أدب وفن

إضاءة بين سطور ديوان ” يسحق راسه بحجر الذكريات” للشاعر بلال المصري

سمية تكجي *

ديوان الشاعر بلال المصري صادر عن دار تكوين ضمن سلسلة شعرية يشرف عليها و يختارها أدونيس

تصميم الغلاف : الفنان احمد معلا

يمتطي بلال المصري صهوة حبره و يطل على هذا الوجود بكل سحره و خرابه …
في اول ومضة استهل فيها البياض ” برى قلمه و طار من رأسه فراشة …و كأنها محاكاة للعمر القصير المزدحم بالحلم و الخوف ، بالألوان و العتمة ، بالنار و الضوء و ايضا بالهشاشة …هشاشة الشعراء الساحرة …
و في ومضة ثانية يقول : تتظاهر بأنك لا تراني و أنا الذي اراك في كل شىء …
هي دعوة لاستنهاض الروح و هي نفس صوفي كي نرى غير المرئي …كي نرى بقلوبنا…
في ديوان بلال المصري تتربع الأسئلة في المكان الأجمل …
هل يحاول ان ينقذ الكون على طريقة اينشتاين …في ساعة واحدة ٥٥ دقيقة للسؤال و ٥ دقائق للأجوبة …
يقحم بلال قارئه في نصوصه فهو لا ينفك عن السؤال ….تكاد لا تخلو قصيدة من علامات الاستفهام …
شعره ممسوس بقلق الوجود نراه في قصائده يتأمل الكون من نقطة علوية … ” تصبح الارض لقمة في فم الكون” و يلعب شعره احيانا كثيرة دور الوسيط بين الشك و اليقين…


في كل عمل ادبي ثمة شيء من الكاتب …ينسكب من لاوعيه على البياض …و هذا العراء يعطي الشعر نكهة فريدة تخصه دون سواه …
برع الشاعر بلال المصري في ترجمة الفكرة المعقدة و الجميلة في آن …و هي تلك المسافة المتحركة بين الوصول و عدم الوصول و رسم خارطة شوق اليها و دونها …و كشف لنا عن الذات الإنسانية التي تتعلق بالشيء الصعب المستحيل و حين تناله تزهد به …..هذا الشغف الذي يسقيه من الظمأ فيزداد شغفا …
الثنائيات
الغياب الحضور ؛ الحياة الموت ؛ و غيرها الكثير في نصوص بلال المصري غزيرة و كأنها ساحته الفضلى

هي تسري في اوردة النصوص كمصل للطاقة ،برع الشاعر في توظيفها في شعره و في مخيال الشاعر و القارىء على حد سواء …
بعض القصائد في ديوانه قصص مكتملة …. و لكأن الشعر كما قال راي برادبوري يمكن ان يكون مصدر الإلهام لكل الأجناس الأدبية …ربما تكون هذه (القصائد -القصص ) خرجت من صندوق تأملات الشاعر طويلا في قصائد أخرى من قصائده و في صورها و احاسيسها المكتنزة أوحى له بالأبطال و الزمكان و الدهشة و الفكرة و العبرة .(قصيدة الساحر)
و اختم هذه القراءة و هي غيض من فيض ما يستحقه هذا الكتاب …عبر البياض المنتشر كتاج من الطهر على جبين الصفحات….
لك كل تحايا الشعر
و طوبى لك هذا البياض فاملأه بالخلق … و حول الغياب الى حدائق مأهولة بأنس الجمال و المعنى

*شاعرة و قاصّة لبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى