقوى هي منظومة قيم متزوجة بالإيمان بالله والرسل جميعا، وحكومة بالأخلاق وحسن المعاملة، ورقط التعامل، وهذا لاشك من القواسم المشتركة، التي يجب أن تتلاقى حولها وعليها الإنسانية، التي أصبحت في هذا العصر مجتمعنا متقارب زمانا ومكانها وتواصلا.

منسق تجمع اللجان والروابط الشعبية والامين العام السابق للمؤتمر القومي العربي الاستاذ معن بشور قال ان  حماية التنوع الديني في بلادنا ليس منةً” من أحد على احد ، ولا من اكثرية على اقلّية ، في منطقة فيها اكثريتان كما قال يوما  الامام المرجع الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمة الله عليه ، هناك اكثرية عربية فيها المسلم وغير المسلم، وهناك اكثرية مسلمة فيها العربي وغير العربي، وذلك ان تراثنا الروحي والقومي والوطني مملوء بالحكايات والعبر، التي تروي قصص كبارٍ من هذه الارض ، تميزوا بايمانهم بالتنوع الديني ، وبرزوا في مواقع تؤكد هذا الايمان .

فاذا كنت مؤمنا بإحدى الرسالات السماوية ، فانت مدعو لاحترام المؤمنين بالرسالات الاخرى، واذا كنت قوميا مؤمنا بوحدة الامّة، فأنت مُلزم  ان تعبّر عن احترامك لكل تنوع في امتك ، دينيّا كان ام عرقيّا ام اسميّا ، واذا كنت وطنيا حريصا على وحدة وطنك ودولتك ، فمن واجبك ان تحمي التنوع الديني الذي هو السبيل لحماية التعددية في المجتمعات القائمة على التعدديات.

اضاف بشور واذا كنت ديمقراطيا حقّا فأنت مُلزم لاحترام الرأي الآخر قبوله ، وكيف اذا كان الرأي الآخر عقيدة دينيّة يؤمن بها الملايين من حولك . حماية التنوع الديني هو حصننا في وجه كافة محاولات الاقصاء والالغاء، التي تحمل معها كافة ممارسات الغلو والتوحش التي تحيط بنا ، بل ان حماية كافة انواع التنوع والتعدد الثقافي والفكري والسياسي ، ايضا هو ضمانتنا للسلم الاهلي الذي لايهتزّ الا اذا سادت لغة اقصاء الآخر  وتمزيق اواصر الاخوّة في المجتمع.

 وختم كلامه بشور التنوع الديني ككل تنوع آخر ، لايُصان الّا بالوعي واحترام الآخر ، وبادراك قانون عرفته البشرية منذ قرون . انك حين تحاول الغاء الآخر فانّك تُلغي نفسك ، لان كل واحد منا موجود في الآخر تماما، كما كل آخر موجود بيننا

التنوع الديني هو سبيل المواجهة من يستغلّ الدين ، سواء لاحتلال ارض او لفرض هيمنة ، لذلك فان حماية التنوع الديني هي شكل من عرق اشكال المقاومة في مجتمعنا

  اما الاب نعمة صليبا ,فكانت له مداخلة تركزت على مصطلح الإخاء الديني،فقال :

 هذا المصطلح العائلي والذي نراه اليوم أكثر فأكثر يواجه خطاب التحديات وخطاب الكراهية الذي نواجهه في عالمنا اليوم

نحن اليوم مطالبين من الناس كقيادات دينية، ان نستطيع أن نقدم خطابا افضل للناس ومرتكزات، وإن يكون خطابنا فيه تجدد.

و المصطلح الذي قدمه لنا البابا فرنسيس مع شيخ الأزهر بوصية الأخوة، هي عنوان عريض، نصطفي منه جدول أعمال مهم لمجتمعنا اليوم.

وانا اكيد من ان برنامجكم اليوم سينتج عنه نتائج مثمرة، التي ينتظرها الناس والمجتمع، حتى نستطيع تحقيق ما هو أفضل.

الاستاذ ناجي نعمان رئيس مؤسسة الثقافة بالمجان  تحدث عن الاخاء الديني وضروراته في المرحلة الراهنة. 

المطران بولس مطررئيس أساقفة بيروت سابقا

اعتبر إن التعارف بين «الشعوب والقبائل» هو أمرٌ إلهيّ وهو بالتالي مُلزم لجميع الناس دون استثناء، وإلى يوم القيامة. وعندما تزيد الآية الكريمة بالقول: «إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم» إنّما هي تشير إلى أنّ مكارم الأخلاق هي من ثمار تقوى الله في النفس والسعي إلى نيل رضاه في الدنيا والآخرة.

في ضوء ما تقدّم، ندرك أنّ العلاقة بين البشر كما يريدها الله ويأمر بها، إنّما هي علاقة سلامٍ وتعاونٍ واعترافٍ بالآخر في حقوقه وفي أمنه وسلامته وكرامة عيشه. وهذه العلاقة بين الناس لا تستند إلى حقوق الإنسان وحدها، بل إلى شراكة المصير بينهم جميعاً لأنّ مصدر خلقهم واحد ومآل جميعهم إنّما هو واحد ايضاً

اضاف مطر ان شراكة المصير هذه تترسّخ في سلوك البشر وقناعاتهم، إذا ما اعتبروا الأخلاق أساساً لتعاطيهم بعضهم مع بعض فهم جميعاً «إمّا إخوة في الدين وإمّا نظراء في الخلق». وقد أكدّ قداسة البابا فرنسيس وسماحة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الخطيب في لقاء الإمارات العربيّة المتّحدة منذ عامين «أنّ الناس جميعاً هم إخوة في الإنسانية». فإذا وجّهنا الأنظار والعقول إلى قيمة هذه التأكيدات، فإنّنا نرى أنّ اساسها يرتكز إلى حقيقة الأديان الكتابيّة التي تعلن في المسيحية أن الله محبّة، وفي الإسلام أنه رحمانٌ رحيم. فمن آمن بالله إيماناً صادقاً، إنّما هو يؤمن بالرحمة رسالةً سماويّةً موّجهة إلى جميع الناس وبالمحبّة التي في مقدورها أن تغيّر وجه الأرض.

العداوة إذاً،  قال  المطران مطر أمرٌ عابرٌ في تاريخ الإنسانيّة كما يريده المولى الكريم لعباده، والسلام هو المقصد الأساسيّ وهو لنا النعمة الكبرى، شرط أن يُبنى هذه السلام على العدالة وعلى الحقّ وما من شكٍّ في أنّ التعارف بيننا يسهّل كلّ مساعي السلام ويهدي إليه هدياً أكيداً. على أنّ هذا السلام هو أيضاً ثمرة فعل البشر كما هو اساساً هديّة سماويّة تنزل علينا من العلاء. فالإنجيل يعطي الطوبى لفاعلي السلام لأنّهم من أهل الأخلاق ومن أهل الخير دون ريبة. لذلك يصبح لزاماً علينا النضال في سبيل الحقّ والعدل متوكّلين في ذلك على نعمة الله لنصل الى المُتبقي في جوّ من السلام الداخل إلى أعماق القلوب. هكذا نتعامل بعضنا مع بعض إنطلاقاً من أخلاقنا العالية وبهديٍ من ربّنا إلى ما فيه خيرنا العام وخير مجتمعاتنا في كلّ مكان

فليعطنا الربّ أن نقوّي في جماعاتنا روح التقوى والأخلاق الحميدة، ختم المطران مطر  لعلّنا نكسب الرهان على السلام متفادين كلّ مطبّات الفرقة والبغضاء وننال عن كلّ ذلك ثواباً من الله أكيداً.

الاباتي انطوان ضو رئيس اللجنة الاسقفية للحوار الاسلامي المسيحي, تحدث عن

الآفاق العلاقات المسيحية الإسلامية فقال :

ومن هنا، فان المسيحيين والمسلمين مدعوون الى الالتزام بطاعة الله، والاصغاء الى كلامه الحي، والاستجابة لدعوته الى التلاقي والتعارف والتفاهم والعمل في خدمة المحبة، محبة الله ومحبة الإنسان ومحبة المسيحيين لاخوتهم المسلمين، ومحبة المسلمين لاخوتهم المسيحيين، واحترام هوية كل انسان وحضارته وثقافته ودينه وخصوصيته من اجل تحقيق الشركة في المحبة والوحدة في التنوع.

التشارك والمشاركة فعل ارادي وعهد وميثاق والتزام بالتكامل بين المكونات المختلفة، واستيعاب قضاياها بالوعي، فالاعتراف بالتنوع الاثني والثقافي والديني والطائفي والمذهبي والفكري والسياسي والاجتماعي ضرورة، وحسن إدارة الاختلاف يكون بالحوار الدائم.

ان عالم اليوم يتجه الى الاعتراف بالتنوع جزم الآباتي ضو  لانه يسعى الى الوحدة، والوحدة لا تقوم الا على أساس احترام التنوع، ليس على الغاء الآخر، والأنظمة الآحادية التي تدعو الى الغاء التنوع والاقصاء والتكفير والعزل والاجتثاث هي أنظمة لا تليق بالإنسان الحضاري، ولن يكتب لها النجاح مهما كلف الأمران العيش المشترك هو جزء أساسي من تاريخنا الحضاري وحياتنا اليومية، انه موضوع اهتمامنا

بعد ذلك أصدر  المشاركون البيان الختامي , ومن ثم جالوا في ارجاء المعرض الذي تضمن صورا وكتبا عن التنوع الديني في المشرق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى