فاعلية المخيلة في بناء الصورة الشعرية لدى الشاعرة سوزان عون
فاعلية المخيلة في بناء الصورة الشعرية لدى الشاعرة سوزان عون
نزار حنا الديراني
في مجموعتها الشعرية (جدائل على أكتاف الحب ) الصادرة في مدينة سدني / أستراليا سنة 2016 وحيث أبدعت الفنانة اللبنانية أحلام عباس في ترجمة تشظيات المجموعة الى لوحة جميلة زينت بها غلاف المجموعة ، تحاول الشاعرة سوزان عون إزاحة الهموم
المتراكمة في مخيلتها والتي هي من نتاج إفرازات الآخر وانعكاساته في أنا الشاعرة ، وهي تقوم بتمشيط جدائلها المنسدلة على أكتاف الحب لتعيد الجمال اليها ورفع غبار الشرق المحمل بالموروث التقليدي والمتراكم على مرايا الأنثى ليُحجب عنها مزاياها الجميلة كونها ليست إلا روبوت مطيع بيد الرجل .
منذ النظرة الأولى الى عنونة المجموعة يدفعنا التأويل إلى متابعة القراءة لكشف عن ما تخبئه العنونة – جدائل على أكتاف الحب – حيث ان المفردتين (الجدائل ، الحب) بحالهما تفضي بنا إلى المزيد من الشّد النفسي للشكل المتحرك أمامنا ، ويثير في مخيلتنا العديد من التساؤلات .
في مجموعتها هذه تحاول الشاعرة خلق محاورة بين أناها وتشظيات الأنا الجمعية والتي أفرزت في مخيلتها صور شعرية تتصف بالهدوء الرومانسي تارة وبالنقد اللاذع في الأخرى ، جمعتها الشاعرة من الواقع اليومي الذي عاشته وقامت مخيلتها باسترجاع الحالة الشعورية التي انبعثت عن تجربتها والتي صاحبتها في بناء كم هائل من الصور الشعرية وتساؤلات مشروعة من خلال حث الخيال للقيام بخلق نوع من العلاقات الخاصة بين مجموعة من التناصات اليومية التي واكبتها الشاعرة سوزان فتراءت لها على شكل صور شبه متنافرة ومتضادة فتقوم مخيلتها بتنسيقها في صور جديدة مترابطة ومنسجمة . وهكذا فإن دور المخيلة ضمن إطار العمل الشعري هو تأليف المجتمع الحسي وجعله موضوعا مفردا حسب تحليل “كانت” .
لذا فإن الأنا لدى الشاعرة لا تفكر في العدم، بل إنها تفكر في “الرسوم الذهنية التي تقيمها الذات عبر المخيلة لأجل خلق وسائط بين المفاهيم المتوارثة وبين التمثيلات الحسية”، كما يقول الباحث عبد الحق منصف في معرض دراسته لنظرية “كانت” .
هذا ما تقوم به مخيلة الشاعرة حيث تقوم بتحويل كل المدركات الحسية والتي هي رد فعل لما هو في الخارج لتحوله الى مجموعة من الصور الذهنية المتكئة على فضاء من الاستعارات لتصنع مشهداً شعرياً يتحسسه القارئ / المتلقي عبر تبلور النص الشعري في ذاته، فيتحسس جمالية الصورة وقوة دلالاتها المتمثّلة في الإيحاء التي تطرحه الصورة الشعريّة تلك التي تجعل المشاعر، والأحاسيس أقرب إلى التعميم، والتجريد منها إلى التصوير والتخصيص كقولها في قصيدتها ( سأثأرُ لغربتي ) :
دعكَ من أهازيجِ الطفولةِ،
تعالَ وانضمَّ لجيلِ المراهقين.
نبلسمُ أخاديدَ حفرَها الزمانُ.
تعال نرتعُ بين حقولٍ وبساتين.
تتجلى أهمية الصورة الشعرية لدى الشاعرة في كونها المجال الذي من خلاله تكشف عن قدر اتها التصويرية ، للتعبير عن رؤاها ومشاعرها وانفعـالاتها كون الصورة الشعرية تركيبة وجدانية تنتمي في جوهرها إلى عالم الوجدان وهي الوسيلة الفنية والتي من خلالها تنقل الشاعرة تجربتها ، حيث يتم من خلال صورها تجسيـد المعنى وتوضيحه؛ بمعنى آخر الصورة الشعرية هي القالب الذي تصب فيه الشاعرة افكارها ومعانيـها وعواطفها كون الشعر قائم على الصـورة الشعرية ومبني عليها ومن خلالها يتم فهم العلاقة بين التجربة الموضوعية في الخارج والتجربة الذاتية في الداخل بالأدوات الشعرية التي ستؤسس النص وتقيم معماره وتشكيله وهذا ما نلاحظه في هذه الأبيات من قصيدتها (جبهة ترنو السجود) :
الروحُ تبكي بصمتٍ
والجدرانُ من حولها سدودٌ صاخبةٌ
لا منافذَ فيها ولا هواءَ
ضاقَ صدري
بوحُها من فوهةِ الصمودِ
والمخاضُ ألمُهُ عظيمُ
هذه الهواجس والتي هي من افرازات بكاء الروح تتحرك بالنيابة عن الرعب المتأصل في الذات المصابة بخوف مستديم طفوليا مكونة بذلك صورة شعرية ذات سمـة اسلوبية تتميّز بها تجربة الشاعرة سوزان كونها تتعامل مع الحدث في بيئته الحقيقية ( لبنان) فهي انعكاس حتمي لانفعالاتها النفسية التي تحدث لها من خلال ما تتلمسه في المجتمع حيث اعتمدت على الرؤية العينية أكثر من اعتمادها على وخز الإحساس الذي يعكس حضور الذات الشاعرة كونها ترى في الوسيـط العيني أوضح صورة لتجربتها الفنية كي تمنحها القيمة والنظام بالفضاء الدلالي للصورة الشعرية ، والتي هي بحد ذاته التركيبة الفنية التي تحقق التوازن بين المستوى المطلوب والمُـنجز، والفاصل بين الظاهر والباطن ، وتظلُ الصورة هي أهم عناصر الشعر، والمحك الأول الذي تعرف به جودة الشاعـرة، وعمـقها، وأصـالتها ، ففي قصيدتها (أراكَ) تأخذ الصورة الشعرية وظيفتها في خلق جو واقعي مؤثر يكتسي بطابع الموضوعية الشعرية وهي تقول :
أخبئُ أحاديثَكَ، لتختمرَ عندَ الصباحِ
بمناجاةِ روحِكَ لروحي
أرجوكَ، خذْ ذكرياتِكَ من رأسي،
ومن عينيَّ طيفَكَ، حرِّرْني..
بسببِكَ، أخاصمُ نفسي، وأبتعدُ عن ذاتي.
فترقصُ قصيدتي بلا لحنٍ، وبلا أثرٍ.
لغتي بغيابكَ تشتاقُكَ، فأكتبها حرفاً أصم
أناديكَ، فما بالكَ لا تسمعُني، ولا تأتي؟
من خلال هكذا نص تلجأ الشاعرة إلى اللاوعي كي تستمد منه الرموز المتباعدة في الزمان والمكان؛ لتعبّر عن فكرة أو شعور أو رؤية أو تجربة مرت بها في لوحتها التي تخللت جسد النص فهناك العديد من اللوحات الشعرية في مجموعتها هذه عكست تشظيات الواقع الخا رجي، لذا تراها تتساءل كثيرا وحيث يحتل السؤال مساحة لا بأس بها من قصائدها، كي تثير الاخر وتحرضه على البحث عن جواب … ومن خلال التساؤل تعبر الشاعرة عن مساحة دهشتها وقلقها ازاء الوجود .. لذا أحيانا القصيدة تتشكل من مجموعة من التساؤلات لترسم من خلالها مجموعة صور مبعثرة ترتبط ببعضها من خلال الخيط الذي تنسجه مخيلتها على شكل آصرة تساهمية لإقناع المتلقي بأسلوب فني بلاغي يثير عاطفته وفكره، ويحفزه على الفَهم والتفسير للنص الشعري لما يوفره السؤال من تماهٍ مباشر بين محتوى التجربة ومحتوى الأداء ، كقولها في قصيدتها (مّسٌ من الشوق) :
الحبُ أصابَ سَردي بمّسٍ من الشوق،
فلا تسترسل بالغناءِ لغيري.
ناقمةٌ على خطواتٍ
سَنّها الزمانُ وأبعدكَ عني.
فهل هناك في الدنيا أنثى غيري تُشبهك؟
إن الصورة الشعرية لدى الشاعرة سوزان تتداخل فيها وتتفاعل الحالة النفسية والواقع المرير الذي تعيشه المرأة الشرقية بصورة عامة والعربية بصورة خاصة، في فضاء متواضع يعج بالأسئلة المتكررة في حياتها اليومية كي تنفتح على أفق أوسع للحفاظ على العلاقة مع الآخر من خلال نصوصها. بمعنى آخر أن التفاعل يكون بين الفكرة والرؤية الحسية “العالـم الخـارجي” والشعور بالذات من خلال قدرة الشاعرة على التعبير عن ذلك التفاعل بلغة شعرية مستندة إلى طاقة اللغة الانفعالية بمجازاتها، واستعاراتها، وتشبيهاتها في خلق الاستجابة والإحساس عند المتلقي من خلال السؤال كي
تحقق طبقة مهمة من الشعریة، سواء أكانت الاستجابة حسية أم معنوية ؛ وتبعًا لذلك تؤسِّس الصورة الشعرية التي أنتجتها مخيلة الشاعرة فضاءً دلاليًا، تستعير من خلاله بنيتها الأدائية والايقاعية لتسقطها على مخيلة القارئ أو المتلقي كي ترتفع به من مستوى القراءة البسيطة الى مستوى القراءة المنتجة. فهي تحاور الأنا المتألمة وتعزيها في هذا الآخر كقولها في قصيدتها (أسدل الليّل جفونه) :
أنا الأسيرةُ، أمشي مطأطئةً
من أثقالي
خوفي يزدادُ وعيونُ الأمسِ ترمقُني
ترقبُ ساعةَ سهوٍ لأسجدَ بعدَها
على بساطٍ من وجع
فبالرغم من التألم القسري في ذات الشاعرة إلا أنها عكفت بثورتها مع باقي الشاعرات في وطنها كاشفة من خلال نصوصها الرزايا والشجون التيي تتخبط بها المرأة وبهذا ندرك أن ملكة الفهم عند الشاعرة تعتمد على ما تنتجه المخيلة لما تقدمه الحساسية الخارجية، كون المخيلة تنتمي إلى مجال الحس الداخلي للإنسان، ودونها لا يمكن إنجاز، أو تحقيق المعرفة أو الإبداع الشعري والفني.
ان غنى الفضاء التخييلي عند سوزان عطية ما هو الا دليل يعكس خصوبة الرؤية في أشعارها وهذا يعود إلى قدرة مخيلتها على التخيل فاستغلالها للموروث الذي يعطي الحق للرجل أن يكون السيد وبيده الأمر والنهي وانعكاساته على مكان المرأة في مجتمعاتنا العربية أغنى فضاء متخيلاتها الشعرية بالمؤثرات الناتجة عن العادات والتقاليد التي ضاعفت من فاعلية هذه المتخيلات، وأكسبتها عمقاً وخصوبة ورؤىً وتأملات في الحياة، كقولها في قصيدتها ( رسائل لرجل) :
وبعدها لن تجدَ لي طريقاً.
حسمتُ النقاشَ حولّ الخاتمات،
فلا حِبْكةَ باتت تعجبُني.
كأنكَ من مريخٍ لا يبعدُ
عن زاويةِ أو مفرقِ قريتي.
ويكمن قوة النص لديها بمقدار حيويته على تفعيل الصورة الشعرية وقدرتها على التحليق بمتخيلاتها الشعرية، بعيداً عما هو مألوف ، فحقيقة الصراع بين أناها والآخر ، ومدى إسهام الصورة الشعرية في إبراز الجدل بين المتخيل الشعري وآهات الإيقاع وتفعيل قراءة الذات تشد انتباه القارئ وتستوقفه، حيث تقوم العملية التواصلية على وجود منظومة لغوية من بينها وجود مرسل ورسالة ومرسل إليه (المتلقي)، فمن بين أهداف المرسل هو إحداث أثر على المتلقي من خلال رسالته، وكلما زادت نسبة الثنائيات الضدية في الرسالة كلما زاد حدة التأثير والتفاعل، فالثنائيات الضدية التي تطرحها الشاعرة داخل صورها ما هي إلا بذرة ، تأمل الشاعرة من خلالها إحداث إيقاعية متناغمة مع الجو الفكري والنفسي الذي يعيشه القارئ في أوطاننا وهي تحيطه بلحظة إنتاج هذه النصوص؛ من اجل إحداث حراك صوتي يدغدغ داخل القارئ وبالأخص العنصر النسائي اللواتي تحملن جمهرة من الانكسارات الفكرية والاجتماعية، من أجل أن تعوض تلك الانكسارات بدفقات تعلو تارة، وتنخفض تارة أخرى من التلوين الصوتي الذي يتناغم مع الدفقات الشعورية هدوءاً وصخباً ، ألماً وأملاً؛ من أجل خلق فضاء تتزاوج فيه العناصر بهدف تأسيس إيقاع القصيدة كقولها في قصيدتها (قنديل من وجع) :
ترتلُ النجومُ لحنَ الرحيلِ
والقمرُ قنديلٌ من وجعٍ
الغيماتُ تمسحُ خدّ السماءِ
والشمسُ منهمكةٌ
بحصادٍ أصفرٍ يركعُ
مشهدٌ كأنّهُ سنابلُ الفرحِ
الآتي من البعيدِ
حيث “يثير اجتماع الثنائيات المتضادة ( لحن الرحيل ، الشمس منهكة ، حصاد أصفر / سنابل الفرح ) الدهشة والمفارقة المتولدة عن اجتماع الضدين في موقف واحد أو جملة واحدة، أو بيت شعري واحد، إذ يوفر الضد ولادة تصور معرفي تساعد المتلقي على إحالة ثنائية الرحيل الى ثنائية الفرح، وتبعاً لهذا، تتعدد شعرية المتخيلات بفاعلية الأنساق الضدية أو المتضادة، إذ إن الثنائيات الضدية عندما تدخل في صلب الرؤيا تعزز مدلولها النصي ضمن النسق؛ من خلال الترابط المعنوي بين رؤية الشاعرة والتراث، عبر كلمات جريحة تشدو بموسيقى الحسرة ما ألم بها من مفارقات كي تسمو بخطابها الشعري إلى أفق أرحب تستفحل معها الأحاسيس لتقتحم الذاكرة الجماعية من خلال تدفق الصور والتأويل عبر نسغ القصيدة وانتظام انساق بنيتها الشعرية ، فشاعريتها تكمن في تشكيلها تكوينات بصرية أخاذة باسترجاعات زمنية تمزج بين الصورة الواقعية والصورة التي تنتجها المخيلة الشعرية ، ومن هذا المنطلق؛” تحقق الثنائيات المتضادة بوصفها دعامة بنائية ومقومة أسلوبية انفتاحاً نصياً مذهلاً يطفئ رغبة الكبت لدى الشاعرة ، لأن الثنائيات المتضادة ناتجة عن تأزم نفسي حاد عاشته الشاعرة لثيمة إشكالات وتأثيرات داخلية ذاتية ، وخارجية متراكمة كقولها في قصيدتها (صبر مرافئي) :
أنتظرُ أجفاني لتغفوَ
وأستبيحُ الفجرَ بأنفاسي.
