يحدث دائما…/أدب/ الشاعرة ناريمان علّوش
يحدثُ دائماً…
يحدثُ أحياناً أن أتركَ طلاءَ الأظافر لأيّام من دون أن أنتبه لبهتان اللون وللقشور التي حكّتها زحمةُ الوقت..
يحدثُ أحياناً أن ألتفتَ إلى تجاعيد مرآتي صدفةً لأكتشفَ أنَّ الكثيرَ من الصباحات مرّت من دون أن أمسحَ العتمةَ عن وجهها..
يحدثُ أن يقاطعَ ابتسامتي انتقادُ إحدى السيدات قائلة:
“كم زادت خصلاتُ عمرك البيضاء!!! .. لِماذا لا تجرّبين الصبغة الشقراء أو الحمراء..سأقترح عليكِ تجريب بعض ماركات الصبغة التي يدوم لونُها طويلا..”
ويحدث أن تُعبِّر إجابتي عن اهتمامي لاقتراحاتها كي لا تعتبَ عليّ أنوثتي.. ومن ثمّ بعد لحظات انسى كلَّ ما قالته لي..
يحدث أن تلفتني إحدى صفحات الأزياء والموديلات والماركات وأحفظَ الكثير من الصور التي حفّزت رغبتي بالتغيير إلا أنني وبعد لحظات من تلقي إشعار بامتلاء مساحة الذاكرة أمحوها جميعَها محافِظة على صور وفيديوهات الشعر والندوات والأمسيات لأعود إليها كلما شعرت بالظمأ..
يحدثُ أن أرتدي فستانا كنت قد اشتريته منذ سنوات طويلة.. طويلة جدا.. من دون أن أكترث لعدم توافقه مع الموضة.. وأكون سعيدة جدا به وبعدم تغيّر مقاسات ذوقي..
يحدث أحيانا أن أتذكّر نصائح أمي أيام المراهقة حين كنت أتحمّل قساوة البرد فقط كي لا يعبث الشتاء بأناقة فستاني الجديد..
أتذكر كلماتها وأبتسم:
“البسي عليكِ منيح يا ماما هلا بيصفقك الهوا وبتمرضي..”
كان لا يهمني كل ذلك.. بينما الآن.. كأنّ الصدى عاد فقط ليلبسني كل الثياب في خزانتي خوفا من صفعات البرد والريح..
يحدث أحيانا أن ارتدي نظارتي السوداء لأخفيَ بقايا الليل في عيني وهالات الفكرة بعد أن طال مخاضها..
يحدث أحيانا أن أدقّ على باب القصيدة وأختبئ خلف الصمت كطفلة محاولةً استفزاز الغياب وما خلفه..
يحدث أحيانا أن ابحث عن نصٍّ يشبهني، أتكحّل بالنظر إليه وأتبرّج بمعانيه وكلّما أفلت من بين أناملي العمر .. أعود إليه.. فأعود أنثى من جديد