أدب وفن

ابحار على متن القصيد/ قراءة د.جوزاف الجميل في قصيدة الشاعرة ميراي شحادة حداد

نص قصيدة الشاعرة ميراي شحادة حداد

امرأة تعشق الإبحار والغرق
وتشعل الفتيل في الورق
تارة توقظ موتاها، وتدندن
لهم من صرير المِزق
تلد الأساطير وتفقأ عيونَها
إن مسّها منها صبابة في نزق
وتلاعب الزمن في عري دواتها
تحبسه، فيحيل شعلتها إلى غسق
أيا امرأة
من راحتيها تنضح خميرة الهوى
وتخصب الأمجاد في مجد وألق….

قراءة الدكتور جوزاف ياغي الجميل

أيقونة الضياء

امرأة تعشق الإبحار والغرق
وتشعل الفتيل في الورق
ميراي_شحاده

كلمات تختصر حياة الشاعرة ميراي عبد الله شحاده حداد. تلك الشاعرة التي تجمع في راحتيها والقلب الماء والنار، ماء بوسيدون ونار بروميثيوس.
الماء عشق الشاعرة. ومن الماء كل شيء حيّ. إنه الإبحار اليومي، في مراكب السندباد، في رحلة الثقافة والأدب، إلی شواطئ بعيدة الٱفاق. وحين يضيق البحر بأحلامها والٱمال، تغوص إلی الأعماق، بحثاً عن المحار، في عمق البحار.
وفي عمق غرقها، تحمل الشعلة المقدّسة. تهديها إلی روّاد الأدب، عطاءات لا تنتهي. تشعل فتيل الإبداع. تراود الذات المبدعة عن ذاتها، في منتدی شاعر الكورة الخضراء، عبد الله شحاده الثقافيّ.
بالله، أيتها الصديقة الراقية، أخبرينا كيف تجمعين في قلبك الكبير الماء والنار؟ وكيف تذوب محبّتك عشقاً للحرف والحبر والحياة؟
في يمينك صولجان الإنسانيّة المرهقة، رحلة أبديّة نحو عالم العشق الأزلي. إبحارك طيران فوق مياه الواقع المتعطّش إلی التغيير. أحلامك بحار لا شواطئ لها، لأنها في ثلاثة اتجاهات:
اتجاه أفقيّ نحو الإنسان تهبينه من ذاتك ما يروي عطشه إلی الحبّ، وما يشبع جوعه، إلی أسماك الفرح. واتجاه عموديّ نحو الله، تحلّقين نحوه، في سلام داخليّ، وقد حقّقت وصيّته الحادية عشرة: الحبّ. الحب المجّانيّ الذي لا يميّز بين البشر، في عبور للطوائف والمذاهب.
أما الاتجاه الثالث فهو نحو أعماق الذات، تراودينها عن ذاتها شعراً يفيض رقة وأحاسيس نورانيّة. اتجاه يختصر إرث عبد الله شحاده الثقافيّ، ويتجاوزه إلی امرأة بوهيميّة تشعل مرايا البوح، حنيناً إلی حلم عرفانيّ الهينمات.
ميراي شحاده حداد، عذراً إذا اختصرت قصيدتك في المرأة بمطلعها، بيت القصيد. ولكن، يبقی السؤال: كيف يمكن اختصار حياة امرأة تحمل في عينيها بصيرة الزرقاء، وفي قلبها أحلام الأنبياء؟
كيف يمكن وصف امرأة بحجم وزارة ثقافة؟
إنها الحبّ متجسّداً في مغارة الصمت والتواضع.
ماؤها واحة في صحراء. غرقها غيرية بلا اشتهاء. وفتيلها تواضع في الأخذ، غزارة في العطاء.
وحين يفيض بحر الألق، يصبح طيرانها بلون الغرق، والٱلاء. وتشتعل أيقونة الضياء.


د. جوزاف ياغي الجميل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى