أدب وفن
قلم / قصة قصيرة/ بقلم الدكتور علي حجازي
قلم
عند تلك اللحظة التي كنتُ أبحثُ فيها عن ذلك القلمِ الذي أودعته حضن أوراق قصّة جديدة كتبتها ، وخبّأتها في المكتبة ، معتقداً أنّ أيدي الأحبّة الأحفاد لا تطوله، اعترتني ابتسامة ضبطتها زوجي التي سارعت في السؤال عن سرّ هذه الابتسامة التي لم تعتدها في حال بحثي عن أمور تهمني فقالت:
- خير إن شاء الله!
- – تذكّرت السناجب الآن
- ما بها السناجب ؟
- تقطف ثمار البلوط والكستنا ، وتدفنها في التراب لوقت الحاجة ثمّ تنسى تلك الأماكن التي أودعتها أمانتها، فتنمو الثمار وتصير غابة.
- وأنت ما الذي خبّأته ؟
- أنا لم أخبىء قلمي ، ولكنّني رغبت في أن يكون في متناول يدي بسرعة لتسجيل فكرة قصَّة ما .
- غريب ، لأوّل مرّة أراك مبتسماً وأنت تفقد شيئًا عزيزاً عليك .
- بل أضحك ممن يخبّؤون أقلامهم لوقت الحاجة ثمّ ينسونها ، وبدلاً من أن تغدو غابة أفكار تصدأ، وهل هناك حاجة أهمّ من حاجتنا إلى هذه الأقلام لتسجّل سرقة العصر التي حصلت في بلدنا مع تلك البطولات النادرة لأبطال المقاومة، ولتصوّر المشاهد الموجعة والمغرقة في الحزن والكمد التي نبصرها بعيون دامعة في غزّة والضفَّة وجبل عامل واليمن وسوريا والعراق وغير مكان من هذا العالم التاعس الذي تقوده أفاع سامّة؟
إنّ الأقلام المخبّأة عقيمة، لا تنتج سوى الخيبة المريرة . - وما الذي تقوله في من يخبيء سلاحه في اللحظات العصيبة؟
- إنّها المصيبة التي لا تنتج سوى التخاذل والهزيمة .
- جدّي جدّي
- ما بك يا حبيبي !
- تفضّل بقراءة ما كتبت بالقلم الذي أبصرتك تخبّئه هنا في المكتبة.
أحسست كلمات حفيدي دلاء من فرح ينسكب على جسدي ، بل قارورة طيب تغمر روحي بانتشاء عجيب في هذه اللحظة المشتهاة التي تتوالد فيها من القصص والكتابات أفكار جديدة يسجّلها الأحفاد أيقونات جديدة رائعة …
بيروت في 25/6/2024
د.علي حجازي