سُفُنِي مُشتتةٌ بينَ أسطري
تَقيسُ صبرَ مرافئي
أسيرةُ الشوقِ ومكبلةٌ بهِ
وكجلادٍ يسلطُ عليّ بأسَه
فيحاكمُني كسلطانٍ
لقد عبرت الشاعرة من خلال نص كهذا عن الطرف الآخر في قصائدها من منطلق التجربة الشعرية المكتسبة من ثقافة المجتمع في نظرته عن العلاقة بين المرأة بالآخر / الرجل ، وبواسطة التضاد توقد الشاعرة التوهج الشعوري والعاطفي في الكلمات . ومن خلال نصوص مجموعتها الشعرية هذه تكون شخصيتها طاغية على النص حيث تظهر أناها حضوراً أكثر فاعلية ربما كان السيب في ظهور نصها سلسا وواضحا خالياً من الرموز والأساطير وفي ظل هذه التجاذبات بين التجربة الفردية والنسق الثقافي للمجتمع الذي يفرض تلك الصورة النمطية ، والتي هي تبعية حواء لآدم ، أي السيطرة الذكورية على الأنثى / لذا جاء صوت الشاعرة/ المرأة ، لكي يفرض أناهُ من أجل كسر تلك النمطية المعهودة في صورة متمردة رافضة. ولكن بكل الاحوال تبقى الشاعرة سوزان مميزة بتلك ألانا لتُخلق القصيدة من ذات أنا أو من ذوات الآنا الجمعية ، كونها الشاعرة جزء من المنظومة الجمعية حتى وإن تفرّدت عنهم بجرأتها وثورتها مما دفعتها لتخلق طقوسها من أرضية ومناخ واقعها الشرقي الذي أعطى للرجل عصمة الأمر والنهي في قبولها كشريكة في حياته أو استبدالها بأخرى ، إذن فطقوس الـ (أنا) بذاتها هي عبارة عن سلسلة جمعية متكاملة تُخرج منها الشاعرة نصوصا لها طقس خاص عبر أناها فدائما تولد القصيدة عندها بعد مخاض عسير من الآهات وهي تحمل هاجس الأنا… فالقصيدة عندها تنفجر داخل الذات اولا ومن ثم تخرج من اعماقها وهي تتقمط أناها على اعتبارها صورة مصغرة لـ ” الأنا” الكلية . فـ “الأنا” بالنسبة للشاعرة هي إدراك للحقيقة الشعرية كونها تمتلك بعداً انسانياً مفعما بخصائص متعددة كالفرح والحزن والأمل وهي تحاول ان تمسك من خلال هذه الـ “الأنا” بلحظة التوهج الشعري وهي تعيش في مجتمع يحتوي الكثير من التناقضات كقولها في قصيدتها (الريحُ تعصفُ في أرجائي) :
على أسنّةِ المسافاتِ،
أحملُ سَفَراً بَعيدَ الغاياتِ.
حِرابُكَ أصابتْ هدفاً بَاكياً..
والريحُ تعصِفُ في أرجائي.
سَلْهَا كَمْ اقترنَ خَيالُهَا بِغيابِكَ،
وكمْ جَدلتْ ضفائِرَها المُسدلةَ
على أكتافِ الوجع؟
وختاما أقول أنّ هذه المجموعة الشعرية تنتمي إلى التأملات الشعرية المكثفة ، فهي تحملُ الكثيرَ من الرؤى، حيث استطاعت مخيلة الشاعرة من خلال نظرتها البعيدة بعينين نصف مغمضة كي لا تطالها سهام مجتمعها فنسجت لنا قصيدة متميزة بلونها وتحسسها مانحة إياها جماليةً .
ان الناظر الى شاعرية الشاعرة سوزان عطية سيجد ان روحها هائمة في أفق القصيدة وان فضائها الشعري ينساب اللغة فيه كالنهر بخريره وأهاته حين يصطدم بالصخور حيث تتدفق أشجانها كالموجات وهي تنبثق من مخيلتها لتتشكل كحلم تحاول الشاعرة ان تجسده بالكلمات والصور وقد أجادت في نسجها صوراً مفعمة بالارهاصات اليومية وكما تقول في قصيدتها ( ما تاهت ْعنكَ ذاكرتي) :
سأدوّنُ الخاتمةّ قريبا،
وتكونُ أنتَ أولَ وآخرَ قصصي.
لا زلتُ أحملُكَ بقلبي أجملَ حكايةٍ
لن تغيبَ عن بالي وما عدتُ أخشى النهاياتِ
على أمل أن تتحفنا الشاعرة بنتاجاتها من خلال ثورتها على الواقع المرير الذي تعيشه المرأة في مجتمعاتنا لقدرتها على صياغة المفردات والصور الشعرية والتعابير, لتغدو العلاقات الأسلوبية بين الدال والمدلول، علاقات بنائية تضادية تارة، وأخرى تجاورية
.شاعر و ناقد و مترجم
ممممممممممممممممممممم