مقالات واقوال مترجمة

ملابس و أجساد / للشاعر الإيطالي جوفاني جوديتشيه/ ترجمة فاطمة الزهراء عبد الله

[الترجمة فازت بجائزة ترجمة الشعر الإيطالي لهذا العام]


أصبحت عُرَى الأزرار مهترئة
رُقَعٌ متقنة هنا وهناك – ولكن الملابس
ما زالت تبدو كأنها جديدة. بحرص
كان يضعها على مقعد كل مساء – بغض النظر
عن حالته المزاجية أو تذمر
زوجته الذي كان يؤرقه.
ومعها كان يضع الدقات
التي تحدد أيامه ولياليه من ساعة
الجيب ذات الصليب
السويسري والخلفية الحمراء – رمز
الدقة المثبت داخل علبة من الكريستال
مبطنة بغطاء مخملي
في انتظار آثار تكاد لا تُرى.
كانت الملابس تدوم لسنوات:
الأسود والرمادي وآخر ذو خطوط متعرجة.
لكلٍ صُدرة تتدلى عليها بالنهار
سلسلة تبدو من الألماس
تصل بين العُرْوَة والساعة داخل الجيب.
في بعض الأمسيات كان يثمل من النبيذ
ويخلع ملابسه أثناء النوم متطلعًا نحو الصباح.
ولكنه كان يستيقظ نشيطًا كما أفعل أحيانًا
الآن وأنا ربما أفوقه عمرًا،
حيث كنت أراقبه يجمع بقاياه:
السترة الوقورة والسروال
ذا الثنية المثالية. لماذا
لا نذكر أيضًا الزخارف الوردية على اللباس الداخلي؟
وكذلك الياقة المُنَشّاة؟
كان يعود شابًا من جديد
كلما استيقظ – حليق الذقن وهادئًا
ومشرق اللون عند نهوضه من النوم
حيث كانت تتلاشى الشعيرات الدموية من خديه.
ما أروع الملبس
الذي يتجدد كل يوم، ويستعيد رونقه
من إصرار روح الشباب!
الأسود والرمادي وآخر ذو خطوط متعرجة
ورابع ورثه عن قريب له
مُتَوَفّى: كانت الملابس تدوم لسنوات.
كنت أراقبها صباحًا تلو الآخر
كما أراقبه جامدًا أمام كل شيء:
أمام مرور الزمن
وأمام شرور الدائنين.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى