مقابلة حصاد الحبر مع الكاتبة و الناشطة مريانا أمين
غابرييل غارسيا ماركيز قال : دائما كان في حياتي إمرأة تمسك بيدي في ظلمات الواقع و تسير بي …فالمرأة هي الأكثر كفاءة في معرفة الإتجاه بأقل ضوء متاح..ربما هذا يقودنا للقول ما أحوجنا في هذا الواقع الذي يعيشه بلدنا الحبيب إلى دور المرأة و حضورها على كل صعيد ، و لقد اخترنا لمقابلتنا في حصاد الحبر إمرأة من الطراز الجميل الكاتبة و الناشطة مريانا أمين قانصون الناشطة في الشأن الإجتماعي و الثقافي المتحدرة من بيت عريق يحترم كيان المرأة و دورها و يعطي الكثير من المساحة للثقافة و لقاءات الأدب و الفن و قد حالفني طالعي الجميل أن أتعرف عن كثب على هذا البيت الكريم بالفكر و العطاء مع مجموعة من الأصدقاء من اهل الفكر و الأدب و الإعلام…و لقد وجهت إلى ضيفتنا على هذا المنبر هذه الأسئلة
١ ) س : إبنة كفررمان تلك البلده الجنوبية المتعددة المشارب والمتنوعة في نسيجها الإجتماعي ناضلت ضدّ الإقطاع وضدّ الإحتلال.
كيف تنظرين إلى هذا التنوع وأين أنت منه ؟
ج : كفررمان كغيرها من بلدات وقرى الجنوب ، فيها عشرات الجمعيات الاجتماعية والكشفية وهي صورة مصغرّه عن لبنان بتعدد أحزابها اليسارية.
قدّمت العشرات من أبنائها فداء للوطن ضد العدوّ الصهيوني وحاربت الإقطاع على مدى قرن من الزمن .
والتعددية في الفكر السياسي أعطاها مناعة وقوّة .
كفررمان أُم المئتين شهيد لا تهزّها رياح ولا يغرّها لمعان السلطة ولا لمعان الفضّة والذهب.
فأنا ! واحده من هذه الشريحة المناضلة المشبّعة بثقافة الفلاحين والفقراء المناضلين.
٢) س : إنتفاضة ، ثورة ، حراك .
أ…ماذا تفضلين أي تعريف ؟
ب…كيف تقرأين طغيان دور المرأة في هذا الحدث ؟
ت…استعرضي لنا برأيك له وما عليه .
ج : بما أن لبنان متعدد الأديان والأحزاب والأطياف وهناك إختلاف في الأراء.
علينا ! أن نتوحد ضد الفساد فقط لنوحد الهدف.لأن الفساد يأكل الأخضر واليابس و مدّخرات الشعب اللبناني .وهناك سلطة توافقت على المحاصصة ونهب ثروات الوطن .
لذلك علينا أن نتحرك ضمن الممكن والمعقول كي نحقق الانتصار على الطغمة الفاسدة …
تعدد الحركات الجماهيرية والهدف إسقاط الفساد .ولا شيء يوحدّ الساحات إلا القضاء على الفساد ولا شيء سواه علينا أن لا نكبّر الحجر كي لا نستطيع رشقه .
ودور المرأة هو جذري وأساسي فهو نصف المعركة المطلبية لأن الأم اللبنانية هي التي تعاني مع زوجها مناصفة .
لذلك انا أفضل تعبير ( الحراك ) .
٣) س : أمضيت فترة من العمر خارج لبنان ، كيف تنظرين إلى دور المثقفين في دول المهجر تجاه بلدهم ما بين التعلق بالأرض الأم والاندماج في المجتمعات الجديدة ؟
ج : اللبناني مثقف إن كان في لبنان أو خارجه وأينما ذهب يندمج مع المجتمع الذي يوجد فيه بسهولة لأنه يتقبّل الأخر ويستمتع في تعلّم اللغات الأخرى ويعشق الوصول إلى أعلى المراتب إن كان في مجال الطب والهندسة والتجارة وغيرها ..فمن الرابطة القلمية والعصبة الاندلسية التي أسسها اللبنانيون في الغرب حتى الآن مازال اللبناني مؤسساً فمثلا في بلاد الخليج مُجمل الصحف أسسها لبنانيون كتحريراً وإدارة وإصداراً وفي فرنسا مثلا بلدي الثاني حيث زرت معرضاً للكتاب بوجود مجموعة من الكتاب الذين يقدمون أروع إصدارات وهم من جذور لبنانية .
إذا! اللبناني يقدم الكثير للبلد الذي يحتضنه ويقدم له الكثير بوقت كانت الاوضاع ببلده سيئه …
ورغم كل ذلك اللبناني لا ينسى وطنه ويذكره بكل فرصة تتاح له .
ومن منا لم يردد دائما وهو في المهجر :
” يا ثلج قد هيجت أشجاني
ذكرتني أهلي بلبنان “
السؤال هنا !؟ هل لبنان لديه القدره لأسترجاع هؤلاء المثقفين وإعطائهم نفس الحقوق كما الغرب !؟
هنا تكمن المُعضلة !!!
٤) س : شاركت في الكثير من المؤتمرات والفعاليات الثقافية ، كيف تنظرين إلى المشهد الثقافي في لبنان وهل ما زال المثقف له دور في تغيير رؤى وقناعات الناس ؟
ج : الثقافة في لبنان موجهّة سياسياً والثقافة الشاملة قليلة جداً .وما يؤلمنا إغلاق الكثير من المكتبات وعدم وجود مقاهي ثقافية وإستبدالها بتجمعات للتسلية خالية من المثقفين .
فالأزمة الاقتصادية زادت الوضع سوءاً والادلّة كثيرة أهمها تأجيل (معرض بيروت الدولي للكتاب ) وإلغاء وتأجيل لوقت غير محدد العديد من المؤتمرات والندوات…
فإنشغال المواطن اللبناني بوضعه الاقتصادي والأمني جعلته يبتعد عن الامور الثقافية .
فما علينا إلا إثراء المشهد الثقافي بمقالاتنا في العديد من الجرائد والمواقع الالكترونية كي نستمر وتشجيع القراءة بشتى الوسائل عبر التواصل الاجتماعي وعبر المدارس ( المطالعة) ولا ننسى دور الصحف الذي تقلصّ كثيراً .
فالثقافة اللبنانية بحاجة إلى خطط تنفيذية لتفعيلها كي لا تبقى ثقافتنا محدودة وبعيدة عن التطوّر .
٥) س : أنت ناشطة في حملة المقاطعة ومناهضة للتطبيع ، كيف تنظرين إلى الهرولة إلى التطبيع وتجريم المقاومة في هذا الزمن الرديء ؟ وما هي آخر إنجازات حققتها هذه الحملة؟
ج: أولا التطبيع هو بيع عزة نفس و كرامة وبيع وطن وبيع هوية بل هو استسلام مطلق للعدوّ …
فكلنا نعلم بأن إسرائيل هذا الشرّ المطلق هي عدوّ لنا فهي من اغتصبت أرضا ورحلّت شعباً آمنا وإضطهدته وحاربت اصدقاءه…
إسرائيل هي إبنة أمريكا والصهيونيه خرجت من رحمها وبما أن أمريكا أم المال الاعلام في العالم ! وهي تحاول بكلّ قواها تركيع العرب ! وتحت عصاها رقاب الملوك والحكام !
علينا أن ننتبه جيدا لنوعيّ ونقف ونناضل ونقاوم حتى تستفيق هذه الأمة من سباتها العميق …
كيف لا نقف موقف حقّ !؟ والشعب الفلسطيني ضحى بمئات آلاف الشهداء ولبنان ضحى بشهداء ايضا وما زال …وما زالت غزة تقاوم . سنبقى نناضل رغم الهرولة نحو التطبيع من حكام مأجورين وليس من الشعوب المقهورة .
أجل سنبقى رماحا واقفة بوجه كل من باع ضميره ومبادئه للغزاة المحتلين!!! ولن نيأس طالما هناك شمس تشرق كل صباح .
٦) س : ثمة رابط لا يمكن إنكاره وهو تزامن الثروات في العالم العربي وتصاعد التطبيع مع العدوّ ؟
هل تخشين أن يكون للانتفاظة في لبنان قيادة عميقه تريد حرف مسارها؟
ج : علينا أن نعرف ميزان القوى . ونعرف من هم اعداؤنا ومن هم أصدقاؤنا.
هناك شدّ حبال على الرقاب بين أرباب التطبيع مع العدو الصهيوني وبين المناضلين والشرفاء على كافة الساحات العربية وحتى العالمية .فأمريكا هي الحاكم المطلق التي تغدق على اسرائيل ما تهواه .ولكنه ينحسر في بعض الساحات كالعراق وسوريا وحتى في لبنان …نحن لا ننسى كيف هرولت أمريكا من لبنان عام ١٩٨٣ عندما دمر المقاومون مركز المارينز في بيروت.. ودحرت يومها أمريكا من لبنان مسرعة …
اليوم جاءت أمريكا إلينا بوجه آخر وهو وجه الحصار الإقتصادي ويقول للعرب : ( اما التطبيع مع إسرائيل! وإما الفقر والجوع وفقدان الدولار بين أيديكم )
لهذا ! لأمريكا عيون وأزلام في لبنان لتنفيذ أجندة ولتسوق للتطبيع من خلال نفوذها في الشارع اللبناني عبر المأجورين لها .هؤلاء مكشوفون لدى المناضلين .
فكل يغني على ليلاه ونحن نغني لطرد الفاسدين والمتسلطين على قرار الوحده الوطنيه لأن محاولة التفرقة عبر أسماء وهميه وعبر جمعيات إنسانية وعبر احزاب معروف تاريخها السيء …
للحراك وجه واضح وضاّء ضد الفساد .وما عداه اي الانحراف عن الهدف يصب في طاحونه التطبيع والفتنة الداخلية حينا والفتنة الطائفية أحيانا…وهذا حلم اسرائيل وأمريكا لنزع سلاح المقاومة.
ونحن ! نموت واقفين ولن نركع .
٧) س : في الأدب أي كتاب قرأتيه
أأثر فيك حد الدمع .
بألهمك في الكتابة .
ت_ عاودت قراءته أكثر من مره .
ج: بما أن قلبي ينبض على الدوام عشق ومقاومه…. فالعشق بنظري هو أساس كل شيء ومنه تنبع انهار المحبه والعطاء والاخلاص لمصدر النور و للوطن وللحبيب ….
لذلك عشقت الكثير من الكتب لكن الكتاب الذي عشقته مؤخرا وقرأته مرارا هو روايه للكاتبه التركيه “اليف شافاق”
تحت عنوان ” قواعد العشق الاربعون” وأجمل قاعده للعشق فيه هي القاعده الاخيره التي تؤكد لنا أن لا قيمة للحياة من دون عشق وعلينا أن لا نسأل انفسنا ما نوع العشق الذي نريده ..و العشق ماء الحياة .
٨) س : أنت بيت عاش الأدب في الحياة وفي الكتب واللقاءات، حدثينا عن الأثر الذي تركه في شخصك وخاصة بالنسبة للوالد الأديب أمين قانصون .
ج : يقول المثل الولد سر ابيه والعلم بالوراثة والأدب والاخلاق والفكر التنويري بالوراثة أيضا.
وقل لي من تعاشر أقل لك من أنت …
فأبي! إبن كفررمان عاش فيها وترعرع في وسط بلدة تحمل الرايات النضالية وهو القارئ للأحداث من نصف قرن ويعرفها بالتفصيل…
صُرف من التعليم عام ١٩٧٣ إثر اضراب للمعلمين. ودخل طريق الصحافه. كتب الشعر الوطني وتأثر بجمال عبد الناصر وبالثورة الجزائريه والتي كان يتبرع لها بنصف ليرة لبنانية يومها ( كي يشعر أنه جزء من هذه الثورة)
انخرط بالدفاع عن المقاومة الفلسطينية وشارك في حرب تشرين عام ١٧٧٣ كصحافي وسط المقاتلين الفلسطينين…
ابي كان وما زال ناشطا خاصة بالوقوف إلى جانب المرأة مشجعاً على نيلها حقوقها كالرجل فقد سعى جاهدا كي تصل والدتي إلى مركز القرار في بلدية كفررمان لتكون عضوا فاعلا في البلدية .
وما حصده والدي من محبة أهل المنطقه رآه بأم عينه عندما كُرّم من قبل زملائه المتقاعدين ولم يكن تكريما عاديا بل كان بمثابة مهرجان محبه .
أبي قدوتي له العمر الطويل والاحترام الدائم.
حوار /رئيسة التحرير سمية تكجي