1/
جاءت إليّ وقالت
أما بعد
أنا لا أصدق من يخطف الفؤاد
ويخطف البصر
أنا لا أصدّق أنّ السيف
أصدق أنباءً من الكتب
وأنّ الكتب في حديقتي
أصدق أنباءً من الأزهار
ولست أدري إن كنت أرجم بالغيب
وأنت أنت
ها هو الليل يغشاني
فماذا تعني عندما تقول
بأنّ القلب الأسود مزروع
في حوض من الأشواك
وبأنّ الأسماء تعلو وتنخفض
في لجة غرّبتنا
فلا تراها العين في لوح السواد
لا ليس هناك مقدمة لمحنة رؤياي
ومحنة أيامي وأغصاني
لكني تأزمت وضاقت بي لغتي
من كتب السحر
وألعاب الرمل
وشعوذة البن المحروق بفنجاني
مولاي هبطت من غيمة شرقية
إلى غيمة غربية
فرأيت عرّافة الغيوم
تعاكس ضحكة الفجر وتغتال الوطن
يا ليتني لم أكن
والمعنى إلى أين يذهب المعنى
في غيابة الصور
ليس في الأمر سرّ
وما عدا سورة العصر
فضلال في ضلال
منّا من يموت شريداً
ومنّا من يموت مثقلاً بالأسئلة
ومنّا من يموت بكرامة عقله
واقفاً على سنبلة
ولهذا أبحث عن طريقي
أركض خلف عقلي
وأعدو خلف دمي
في البدء كان الخيال
مطر في صيغة النهر
ونهر في صيغة السؤال
وكان قلبي يئن في الزحام
من رجعة الموتى
إلى وجوهنا المنقوطة على حرف منكسر
ما أبعدني عن هذه الأرض
لم أعد أنا يا مولاي
وأريد أن أحفر البئر
كأني على حجر
لكنّ الوقت فاتني
سأفتح بؤبؤ الحجر
🎶🎵🎶🎵
2/
لا أرى الوقت ولا يراني
سأفتح بؤبؤ الحجر
وتشاء قارئة الأبراج
ما لا أشاء
وقضيتي يا سيدي إسمها عقلي
والذي يلمع من دمي
من ميركوري إلى المريخ يستحق النظر
ها هنا فوق جبيني زحل
وفِي قلبي عطارد
تطاردني النجوم
ولَم تزل خيوط أحلامي
معلقة في تلك العناكب
تنام الكواكب في سريري فأنام
وتصحو فأصحو
تشق عمري ساعة بعد ساعة
ويوماً بعد يوم
هذا حبيبي له قمر
ولي قمر آخر
يسألني وانتظر
ما الذي يتصاعد من ليلك القمر
وما الذي ينزل من دهاليز الفضاء
لا أعرف الجواب
فتأخذني أسطورة الحظ
إلى أغصان الكوكب العاشر وآلهة الخرافة
لم يكن قيس نبتون شريفاً
ولَم يعطني المشتري فرصة ثانية
لأجترح أعجوبة للسلام
تمزقت بين مخالب الأرقام
وانشق برج الثور عن برجي
وانتهى العام
بأغنية بلا حب
وقيثارة بلا وتر
لا دجلة في بغداد
ولا خزامى في الصحراء
ولا غيم في سمائي القتيلة
وسؤالي يا مولانا
كيف أخرج من لعنة ديك الجن
كيف أخرج من أشعة النبيذ والرماد
كيف لي وأنا الغريقة في انتظار القدر
🎶🎵🎶🎵
3/ خاتمة لمسرد الضياع
وفاتني أن أقول يا مولاي
كيف صار البؤس عبادة
وتحوير الأديان وسادة للرعاع
ويحدث أن نأخذ البيعة للدين
من الأحزاب
إنه لبلاب اليأس في بوار ذبولي
يسكن الآن في وطن خارج الخارطة
وكما تكون سجايا الشجر
أطلقت من صفصافتي أسراب الغمام
نحو فصول الأرض
وأسراب الحمام نحو حقولي
ربما تأتي البدايات
وليس سواي في المدى
وليس سواك في الندى المالح
أنا هي المدهشة البريئة
بيد أنّ الخضوع ارتداني
بين لذة الجهل
ولذة ما لا أراه تحت هذا الجسد
ولي جسد يطوف خارج الزمن
وكان رأس السنة الوهاج
يطل كل عام على جرح بدر لم يكتمل
وكنّا لم نتفق بعد
بأي طريقة يغيب قرص الشمس
بين حمرة في الشرق وحمرة في الغرب
يا سيدي أنا لا أنكر جميل الكواكب
وزينة الليل
ولا أنكر في العراء جميل المطر
لكنني أنكرت خيبة الرؤية
بين قارئة تقطف الورد من بساتين النجوم
وتمشي على أطراف الكون
وقارئة تختال بين الأطلال
وتدسّ رأسي تحت الرمال
وكنت ضريرة منفاي
أهرب من مصباحي الأعمى
وثمة في عيني دمع يصلي ودمع يغنّي
أتغطى بأهداب الحب
فيوقظني طائر البرق
ويحتاج برج العذراء لعاصفة ضوء
لكي يشعل هذا الرماد
ويلي تدحرج الليل فوق قلبي
وانتزع من روحي زمردة التاج
سقط الجميع على الجميع
ولَم يبق غير أورانوس ذاك العنيد
يدلني
لأعرف أمكنة الشرق
مثلما كانت في العصور البطيئة
يوم كان الرمل يلعب بين أصابعها
فيرقص الذهب
يا سيدي الملاح
أنا هي المضمرة في كل عاشقة
ترملت على عجل
وتكاثرت سراً وجهراً
فما عدت أبالي بوصف الأزهار
لأطعم ناقتي زفرة الحداء وزفرة البكاء
أنا هي وليدة الفلك
لي التراب وأطوار التراب
كلمّا قلت هوذا كوكب الزهرة
سقط الركام على الركام
وأعياني التعب
وهكذا
كلمّا أحببت سحابة ضوء
تعلقت ضفائري بنرد فينوس
فألقاني بين صفتين
من وخز الضجر
وبعد الطريق
وأنا يا صديق النبوءات
لم أزل في أسر الأبعاد الثلاثية أحتضر
من سفر إلى سفر
وأعلم علم اليقين
بأنّ الارض العربية لا تدور
وبأنّ التنوير العربي وهم
وبأني سقطت راياتي
وكشفت صدري للغزاة
ويدور بي كفني من درب التبانة
إلى دربي المستحيل
وانزاح وجهي الغريب عن وجهي الغريق
من يرد النخلة إلى نهرها
والريح إلى كفي
لاقتلع هذا الحطام في ابتهاج النار والخراب
وَيَا ليت لي قافية الصخر
لانشد للأحفاد سطوع الهزيمة
ألم تقل يا شيخ اللغة
أنّ توضيح الكلام
كوضع النقاط على الحروف
وسؤالي من كثرة أسئلتي
عن نقطة الضوء الأخيرة
هل ضاع العمر سدى
وهل ضاع الصفر
وكيف اختفى من جدول التاريخ
ولَم أعد أدري أين الرجاء
ومن أين تأتي البداية
موات موات
أليس لهذا الموت لفظ آخر
يوصل للسماء
أليس لهذا الدم دم وردي
تخرج منه الحياة
