أدب وفن

سبعون عاما على صدور كناب “أحجار على رقعة الشطرنج ” الذي يفضح أسلوبَ حكم العالم !

سبعون عاما على صدور كناب “أحجار على رقعة الشطرنج ” الذي يفضح أسلوبَ حكم العالم !

أنطوان يزبك*

الكلّ قرأ : “أحجار على رقعة الشطرنج ” أو على الأقل سمع عنه ، و هو كتاب صدر باللغة الانجليزية للمؤلف الكندي( ويليام جي كار) عام 1955 وعنوانه بالإنجليزية Pawns in the Game يكشف فيه المؤلف دور المنظمات السريّة العالمية في صنع الحروب والثورات التي أحدثت الخراب والدمار والانقلابات على القياصرة في روسيا والملوك في أوروبا ويشرح مخططات هذه الجمعيات السريّة للسيطرة على العالم !
وبعد صدور هذا الكتاب بسبعين من السنين ،صارت لعبة الشطرنج هي لعبة السياسة العالمية الدارجة و معارك الأمم والحروب المختلفة حول العالم .
أما عن سقوط الضحايا فقد بات هؤلاء الأبرياء من عديد ال collateral damage أي الأضرار الجانبية أو العرضية ، لا يهمّ العدد ولا تهمّ الخسائر المهم أن تستمر اللعبة ، بشروط أسياد الحلبة العالمية فمن مات مقتولا جرّاء عمليات حربية وشغب وثورات، ليس سوى ممثل ثانوي أو كومبارس يموت على الشاشة كما في أفلام ألعاب الجوع Hunger Games أو كما في مسلسل لعبة الحبّار Squid Game وهو مسلسل كوري عرض على منصة نتفليكس ، يحكي هذا المسلسل، قصة مجموعة من الأشخاص الذين يشاركون في لعبة بقاء غامضة ومميتة تشبه تماما لعبة القمار ولكن يتبارى اللاعبون في ألعاب خطرة بالغة الصعوبة و شبه مستحيلة ، ومن يخسر يقتل فورا رميا بالرصاص حتى يبقى شخص واحد في نهاية المطاف ، يأخذ الجائزة المالية الكبيرة التي بدأت المراهنة عليها منذ بداية اللعبة .
أجل صار العالم يشبه صالة مقامرة كبيرة ، ينافس كازينو لبنان أو كازينوهات لاس فيغاس و موناكو و سينغافورة و تايوان …
لقد نجح مجانين السياسة و صنّاع القرار في العالم في مشروع تحويل العالم الى سيناريو هوليوودي بامتياز ، شائك و مجنون مقتبس عن كناب ( ويليام جي كار )وفيلم ألعاب الجوع و مسلسل لعبة الحبّار ولكن في نسخة أكثر دموية و خسائر بشرية فادحة و كوارث اقتصادية ومادّية مكلفة كثيرا لا تعوّض ،كانت نتيجتها أن أفلست البشرية فكريا ومادّيا وإنسانيا و جعلت النّاس في كل مكان من العالم في حالة فقر و ضياع.
المؤلم في كل هذا الموضوع هو استعمال ولو مجازيا قواعد لعبة الشطرنج . فالبيادق أي الجنود من كل الرتب ينفذون الأوامر من دون وعي ، وهم لا يعرفون ما يخفيه الملك الأعظم الجاثم فوق العرش ، و حتى هذا الملك ، على الرغم من جبروته لا يعلم ما تخطط له الملكة الفاجرة مع المجنون الهستيري ، و لا الفارس يشعر بأمان في ظلّ حماية القلعة ، خصوصا أن القلعة الحجرية استبدلت بالقلعة الرقمية، فصارت اللعبة مكشوفة على الآخر من قبل من يقف وراء شاشات الرصد والمراقبة ، ومن يدري أيضا ما يخفيه في صدره هذا اللاعب الخفي القابع في غرف سريّة في ثكنات عسكرية بعيدة آلاف الكيلومترات عن ساحات الوغى ، يضغط على أزرار ويتحكم بصواريخ ودرونات وينشر القتل والدمار …
على كل حال لا نستطيع أن ندين من اخترع لعبة الشطرنج الذي أرادها للتسلية وشحن بطاريات الذكاء في الدماغ ، العتب يطال العقل المريض الذي حوّلها الى لعبة موت .
وهب أن تكون أرضنا التي نعيش عليها كلّها وما عليها ، مجرّد عصبون (neurone) صغير في دماغ فتى يعيش في كون آخر مواز ، هوايته لعبة الشطرنج يلعبها ليل نهار فلا يتوقف ولا يكلّ وكلما لعب مباراة مادت بنا الأرض واقتربت منا الكوارث كما كان المخلوق الشيطاني “ليفياتان” يهزّ قرونه تحت سطح الأرض فتحصل الزلازل …
ليت عباقرة العلوم والاختراع يبتكرون آلة “تهزّ بدن ” كل من يخطط ويسيء الى الإنسان والإنسانية تمهيدا لمعاقبته و إزالته من الوجود ، كي يتنفس الصعداء هؤلاء الضحايا الذين يرزحون تحت ظلم لاعبين مجانين يعتبرون أنفسهم أسياد هذا الكون و أن عذاب البشرية ليس سوى ، مجرّد لعبة شطرنج او كرة قدم بين أرجل أطفال يركلونها وهم يتضاحكون ويمزحون بينما سائر الخلق يصارعون من أجل البقاء ، ما قاله (ويليام جي كار )من عقود لا زال ساري المفعول على الرغم من الاتهامات بالمبالغة وتزوير الحقائق، التي سقطت عليه مثل مطر الشتاء الغزير ولكن تبيّن مع الوقت أن الأيدي الخفيّة لا تزال هي هي تعبث وتخرّب وما طاف على السطح ليس سوى نذر يسير والخافي أعظم ! ..

*كاتب و باحث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى