مجموعة قصائد للشاعر الفرنسي روبير ديسنوس/ ترجمة و تقديم / أحمد بن قريش


روبير ديسنوس شاعر سوريالي فرنسي، وُلِدَ سنة 1900 في باريس، وتوفّي سنة 1945. تعرّف ديسنوس على الأوساط الأدبية الحداثية في أوائل العشرينات من القرن الماضي، وانضمَّ إلى التيار السوريالي الذي ضمَّ شعراء مثل لويس أراغون، وبول إيلوار، وأندريه بريتون، وبقي مع هذه المجموعة حتى سنة 1929، لينفصل عنها بعد ذلك بسبب معارضته تسييسها.
من بين ما كتب: لغة مطبوخة، حداد على حداد، الحرية أو الحب، الظلمات، ساحة النجمة، ثروات، وشرف الشعراء.
نقدّم فيما يلي قصائد مختارة له.
* * *
هكذا الأبواق
هكذا دويُّ الأبواق عند أبواب المدينة جميعها
ستطير الطيور من ضجيج الأنفار
ستطير طويلاً فوق المدينة
ثم تحطّ
هكذا نكون في استراحةٍ تامّة
نكون سعداء و فرحين وبقلوبٍ مرتضية
لنغوص في نومٍ عميقٍ يسبق أول شروق شمس
لسعادةٍ مستردَّةٍ
* * *
اليوم تمشيت
اليوم تمشّيتُ مع صديقي
على الرغم من أنّه ميت
تمشّيتُ مع صديقي.
كم كانت جميلةً تلك الأشجار المزهرة
أشجار الكستناء وهي تُثلج يوم وفاته!
تمشّيتُ مع صديقي
فيما مضى كان ولداي
يذهبان لوحدهما إلى الجنازات
وكنت أشعر بأنني طفلٌ صغيرٌ.
اليوم أعرف الكثير من الموتى
وشهدت الكثير من الدفّانين
ولكنني لا أقترب منهم.
ولهذا، اليوم
تمشّيتُ مع صديقي
فوجد أنني تقدّمتُ قليلاً في العمر
تقدمتُ قليلاً في العمر، ولكنّه قال لي:
أنتَ أيضاً ستأتي إلى حيث أنا
في يومٍ ما
يوم الأحد
أو السبت.
كنتُ أنظر إلى الأشجار المُزهرة
إلى النهر الذي يمرُّ تحت الجسر
وفجأةً شعرتُ بالوحدة
فدخلتُ بين الرجال.
* * *
مفترق طرق
يوجد في مفترق الطرق هذا جوٌّ من الذكريات واللقاءات
وأشياءٌ سخيفةٌ وغريبةٌ ومهمَّةٌ للغاية
تُزهر واجهات الصيدلية بلونين
البرتقالي والأخضر
تظهر نقوشٌ مطليَّةٌ على زجاج المقاهي
أغاني المارة هي نفسها في أيِّ مكانٍ آخر
عمود المصباح نفسه
منازل مثل العديد من المنازل الأخرى
حجارة الرصف نفسها
الأرصفة نفسها
السماء نفسها
غير أن الكثيرين يتوقّفون في هذا المكان
يبدو أن الكثيرين يجدون رائحةَ أجسادِهم هناك
و عطوراً عاطفيةً لماضٍ
دُفِنَ في غياهب النسيان المتعرِّج بلا رجعةٍ