معتلُّ الآخِر! / بقلم الشاعر خضر حيدر
معتلُّ الآخِر!
كنت صغيراً حين ظننتُ
بأنِّي من وطنٍ يعلو
كالنجمِ على أكتاف الريحِ
ليهديَني الكونَ الساحر
وكبُرتُ… كبُرتُ
حملتُ الإثمَ
وعشتُ على ذكرى وطنٍ
أرداهُ التيهُ وظلَّ يكابر…
قالوا: استقلال
ومنذ “الصيغةِ” ما زلنا
نتغنَّى بالمجد العائد
وحسبنا أنَّا تحرَّرنا
وأعدنا الأرض المسلوبة
من أسرٍ طال…
قالوا: استقلال
وحبل الشر يصول يجول
وحبل خلاصي مخنوقٌ
برؤوس المال
قالوا: استقلال
والفوضى تسعى كالأفعى
والظلمُ، القهرُ، الهدرُ “حلال”
قالوا: استقلال
وشعبي مثل النهرِ يلمُّ
دموعَ الغربةِ، ثم يهاجر…
محتلٌّ أنت يا وطني
وأنا المحتلَّةُ أنفاسي
بل كلُّ حواسي محتلَّة
مظلومٌ أنت…
وظلَّاموك تعامَوا عنك
وتاهوا في أصل الأسماء
وأصل المُلكِ…وأصل المِلّة
مسجونٌ أنت…
وسجَّانوك تناسَوا كلَّ لغات الأرض
وصاغوا منك حروف العلَّة
أعود إليك وأنت تغادر
تطيرُ…تطيرُ
إليك أطيرُ
وأجنحتي وِسعُ الأكوانِ
ولكنِّي…معتلُّ الآخِر؟