حبة دواء…مقبرة الأحياء… بقلم الروائية حنان رحيمي

رجل ستيني دخل إلى الصيدلية..بدا خائر القوى يكاد يسقط ارضاً..
قال له الصيدلي:” ليش يا عم مش حاطط كمامة؟.. تفضل شو فيي اخدمك..”
ضحك الرجل قائلا:” كمامة؟..يا ابني سعر الكمامة بجيب ربطة خبز وانا مش حاصل عالخبز بدك إتغندر بكمامة!!…”
مد يده الى الصيدلي بعدة قطع نقدية من فئة ال ٢٥٠ ليرة قائلا:” اعطيني حبة للضغط وحبة للسكري ..”
ضحك الصيدلي قائلا:
“معقول…بدك تشتري حبة دوا؟..”
الرجل:” اي بدي اشتري حبة دوا .. معقول كلامك؟
الصيدلي: “..من أيمتى الدوا بينباع بالحبة؟..”
أجاب الرجل:
“من وقت اللي إجانا مرض حكامنا اللي ما إلو دوا…
من كام يوم ما اخدت ادويتي المزمنة..وحاسس حالي نصي بالقبر… معي ٢٥٠٠ ليرة…ممكن تبيعني فيهن يوم حياة”
الصيدلي:” ما عندك شغل يا عم؟”
الرجل:” كنت اشتغل باليومية..من شهور سكرت الشركة…وهلق إجانا حبس الكورونا وانقطع رزقنا..صرت آخد دوايي يوم اي ويوم لأ.. حتى وفِّر الدوا وأبقى عايش..”
خارت قوى الرجل وسقط على الأرض..
صرخ الصيدلي مرعوبا: “كورونا..كورونا..”
أمسك هاتفه ليطلب الصليب الأحمر..
قال الرجل: “ما عندي كورونا كونية عندي كورونا لبنانية الجوع والفقر والذل..عندي كورونا الندم لاني عشت كلب للزعيم…ولما احتجتوا نبح عليي وشحطني..”
وقف الصيدلي بعيدا عن الرجل قائلا: “رح يوصل الصليب الأحمر..”
كلام الصيدلي ضخَّ بعض القوة في جسد الرجل فاستطاع الوقوف قائلا وهو يخرج من الصيدلية: “دخيل اجريك حرام تعمل فيي هيك يا ابني بدك تبعتني عالمستشفى؟…
عزرايين أحن من البشر.. ناطرني بالشارع جايبلي معوا علبة دوا حتى اشفى من وجع الدني..هيك بموت بشرف مش بنرمى متل كيس الزبالة عباب المستشفى.”