من: (الراعي العاشق)
فيرناندو بيسوا
** ترجمة عبد اللطيف الإدريسي
من: (الراعي العاشق)
فيرناندو بيسوا
** ترجمة عبد اللطيف الإدريسي
1.
في ذلك الوقت الذي لم تكوني بَعْدُ فيه لي
كنتُ أحبّ الطبيعة مثلما يحبّ المسيحَ راهبٌ هادئ…
والآن أحبُّ الطبيعة
مثلما يحبّ راهبٌ هادئ مريمَ العذراءَ،
بخشوع، وبطريقتي، مثلما كان ذلك آنفاً،
ولكن بطريقة أخرى أكثر تأثّراً وأقرب…
تبدو لي الأنهار أوضح عندما أرافقكِ
عبر الحقول إلى حافة الأنهار؛
إن نظرتُ إلى الغيوم، وأنا جالس جنبكِ،
أراها واضحة –
إنك لم تَسْحبي منّي الطبيعة…
إنكِ غيّرتِ الطبيعة…
لقد جعلتِ الطبيعة تضمّ صدري،
بفضل وجودك أراها أحسن، لكن كما هيَ،
بفضل حبكِ، أُحبّها بنفس الطريقة، لكن أكثرَ،
لأنّكِ اخترتني لكي تكوني لي ولكي أحبّك،
تحدّق عيناي فيها وتتأنّيان طويلاً وهما تحدّقان في كلّ الأشياء.
لن أتوبَ من الذي كنتُه فيما مضى
لأني ما زلت على ذلك الذي كنتُه.
2.
عالياً في السماء يحلّق القمر الربيعي.
أفكّر فيك، وأحسّني كاملا.
يتسرّب عبر الحقول المكشوفة في اتّجاهي نسيم خفيف.
أفكّر فيك، أهمس باسمك؛ وأنا لست أنا؛ أنا سعيد.
غدا ستأتين، وتذهبين جنبي لقطف أزهار في الريف.
وسأذهب جنبك عبر الحقول لأراك تقطفين أزهاراً.
أراك منذ الآن تقطفين أزهاراً غداً جنبي عبر الحقول،
لأنّك عندما تأتين غداً وتذهبين معي لقطف الأزهار في الريف،
سيكون ذلك لي فرحاً وحقيقة.
3.
الحبّ أُنْس.
لم أعد أستطيع المشي وحدي في الطرقات،
لأنّني لم أعد أستطيع المشي وحدي إلى أيّ مكان.
فكرة جليّة تجعلني أمشي بسرعة
وأرى أقلّ، وفي نفس الوقت لي رغبة أن أرى كلّ شيء.
ليس ثمة، حتى غيابِها، من يصاحبني.
أحبّها كثيراً حتّى أنّي لا أعرف كيف أشتهيها.
إن لم أرها، أتخيّلها وأشعر أنّني قويّ مثل الأشجار العالية.
لكن، إن رأيتها أرتعش، لا أعرف ممّا يتكوّن ذلك الذي أشعر به عند غيابها.
إنّني أتبعُ قوّة ما تهجرني.
الواقع كلّه ينظر إليّ مثل عبّاد الشمس الذي يحمل وجهه في وسطه.